|
حول الطائفية والعودة إلى السلفية
خليل اندراوس
الحوار المتمدن-العدد: 1322 - 2005 / 9 / 19 - 10:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الحركات الدينية ، قوية وموجودة كحركة سياسية ودينية بقدر عجز وغياب القوى الوطنية التقدمية. ففي فترات المد الوطني غابت الحركة الدينية أو امتثلت لحركة الجماهير ، أو كانت جزءا منها. وفي الوقت التي تراجعت فيه الحركة الوطنية التقدمية ، والأطر السياسية اليسارية العلمانية الدمقراطية ، أو عجزت عن القيادة ، نشطت الحركة الدينية ، وقدمت نفسها حلا ً بديلا ً ، وخاصة ً وأن الاتجاه السلفي في حالة مد على مستوى عالمي ، واستطاع أن يخوض معارك حاسمة وينتصر في بعضها ومثال ذلك إيران . قد تكون الظاهرة الدينية أو الطائفية موجودة ، وتلعب دورا في العمل السياسي لكنها في بلادنا، وفي هذه المرحلة بالذات ، دليل على تراجع وعجز الحركات الأخرى، خاصة ً التقدمية. ولذلك يجب فهم هذه الظاهرة والتعامل معها، سلباً أو إيجاباً ن ليس على ضوء قوتها الراهنة والظاهرة ، وإنما على ضوء فهم الجماهير أولا ، وعلى مدى اكتشاف نقاط الضعف والقصور في الحركة اليسارية العلمانية التقدمية في الوسط العربي . فالأفكار، والصيغ التنظيمية والمواقف والشعارات التي كانت تبدو واضحة وقوية، مقنعة خلال فترات سابقة لم تعد كذلك الآن. إنها بحاجة إلى مراجعة جدية وجريئة من أجل إعادة الثقة والتفاعل، والانخراط بين القوى السياسية التقدمية والجماهير الشعبية . قال المسيح: الحق أقول لكم: "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله..."
* ماذا يعني الولادة من فوق؟كان يريد أن يرى الإنسان في نفسه مشاعر العزة والسمو والاعتداد، وتعرف حق نفسها عليها. وعندما قال: "إن روح الله هو الذي يتكلم فيكم، أراد أن يوقظ الكائن الإلهي الذي هو كامن في كل حي يمشي على الأرض ولقد أكّد الإسلام هذه الحقيقة، فأحيا ثقة الناس بأنفسهم حتى خاطبهم بقوله: "كونوا ربانيين" وفسّر الرسول مفهوم الآية فقال: "تخلّقوا بأخلاق الله" . وأمسك إمام من أئمة التصوف الإسلامي زمام الحديث فقال: "إن لله عبادا ً – إذا أرادوا أراد" . لذلك نحن شعب هذه البلاد، الذي يبغي الحياة الشريفة الكريمة، والتعايش مع الشعب الآخر ، علينا أن ندرك الوضع الذي يريده الدين الخالص لنا ، فهو من أجل أن نكون ربانيين وأن نبني مستقبلنا ونعمل على تغير واقعنا نحو الأفضل لكي نولد من فوق ونحافظ على حقوقنا كبشر. نحن كعرب نواجه اختبارا مصيريا ، بين تصورين بديلين للمجتمع العربي عامة ً ، وكأقلية عربية فلسطينية بشكل خاص . التصوّر الأول يهدف إلى مزيد من التجزئة في المجتمع العربي ككل وفي اسرائيل خاصة ً عن طريق ترسيخ الولاءات التقليدية ، الإثنية والطائفية والعائلية ، أما التصوّر البديل الذي يقدمه وتكافح من أجله القوى التقدمية بمثل بداية جديدة متجددة ، يهدف الى بناء مجتمع عربي عَلماني دمقراطي حضاري . البديل الأول سيرسخ سيطرة الإمبريالية عربيا ، وسيطرة سياسية فرق تسد إسرائيلياً . البديل الثاني، أي النضال من أجل مجتمع ديمقراطي علماني يحتاج إلى تحرر من الولاءات التقليدية وخاصة ً الطائفية ، ونشوء وعي قومي-طبقي . هناك حاجة لمواجهة ثورية، كما أفهمها- إجتماعية سياسية تهدف الى خلق مجتمع علماني دمقراطي توحيدي، دائم القدرة على التجدد والتجاوز . إن مهمات التغير تقتضي العمل على تجاوز حالة الاغتراب التي تعاني منها على صعيد الأفراد والجماعات ، فنعمل من أجل تنشيط المجتمع بكل أفراده من دون تمييز مشاركة حرة وفعّالة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية، فنحن لم نتحرر من الماضي كما لم نقترب كثيرا ً من تصوراتنا المستقبلية لأنفسنا وما نريد . لذلك لا نزال نعيش واقعا مأساويا يتجاذبه الماضي والمستقبل والشرق والغرب في آن ٍ واحد . عدا عن معاناتنا من ازدواجية سياسة الغرب، هذه السياسة، القديمة منذ انتصار الغرب للطربوش العثماني الفارغ بالضد من محمد علي "الرجل الشرقي الوحيد الذي يضع على أكتافه رأسا " وفق الصياغات المجازية لماركس ، الذي كان يهزأ من مزاعم الدمقراطية الغربية ورسالتها التمدينية والتحديثية للعالم .
لقد كتب فرح أنطون: جميع الأديان إنما هي دين واحد يعلم بعض المبادئ العامة، فالثابت هو إذن المبدأ الخلقي، أما الشرائع الدينية فلا قيمة لها بحد ذاتها، إذ ما هي إلا وسائل لغاية، فالطبيعة البشرية واحدة أساسا ً في نظر جميع الأديان والحقوق والواجبات البشرية واحدة أيضا ً وحتى الذين لا دين لهم لا يختلفون عن غيرهم في الطبيعة والحقوق، وهذا الأساس من أسس العلمانية، هو أساس التساهل والتسامح" ، وهذا ما نحن بحاجة إليه اليوم، أمام آفة التعصّب الطائفي هذا الشعور بالمسؤولية الوطنية عن طريق الإندماج والتفاعل الإجتماعي الطبقي والتبرؤ من أعمال المسيحية الغربية والعنصرية اليهومسيحية والحفاظ على الولاء للشرق والوطن.
* من أجل مجتمع تسوده قيم الحرية، حرية الفكر والتعبير والممارسة. لقد كتب الشيخ الخولي "أن منهج التجديد لا يستقيم ولا يصح إلا بعد "قتل القديم بحثا ً" "، لأن "التجديد" دون فحص القديم فحصا ً نقديا ً – من شأنه أن يضيف أفكارا ً على أفكار، فتتجاوز الأفكار القديمة الأفكار الحديثة دون أن يزحزح الجديد القديم ويحل محله.
(كفر ياسيف)
#خليل_اندراوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمنة التراث ودمقرطة العالم العربي
-
إمبراطورية الشر - من وجهة نظر ماركسية
-
بعض ملامح مملكة الحرية - مجتمع المستقبل
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|