|
كامب ديفيد وأوسلو والحرب على الشعب الفلسطيني
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 12:24
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
وجه بعض الكتاب والمفكرين والساسة؛ فلسطينيين وعرب، انتقادات حول أوجه ومكامن الخطأ، التي وقعت فيها عموم المقاومة الفلسطينية، وفي الخصوص حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، فيما يتعلق بالموقف من استدراجها إلى الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي استمرت – وقتها- لمدة واحد خمسين يوما، كذلك بالنسبة لموقفها أثناء الحرب خصوصا فيما تعلق بالمبادرة المصرية والمفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، من خلال الوفد الفلسطيني الموحد، الذي تم الاتفاق عليه بين الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة وجميع القيادات السياسية الرسمية، التي تمثل منظمة التحرير الفلسطينية. وكان من بين الانتقادات الموجهة، انه ما كان ينبغي للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، أن يتم استدراجها لحرب مع إسرائيل، وبان هناك جملة من التعقيدات والظروف، تعتبر الأسوأ في تاريخ القضية الفلسطينية، وربما لم يكن هناك مشابها لها ولم تحدث، منذ عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، وإصداره لوعد بلفور الكارثة، وما آل إليه الوضع الفلسطيني والعربي، باحتلال الجزء الأعظم من فلسطين عام 1948، وما لحق به من احتلال المتبقي من أرضه عام 1967. ومرتكز السوء الظرفي، المستند إليه جوهر الانتقاد، أن هناك ثورات عربية اندلعت في المغرب العربي(تونس)، ومن ثم في عدة أقطار عربية في المشرق العربي أواخر العام 2010-2011، تحديدا في مصر، الدولة الأكبر عربيا، وما نتج عن هذه الثورات سياسيا وحزبيا واجتماعيا، من صعود تيارات الإسلام السياسي، خصوصا جماعة الإخوان المسلمين، في مصر، وتونس، أو ما كان منها له حراكه الفاعل والنشط، في الساحات والميادين في دول عربية، كسوريا، أو ليبيا، أو حتى اليمن . وما حدث بعد ذلك، من حالة الارتكاس والانتكاس العمومي لهذه الثورات، حين تم الدفع ببعضها إلى العسكرة والتوريط بشبهة الإرهاب في سوريا، مستعينا نظامها الرسمي بعبر التجربة الجزائرية في مطلع التسعينيات المنصرمة من القرن الماضي، في تعامل العسكر الجزائري مع جبهة الإنقاذ عقب فوزها الكاسح بالانتخابات البرلمانية، وما قدم – بالفعل- هؤلاء العسكر الجزائريون (جنرالاتهم)، كما تحدثت بعض التقارير الدولية الموثوقة، عن ذلك التقديم والمعونة الخبراتيه بهذا الخصوص للنظام السوري، من خدمات وتوجيهات، بخصوص إفساد الثورة وحراكها، ومن ثم الجري إلى عسكرتها، بالقدر الممكن؛ نوعا، وسرعة، وانتشارا، وكرد جميل والمعاملة بالمثل، لما سبق للنظام السوري من عرض وتقديم خدماته للرسمية والعسكرية الجزائرية، في التعامل مع جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية، وعسكرة الحراك الشعبي السلمي، عقب إلغاء نتيجة الانتخابات البرلمانية، والانقلاب العسكري عليها، وفرض التحول عليها إلى جماعات مسلحة مقاتلة، ودس وتنفيذ جرائم قتل جماعية، وربما اغتصاب، وغيرها، من فظيع الجرائم الإنسانية وإلصاقها باسم جبهة الإنقاذ المذكورة، أو ما تم بخصوص هذه الثورات تحديدا في مصر، من خلافات شركائها الإسلاميين والليبراليين واليساريين والناصريين، ومجموعات العمل الثوري الشبابي، على الشراكة السلطوية بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين في الاستحقاقات الانتخابية الخمسة، بما فيها الرئاسة، ومجلس الشعب، ووضع الدستور والاستفتاء عليه، وما قام به العسكر والدولة العميقة من استغلال لهذه الخلافات، ومن ثم تشكيل تحالف ضم الدولة العميقة والأطراف الحزبية والثورية الأخرى، ومن بينها حزب النور السلفي في مواجهة الإخوان المسلمين، والعمل على إسقاط تجربتهم في السياسة الرسمية، والعمل الديمقراطي بعد ثورة يناير كانون الثاني 2011، كما هي الأحداث التي جرت في يونيو حزيران ويوليو تموز وأخيرا في أغسطس آب 2013، في فض الاعتصام في رابعة العدوية والنهضة بالقاهرة. إن هذه الثورة المضادة تمت، ولا شك، بشبه تحالف داخلي في مصر العسكر والدولة، ومن شايعهما من ليبراليين ويساريين وغيرهم، وبرعاية إقليمية ودولية، بقيادة أمريكا وبعض حلفائها الغربيين وبمباركة الإسرائيليين، أصبح هدفها الأساسي هو إجهاض الثورة، ومن ثم العمل بالتلاحق المباشر على إجهاض الثورات العربية الأخرى، والعمل بشكل حثيث على مخرج هذه الثورات سياسيا تحديدا ما يطلق عليه الإسلام السياسي المتمثل بالإخوان المسلمين، من ناحية اجتثاثه واستئصاله نهائيا من مشهد السياسة العربية، وبكل الوسائل السياسية والعسكرية والمالية والدبلوماسية، وبالإعلام الذي أدى الدور المطلوب من هذا السياق بالشكل الخطير جدا، دون مراعاة لحدود أو مهنية أو حتى محرمات إنسانية أو وطنية. وذلك كله، في جميع البلدان العربية بقدر الإمكان، كما شمل مشروع الاجتثاث كل مصدر له رؤية فكرية مشابهة أو يعتبر فرعا للإخوان سواء كانت حماس في فلسطين أو غيرها، كما هو الحال في تونس. وقد كان واضحا التصرف العدائي الاستئصالي والازالي والترحيلي(Transfer)، من الناحية النظرية السياسية والإعلامية العملية في مصر، من خلال الهجوم السياسي والإعلامي عليها، وما جرى من إغلاق وهدم الأنفاق، وإقامة الشريط الحدودي العازل بين غزة ومصر. ولا شك، أن موقف السلطة الفلسطينية في رام الله، وموقف حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح من نفس موقف الدول العربية، وفي المقدم منها النظام المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ذلك لان الرئيس محمود عباس، وأركان القيادة في السلطة الفلسطينية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحتى حركة فتح، يعتبرون أنفسهم جزءا من النظام العربي الرسمي، وجزءا من النظام الدولي القائم. ولذلك، يأتي الانتقاد للمقاومة في غزة، وعلى رأسها حماس، بان البيئة الإقليمية والدولية بما فيها المحلية الرسمية الفلسطينية، والحالة الشعبية في الضفة الغربية على أسوئها وأصعبها. هذا على الرغم أن اتفاقا فلسطينيا بين فتح وحماس جرى توقيعه بمخيم الشاطئ بغزة قبل الحرب على غزة. وقد فسر وفهم بعض المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني، أن هذا الاتفاق، إنما جاء في ظروف وصيغة الضرورة بين طرفيه؛ لضعف حالهما وانسداد الأفق بخصوص تحركاتهما، سواء بسبب الحصار على حماس في غزة، أو فشل المفاوضات، كما هو الحال مع السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية في رام الله. وجاء الانتقاد، أيضا، أن إسرائيل كانت فرصتها الذهبية في الهجوم على غزة، والعمل على تدمير المقاومة فيها أو إنهاكها، وإيصال الأوضاع في القطاع إلى حافة الانفجار الشعبي، وذلك مع استمرار الحصار ومنع الاعمار، بعد انتهاء الحرب المدمرة، حتى تتعفن عموم الجراح الأليمة في غزة، وتحدث الانتفاضة الانفجارية في وجه حماس وعموم الفصال المقاومة، ومن ثم العمل على إسقاطها. واستشف المراقبون ذلك، من خلال التعامل الإسرائيلي مع قضية المستوطنين، الذين جرى اختطافهم وقتلهم في الخليل، بعد فترة قصيرة جدا وعلم إسرائيل بذلك على المستوى الأمني والاستخباري وكذلك على المستوى السياسي فيها، لتجد إسرائيل المبرر الكافي لاستهداف حماس الكلي سواء في الضفة الغربية أو في غزة، ضمن المشروع الإقليمي والدولي في استهداف الإخوان المسلمين وعموم الإسلام السياسي في المنطقة العربية، وفي المقدم منها إسرائيليا حماس وجهازها العسكري كتائب القسام في فلسطين المحتلة. كما ورد انتقاد حماس والمقاومة بغزة، أنهما تقدمتا بمطالب مضخمة وكبيرة جدا، في سياق ما هو موجود من توازن القوى المادية والسياسية، والبيئة الإقليمية والدولية الرسمية المتحالفة أو المتواطئة مع إسرائيل، لأجل القضاء على المقاومة في غزة وحماس في عموم الأراضي المحتلة عام 1967. وكانت هذه المطالب أو الحقوق في المفاوضات غير المباشرة في القاهرة مع إسرائيل، والتي شملت رفع الحصار وتشغيل الميناء والمطار، وانه كان الأولى أن يكتفى برفع الحصار وتخفيفه بشكل عام، بسبب عدم مواتاة الظروف القائمة المشار إليها سابقا. لا شك، أن الانتقادات التي وجت للمقاومة الفلسطينية لها من الوجاهة والاعتبار الشيء الكبير والمهم، وان في المحصلة كان هناك دمارا كبيرا جدا في غير صعيد، هذا بالإضافة إلى أعداد الشهداء والجرحى الهائلة بما لا يتناسب مع حجم وإمكانات قطاع غزة، كمدينة من المدن الفلسطينية، فوق أنها ضيقة المساحة، والكثافة السكانية الأعلى عالميا. إلا انه علينا، ألا ننسى الحقائق والأمور التالية، في سياق تقييمنا ونظرتنا، إلى أين أصابت المقاومة الفلسطينية وأين اخطات، في تعاملها مع العدوان، قبيله، وأثناءه، وبعده: 1- إن الحالة العربية عموما؛ الرسمية والشعبية تحديدا بالنسبة للأخيرة، أصبحت في حالة من التشوه والتعقيد والتركيب السيئ، ومن التدرج نحو ما هو أسوأ، وصولا إلى الأسوأ في المرحلة الراهنة، وفي سياق العلاقة الإقليمية في التعامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي أو في التعامل في السياق الدولي مع داعمي الاحتلال من أمريكيين وأوروبيين، وذلك بعد أن تم عقد اتفاقيات سلام معه في كامب ديفيد أولا سنة 1979ايام عهد السادات، ثم وصولا إلى اتفاقيات سلام عربية أخرى مع الأردن في وادي عربة سنة 1994. هذه الحالة العربية، وفي القلب منها مصر، أساس ومنطلق وهدف المواجهة مع إسرائيل، باعتبارها الدولة العربية الأكبر وذات الوزن والثقل الاستراتيجي الأخطر، على مستوى المنطقة برمتها، والتي لا يتحقق لها المشروع النهضوي الكبير بدون امن إقليمي عربي يعتبر مجالها الحيوي، سواء في الشام في سوريا وفلسطين أو في الخليج العربي أو في شمال أفريقيا وغربها في السودان وليبيا، ولا يتحقق الأمن والحيوية الامتدادية الجيواستراتيجية والاستقلال الحقيقي دون مصر الدولة . هذه الاتفاقات العربية مع إسرائيل، شوهت طبيعة العلاقة مع فلسطين كامتداد واتصال سياسي وجغرافي إنساني، مما جعل ويجعل مسار العلاقة بين فلسطين ومصر وبقية الدول العربية بشكل عام، بعد هذه الاتفاقيات ومحاولات التطبيع المستمرة في السر والعلن في غير مجال، تنقل الحالة العلائقية أعلاه من سيء إلى أسوأ وباستمرار مضطرد، في ظل حالة حراك سياسي اجتماعي معطل في تلك الدول، لغياب المنظومة المدنية القاعدية العريضة، ومن ثم حالة الاستبداد السياسي السائدة فيها منذ عقود طويلة. وانظر مثلا إلى العهد الذي تلا حكم الراحل أنور السادات، ومآلات الأمور فيه في السياسة والأخلاق والممارسة السيادية والاقتصادية والاجتماعية إلى الكارثة العامة على مستوى وطن بأكمله، إلى أن تم إسقاطه عام 2011، كشخص وليس كنظام في دولة. ثم انتقال الأموربنسق تدرجي، ولكن سريع ونوعي انتقالي، بعد إجهاض تجربة الإخوان المسلمين في الحكم وعموم الثورة، وعودة الدولة العميقة كنظام برجالاتها، وعلى رأسهم المشير عبد الفتاح السيسي كامتداد للظاهرة والحالة المباركية التي تم تبرأتها بقضاء النظام في الدولة عن كل الجرائم التي ارتكبتها بحق مصر والمصريين، ولكن بطريقة أوضح واظهر في العداء والعدوان المفرط على كل حراك ثوري واجتماعي، يهدد امن واستقرار النظام المصري الجديد ،ما بعد إجهاض جولة الثورة في مسارها العام الذي انطلق في عام 2011. وهذا النظام، بالحلة السيسية الجديدة، و امتداد واستمرار للدور الوظيفي التي تؤديه كثير من النظم السياسية في العالم العربي، كنخب سياسية وعسكرية وغيرها، مرتبطة بمنظومة المصالح الدولية، وبالتحديد الأمريكية والغربية. وهي في حالة من التبادلية أو المقايضة المصلحية ضمن معادلة بقاء النظام واستمراره والعمل على استعادته، مقابل مصالح أمريكا والغرب في المنطقة العربية الإسلامية، شاملة النفط والثروات وامن إسرائيل. ولذلك فان هذا الدور الوظيفي في الأمن والعسكرية وحتى الشرطية للنخب العربية في أنظمتنا السياسية، وبالتحديد فيما يخص مصر يجعل السياسي الحقيقي في حالة ذهول، حين يرى تجاهل كل مقومات الأمن القومي والإقليمي العربي الحقيقية تضرب بعرض الحائط، والأدهى من هذا كله، أن التجاوز وعدم الالتفات إلى هذه المقومات والبديهيات للأمن القومي، يتم باسم الأمن القومي شكلا يدعم ذلك التنظير السياسي والإعلامي لجماعات العمل لتلك النخب، في قوالبها المنظوماتية السياسية الرسمية، بما فيها الجامعة العربية نفسها.. هذا الحال، المشار إليه في السطور السابقة، أربك رؤية وإستراتيجية حركات المقاومة الفلسطينية واثر سلبا على تكتيكاتها؛ ليس مع حماس وحدها، بل أيضا مع الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل السلام وبعده، ومن ثم الوصول إلى تسميمه واغتياله إسرائيليا نهاية العام 2004، بعد أن كان بطلا للسلام وتم منحه وبالمناصفة مع شمعون بيريس جازة نوبل للسلام. كل هذا بسبب منظومة المصالح في سياقيها الغربي والأمريكي الكولونيالي الاستعماري، والمنظومة الوظيفية النخبوية للمشروع الصهيوني، والتبادلية المصلحية الوظيفية لنخب النظام العربي السياسية والعسكرية، في البقاء والاستمرار. 2- إن الحالة الفلسطينية على وجه الخصوص، تشوهت فيها الحالة الوطنية والعلاقة الطبيعية بين الشعب الفلسطيني الوقع تحت الاحتلال والدولة والكيان الصهيوني الإسرائيلي المغتصب لأرضه والمهجر لشعبه، في الداخل وفي الجوار العربي والشتات. هذه العلاقة تشوهت، بعد اتفاقيات أوسلو، على الصعيد الأخلاقي والسياسي والمالي الاقتصادي، وعلى عموم النسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني. حيث أصبحت المقاومة الفلسطينية إرهابا مرفوضا ومجرما، والسياسة لا بد وان تكون منفصلة عن أي حراك مقاوم (السياسة والدبلوماسية المجرد والمفاوضات الخالصة والمباشرة). وأصبح هناك انقسام وتفسخ بالنسيج الاجتماعي القاعدي للناس؛ بين مؤيد للمقاومة وبين معارض لها، وذاهب إلى تأييد المفاوضة مع الاحتلال حتى بدون قيود او حدود وبلانهاية، ولو لم يعط الإسرائيليون الفلسطينيين حدا أدنى ومعتبرا من حقوقهم الوطنية. والحالة الأخيرة لا تعود، كما اعتقد لاقتناع بمنهجها ووسائلها التي ثبت فشلها الذريع والمؤكد، لأكثر من عشرين سنة من المفاوضات، وإنما لضرورات البقاء السياسي، وباعتبار ما هو قائم أساسا من حال الرسميات العربية في دول لا تتمتع باستقلال حقيقي. لذا، والحال هذه، لا باس من سلطة حكم ذاتي فلسطيني، ولا باس بعد ذلك من قبول شكل الدولة والسعي لتحقيق الاعتراف بها، سواء من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو عبر برلمانات الدول الغربية في بريطانيا آو فرنسا أو بعض حكوماتها كالسويد وغيرها، حتى لو كان شكل الدولة والجغرافية لا تواصل ولا سيادة فلسطينية حقيقية عليها، ولا باس أيضا بالتبادلية الاراضية (وبالناقص بالمساحة والنوع منا لصالح إسرائيل). لذلك، فان المقاومة الفلسطينية، وهي تبذل أقصى ما لديها وبالدرجة الإبداعية التي وصلت إليه في غزة أثناء الحرب الأخيرة عام 2014، والمديح المقال من المؤيد والمعارض لنهجها تحديدا من النخب السياسية والإعلامية والحزبية، حتى أن الرئيس محمود عباس أمام هذا الإبداع المقاوم، وأثناء الحرب بدا حديثة في إحدى البيانات السياسية الإعلامية التي ألقاها، قرأ الآية الكريمة (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) وهذه فيما أظن المرة الأولى التي يكسر فيها الرئيس أبو مازن التابو التفاوضي المقدس بهذا الخصوص. لذلك، وحسب اعتقادي، حين تقع المقاومة الفلسطينية بأخطاء سواء في التوجهات الأساسية (الاستراتيجيا)، أو في مجال الفرعيات واهتبال الفرص المناسبة وتجنب غير المناسب ( التكتيك) في السياسة والعسكرية المقاومة والعلاقات الإقليمية والدولية، وحتى في علاقتها مع السلطة الفلسطينية الرسمية المفاوضة، علينا أن نراعي حالة التشوه في الحالة الطبيعية المفترضة في العلاقة مع الاحتلال، سواء في المشهد الفلسطيني، أو المشهد العربي. تماما، كما هو شان تفسير الأخطاء التي اعتبرها البعض شنيعة في نهج الإخوان المسلمين، في عدم تفهمهم للأولويات السياسية والمجتمعية، وضرورة عقد التحالفات وحتى الصفقات التشاركية مع الشركاء الآخرين في الوطن، لأجل المصالح العليا للبلد، ولأجل دفع مسيرة الثورة والديمقراطية لمصر وعموم الربيع العربي في حينه. وهذا التفسير ينصب على التشوه الحاصل في عموم الحياة السياسية في مصر، والفراغ السياسي في غياب المنظومة المدنية الفاعلة، بسبب الديكتاتورية والاستبداد وحظر العمل الحزبي، لعقود طويلة، وبالتالي انعدام الخبرة السياسية. هذا، ومما يلاحظ المراقب، أن الانتقادات والتوجيهات الناصحة أو العادة للمثالب والنواقص بخصوص العمل المقاوم، وتحديدا في الحرب على قطاع غزة الأخيرة، أنها جاءت متأخرة وبعد انتهاء الحرب التي استمرت لمدة واحد وخمسين يوما، وهي في العموم من نفس أولئك الذين اثنوا على المقاومة وأدائها وصمودها وتطورها ومفاجآتها طيلة فترة الحرب الإسرائيلية على غزة. وان دل هذا على شيء، فإنما يدل أن الأمور أصبحت أكثر تعقيدا وتركيبا بتشوه علاقة الفلسطيني والعربي الرسمي والشعبي مع الاحتلال الإسرائيلي، مما يجعل هناك ارتباكا والى درجة الضرورة، في توقع حدوث الأخطاء العادية وربما الجسيمة، برغم وجود وحضور الإستراتيجية المقاومة الفلسطينية، التي يشهد لها الجميع، بما فيهم العدو نفسه، من خلال تقارير طواقمه الأمنية والاستخبارية والإعلامية. لكن، وفي كل الأحوال، ينبغي على المقاومة الفلسطينية وعلى قياداتها السياسية والميدانية، أن تقدر الحالة الاستثنائية وتداعياتها ولعموم المشهد العلائقي مع الاحتلال، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة، بحيث يكون هناك مزيد من الحرص والتمعن وإعادة النظر وفحص الخطوات السياسية والعسكرية والعلاقة الدبلوماسية مع الإقليم العربي، بطريقة أكثر دقة ووعيا، لتلافي الأخطاء والعثرات التي تعترض طريق الفلسطينيين في تحقيق حقوقهم الوطنية المشروعة. وان تكون الأولوية هي لفلسطين الإنسان وفلسطين الأرض والوطن، وفي سياق شراكة وطنية حقيقية تراعي فيه البنى الاجتماعية والوطنية المشوهة، ومن خلال رؤية وطنية جامعة ومتفق عليها من الجميع الوطني؛ فصائل وأحزاب وسلطة ومجتمع مدني، وضمن مظلة جامعة هي منظمة التحرير الفلسطينية، بعد إعادة ترتيب أوضاعها وبث الحياة من جديد فيها، وتوسيع المشاركة الوطنية بخصوصها، بما يشمل الكل الفلسطيني. وان تكون العلاقة مع الجوار العربي والإسلامي، وحتى في إطار العلاقات الدولية، بما يخدم أولوية المشروع الوطني الفلسطيني؛ بأبعاده الأخلاقية والسياسية والقانونية والاجتماعية الإنسانية.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقيقة المواجهة مع المشروع الصهيوني
-
الافراط في التركيز على شكل القانون الدولي
-
العدل وحق تقرير المصير
-
عن السياسة والدين
-
أساس القدرة على التحرر و تقرير المصير
-
ماذا نريد من اسرائيل؟
-
منطق الإيمان مقابل ما يسمى بالحرب الدينية
-
في ضرورة التركيز على بنية الفكر الإنساني في الدين
-
تعقيل المستوطن الصهيوني
-
الحركات الاسلامية الفلسطينية وصراعها مع اسرائيل
-
من الوضعية الى الواقعية
-
الغيبوبة الاجتماعية السياسية
-
في معنى الحالة الوظيفية في الحالة الفلسطينية بعد أوسلو
-
طمأنة الشعب اليهودي الإسرائيلي على مستقبله في فلسطين
-
لمن التاريخ في المنطقة العربية؟
-
هل بقي قدرة على تحمل ازدواجية الاحتلال والسلطة الواقعة تحت ا
...
-
حق العودة على هدى معركة حجارة السجيل
-
هل سنشهد مستقبلا اجتياح المقاومة للمغتصبات الصهيونية؟
-
البراغماتية والقيمية في التحليل السياسي
-
منطق الازمة المالية في الضفة الغربية
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|