عمي الأمريكي 1980 الن رينيه:الأنسان في انبوبة اختبار

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4740 - 2015 / 3 / 6 - 23:12
المحور: الادب والفن
    

عمي الأمريكي 1980 الن رينيه:الأنسان في انبوبة اختبار
الفيلم الحائز على الجائزة الكبرى في مهرجان كان 1980 له علاقة بالبيولوجيا وبالتحليل السلوكي الاجتماعي (السوسيولوجيا) من هذه الناحية وليس من الناحية الوجودية الفلسفية وكعادة رينيه فهو شيء لم نألفه أبدا في أي افلام سابقة.
يبدأ الفيلم على تحليل وتعليقات على انماط الحياة المختلفة لكائنات حية غير الانسان،والانسان هو الكائن الذي سوف يُسقط على هذه الانماط وليس العكس،والطرح سوف يبدأ من ثلاثة شخصيات:
(Jean Le Gall) ولد في 14 اغسطس في (Marbihan) جده كان دكتورا ووالده كان مهندسا،ونلاحظ أن رينيه يستخدم اسلوب الراوي لأثبات حيز معين ووجهة معينة مسلطة على الشخصية , لاننا نعرف ان هناك عامل خارجي في الموضوع و الشخصيات قيد الدراسة يصح ان نقول عنها بأنها ليست سوى انسان في انبوبة اختبار ...هناك يد متدخلة من خلال فأران اختبار .
و من ثم جانين جارنير المولودة عام 1948م و رينيه المولود عام 1941م , و المخرج آلن رينيه يضيف عنصر هام لعناصر التطور السلوكي هو عنصر الاعجاب الفني , وهو سلوك خامس سنضيفه لاحقا الى نظريات السلوك الخاصه بالبروفيسور هنري لابوريت المولود عام 1914م في الهند الصينية و مؤلف كتاب ( يبولوجي اوف بيسنيور )
محركاتنا لازالت بدائية تأتي من الدماغ البدائي الخاص بالزواحف – اشارة الى البدائية – وهذا ان كان يوضح اي شيء فهو يفيد ان الانسان المتحضر من الممكن ان يمارس طقوسا غاية في البدائية وهذا ايضا يشير الى شيئين اثنين :
طبيعة الاسئلة الخالدة الميتافيزيقية التي يواجهها الانسان حتى في عصر اقصي العلوم , والشيء الثاني هو الحنين الطبيعي للانسان نحو بدائيته.
يتبع رينيه مسار تحقيقي لاسلوب حياة وتطور هذه الشخصيات الثلاث , وهو مسار مراقب من قبل عين خارجية تضع كل هذه التصرفات و السلوكيات في ( انبوبة اختبار) , وبذلك يكون الفيلم غاية في الوثائقية ويفقد النكهة السنمائية في بعض الاحيان , وكأن رينيه يحقق وثائقه عن السلوك البشري و النظام العصبي البشري , مما يجعل الفيلم يأخذ كوحدة واحدة ومن غير الممكن تحليله او تفكيكه بشكل مستقل ...
على لسان هنري لابورتي البروفيسور المتأثر بالدراسات الامريكية في هذا الموضوع :
نحن نستطيع ان نمييز اربع سلوكيات اساسية :
السلوك الاستهلاكية : مليئ بالحاجات الاساسية
السلوك الاجتماعي ( سلوك الاشباع ): عندما تكون نتيجة الفعل هي البهجة التي نرغب في تكرارها دائما وهو سلوك كما نعلم اساسي عند فرويد , على الرغم من ان النقاش هنا ليس نفسي بقدر ما هو سيسيولوجي بيولجي سلوكي .
تجنب العقاب : الاختفاء لمنعه , او المشاجرة من اجل تدمير المعتدي
سلوك الكبت : كل الافعال تنقطع ... نحن ننتظر بتأثر الامر الذي سيصيب بكرب ... الكرب هو استحالة السيطرة على الموقف وهو يعتبر اهم السلوكيات المؤدية الى المرض النفسي , وهو امر اتفق عليه التحلول السلوكي و التحليل النفسي ونضيف سلوك خامس ( من قبلنا ) يدعى بالسلوك الجمالي وهو مقترن بالاعحاب الفني والتصرفات الجمالية المحضة التي لا تنم عن اي رغبة سوى رغبة الرقي .
يحاول رينيه ان تكون هذه الشخصيات الثلاث تعيش في مسار طبيعي جدا ... لا يوجد اي مؤثر خارجي للتأثير على سلوكياتها من اجل اثبات نظرية معينة .
واذا حدث التقاء قدري بين هذه الشخصيات الثلاث , فهذا اللقاء ليس حاسما او حتى مهما لدرجة كبيرة , لان النظريات الاربعة في السلوك السابقة تبدو مؤكدة وعبارة عن مسلمات و الشخصيات الثلاث حيز الدراسة عبار عن روتين يؤكد روتين المسار السلوكي العلمي السابق .
وهنا علينا مراجعة شيء مهم , آلا وهو موضوع الارادة ... وفقا للاحداث و الموضوع التطبيقي للفيلم , بان النظرية الاولى للارادة من حيث ان كل شي نفعله شيء مقدر له الحدوث من الله او نتيجة للاحداث او تأثيرات الكون , تبدو هامشية امام نظرية الادارة الحرة واننا نستطيع انتصرف حسب ما نختار , على ان دافع الحركة هو سلوك روتيني قابع في اللاوعي الانساني المكرر وليس المختلف ...
فهم الفبلم بؤكد علينا ان نفهم النموذج ( pattern) اكثر من فهم المسار العام لشخصية
في مختبر هنري :
فأر وضع في قفص قسم الى قسمين بحاجز مع وجود باب في هذا الحاجز , وقبل ان تتكهرب الارض يصدر صوت يحذر الفأر باقتراب العقاب , و النتيجة ان الفأر سيهرب مباشرة الى القسم الثاني هربا من العقاب , ولكن ماذا اذا وضعنا فأرا اخر في القفص ... وماذا اذا اصدرنا الصوت التنبيهي من دون ان نفتح الحاجز .
السلوكيات الاربعة السابقة مبنية على هذه التجربة , و من ثم هناك تمثيل حي على ان جين و جانين و رينيه ليسو الا فأران تطبيقيه في معمل هنري لاربوتي .
اذا كانت النتيجة تجنب العقاب من خلال الاختفاء فنحن نلاحظ ان رأس جين يتحول الى رأس فأر قبل مغادرة منزله , ومن ثم ارتباطه مع جانين في منزلها وهو لازال يمتلك رأس الفأر , فهو قد حافظ على توازنه البيولجي وهو سلوك يجلب السعادة .
ولكن ما هو سهل بالنسبة لفأر في قفص لهو صعب جدا لانسان يعيش في مجتمع محكم السيطرة
وبذلك تكون الشحصيات السابقة عبارة عن مسلمات لنظريات مسبقة
الفيلم عبارة عن تأمل علمي وعملي بالسلوكيات البشرية وهو يسير في انماط محددة وواضحة مهما تغيرات السلوكيات الي تتعلق في طبيعة الشخصية نفسها او بالكريزما , وهذا التأمل الفيلمي لا يخلو ابدا من الشاعرية , فليس من المهم ابدا ان تلنقي هذه الشخصيات على الرغم من التقائها الذي كان عبارة عن اسلوب توضيحي ليس اكثر .
يقول هنري :
اللغة تستخدم فقط لاخفاء سبب السيطرة ... لتمنع الميكانيكية ( الميكانيزم ) الالية التي اسستها ولتقنع الفردية ان تعمل في جماعات .
تحليل العوامل الميكانيكة التي من الممكن ان تقود الى امراض العصر او جتى امراض عضوية خاصة باشياء مثل الكبت و السرطان و الاضطراب العصبي ... وكل هذا يثبت شيئا واحدا ... ميكانيكة السلوك البشري ... الوحدة المصيرية باتجاه كل حدث رئيسي معين لشخصيات وضعت بالاساس لاثبات نظريات تعتبر كمسلمات علمية .
بلال سمير الصدّر
11/11/2014

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات