|
ثورة الحلبسة
طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
الحوار المتمدن-العدد: 4741 - 2015 / 3 / 7 - 01:36
المحور:
كتابات ساخرة
فيما قرأت و أدهشني رؤية ماركس و إنجلز عن التناقضات داخل المجتمع : فقد رأيا أن هناك ضرورة لجمع التناقضات على " مصطبة " وراكية نار و براد شاي و دعوة القيصر و الإقطاعيين و البرجوازية لاحتساء الشاي ساخنا ، ثم شد أذن القيصر اليمنى و الهمس فيها : عيب عليك نحن نحبك و هذا شعبك و يطالبك بما هو آت . لحظتها تسقط دموع القيصر و يهرول و يقبل كل من يراه من الشعب من فمه أو من خديه وهو يعتذر له . هذه القراءة ليست إلا منشورات المصريين على مواقع التواصل الإجتماعي وبالطبع لا علاقة لها بماركس أو سيدي عز الدين صاحب المولد الشهير بقريتنا . فالثورة طبقا لهذه المواقع تعيد علينا تاريخ ثورات العالم ، فقد علمت من تلك المنشورات أنه بقيام الثورة الفرنسية ، قام الثوار بجمع مبلغ من المال منحوه للويس السادس عشر لقضاء مناسك الحج و ترحيل ماري أنطوانيت إلى منتجع للإستجمام على شاطئ المحيط الهادي . أما تلك المزاعم الدموية الشريرة عن الجمعية الوطنية الفرنسية التى قتلت ما بين 16000 : 40000 ألف فرنسي معارض ، فهو بالطبع كذبا . فجميعهم تم تكريمه بالورود و النياشين ، كما فعل ماو تسي تونج تماما فى الصين . فلم يهرب إلا الجبال كما زعم التاريخ الملفق ، لكنه أرسل خطابا إلى أعدائه يشكو فيه حال الشعب و ظروفه الضيقه و قد وقع على الرساله بشفتيه بعدما لطخهما بالأحمر و بعض الدموع . تماما كما فعل القيصر الروسي فى فبراير الأسود 1905 حينما منح كل ثائر ذكر بط و مترين قماش دبلان لعمل " كلوتات " تقيهم البرد ، وعليه رد البلاشفة بالعطور و الغناء و " نقرا الفاتحه و نروح البت لجوزها وبلاش مشاكل عايزين نعيش ونربي العيلين " فالتناقض فى أي مجتمع هو تغليب لفكرة على فكرة و جماعة على أخرى و فصيل على فصيل . فلا اشتراكية دون القضاء على البرجوازية و لا برجوازية دون القضاء على الإقطاع ولا ديموقراطية دون إنهاء للدكتاتورية ، ولا ثورة فى التاريخ دون دماء ، إلا " ثورة الشك " التى كتبها عبد الله الفيصل و غنتها سيدة الغناء العربي أم كلثوم . المنادون بمصالحة فريق مناقض تماما لأفكار الشعب المصري و ثورته الإفتراضية على اعتبار أنهم جماعة متجذرة فى المجتمع ، عليهم أن يعدوا جيدا " المصطبة و الراكية و البراد و أحمر الشفاة و الدموع " و الذهاب إلى قبر ماو و ماركس و عبد الناصر و إخبارهم بأنهم أعدوا عدة الثورة لكن ينقصهم السكر " لزوم التحلية " أعتقد أن الوحيد القادر على رسم ملامح ثورة وردية ناعمة رومانسية قد رحل عن عالمنا و هو المرحوم أسامه أنور عكاشة ، فى مسلسل 30 حلقة أو فيلم ينتهي بالأحضان و الدموع . فإذا ما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يراود نفسه بناء على معطيات سياسية عالمية ، أو تحت أي ضغوط دولية بقبول المصالحة مع الإخوان ، فهو بذلك و بما لا يعطي مجالا للشك عندي أنه كان إنقلابا عسكريا من أجل مكتسبات المجلس العسكري و ليس من أجل الشعب ، والعكس تماما إذا ما قبل الإخوان المصالحة فإنهم يبرهنون على مصلحتهم العليا لا غير . وبهذا المنطق نحن أمام فصيلين بغى أحدهما على الآخر ، فرغب المهزوم الثأر من المعتدي طبقا لوجهة نظرهم ، والشعب بين نار الإنتهازيين ضائع مستكين . ما أعرفه من التاريخ الحقيقي وليس تاريخ الفايسبوك ، أن الغلبة للثورة حينما تصبح فياضانا فكريا واحدا تحت قيادة منظمة لتحقيق أهداف واضحة ، فالعيش و الحرية و العدالة الإجتماعية ، شعارات تصلح لملجأ أيتام لا لثورة واضحة المعالم . فما سميت بالثورة المصرية كانت فى الأساس على الرأسمالية المتوحشة بقيادة عميلها المبارك ، ولأننا لم نحرك ثابتا بل قفزنا فى الهواء و سقطنا فى نفس المحل ، أصبحنا بصدد ثورة الحلبسة ، وهو سقط شجر التفاح غير الناضج ، و الذي تجمعه فقيرات قرانا ودمجه بالحلوى الملونة و بيعه للأطفال ، الذين لم يأكلوا تفاحا ناضجا ولا حلوى جيدة . إنه العبث فى فهم الثورات و منطق التلفيق الرومانسي المصلحي . فأي ثورات فى التاريخ كانت بلا دماء ؟ سؤال فى حاجه إلى إجابة . فالرئيس المصري الذي رأيناه و طنيا و ثوريا و فعالا ، يبدو أنه يعيدنا إلى نقطة الصفر بأدائه الداخلي الساقط بفعل القضاء الشامخ ، الذي عتق رقاب كل من أفسد حياتنا و ثرنا عليه . فالثورة ضرورة إذا ما أردنا الحياة . سيدي الرئيس لا تكن تلفيقيا و إلا ....
#طلال_سيف (هاشتاغ)
Talal_Seif#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا جنة ولا نار
-
محمد عبد الله نصر - من التنوير إلى التلويش -
-
محافظ الدقهلية - فس -
-
محافظ الدقهلية . حمار جحا . مقدمات الكفر بالأوطان
-
الدرر البهية فى الكشف عن ثروات مشايخ الوهابية
-
العلاقة التوافقية بين حرية الإبداع و مؤخرة كيم كاردشيان - دا
...
-
شاعر الرصيف يعود للحياة بحبر فاسد
-
جامعة داعش لتفريخ الإرهاب مصطفى بن العدوي و شركاه
-
السعودية و التطور النوعي
-
الكلتنه
-
الإخوان المسلمون من التمكين إلى التأبين
-
انقاذ ليبيا من الصوملة
-
- هاحبشك عليك الكلب -
-
المجلس الوطني للإعلام - التشكيل والتمويل -
-
عبد الرحيم على نموذجا للإعلام الوطني المصري
-
من الآتيليه إلى الجريون - سرطان فى جسم الوطن - سلسلة - 1 -
-
أحدث تعريفات الإعلام المصري
-
أخلاق ماركس النبي
-
جروب قطر وتميم يحذر الشعب من البلوك
-
السيسي باطل .. البطلان ينتظر الإنتخابات الرئاسية
المزيد.....
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
-
محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى و
...
-
سلطنة عمان تشارك في حفل انطلاق فعاليات مهرجان الكويت عاصمة ا
...
-
لاعب للفنون القتالية المختلطة يحث رونالدو على دخول -القفص-..
...
-
الروائي أحمد مسعود: الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ستكون ثقافي
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|