أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - جناية المتنبي














المزيد.....

جناية المتنبي


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 1322 - 2005 / 9 / 19 - 04:54
المحور: الادب والفن
    


أولا ليعذرني زكريا أوزون على استعارة "الجناية" منه بعد أن أنجز "جناياته الثلاث" وأقصد "جناية سيبويه" و"جناية البخاري" وأخيرا "جناية الشافعي"،ولكنه وللأمانة حرضني، في فكرة الجناية، وجعلني أبحث عن الجناة وجناياتهم، وهو في كتبه الثلاثة أراد الوقوف على بعض الهنات التي انتقلت إلينا عبر التاريخ "الكتابي" العربي لتصير قواعد لا يمكن بأي حال من الأحوال مناقشتها أو الوقوف على علاتها، وما أكثرها، كونها حسب رأي الدارسين والمدرسين على حد سواء جزء لا يتجزأ من قداسة الماضي الذي لطالما كان مصدر فخرنا واعتزازنا، كون حاضرنا لا يسر صديقا، ويبهج أيما بهجة العدو.
المهم... أنا لن أخوض في سيرة رجل أكن له قسطاً وافيا من الإعجاب، لا لكونه جاءني من "ماضينا" بل لأني حين قرأته أول مرة وجدتني أقرب إلى الذهول وأنا أتلمس سحر عبارته، وأثرها في النفس، ولا أظنني آتي بجديد وأنا أتحدث عن جبل له حجم "أبي الطيب المتنبي" مالئ الدنيا وشاغل الناس، والذي، وعلى الرغم من مرور أكثر من ألف سنة على رحيله، مازال مقيماً بيننا كأنه ما غادر الحياة، وكل من أراد الابتداء بالشعر كان عليه أولا أن يطوف حاجاً في محراب شعره، وأن يقف طويلا عند عباراته ومفرداته، التي صار بعضها "حكماً" و"أمثالاً"... ولكن ما جناية المتنبي؟
لن أعرّج في وقفتي القصيرة هذه عند ما يمكن وصفه بأنه النص العالمي، الذي لا زمان له أو مكان، والذي كتبه المتنبي، بل حسبي أن أذكر أن أكثر من نصف شعر المتنبي كان في المديح أو الرثاء، لغرض كسب ودّ السيّدين اللذين تنازعا ولاءه وأقصد هنا سيف الدولة الحمداني، وكافور الأخشيدي، فقد رفعهما أبو الطيب في بعض ما كتب حتى صارا أقرب إلى النجوم في السماء، وظلّ وفياً في شعره "المدهش" للمديح، فكان يبذله في بعض المرات لمن لا يستحقه، وكان غرضه الواضح والجلي هو التكسّب، ونيل الرضا.
ولكن ما شأني أنا لأحاسب المتنبي على ما فعل منذ أكثر من ألف سنة!
في شعرنا العربي الحديث المكتوب بالطريقة الكلاسيكية أقصد الشكل القديم الذي أورثنا قواعده الخليل بن أحمد الفراهيدي هناك أطنان من القصائد المكتوبة للمديح، وكلّها في وقت من الأوقات لاقت رواجاً، وانتشاراً وصار الناس يرددونها لما فيها من معانٍ استطاعت أن تجعل الممدوح في بعض الأحيان محبوباً، لأن شعوب الشرق العربي تطرب أيّما طرب بالإيقاع، فإن حالف الحظ كاتب تلك الأبيات فستصير مغناةً يؤدّيها على الأغلب مغنٍ مشهور، وستبث عبر وسائل الإعلام مراتٍ ومراتٍ حتى تصير راسخة في أذهان العامة، وسيرددونها على اعتبار أنها أغنية لفلان أو فلانة.
وهكذا ظللنا نحن شعوب "شرق المتوسط" محكومين بزمن أبي الطيب المتنبي مع اختلاف أولي الأمر منّا، وظل سيف الدولة وكافور حاضرين بصور مختلفة.
سمعت أن أحد الحكام قرّب إليه أحد الشعراء الكبار ووهبه الكثير من العطايا لا ليمدحه، بل ليتجنب أن يكون فريسة لهذا الشاعر في قصائده التي اشتهر بها والتي كان يعمد فيها إلى هجاء الحكام العرب من المحيط إلى الخليج دون أن يرحم واحداً منهم، لكنّه وفي كلّ ما كتب لم يتعرض مرة لذلك الحاكم الذي قرّبه منه وأعطاه، وعلى العموم فإنّ الشاعر والحاكم مازالا حيّين على قيد الحياة، وأظن الكثيرين فهموا من أقصد، ولا أود هنا الإشارة إلى الشاعر باسمه كوني أجله أيما إجلال لما كتبه من نصوص باللهجة العامية، ترددت أغاني حفظناها منذ كنا صغاراً، وفيها كان أقرب إلى روح الشعر، بعيدا عن قصائده تلك التي كتبها بالفصحى، وانتقلت في كثير من الأحيان أشرطة مهربة، لما فيها من شتائم لا تحصى، وكلها تستثني "الزعيم" الذي قرّب الشاعر إليه، فاصطفاه من بين الجميع ليستثنيه من الشتائم والسباب!.
ليست جناية الشعراء المعاصرين أو الذين ماتوا قبل زمن قصير أنهم كتبوا قصائد مديح أو هجاء أو رثاء ليتقربوا لهذا أو ذاك من الزعماء والقادة، فهم، وأنا لا أبرر لهم فعلتهم أو جنايتهم، رضعوا ذلك النمط من الشعر، فوجدوا في أنفسهم ميولاً إلى هذا الضرب من الكتابة، فكتبوا مثلما تعلموا....
نعم كما يتعلّم الطفل الصغير في بعض عاداتنا العربية أن ينهض صباحاً ليقبل يد أبيه أو جده، بينما لا يفعل الكثير من الأطفال ذلك، لأن أهلهم لم يعلموهم فعله، وكما يسكت بعضنا حين يخطئ رجل الأمن بحقه، بينما لا يسكت بعضنا الآخر ويعتبر الأمر إهانة ويصير معارضاً. كلنا تعلمنا في صغرنا أشياء، منا من حفظها وصارت قواعد تحكم سلوكه، ومنا من تجاهلها ولم يكترث بها، بل صار يعدّها دلائل لاوعي وتخلف تتحكم بسلوك الكثير من أبناء مدينته، أو ثقافته....
هكذا ارتكب المتنبي جنايته علينا، فهو من آبائنا الذين نرفع رؤوسنا عاليا حين نتحدث عنهم، على الرغم من أنه قال معتدا بذاته:
ليس الفتى من قال كان أبي إن الفتى من قال هاأنذا.



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفى بك داءً
- رسالة مفتوحة إلى السيد علي عقلة عرسان:
- توت...توت....توت
- في الحديث عن الانسحاب
- بين -الفيدرالية- و-ماريا-
- هيكل يحاكم التاريخ! فمن يحاكم هيكل؟
- أخاف عليك يا أرشاد مانجي
- تفاؤل..ولكنه حذر
- فضائيات بفتح التاء
- ديمقراطيون ولكن بالمجان
- عندما نبعث نحن الموتى
- بعيدا من السياسة
- ما الذي يعنيه أن تكتب في السياسة
- لماذا التنكيل بسوريا؟
- كي تكون معارضا
- انتماءات
- كنا هناك... أذكر سلمى تماما
- فن تصريف الفجائع
- -المعارضة-سر وجود -النظام-
- -سوريا-ليست-سورية-


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر زكي الزعزوع - جناية المتنبي