أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - في التسامح و الدوغما














المزيد.....


في التسامح و الدوغما


محمد المشماش

الحوار المتمدن-العدد: 4744 - 2015 / 3 / 10 - 04:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غالبا ما يتقاطع مفهوم التسامح مع نقيضه التعصب أو الدوغما,لفهم التسامح ينبغي فهم معنى الدوغما,فالدغمائية تعني التعصب لفكرة معينة من قبل مجموعة دون قبول النقاش فيها أو الإتيان بأي دليل ينقضها لمناقشته أو كما ترتبط لدى الإغريق بالجمود الفكري. و تعني كذلك التشدد في الاعتقاد الديني أو المبدأ الإيديولوجي أو موضوع غير مفتوح للنقاش أو للشك,لهذا غالبا ما ترتبط بالمطلق,أما لفظ التسامح من الناحية العملية يفيد حضر كل الممارسات التي تستهدف التمييز العرقي و الإثني و الديني,و هنا قد يبدو مفهوم التسامح متناقضا تناقضا تاما مع التعصب,لكن كيف يمكن التصريح بأن اعتقادا معينا هو متسامح او غير متسامح,او موقفا إيديولوجيا على أعلى درجة من التسامح من موقف أيديولوجي اخر مع أن صاحب هذا الاعتقاد متأكد من أن موقفه هو الأكثر تسامحا,في "رسالة في التسامح" التي ألفها جون لوك و التي أدرجت في دستور الولايات المتحدة الأمريكية,ربط فيها التسامح بالدولة المدنية الليبرالية التي ترعى الحقوق و المصالح و الملكية الفردية دون التدخل في حرية الاعتقاد, هدف لوك في ذلك التأكيد على أنه ليس من حق احد أن يقتحم باسم الدين الحقوق المدنية والأمور الدنيوية,وأن فن الحكم ينبغي ان لا يحمل في طياته أية معرفة عن الدين,وهو يعني بذلك أن التسامح الديني يستلزم ان لا يكون للدولة دين،لأن خلاص النفوس من شأن الله وحده...ثم ان الله لم يفوض احدا في أن يفرض على أي إنسان دينا معينا يقول جون لوك في "رسالة في التسامح". "..... و تأسيسا على ذلك فلا الأفراد و لا الكنائس و لا الدولة لها مبرر للاعتداء على الخيرات الدنيوية و الحقوق المدنية بدعوى الدين,أما الذين لا يرون هذا الرأي فإن عليهم أن يتأملوا أنفسهم و هي تزرع,في البشرية بدور النزاع و الحرب,وتثير الكراهية و النهب و السلب بلا حدود,فلا سلام و لا أمان,ولا صداقة بين الناس ممكنة و مصانة,طالما ساد الرأي القائل بأن الهيمنة قائمة على اللطف الإلهي,و ان الدين لا ينشر إلا بقوة السلاح"(1)
و رسالة في التسامح كتبها جون لوك في منفاه بهولندا بتحريض من صديقه شافتسري,حررها باللاتينية و نشرها بدون اسم عام 1689 و كان يهدف من خلالها إلى تأسيس حكم مدني خال من أي دين,نظرا لتفاقم موجة الصراع الدامي حول الحكم بين الكاثوليك و البروتستانت من جهة,وتنامي الدغماتولوجيا(علم اللاهوت)الدينية من جهة أخرى,والتى أدت إلى خلق مذاهب جديدة في التعصب لم تكن مرتبطة حتى بالدين,بل فقط بتأويلات متباينة للكتاب المقدس وظيفتها تحديد بنود الإيمان التي ينبغي للمرء أن يلتزم بها في حدود الدولة الدينية,و كل عصيان لهذه البنود يعتبر خروجا عن الملة و تجاوزا لحدود الدولة,و يستحق صاحبه التأديب كحد أدنى و القتل كحد أقصى.
و الدوغما بهذا المعنى الذي تحدث عنه لوك لم تكن منتشرة في أوروبا فقط بل عانى منها العديد من مفكري و فلاسفة الإسلام من قبل بسبب انتشار ما يسمى بالفرق الكلامية التي اجترحت معايير متباينة في قراءة و تأويل النص الديني,مما أدى إلى نشوء صراع بين العقل و النقل,فكفر الحلاج و الفارابي و ابن سينا و بعدهم ابن رشد رغم أن محاولاتهم التنويرية لم تكن بالجرأة الكافية للثورة على الأنظمة الحاكمة,أو اقتلاع أسس الحكم الديني من جذوره كما فعل لوك و غيره من الفلاسفة التنويريين الذين دافعوا باستماتة على مبدأ الأنسنة و تحرير العقل من سلطان الكنيسة و إرهاب رجال الدين,"لأن خلاص النفوس ليس من شأن الحاكم المدني أو أي إنسان اخر,ذلك لأن الحاكم ليس مفوضا من الله لخلاص نفوس البشر,و إن الله لم يكلف أي إنسان بذلك,لأنه لا يبدو أن الله قد منح مثل هذه السلطة بحيث يفرض دينه على الآخرين بالقوة,ثم إنه من غير المعقول أن يمنح الشعب مثل هذه السلطة للحاكم لأنه لا يقبل أي إنسان سواء كان أميرا أو من أفراد الرعية أن يترك رعاية خلاصه لإنسان آخر لكي يحدد له إيمان معينا أو عبادة ما ..."(2)
و مفهوم لوك حول التسامح و نبذ التعصب الديني,قام بتطويره "جون ستيوارت ميل"الذي ربطه بمبدأ الاختلاف و ضرورة الدفاع عن هذا المبدأ من طرف الحكم التمثيلي,و الاختلاف يقترن بمفهوم آخر هو الفردانية أو الفرادة و معناها إمكانية أن يكون الإنسان مختلفا سواء كان من المثقفين أو غير ذلك,لأن القولبة و النمطية مرفوضة حسب ميل في أي مجتمع لأنها نقيض التفرد(تميز الذات عن الذوات الأخرى)و بهذا يغدو التفرد مطابقا للأصالة,و الأصالة تقتضي أن يكون الإنسان سيد ذاته طالما لم يحدث ضررا بلآخر,و في حالة إحداثه لهذا الضرر فالمجتمع له الحق في التدخل.
(1)جون لوك رسالة في التسامح,ترجمة منى أبو سنة الاسكندرية الطبعة الأولى 1997 ص37
(2)نفس المرجع الصفحة 26



#محمد_المشماش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعوب السكيزوفرينيا لا علاقة لها بالتسامح
- جحيم -داعش-,من المتضرر أكثر الشرق أم الغرب؟
- الحب بين الميثولوجيا الإغريقية و النهضة الأوروبية
- العنف و السلطة في فكر أرندت


المزيد.....




- إسرائيل تجري مشاورة أمنية لاستئناف الحرب على غزة وترامب واثق ...
- هجوم أوكراني بـ49 مسيرة على روسيا يشعل النار في مصفاة نفط فو ...
- -نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك-.. ترامب أكيد من قبول عما ...
- إتمام ثالث عملية تبادل بين حماس وإسرائيل في إطار الهدنة
- الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب ...
- بعد تهديد ترامب.. الصين تؤكد تمسكها بشراكة -بريكس-
- وزير الخارجية المصري يتوجه إلى لبنان
- الرئيس اللبناني يوجه قائد الجيش بتفقد الجنوب
- ترامب يهاجم صحفية بعد -سؤال غير ذكي- عن تحطم طائرة واشنطن (ف ...
- زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأ ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد المشماش - في التسامح و الدوغما