حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 08:26
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
في الثامن من مارس "اليوم العالمي للمرأة"، بودي الوقوف أمام أقوال تفصل بينها سنوات ليست بالقليلة لسيدتين عربيتين مرموقتين، واحدة من المغرب هي الكاتبة والمناضلة النسوية فاطمة المرنيسي، والثانية من المشرق هي الأديبة العراقية الكبيرة لطفية الدليمي . لهذه الأقوال صلة بقضية المرأة، وبالتالي برسالة ومغزى إحياء يوم لها، والأهم في هذا أن للأمر صلة بالمرأة العربية تحديدًا .
فاطمة المرنيسي عنونت أحد فصول كتابها القيم: "الخوف من الحداثة" بعبارة شديدة الدلالة هي: "نشيد النساء: نحو الحرية" . وفيه تذهب إلى أن النساء متلهفات للغوص في المغامرات والمجهول، ورمز ذلك التلهف تلك الأم الفلسطينية الشجاعة التي نشاهدها يوميًا على الشاشات تقف غير مرعوبة تجاه الجنود "الإسرائيليين".
وتذهب فيه أيضًا إلى أن النساء العربيات لا يخشين الحداثة لأنها فرصة منتظرة لبناء شيء آخر، "إنهن متلهفات للرسو على تلك الشطآن الجديدة، حيث الحرية ممكنة، فطوال قرون كن ينشدنها وهن سجينات، لكن لم يكن أحد يصغي".
هذه شهادة قيلت في أيام أخرى غير أيامنا البائسات التي نحياها، لذا كتبت بعبارات متفائلة، ملأى بالعزم والتصميم والتحدي والثقة في غد أفضل، أما شهادة صديقتنا لطفية الدليمي فتضج بحرقة الألم مما آلت إليه أوضاع النساء العربيات، كمحصلة لما آلت إليه مجتمعاتهن .
ترى الدليمي الاحتفال بعيد المرأة معيبًا بوجود السبايا لدى "داعش"، وهي تستحث مواطناتها العراقيات لأن يقمن باعتصام في يوم المرأة "من أجل بناتنا المسبيات، فكيف نحتفل بيوم المرأة وهن مسببات في زنازين الوحوش ولايعرف لهن مصير؟ كيف يحتفلن والنساء النازحات وأطفالهن مهملات بين عراء المخيمات وموت الضمائر"؟
دعوة ولا أنبل، ولا أعمق في مغزاها . كأن لطفية الدليمي تحثنا على أن ننزع عن الاحتفاء بالثامن من مارس طابعه الكرنفالي، ونعيد إليه مغزاه الإنساني والكفاحي العميق، الذي انبثق من أجله أول مرة حين قامت فيه آلاف النساء العاملات بالاحتجاج على سوء ظروف عملهن في مصانع نيويورك سنة 1856 وواجهن قسوة الشرطة وأصحاب العمل وحققن النصر بمواقفهن الشجاعة .
صحيح أن هذا العيد الذي بدأ بدلالات سياسية مباشرة اكتسب، مع الوقت، مغازي إنسانية أخرى عميقة، وبات مناسبة للاحتفاء بالمرأة كرديف للحب والجمال والحنان والأمومة والفضاءات العذبة، لكن ما تواجهه النساء العربيات عامة، الأسيرات في السجون، المتلهفات للحياة والحرية، جعل منهن في عيون العاصفة.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟