محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4739 - 2015 / 3 / 5 - 23:11
المحور:
الادب والفن
تتأمل النساء الحوامل من شباك غرفتها يتهادين في مشيهن مثل الأميرات، ترنو إلى براءة الأطفال يقبضون بأكفهم الصغيرة على أذيال الفساتين التي تنثال على أجساد الأمهات، تنتبه إلى أن أحداً لا يعيرها اهتماماً، تغادر الشباك.
تتلهى بقراءة قصيدة، صاغها لها حبيب لم يلبث أن فارقها إلى حضن ابنة عمه، منصاعاً إلى سطوة التقاليد والعادات، تمزق القصيدة لأنها لا تشبه طفلاً وسيماً تتمناه كي يرضع من ثديها الطموح، وتعود إلى الشباك. يتطاير ورق القصيدة، يحطّ فوق إسفلت الشارع، فلا يعيره أحد أي انتباه هناك.
تحدق في السفينة التي تنام على الرف فوق سريرها وقد حطّت مراسيها، ترمي السفينة في غضب من الشباك، لأنها لا تؤمن الآن بالسفن التي ترضى العيش رهينة الصمت والنسيان، تدلق الكتب الوفيرة من فوق الرفوف، تكسر المرآة وزجاج الشباك، تفتح قفص الطيور، تطلق عصافيرها الأثيرة، تفتح صنبور المياه على الآخر في الحمام، تقلب السرير رأساً على عقب، تدير اسطوانة الموسيقى، تطلق العنان لهذر المذياع.
تقع عيناها على تمثال الرجل البرونزي، تتأمله، ثم حينما تكتشف صمته الأبدي تقذف به من الشباك، يتسلل الماء إلى بلاط الغرفة ثم يستلقي هناك، ترتمي عارية فوق البلاط حيث الماء، وفي الخارج يتمطى العالم على رسله، دون أن يفكر ولو بإطلالة خاطفة من وراء الشباك.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟