أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بائعة الورد














المزيد.....

بائعة الورد


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


قبل دزينة من الأعوام تقريباً، شاءَ حظي السعيد أن أقضي في القاهرة أياماً ثلاثة على أثر عودتي من مدينة الاسكندرية؛ وهيَ المدينة، التي شهدَتْ حضوري لحلقة دراسية عن" غونار ايكيلوف "، الشاعر السويدي الأكبر. إنه الشاعر الصوفي، الذي تغنى في قصائده بأساطير المشرق ووقائعه التاريخية. لمحض الصدفة، فإن ذلك اليوم، الشاهد على هذه الحادثة، كان يحتفي بعيد المولد النبوي.
كان الوقتُ مساءً من ربيعٍ حارّ نوعاً، حينما رأيتني مع أحد زملاء الحلقة على كورنيش النيل. ثمّة، كان الخلق كما لو أنهم في طابور يوم الحشر، متزاحمين في المسافة الضيقة لرصيف النهر الخالد. فيما أسراب الهوام، الكثيفة، تشكّل فوق رؤوس الناس كراتٍ سوداء، متراقصة على وقع الموسيقى المنبعثة من القوارب السياحية، المتهادية على صفحة المياه. الأضواء، المختلفة المصادر والتلاوين، كانت تمنح للمشهد رونقاً سحرياً، شفيفاً وغامضاً في آن. وقد ضافرَ من هكذا شعور، ما كان من الجسور الكبيرة ( التي يدعون المفرد منها: كوبري )، التي بدَت عن بعد كأنها شقيقاتٌ لأبي الهول.
كنا جلوساً إذاً على أحد المقاعد، المتراصفة على طرف الكورنيش المُحاذي للشارع العريض، نراقبُ حركة المارين وهم في جماعاتٍ أو وحدانٍ. وهيَ ذي فتاة في مقتبل العمر، يطلّ وجهها الأسمر خِلَل الخمار الغامق اللون، تحتمل على ظهرها ابنة صغيرة. تقدّمت نحونا لتخاطبنا بالانكليزية، كي نشتري منها أحد الورود الطبيعية. ما أن مضتْ في طريقها، بعدما رأتْ زهدنا بالورود، حتى التفتّ نحوَ رفيقي لأقول له متفكهاً: " هه، شحاذة وتعرف اللغة الانكليزية! ".
الحق، فإنّ البائعين الجوالين كانوا يبدون أكثر عدداً من المتنزهين على الكورنيش، ولا يكفون عن عرض بضائعهم علينا. الضوضاء، المنبعثة من هذا السيل البشري، المتوازي مع النيل، كانت تدفع أحدنا الى رفع صوته حدّ الصراخ أحياناً كي يسمعه الآخر. ما أن مضتْ برهة على ابتعاد بائعة الورد، حتى ميّزت هيئتها مجدداً بين الحشود المتلاطمة. عندئذٍ ندهتُ لها، مُشفقاً على حالها مع الابنة غير المتجاوزة العامين كما يبدو. بعدما أعطيتها النقود، هممتُ باعادة الوردة اليها. وإذا بها تجيبني بالقول: " لا يا بيه، احنا ما نشحدش! ". كلمتها، جعلتني أشعر بالخجل، بل والخزي أيضاً. اعتذرتُ لها حالاً، إلا أنها كانت من اللطف أن تجاهلت الموضوع وراحت في المقابل تسألنا عن سبب وجودنا في القاهرة. بدَورها، حدثتنا الفتاة عن أحوالها بكلمات قليلة مُبتسرة. كانت من ضواحي أم الدنيا، تضطر يومياً للسفر بالقطار أربع ساعات ذهاباً وإياباً حاملةً هذه الورود كي تعيل ابنتها وزوجها العاطل عن العمل. وما حز في نفسي أكثر، أن أعلم بأنها هي ورجلها من حملة الشهادات العالية. في الأثناء، حاولت دسّ ورقة من عشر جنيهات في جيب الابنة، غير أن أمها انتبهت ومنعتني. عند ذلك، استحلفتها أن تقبل هذا المبلغ الصغير اكراماً للرسول في ليلة مولده.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكنز
- الفونسو
- سيرَة حارَة 53
- سيرَة حارَة 52
- سيرَة حارَة 51
- سيرَة حارَة 50
- سيرَة حارَة 49
- أربع حكايات
- سيرَة حارَة 48
- سيرَة حارَة 47
- سيرَة حارَة 46
- سيرَة حارَة 45
- سيرَة حارَة 44
- سيرَة حارَة 43
- سيرَة حارَة 42
- سيرَة حارَة 41
- سيرَة حارَة 40
- سيرَة حارَة 39
- سيرَة حارَة 38
- سيرَة حارَة 37


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - بائعة الورد