حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 17:58
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
أتهنئة أقدم للمرأة في يومها العالمي ، أم تعزية ؟؟؟
لم أحتر في أمرٍ بقدر ما أمرت في أمر اليوم العالمي للمرأة لهذه السنة ، وتشتت أفكاري حول ماذا يجب أن أقوم به فيه كمناسبة تاريخية يخلدها العالم باسم المرأة مند عشرات السنين ، وتقدم خلاله التهاني والتبريكات وباقات المتمنيات المتنوعة تنوع أزهار هذا الفصل الربيعي المشرق .
لم يستقر فكري على شيء ، وأخذتني دوامة من الأسئلةٌ المحيرة ، وداهمت ذهني الشكوك والتساؤلات حول مصداقية هذه الاحتفالية وجدوا ذاك الاحتفاء بكائن يعيش أوضاعا قاتمة تغلب عليها الممارسات الهمجية ، التي هي أكثر من أن تعد أو تحصى.
كيف يمكن لي الاحتفال بيوم للمرأة ولم تتحرر من عبودية القيود الجهل ، والعنف ، والتحرش ، الانتهازية المجتمعية المنسوبة للدين و الشرع .
كيف يمكن الاحتفاء بالمرأة وتهنئتها بعيد لا يعدو مجرد تظاهرات إعلامية لم يتحقق من ورائها أي تحرر أو إنعتاق .
كيف يمكن ذلك وقد أصبحت المرأة في زمننا هذا سلعة يتم سبيها واختطافها واستحلالها وتشريدها واغتصابها بشكل لم يسبق له مثيل .
أي تهنئة يمكن أن تقدم لإمرةٍ تسبى وتُهان وتباع في سوق النخاسة على مرأى من حماة ورعاة قضيتها ، وعلى مسمع واضعي نصوص حقوقها وبنود حريتها .
وأيُّ عيد ٍ يمكن أن يُحتفى به مادامت هناك امرأة مسبّية جسدا وكيانا ، ومادام هناك رجل دين يغرد عبر الفضائيات العربية بجواز نكاح الصغيرات ومفاخذة الرضيعات ، ويدعون لجهاد النكاح باسم الإسلام .
كم وودت أن أهنئ كل نساء العالم في يومهن العالمي هذا ، وأتقدم لهن بباقة ورد من حدائق هذا الشهر المشرق ، لكني وجدت أنهن لسن في حاجة للتهاني ، بقدر ما هن في حاجة للتعازي والمواساة على ما يواجهنه من أقسى أنواع العنف والروحي والعاطفي ، وأمر أشكال الاستلاب العقلي والجسدي ، في سوريا والعراق ومصر وعموم البلاد العربية والمسلمة ، واللواتي أرفع لهن بالمناسبة كل تحايا التقدير والإجلال على وقوفهن في وجه الغزو الدين/السياسي الذي أذاقهن متطرفوه ، كل أنواعا الفتنة والغدر والطعن في هويتهن وتاريخهن البشري .
ومع كل هذا وذاك ، آمل وأتمنى لهن في يومهن العالمي هذا ، أن تتوحد صفوفهن وتتكاتف جهود تنظيماتهن وحركاتهن النسوية من أجل اقتلاع الظلم والاضطهاد بصفة جذرية لا تسمح له بالعودة مرة أخرى تحت أي مسمى وأية أيديولوجية ، اشتراكية أو ليبرالية أو دينية ؛ ساعتها فقط يمكن أن نتقدم لهن بالتهاني الصادقة بالعيد ..
حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟