|
الهند....والمهاتما غاندي - الجزء الثاني
صادق محمد عبدالكريم الدبش
الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 15:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الهند ...والمهاتما غاندي الجزء الثاني اكثر ما يميز الهند نظامها الطبقي الموروث منذ ثلاثة آلاف سنة، والذي يقسم طبقات المجتمع الى اربع طبقات لدرجتها من "الطهارة الدينية". فأولى الطبقات وأنقاها بإطلاق، كما تنص على ذلك كتب "الفيدا" المقدسة التي يعود تاريخ تأليفها الى المئة الثامنة قبل الميلاد، هي طبقة "البراهمانيين" المصطفين القيّمين على النصوص والطقوس الدينية. وتليها طبقة "الكشاطرية" التي تتألف من رجال السياسة والحرب. وثالثاً طبقة "الفيشا" المؤلفة من الزراع والتجار. وتأتي في اسفل هذا الهرم الطبقي طبقة "الشودرا" أي الخدم الموكلة اليهم . والحال ان أربعة اخماس الهنود الهندوسيين ينتمون الى هذه الطبقة الرابعة التي تنقسم بدروها الى عدة مراتب، تأتي في اسفلها مرتبة "المنبوذين" . وخلافاً للجوامع الاسلامية او الكنائس المسيحية التي تبقى مفتوحة الابواب امام الاغنياء والفقراء بلا تمييز، فإن المعابد الهندوسية محظورة على "المنبوذين" . وقد سجل عام 1932 نقطة الذروة في نضال غاندي ضد هذه "الابارتيد" الهندية. ففي ذلك العام اصدر الحاكم البريطاني للهند مرسوماً يقضي بالفصل، وبإجراء انتخابات منفصلة لافراد الطبقات الدنيا. ومن سجنه اعلن غاندي عن اضراب عن الطعام "حتى الموت" لاجبار الحاكم البريطاني على سحب مرسومه الذي يكرس تمزيق وحدة الهند. وبادر الالوف من المعتقلين السياسيين - بتهمة "العصيان المدني" - يعلنون مثله الاضراب عن الطعام. وامتدت الحركة الى معظم ولايات الهند حيث تصاعدت حركة التضامن مع المنبوذين وتجرأت بعض المعابد على فتح ابوابها امامهم. وفي بومباي نظمت تظاهرة ضخمة لاجبار "البراهمانيين" على فتح ابواب معابدهم للجميع. وفي فارانازي وهي العاصمة الدينية والفكرية للهندوسية، اقيمت في جامعتها السنسكريتية وليمة عامة تناول الطعام فيها "البانديت" وهم طبقة فقهاء الهندوسية - جنباً الى جنب مع الزبالين والاسكافيين من طبقة المنبوذين. وحتى والدة البانديت نهرو، التي كانت شديدة التمسك بالعقيدة الهندوسية، قبلت بأن تتناول الطعام علناً من يد منبوذ. ومن خلال بادرة رمزية اخرى بادر غاندي يعمّد المنبوذين الباريا باسم جديد: "هاريجان" اي ابناء الله. لكن المبوذين انفسهم رفضوا هذه التسمية، تديناً منهم او تمرداً. فالمتدينون اعتبروا التسمية اخلالاً بـ"نظام الكون" الذي شاء لهم - ولا راد لمشيئته - ان يكونوا من "الباريا". والمتمردون رأوا ان هذه التسمية المثالية اكثر مما ينبغي، تخفي واقع بؤس المنبوذين وتبرره في محصلة الحساب. ومع ذلك فإن الحملة التي قادها من سجنه، ثم الجولة التي قام بها، بعد خروجه من السجن، في ولايات شتى من الهند ليفرض الحصار، مع العديد من انصاره، على المعابد الرافضة لفتح ابوابها، اثارت عليه نقمة البراهمانيين "الاورثوذكسيين" من انصار الفقيه فيناياك سفركار الذي كان من ابرز الدعاة الهندوسيين الى "تسييس الدين" والى فرض الهيمنة التامة للهندوسية على الهند قاطبة، وتطبيق شريعتها حتى على الاقليات غير الهندوسية من سيخ ونصارى ومسلمين. والواقع ان استقلال الهند، بالكيفية التي تم بها، كان الفشل الاعظم في حياة من تخلد في ذاكرة الاجيال باسم "المهاتما"، وهو اللقب الذي اطلقه على غاندي شاعر الهند الكبير طاغور، ويعني "النفس الكبيرة". فغاندي اراد الهند واحدة قبل ان يريدها مستقلة، فما استقلت الا وهي اثنتان، وبينهما من العداء ما يزيد في الضراوة على ذاك الذي يكون عادة بين "الاخوة الاعداء".. وقد كان غاندي، تفادياً للتقسيم، قد طالب بتسليم السلطة الى محمد علي جناح زعيم الرابطة الاسلامية. لكن حزب المؤتمر، وعلى رأسه نهرو، رفض اقتراح غاندي، ودخل في مفاوضات مع الرابطة الاسلامية لا لتقاسم السلطة بعد الاستقلال، بل لتقسيم الهند نفسها، وقد رأت خطة التقسيم هذه النور رسمياً عند اعلان موافقة كل من حزب المؤتمر والرابطة الاسلامية عليها يوم 2 حزيران يونيو 1947. وبموجبها تجمعت ولايات السند والشمال الغربي والبنجاب الغربي في ما سيعرف باسم باكستان الغربية التي ستنضم اليها - ثم ستنفصل عنها لاحقاً - ولايات البنغال الشرقي لتشكل باكستان الشرقية اولاً، ثم بنغلادش تالياً. اما باقي ولايات الهند فستتجمع وتستقل تحت اسم "الاتحاد الهندي". والحال انه ما ان اعلنت خطة التقسيم هذه حتى اندلعت في جميع ولايات الهند، ولا سيما التي فيها خليط من السكان ومن الاديان، موجة من المذابح المروعة لم تعرف لها الهند، ولا حتى سائر البشرية، مثيلاً من قبل. ففي البنجاب والبنغال سارعت الاكثرية تذبح في كل مكان الاقلية وتجبرها على النزوح. وما كان النازحون يصلون الى اماكن تسيطر عليها اكثرية من ابناء طائفتهم حتى يبادروا حالاً الى الانتقام من الاقلية التي تعتنق ديانة جلاديهم، فيعملوا فيها بدورها يد التذبيح والتهجير. وهكذا تبادل الهندوس والمسلمون والسيخ الادوار في عملية "تصحيح" للخرائط اوقعت، تبعاً للتقديرات، ما بين مليون واربعة ملايين قتيل، وتسببت في نزوح ما لا يقل عن خمسة عشر مليون انسان. ولم تتوقف موجة المذابح حتى بعد استقلال الدولتين. ففي دلهي، العاصمة التاريخية للاسلام الهندي، راحت كتائب "رابطة المتطوعين القوميين" تنفذ عمليات ارهاب وتصفية ضد الاحياء المسلمة، وتولى النازحون الهندوس والسيخ من البنجاب محاصرة المسلمين المتجمعين في "الجاما المسجد" اكبر مساجد المدينة. وبدورهم راح المتعصبون من المسلمين يلقون برؤوس البقر الذبيح في الاحياء الهندوسية من المدن الباكستانية. وفي اثناء ذلك كله كان غاندي، الذي اختار الاقامة في دلهي، يعلن المرة تلو الاخرى الاضراب عن الطعام او يزور الاحياء المسلمة داعياً الى التهدئة والغفران.3 غاندي ...سيرته وحياته ..... ............................................. غاندي، المولود من أسرة تنتمي الى الطبقة الثالثة والذي شغل ابوه منصب "الديوان" وهو منصب اداري رفيع يسعى، منذ تفتح وعيه القومي، الى تحرير الهند من لعنة التفرقة الدينية الطبقية هذه . كان المهاتما غاندي داعية ورائد الاحتجاج الاجتماعي اللاعنفي. وكان الزعيم البارز السياسي والروحي للهند خلال حركة استقلال الهند عن بريطانيا العظمى. موهانداس كرمشاند غاندي (بالإنجليزية:Mohandas Karamchand Gandhi)؛، ولد في (2 أكتوبر 1869 - وتوفي في 30 يناير 1948) كان السياسي البارز والزعيم الروحي للهند خلال حركة استقلال الهند. كان رائداً في مقاومة الاستبداد ، من خلال العصيان المدني الشامل، التي تأسست بقوة ، والتي أدت إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم. غاندي معروف في جميع أنحاء العالم باسم المهاتما غاندي (بالسنسكريتية : म-;-ह-;-ा-;-त-;-्-;-म-;-ा-;- المهاتما أي الروح العظيمة ، وهو تشريف تم تطبيقه عليه في الهند باسم بابو (بالغوجاراتية : બ-;-ા-;-પ-;-ુ-;- بابو أي "الأب" تم تشريفه رسمياً في الهند باعتباره أبو الأمة؛ حيث أن عيد ميلاده، 2 أكتوبر، يتم الاحتفال به هناك كـغاندي جايانتي، وهو عطلة وطنية، وعالمياً هو اليوم الدولي للاعنف. قام غاندي باستعمال العصيان المدني اللاعنفي حينما كان محامياً مغترباً في جنوب أفريقيا، في الفترة التي كان خلالها المجتمع الهندي يناضل من أجل الحقوق المدنية. بعد عودته إلى الهند في عام 1915، قام بتنظيم احتجاجات من قبل الفلاحين والمزارعين والعمال في المناطق الحضرية ضد ضرائب الأراضي المفرطة والتمييز في المعاملة. بعد توليه قيادة المؤتمر الوطني الهندي في عام 1921، قاد غاندي حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر، وزيادة حقوق المرأة، وبناء وئام ديني ووطني، ووضع حد للنبذ، وزيادة الاعتماد على الذات اقتصادياً. قبل كل شيء، كان يهدف إلى تحقيق (سواراج )أو استقلال الهند من السيطرة الأجنبية. قاد غاندي أيضا أتباعه في حركة عدم التعاون التي احتجت على فرض بريطانيا ضريبة على الملح في مسيرة ملح داندي عام 1930، والتي كانت مسافتها 400 كيلومتر. تظاهر ضد بريطانيا لاحقاً للخروج من الهند. قضى غاندي عدة سنوات في السجن في كل من جنوب أفريقيا والهند. انتهى الجزء الثاني . صادق محمد عبد الكريم الدبش 1/3/2015م
#صادق_محمد_عبدالكريم_الدبش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أن الذكرى تنفع الملحدين ؟!
-
الهند ...والمهاتما غاندي - الجزء الأول
-
الهند ...والمهاتما غاندي
-
داعش ؟....أشف من الجيش ومن القوى الأمنية !!!
-
الى متى تبقى الأنظمة العربية والأمم المتحدة في سباتهم يعمهون
-
من الحزن يولد الأمل
-
نعي الرفيق أكرم قدوري حاج أبراهيم ...أبا ظافر
-
للراقدين ...دعكم في سباتكم
-
في التأمل ...ومناجات للذات الأنسانية .
-
الشهيد ...والشهادة ومعانيها
-
لأمي ولكل الأمهات
-
خاطبني صديقي بلغته
-
قالت أوصفني
-
مختارات شعرية في العشق والهيام .
-
كلمات الى رمز الأباء والشموخ ...الشهيد جمال الحيدري
-
خاطرة ...على أطلاقة نارية من مجهول ؟
-
تسائلني في منتصف العمر وفي أخر الطريق
-
تطور الفكر الديني
-
ماذا يروم ممثلين البعث في الحكومة والبرلمان
-
ليلى الأخيلية ...
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|