فاهم إيدام
الحوار المتمدن-العدد: 4751 - 2015 / 3 / 17 - 19:53
المحور:
الادب والفن
(المدينة الممسوخة والمتحف الهارب)
أنا ابن هذه المدينة التي لم ارَ غيرها
أنا ابن هذه السماء التي تغطي المدينة
أعرف الدهاليز كلّها
والطيور كلّها،
لكنّ أحداً ما دسّ في كتاب معرفتي طلاسم غريبة
وصرت منذ لا أدري متى
ينفتح أمامي شارع لم أشاهده من قبل
أو ينتصب قصر ضخم كأنه انبثق من لحظته،
ويا لها من مدينة
عذْبُها مستعجل ملول
وملوّثها يقبض على الوقت.
*
صرتُ مرعوباً لا أقرَب حلاً لأسباب رعبي
الاشياء من حولي تتقلّب كأنها رسوم متحرّكة
المدينة تتغير
الناس تتغيّر
خفت أن تنبت لي أذن معزاة .. أو ذيل ثور
خفت أن أستيقض في يومٍ من الايام
فيسألني أبي
مَن أنت؟
لقد صارت الاجساد حادّة الزوايا كالسكاكين
أخاف الاحتكاك بها في الاسواق
وخياراتي مثل الفقاقيع
أركض عليها حاضناً لهفتي ومادّاً بكل ما أستطيع توسلاتي
لكي يقتلها طرف اصبعي وبلمح البصر.
*
لم يعد لي سوى أن ألوذ بمتحف ماضينا
برموزه الاقدس من ارواحنا، ومحتوياته الأكثر من أن تُحصى
ووجوهه التي طالما نوّرت عتمتنا.
ولكنه لم يكن هناك،
لم يكن منه سوى رائحة ردهاته الفريدة وهي تتضائل في الهواء
وفي مكانه الذي خلا من أي أثر
تقابلت أعمدة ثلاثة
برموز ثلاثة
تحكي صراع الاب والابن والحفيد..
ولولا ثباتها بالاعمدة لقتل أحدها الآخر.
*
جاء الزائرون من جميع الجهات
ذهب كلّ منهم الى رمزه زاعقاً بكل قواه.
وضعوا طلاءً جديداً عليها
فبانت حجريّة الملامح مصلوبة على اعمدتها
ليلية الإيحاء بنجمة ضئيلةٍ وهلالٍ خابي،
أقتلعوا رموزهم من الارض
حملوها وعادوا من حيث أتوا.
لم يناديني أحد
ووجدت نفسي أقبض على حفنة تراب خلف سور المدينة..،
بكيت..
بكيت طويلاً
قبل أن أضحك ميمماً وجهي صوب الشمس.
***
28 ـ 1 ـ 2015
#فاهم_إيدام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟