ياسين لمقدم
الحوار المتمدن-العدد: 4748 - 2015 / 3 / 14 - 09:49
المحور:
الادب والفن
علامة حمراء تعلو سماء الحرية
-----------------------------------
خلال أصيل يومٍ من سبعينيات القرن الماضي، لاحت في سماء حي الحرية الوسطى علامةٌ حمراء، فاختلف الناس حولها. منهم من يقول إنها مجرد طائرة. فيفحمه الآخرون على أن الطائرة تصدر حركة وصوتا مزمجرا.
فتدَّعي مجموعة أخرى على أن الأمر قد يتعلق بقمر اصطناعي يعبر المجال الفضائي الأقرب من الأرض. ويجزِمُ آخرون على أن الأمر يتعلق بعلامة من علامات القيامة. فتعلوا الدهشةُ الوجوهَ، ويرتفع البكاء بين النسوة، فيشاركهن الأطفال في النحيب دون فهم أسباب الحيرة والارتباك.
تلاشتِ العلامة مع غروب الشمس، وسقط الحيُّ في صمت غريب بعد أن التجأ الناس على غير عادتهم إلى بيوتهم باكرا، متلفعين بالحيرة والترقب. وكانت ليلتهم من أطول الليالي المُسهِدة.
وفي الصباح جاء من يخبر الساكنة على أن علامة سماء الأمس، إنما هي بالون رصد جوي، أطلقه تقنيُّو المركز الفلاحي القريب، وقد انعكست على لونه الرصاصي حمرة شمس الغسق.
***************************
لص السوق
----------
كان الوقت يقارب منتصف النهار، وحركة السوق الأسبوعي في أوج رواجها وانتظامها. ولكن حدث أن تسلل في زحمة المتبضِّعين لصٌّ غريب عن المدينة. ولسوء حظه انكشف أمره مع أول ضحية ينتقيها. وكان اختياره لبدويٍّ قطع العشرات من الكيلومترات للتسوق وبالاً عليه. إذ أمسك البدويُّ بكف اللص قبل أن يفلتها من بين تلابيب جلابيبه الثلاثة. ثم ضربه على رأسه بعصى غليظة القاعدة، وهو يصرخ في الناس يدعوهم إلى مقاسمته هذا الصيد النادر والثمين. ودونما تردد تنهال الضربات على النشَّال بكل ما أوتيت الأيادي من قوة وهراوات ومكاييل. بل قام بائعٌ للمِخْيَط بتوزيع الإبر الكبيرة على الناس، فتبادلوا طعن اللص حتى صار مجرد كثلة من الدماء الفوارة تتقاذفها الأرجل وسط ضحكات هستيرية لوجوه لا تبدي أي رحمة أو تراجع.
ظل الحال هكذا بين ضربٍ وطِعانٍ، إلى أن تدخل بعض الأمنيين، فحملوا اللص وهو ينازع الرمق الأخير. هنا فقط انفضَّ القومُ سعداء وقد فرَّقوا دم اللص بالتساوي بين قبائل السوق.
#ياسين_لمقدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟