محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4740 - 2015 / 3 / 6 - 23:11
المحور:
الادب والفن
عشاء قط متسول !!
خرجت هذا المساء لأبتاع خمرا ، وحين عدت نازلا درج البناء الذي أسكنه إلى الطابق السفلي حيث أقيم ، واجهني عبر الظلام قط متوسط الحجم يصعد الدرج .. أبطأت سيري كي لا أخيف القط في صعوده وهو لم يكن صعودا إلا تخوفا وهربا مني . لكنه فوجىء بي أتمهل وأهتف : لا تخف ! تجاوزني القط بما لا يزيد على درجة أو درجتين . توقف وماء . التفت لأقول له : شو ؟ ماء مرة ثانية أشعرتني أن لديه مشكلة ما ،وتابعت سيري نزولا دون أن أفكر في مشكلته.. فوجئت به يتبعني . توقفت والتفت إليه لأهتف : لك حبيبيي ليش لحقتني روح . توقف وماء مواء لا يخلو من حزن . وحين أشرت له بيدي أن ينصرف ، ماء لمرة واحدة واستدار ببطء وسار في الإتجاه المعاكس على مهل. تابعت سيري .. فوجئت به يتبعني .. أشرت إليه أن ينصرف ففعل كما في المرة الأولى .. وأسرعت إلى الدخول من باب البناء لأطبقه خلفي حتى لا يتبعني .. ونزلت .. فتحت باب بيتي وأطبقته وقبل أن أغلقه بالمفتاح من الداخل . سمعت مواءه . ظننت أنه يموء في مدخل البناء بصوت عال . ففتحت الباب لأتأكد وإذ به يقف خلفه ويموء بتوسل .. لا أعرف كيف دخل ربما دفع الباب بجسده وفتحه . ورغم أنني أدركت أنه جائع جدا ولم يجد أحدا غيري يثق به ويتوسل إليه ، إلا أنني نهرته بلطف وأطبقت الباب وأغلقته بالمفتاح .
وضعت الخمور ودخلت إلى المطبخ لأعمل شايا .. لم أستطع أن أنسى القط . وثمة شعور بالذنب نزل على رأسي لم أستطع تلافيه . فكرت ماذا لدي في البراد . كان هناك بيض وأجبان ومرتديلا وفواكه وطبخة سبانخ وأرز . لم يكن هناك زبدة فقد نفدت ونسيت أن أشتري وإلا لدهنت له قطعة خبز بالزبدة . أخذت طبق كرتون ، وضعت عليه شريحة خبز، وضعت عليها قطعتي جبن أصفر وثلاث قطع جبن أبيض وقطعا صغيرة من المرتديلا.. أدركت أن هذه وجبة جيدة لقط .
خرجت من البيت . لم أجد القط . ناديت " لك وينك وين رحت "؟ ناديت مرة ثانية بصوت أعلى .. جاءني مواؤه من فوق طابقين علويين .. يبدو أنه صعد يموء خلف الأبواب متسولا عشاء ما .. ناديت : تعال . سمعت مواءه نازلا الدرج نحوي .. وحين بلغني وهو يرفع رأسه نحو الطبق الذي بيدي .. أشرت إليه أن يتبعني إلى خارج البناء .. تبعني . وضعت له الطبق . هجم عليه بسرعة . تشممه وشرع يأكل بشراهة .. عدت إلى البيت . استلقيت على أريكة مرتاح الضمير وأنا آمل أن لا يترقب هذا القط خروجي وقدومي بعد اليوم ليتعلق بي ويحاول أن يتبعني أينما ذهبت كما حدث مع قطة دمشق . وهذه قصة أخرى ذكرتها في كتابي " رسائل حب إلى ميلينا " ضمن قصة " موتي وقط لوسيان "
م. ش . 6/3/015
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟