|
شجون الفوات!!!(1)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4750 - 2015 / 3 / 16 - 17:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مسكين دون كيشوت، لقد دفع ثمن الخطأالذي ارتكبه حينما تخيل أن الفروسية الجوالة يمكنها ان تتواجد في كافة الاشكال الاقتصادية للمجتمعات" ..ماركس. قبل قرن كانت كلمة (بلشفي)كثيفة المعنى،ذات مدلول واضح ومعبر ومفهوم،اما اليوم فهي كلمة نافلة تفتقد الدلالة المطابقة،وفات اوان استخدامها كالالفظ الوحشية في اللغة والتي بطل استخدامها حديثا.ولكن رفاقنا(البلاشفة)الذين يقبعون في وادي الفوات الرمادي المهجور!ثابتون هناك،فالماضي مستقبلهم!والحاضر رجع وصدى لذلك الماضي لايحول ولايزول،ولله في خلقه شؤون!!!... ليس تشفيا،وليس سخرية ،وايضا ليس نقدا بعد الفوات!.بل هو اشارة بالاصبع على موطن الداء المزمن،والعلة القارة في اذهان طيف واسع من متمركسي حقبة مضت وطواها تاريخ لايرحم المنهزم!.بين من يقر بالمرض ويسعى للشفاء والحركة،وبين من يعتبر مرضه قمة الصحة وتمام العافية،فيجد نفسه فجأة خارج الحياة والتاريخ،مكانه في المتاحف ورفوف الارشيف،مصلوبا على لوح الماضي المنجرف!. "نحن البلاشفة" هذا هو الشعار المرفوع كأبتهال ديني موروث ،طالما ردده بابا الكرملين بخشوع مصطنع و متهافت ! ولازال مكررا تلوكه الافواه الهرمة الذابلة، وتتبادله فيما بينها كنوع من التقدير و كيل المديح المجاني المتبادل كانخاب!. و هو اللازمة الثابتة التي يتمسك بها المخضرمون ادعاءا وزعما شكليا دون مضمون او فعل. كعروة وثقى! ويرددها بعدهم دوما وبفخار أبله! البعض من الشيوعيين (البلاشفة) الشباب الجدد المتحمسين لرومانسية ثورية خطابية تمارس في المقاهي والنوادي و كنوستالجيا مريضة و رثة، وكترنيمة هدهدة و تخدير وتنويم لاتُمل .وبعد أن استلموا الشعلة المنطفئة من الرواد المحنطين!.. فلم يعد لدى المتكلسين دوغماتيا ما يقدموه للجماهير الكادحة سوى لغو الشعارات فاقدة الصلاحية. وتبجيل النصوص القدسية والاستشهاد بها كتعبير عن انتصار مزعوم في المناظرات والحوار، وأجترار الماضي (الكفاحي!) -هذا إن وجد ! وأحيانا يجري توهمه !- الذي ولى وطوته السنين ! و النواح على الاطلال و الخرائب الدارسة ، والعويل على الاحلام المبددة بالواقع المر والصادم. فقد خلت الجعبة المهترئة من كل جديد وحي ، ونابض بالحركة والفعل . ولم يبقى سوى الترهات و السفاسف !.لم يتعلموا شيئا مما سبق من تجارب مريرة و أخرى فاشلة ومغامرة ولا زالوا عند اطلالها وقوفا يسبحون بحمدها بأيمان السذج!، وكأنها النموذج التطبيقي الوحيد والدائم للمنهج الماركسي الثوري .تلك التجربة التي اساءت كثيرا بل ودمرت مفهوم التشريك الاقتصادي والاجتماعي ، ومبدأ الثورة العمالية لدرجة الابتذال والنبذ والتندر. و مع كل وقائع و مظاهر الانهيار والافول المريرة، تراهم ، ما انفكوا عن المكابرة القديمة ،والعناد الصبياني الاهوج . معتقدين بأيمان مطلق :أن ما أنهار وثبت فشله ، هوما يجب تكراره ، وإعادة انتاجه و السعي من أجله كنمط وحيد فريد لبناء (الاشتراكية ) و بكل أهوال و مأساوية تلك التجربة الكارثية !.. وبالرغم من ان أحزابهم الكهفية الشائخة أمست دكاكين و صالونات للغو الثقافي والنشاط الاجتماعي الترفيهي و بعيدا عن كل فعل أو نضال سياسي لتغيير الواقع المنحط والفاسد ، و وسط الجماهير ، ومن اجل تنويرها وتثويرها ، وبذر الوعي ، ومحاربة الاستغلال والقهر والاضطهاد بكل أشكاله . ففعاليات تلك الاحزاب أقتصرت على المناسبات والاحتفالات الطقسية ، كالمهرجانات السنوية بذكرى التأسيس ، تأسيس الحزب-( وبعض تلك الاحزاب يمضي حثيثا و برتابة نحو الذكرى والاحتفال بمرور قرن على ذلك التأسيس!!) فأي قيمة لحزب سياسي يتحول الى مجرد متحف للتاريخ السياسي البائس؟! يقف في ذيل احزاب الاسلام السياسي ، ويتملقها لكسب الرضى والقبول . وأيضا المتاجرة بدماء الشهداء الزكية - التي ذهبت هدرا- كأيقونة مزايدة و مباهاة وأدعاء - وممارساتهم تتقاطع بحدة مع تضحيات أولئك الشهداء الخالدون وتاريخهم الناصع بالبذل والتفاني والايثار والصمود حتى الشهادة- أنهم يغفون على صدى السنين الحاكي لذكريات الامجاد والحقبة الذهبية التي انقرضت منذ عقود !- وكما تنظر الديانات من خلال معتنقيها و مريديها : المسيح،المخلص ..المنقذ ..المهدي.. المنتظر .. لتحقيق الفردوس السماوي !. ينتظر ايضا هؤلاء ( البلاشفة) "جودو" لأقامة اللجنة الارضية مبتهلين و منادين ياطالع الشجرة)!! ليملأ الارض قتلا وقمعا ، بعد أن امتلأت قتلا وقمعا !! .اما من تشرذموا في الشتات ووجودا الملاذ،واستراحة المحارب ذو السيف الخشبي!فهاهم عالة على (فائض القيمة!)الذي يطعمهم منه العدو الطبقي!!. ( نحن البلاشفة) ...شعار فارغ من المحتوى و دعاء غير مستجاب ! !. يذكرنا بدون كيشوت الذي تأسى و تألم له ماركس و تعاطف معه كفارس نبيل في عصر خسيس خلا من النبل والفروسية ، وقال عنه :"مسكين دون كيشوت، لقد دفع ثمن الخطأالذي ارتكبه حينما تخيل أن الفروسية الجوالة يمكنها ان تتواجد في كافة الاشكال الاقتصادية للمجتمعات" وهاهم الرفاق (البلاشفة ) الجدد يكررون الخطأ الدون كيشوتي نفسه ، معتبرين البلشفية صالحة لكل الازمنة والامكنة ، ولازالت تصلح كمشروع للثورة ، وكبنية تنظيمية حزبية و منهج وتكتيك للممارسة السياسية الثورية في العقد الثاني من الالفية الثالثة!! . مع الفارق بينهم وبين دون كيشوت ، ففي حين كان هو مثاليا رومانسيا مخلصا وصادقا في أوهامه و تصوراته ، ولم يعي تغير الظروف وتبدل الازمان وبؤس العالم الذي يعيش فيه ، نجد ان رفاقنا ( البلاشفة) هؤلاء يجلسون على أرائك بيوتهم المريحة كبرجوازيين متعفنين فقدوا كل صلة لهم بواقعهم الحي الذي يغلي فحياتهم لاتعدوا أعادة انتاج بيولوجي . ودعةبلهاء من الاستهلاك الخامل والتافه والرتيب ، ولاجديد لديهم ليقدموه ، سوى الحماس الساذج ، وترديد الجمل الثورية الجوفاء والمضحكة ، والاستشهاد برموز الفكر الثوري بمناسبة و بدون مناسبة!. أفواه مستهلكة ، وعقول متخشبة حمقاء وسط أسرهم التقليدية ويقطرون أنانية و عقد و أحقاد وجشع ولامبالاة ، لايعنيهم الخراب والبؤس الذي ترزح تحت ثقله شعوبهم ، طالما لايمسهم ذلك و بعيد عنهم . ولكنهم ساعة الفراغ من خصوصياتهم و كنوع من التسلية والترفيه ، وكسرا للسأم ، و رغبة في اللهو السياسي الممتع ، يجأرون بثرثرتهم الراديكالية الفجة ، والتي لا تحرك أو تهز سوى خيالهم الجامح بشطحاته و وعيهم الزائف ، محلقين في عوالم ثورات ذهنية مهلوسة ، وأحلام عصافير ، وفراديس طوبى بالغة النقاء والكمال!أنهم ( البلاشفة ) حقا!ولكن في زمن لا بلشفي ! !.وهم غير عقلانيين حتى في مايسمى ب(النقد والنقد الذاتي)فهو يتراوح كبندول!بين:جلد الذات انصياعا لاملاءات الاخ الكبير فيما مضى!وبينالتبرير الانتهازي للاخطاء المميتة،والاصرار على القناعات العقدية الآسنة!. فالبلشفية أفلت و توارت منذ تسعة عقود ! . فقد تجمدت في صقيع الستالينية! فهل يطمحون الان لأستنباتها في صحراءهم القاحلة ؟!. دول ريعية ، وبيروقراطية هي الاكثر فسادا و تفسخا ، وطبقة فلاحية هي الاكثر جهلا و تخلفا ، حيث لابرجوازية سوى الشريحة الكمبورادورية التابعة والعبدة لمراكز الرأسمال المعولم! ولابروليتاريا هناك سوى تلك الفئات الكادحة المتشرذمة من الشغيلة الرثة ، والذين لايتمتعون بأدنى مستويات الوعي الطبقي في ظروف من التفسخ الاجتماعي و الانحطاط الثقافي- لقد تحدثت عن هؤلاء في مقال لي لمن يرغب في قراءته على الرابطhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=373189- مكبلين ايديولوجيا بقيم وأعراف بطرياركية ، قبلية و دينية وطائفية و عرقية! فهل يحلم رفاقنا (البلاشفة ) بعودة التاريخ القهقرى ليعيد نفسه هازلا و كاريكاتيريا لحقبة مروعة و مؤلمة كان سقوطها محتوما ؟! العودة الى ذلك النموذج من البيروقراطية السوفياتية - العزيزة على قلوبهم !- والتي لم يرفع لا عامل ولا فلاح ولا جندي اصبعا واحدا للدفاع عنها ، لوكانت حقا دولتهم لهم و بهم وهم من يسيرها ويديرها ؟! لذلك انهارت بسهولة ودون مقاومة غير مأسوف عليها!!. تلك الارثذوكسية التي نهلوا من بركتها الراكدة ، وتلقنوا مبادئ( البلشفية ) المشوهة ، وعرفوا الشيوعية ليس من مصادرها في ادبيات ماركس ، بل من خلال كراريس الاوحد المسطحة والساذجة والقاطعة في دوغمائيتها، وحفظوها عن ظهر قلب من تلك الكتيبات والنصوص الباردة والضحلة والتي اورثتهم البلادة والتصلب ، فأصبحت لهم اناجيل ولوائح و وصايا لاهوتية بالغة القداسة و فوق التاريخ والنقد والمراجعة والتجديد والاضافة ! كاملة شاملة مطلقة تدور في فلكها عقول البشر . ومع أن البلشفية مفهوم حزبي تنظيمي ، وسياسي عملي ، ينتمي تاريخيا لماضي الحركة العمالية الثورية الروسية ، ويتعلق بالبنية التنظيمية والسياسية والفكرية والتي سادت في مرحلة من تاريخ الحركة الاشتراكية العمالية الثورية ، وبالذات من قبل حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي ، وأرسى أسسها وقواعدها لينين بكفاءة و جدارة قائد عمالي ثوري محترف و عبقري وعظيم. الا ان ( البلشفية) بعد وفاته تراجعت وجرى مسخها وتشويهها ، فتحجرت وأضمحلت ثم تلاشت ببطئ على يد البيروقراطية الستالينية على مدى اكثر من ستة عقود وهاهم تابعي التابعيين يصنمونها كعقيدة أكثر من دينية صالحة لكل زمكان وعابرة للتاريخ والجغرافيا كسنَّة و شريعة كونية لاقبلها ولا بعدها !!!... ...يتبع.................................................................... وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايتها المضطهدات...ليكن يومكن المجيد كل الايام..
-
رد على تعليق السيد النمري!.(5-الاخير)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(4)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(3)
-
رد على تعليق السيد النمري!.(2)
-
رد لاطم على تعليق واهم للسيد فؤاد النمري!!!.
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(الاخير)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(27)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(26)
-
روزا لوكسمبورغ/سنديانة الماركسية الحمراء....
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(25)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(24)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(23)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(22)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(21)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(20)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(19)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(18)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(17)
-
في بيتنا(برجوازي صغير(.....)متمركس)!!!(16)
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|