ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 15:24
المحور:
الادب والفن
ورق
هات الورق يا سيدي .. أعطني كل الورق كي أملأه لك .. كي أجيبك على أسئلتك الحائرة .. أنا اليوم أملك كل الإجابات لكل الأسئلة التي كانت تدور في مخيلتك والتي كانت لا تجرؤ أن تدور .
قد لا تذكر الورق .. ولا تذكر الأسئلة .. وربما لم تعد تذكر الموضوع .. مضى زمن طويل على ذلك الورق الذي ينتظرني بتلك الزاوية وينتظر مني الإجابة بينما كنت أناغارقة أؤدي مسرحية هزلية على مسرح الحياة أبطالها أنت وأنا وهو وهي ومجموعة ممن يرتدون النفاق وجوها ً لهم ويقيمون بيننا أحبة لنا .. هكذا كان دورهم ودورنا على مسرح هذه الحياة ..
اليوم تبدلت الأدوار وأنت لم تعد تطيق التمثيل أكثر مما مضى وأنا مللت كل الأدوار التي وهبتني إياها هذه الطبيعة ..
مللت أن أكون المثال والقدوة والضحية ..
مللت أن أكون الرقم الصعب كما كنت تسمينني .. مللت أن أكون أصلا ً رقما ً في أية مسرحية وعلى أي مسرح حتى لو كان مسرح الحياة .
ماذا تنتظر أن أقول لك ؟
هل أعلن عن مسابقة جديدة على الملأ بعنوان
من سيربح قلبي ؟
كل الأمور اليوم تقاس بالربح .. بالجوائز .. بالصور .. بالألوان .. بالإحتيال .. بالكذب .. بالنفاق ..
الرقم الصعب الذي كنت تتحدث عنه فيما سبق ولى إلى غير رجعة على مسرح لا يفهم أصلا لغة الأرقام مع أنه يقصد الربح في كل اتجاه .
وأنت .. أنت لم تعد تفهم شيئا ً .. تتخبط في كل خطوة وتغرق في شبر من الماء وتغوص في ضحالات لتنشد العدالة والرقي والحضارة فيها ..
أين أنت من العدالة والرقي والحضارة وأنت أصبحت مجرد رقم في سلسلة من يربح ؟
"من يربح " أصبحت عنوان هذا المسرح الذي أصبح أجوفا ً ولا يحتوي بداخله إلا على الفراغ ..
وأنت لا داع ٍ كي تستل سيفك كل لحظة .. الحرب انتهت وما تراه أنت اليوم ليس حربا ً إنما هي مهزلة بكل المقاييس وأنت أصبحت جزءا ً من هذه المهزلة ..
هل ما زلت تريدني أن أملأ لك الورق ؟
أنا هذا المسرح لم يعد يعجبني .. لكن قبل أن أغادرخشبته اسمح لي أن أستل سيفك وأطيح بكل الأقنعة .. بكل هذه الوجوه التي لا تضحك إلا على نفسها .. أنا كشفتها منذ زمن .. لكنني كنت أرجىء تعبئة هذا الورق .. كنت أخشى عليك من هذا الورق .. لكن اليوم .. بعد أن أصبحت أنت مجرد رقم .. ورقم هزيل في هذه المسرحية فتفضل .. هذا هو كل الورق .. وهذا سيفك ..
رحل عنترة وأمرؤ القيس وكل من كان هو الرقم الصعب في زمن الحب فلا داع ٍ لأن تستل سيفا ً بعد اليوم ..
يكفيك فقط قراءة هذا الورق .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟