أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - المحجوب لحويمد - البؤس المغربي -أسماء- نموذجا














المزيد.....


البؤس المغربي -أسماء- نموذجا


المحجوب لحويمد

الحوار المتمدن-العدد: 4747 - 2015 / 3 / 13 - 20:18
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


سوق الأربعاء الغرب أو مدينة الورود سابقا مدينة مغربية تبعد عن العاصمة الرباط بحوالي 110 كلم، تعتمد بشكل أساسي في أنشطتها الاقتصادية على الزراعة و تربية المواشي و بعض النشاطات التجارية الهامشية المرتبطة كلها بالزراعة.
هذه المدينة القرية، بالذات انتشر اسمها قبل يومين على كبريات الجرائد و المواقع الإخبارية الإلكترونية العربية و الدولية، ثم مواقع التواصل الاجتماعي ليس لأنها تحتضن مهرجان دولي أو تنظم بها إحدى المسابقات الرياضية الدولية، بل للأسف الشديد كونها شهدت حادث مأساوي إذ إن إحدى شابات المدينة و تدعى "أسماء"، أقدمت على الانتحار بعد أن استبد بها الحزن، وتضخم شعورها بالضيق ووقوفها عاجزة أمام الدفاع عن نفسها وكرامتها، بعد إهمال شكواها المتكررة.
فأسماء المنتحرة تمارس مهنة بيع الفول المسلوق على عربة مجرورة، تعيل أمها الأرملة و أختها ، في كل مساء عندما تنتهي من بيع ما تملك من فول مسلوق يعترض سبيلها إحدى مجرمي المدينة الذي يصطحبها عنوة لمنزله لإشباع رغباته الجنسية بشكل وحشي و يسلب منها ما كسبته طيلة النهار تحت التهديد بالسيف، إلا أن المؤسف و ما يجعل كل إنسان يصاب بالحرقة هو أن السيدة "أسماء" سبق وأن قدمت به عدة شكايات مقرونة بشواهد طبية وصور توثق اثر التعنيف لدى مصالح الضابطة القضائية والمحكمة الابتدائية، لكن لا أحد اهتم لشكواها ولم يتم استدعاء المعتدي عليها من أي جهة، الشيء الذي جعله يكرر نفس العملية ويمارس عليها شذوذه الجنسي والتعنيف اليومي دون خوف من العقاب، و الأنكى من ذلك بأن المجرم انتقل إلى منزل الضحية ليأخذها عنوة أمام أمها التي قاومته دون تمكنها من صده، لتقرر "أسماء" يوم الثلاثاء 10 مارس وضع حد لحياتها بتناولها مبيد الفئران ليتم نقلها إلى مستشفى الإدريسي بالقنيطرة دون جدوى.
فقصة "أسماء" الفقيرة المكافحة التي اختارت تجارة الفول المسلوق لتحدي واقع الفقر المدقع الذي تعيشه عائلتها تجعلنا نقف عاجزين أمام هول الواقعة و التي هي نتاج طبيعي لغياب العدالة، فما السبب في عدم إلقاء القبض على المجرم رغم الشكايات الموثقة التي قدمتها "أسماء" لمصالح الضابطة القضائية و المحكمة الابتدائية؟ أم أن المجرم كان قادرا على التخفي طيلة الفترة الماضية مع تمكنه من معاودة فعلته في كل مرة كان يصادف فيه ضحيته أو بالأحرى ضحاياه، فما نستطيع التأكيد عليه هو أن المجرم ينتمي لنفس الطبقة الاجتماعية المسحوقة للضحية "أسماء" و لعل ذلك هو السبب الرئيسي في إهمال الملف ما دامت القضية أطرافها الاثنين من عامة الشعب، فلو افترضنا جدلا بأن "أسماء" تنتمي طبقيا للمحظوظين لكانت السلطات المغربية اعتقلته بسرعة البرق، إلا أنها للأسف من عامة الشعب مما يزكي الافتراض القائل بأن جميع أجهزة الدولة البوليسية بالأنظمة اللاديمقراطية هي في خدمة الدولة و رجالاتها و البرجوازيات المتواطئة.
إن قصة "أسماء" التراجيدية و مثيلاتها كثيرات تضع القضاء المغربي على المحك خاصة في مقاربته لقضايا فقراء الشعب المغربي، فالدور المأمول منه في أخر المطاف هو إنصاف الضحايا و صد المجرمين فقراء أو أغنياء كانوا، فالعقاب هو حق أساسي مكفول للضحية و الإفلات منه تشجيع للمجرمين و الناهبين ثم الفاسدين في الاستمرار في جرائمهم، و القطع معه يشكل أول خطوات التقدم في حقوق الإنسان.
أخيرا فإن ما يمكن التأكيد عليه من خلال هذه الحادثة التراجيدية والتي هي نموذج لحالة البؤس المغربي في أبرز تجلياته، كما أنها أنموذج لفقدان الأمل في الحياة الهادئة و المستقرة، كما هي في دلالاتها تعبير عن فقدان الكرامة و الإحساس بأقسى حالات الغبن و الاحتقار، الذي يجب أن يترجم عمليا في وجه المستبدين و أشباه الوزراء المنبطحين.



#المحجوب_لحويمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إدارة بايدن خططت لإنفاق 32 مليون دولار على الختان في موزمبيق ...
- كاميرا ترصد لحظة مذهلة.. غرباء يساعدون امرأة في الولادة في م ...
- كيفية التسجيل في برنامج منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائ ...
- امرأة متحولة جنسيا تحول حياة صبي عمره 14 عاما إلى كابوس في م ...
- “هتقبضي 8000 دينار شهرياً”.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة ...
- وفاة امرأة وابنتها متأثرتين بإصابتهما بهجوم ميونخ
- رابط تقديم منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 الجزائر
- “قدمي الآن”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- في ليلة عيد الحب.. إطلاق نار على امرأة في حانة ببريطانيا
- ملامح امرأة غامضة تحت لوحة لبيكاسو.. ماذا نعلم عن اللغز؟


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - المحجوب لحويمد - البؤس المغربي -أسماء- نموذجا