|
غائية -التوحيد- وغوغائية -الشِرك- ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4745 - 2015 / 3 / 11 - 11:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
غائية "التوحيد" وغوغائية "الشِرك" .. قال مُفتي الوهابية الأعظم في معرض تعليقه على تحطيم التراث الإنساني في العراق ، وحضارات فجر البشرية وطفولة الأديان المُعاصرة ، قال أنه يسعى ل : " تأمين الأمة من الفكر الضال وتحذير الشباب من الفكر الضال وتجفيف منابع الشر ". ولو لم يكن الأمر جادا وخطيرا ، لقُلتُ بأن مفتي الوهابية يُنافس برنارد شو في المقولات الساخرة .. والذي حفّز المفتي على إطلاق هذا التصريح ، هو تدخل بعض "المُطوعين " أو " المحتسبين " ، وبلُغة شعبية ، رجال هيئة الأمر بالمعروف ، في ندوة بمعرض الكتاب في الرياض و"تخريبها " لأن المُتحدث في الندوة إستنكر عملية الإبادة التي يتعرض لها التراث الحضاري للبشرية في العراق وسوريا . فما كان من هؤلاء ألأوباش إلا إقتحام القاعة والتهويش والتشويش على الندوة وأعمالها ، مما أدى إلى إنفضاضها أو "إفتضاضها ". وكان "دكتور " أو "دك ثور " يُدعى "الكندري " وهو كويتي ، قد صرح بأن هدم الأوثان ، واجب شرعي . وقال للذين يستدلون بوجود هذه الأثار في عهود المسلمين الأوائل ، الذين شاهدوها ولم يحطموها ، بأن هذه الاثار كانت مدفونة تحت الرمال ، ولم يتم إكتشافها إلا في العصور الحديثة ، لذا لم يحطمها الاوائل ...!! لكنه ، وتأكيدا منه على تطبيق الواجب الشرعي قال ، حتى لو تغاضى الأقدمون عن هذه الأوثان وتركوها قائمة ، فهذا لا يُعطي رأيهم مصداقية ..!! ولولا القليل من الحياء ، لأتّهم المسلمين الأوائل ، بممالأة الشرك والمشُركين . وفي لهجتنا العامية نُطلق على صانع الأحذية "كندرجي " ، وهي مهنة كانت يشرف بها صاحبها ، وكان يحظى بإحترام الجميع .. لكن هذا الكندري ، يهين المهنة ويهين الأحذية ومن يحتذيها !!(كُندرة في لهجتنا تعني حذاءً ، حاشاكم ..) . هذا الكندري الذي يسير على هدي الوهابية التي تستمد "دينها " من إبن تيمية ، وغيره مِمَن لا يعترفون بمعتقد ، فكرة أو دين خارج "عقولهم الضيقة " ، هذا الكندري "ينحصر " عالمه الفكري في إجترار كلمات لا يفقه معناها في تقديرنا . فهو "يتحدث " عن التوحيد ، والذي يعني من وجهة نظره ، تقليص العالم ( ولو بالقوة) إلى "وحدانية" لا تستطيع الصمود في مواجهة تمثال أو لوحة فنية . هؤلاء يصورون إلههم ككيان ضعيف ، تُهَدد قوته وجبروته صورة وخرزة زرقاء !! لكن هذه القوة والجبروت لا يهتز لها كيان حينما يدعو هؤلاء إلى طاعة "ولي الأمر " أي الملك ، لأن طاعته من طاعة هذا الإله .. ويقولون لك بأن هذه الطاعة المُطلقة ليست شركا بالإله الواحد الأحد ، الفرد ألصمد . حينما تكون الخرزة الزرقاء التي تُعلقها الأُمهات على ملابس الأطفال ، وقاية من عين الحسود والحاسدين ، فهذا في رأي هؤلاء شرك بالله ..لماذا ؟ لأن هذه الأُم تطلب وتعتقد بأن هذه الخرزة تحمي الطفل ، لكن الله هو الحامي ولا حامي غيره ...منطق جميل وسليم ، وبناء على هذا المنطق ، فالذهاب للطبيب ، طلبا للعلاج والشفاء من مرض ، هو شرك أيضا ، فطلب الشفاء من غير الله هو شرك وكُفر بواح !! فالله هو الشافي الكافي .. ولأن الإنسان والرجل العربي خاصة ، يبحث عن مُتع حسية كثيرة ، وخاصة متعة النكاح ، ولربما ولكي يُحسّن من إداءه للوظائف الجنسية ، يستعين بالفياجرا ، مما يُعطيه قوة وطاقة فوق طاقته الطبيعية، فما رأي هؤلاء الفقهاء مثلا ..؟؟ فهذا الرجل ، قد قام بتغيير خلقة الله أولا ، وأستعان بغيره .. هل هذا نوع من الشِرك ؟؟ بناء على هذا المنطق الأعوج ، الذي يرى في الفنون (التماثيل والصور ) شكلا من أشكال الشرك ، فإن حياتنا يجب أن يتم حصرها في خيمة صحراوية ، لا نبتَ فيها ولا زرع .. وإلا فإن الإنسان المُعاصر "يعيش " في بيئة ويستعين بقوى وعلوم لقضاء حاجاته ، غير الله !! بينما بالله المستعان ، كما تعلمون . فغاية التوحيد هي إلغاء تأثير كل "قوة " "وطاقة " غير إلهية ، على حياة الأفراد والمجتمعات ، مما يعني "توحيدا" خالصا ، صرفا ، ونزع صفة القدرة والطاقة عن كل البشر ، الشجر والحجر . ولأن هناك مجموعات ما زالت تؤمن بقدرة الأرواح (روح الشجر ، الحيوان والجماد ) وأرواح الأجداد ، على "المساعدة " من طرف و"إلإضرار " من طرف أخر ، فالشرك واسع الإنتشار حسب هذا التعريف للشرك . وبما أننا لا نستطيع ، إلّا أن نستعين بقوى الطبيعة ، للأكل ، الشرب ، الحركة والحياة بشكل عام ، ونحن نؤمن بأن قوة المياه تستطيع توليد طاقة كهربية وكذا الغاز والبترول ،فإن توحيدنا غير خالص .( وهذا التعريف للتوحيد ينطبق على جميع الديانات التوحيدية منذ أخناتون ) ...!! وأعتقد بأن التوحيد على هذه الشاكلة يهدف الى "أدلجة وإضفاء صبغة دينية على حكم الفرد المُطلق .. فهو الحاكم الأوحد الذي لا يُنافسهُ في الحكم ، أحد أخر وإلا لأصبحت الرعية مشركة .. في الجهة المُقابلة ، التعددية ، المُشاركة ، وال"غوغائية " ، على الصعيد النظري تعني حرية الفرد المُطلقة.. فالحديث عن التوحيد والشرك ، في ظاهره حديث عن عقائد واديان ، لكنه في جوهره حديث عن دكتاتورية الفرد والرأي الواحد مُقابل "الشورى " وحرية الرأي..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَنْسَنَةُ -ألألِهةِ ..!!
-
-قيمة - ألصوت العربي في الإنتخابات الإسرائيلية .
-
إبنتي ليست قنبلة موقوتة ..!!بمناسبة 8 أذار
-
إلى المريخ يا شباب ..
-
رفقا بالشيزوفرينيا ..
-
عيد ألمساخر ..
-
ديماغوغيا التاريخي والمصيري ..!!
-
تعيين القط حارسا على اللبن ..
-
الموت للعرب ..!!
-
بنو الأصفر وبنو الأسمر ..!!
-
ألإسرائيلي القبيح ..!!
-
الشيوعيون يلطمون ..
-
لا فرحة كفرحة الشامتين ..!!
-
هوليوود والخيبري ..!!
-
داعش في الطريق إلى ألقدس ..
-
ألمثقفون الإسرائيليون ينتصرون لحرية التعبير ..
-
أورلي -كيشوت - والجنرالات .
-
التطبيع ومسح الجوخ !!
-
نتانياهو والبارانويا ..
-
المصطلحات لا تخلق واقعا ..
المزيد.....
-
شهقات.. تسجيل آخر محادثة قبل لحظات من اصطدام طائرة الركاب با
...
-
متسلق جبال يستكشف -جزيرة الكنز- في السعودية من منظور فريد من
...
-
المهاتما غاندي: قصة الرجل الذي قال -إن العين بالعين لن تؤدي
...
-
الهند وكارثة الغطس المقدس: 30 قتيلا على الأقل في دافع في مهر
...
-
اتصالات اللحظات الأخيرة تكشف مكمن الخطأ في حادث اصطدام مروحي
...
-
وزير الدفاع الإسرائيلي يشكر نظيره الأمريكي على رفع الحظر عن
...
-
-روستيخ- الروسية تطلق جهازا محمولا للتنفس الاصطناعي
-
الملك الذي فقد رأسه: -أنتم جلادون ولستم قضاة-!
-
زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب ألاسكا
-
سماعات الواقع الافتراضي في مترو الأنفاق تفتح أفقا جديدا في ع
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|