أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - هالة خطابي - العولمة : إلى أين














المزيد.....

العولمة : إلى أين


هالة خطابي

الحوار المتمدن-العدد: 4738 - 2015 / 3 / 4 - 14:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


العولمة : إلى أين

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، و نشوب الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي عاش العالم تحت وطأة ما يسمى بتوازن الرعب ، إلا أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي و سقوط جدار برلين سنة 1986 اختل التوازن لصالح كفة الولايات المتحدة الأمريكية و ظهر مفهوم العولمة . فما المقصود بالعولمة؟ و ما علاقتها بالهوية الثقافية؟
إن العولمة في دلالتها اللغوية تحيل على جعل الشيء عالميا و هي سياسة أو نظام يعمل على تنميط العالم سعيا وراء نموذج الإنسان الواحد في كل ما يتعلق به ، حتى في أدق تفاصيل حياته ، و هي عملية تقوم أساسا على جعل الأفراد ينسلخون من هويتهم الثقافية من حيث كونها صهارة لمجموع الأعراق و الثقافات و تعكس الغنى الحضاري لكل بلد على حدة ، فهي تتجلى في حياة الناس اليومية مشكلة ما يسمى بالذات الجماعية التي يشترك فيها كل أفراد الجماعة بصفتهم يختصون في نفس طرق الأكل و اللباس و السلوك و أشكال العمران و فن العيش عامة، هذا بالإضافة إلى اجتماعهم على قيم إنسانية و حقوقية مشتركة تؤطر علاقاتهم ، و يحافظون بها على الترابط و التماسك كقيم التضامن و التسامح التي أصبحت نادرة في مجتمعاتنا الحديثة في ظل العولمة التي بانتشارها المتسارع جعلت الأفراد مجردين من القيم الوطنية ، كحب الوطن الذي أصبح عملة نادرة للأسف ، و هذا راجع لميول الشباب إلى الحلم الأمريكي أو الغربي و الرغبة في العيش هناك ، غير راضين عن الوضع ببلدهم ، ظنا منهم أن النعيم يوجد على الضفة الأخرى من البحر ، هذا هو الوهم الذي يظل ملازما لهم ، و يجعلهم في منأى عن كل إبداع لخدمة وطنهم ، بل و حتى التخلي عن رموز الانتماء شيئا فشيئا ، حيث أنه من المحتمل أن نجد علما أمريكيا أو فرنسيا في إحدى البيوت المغربية إما بشكل علني أو مضمر ( صورة له على ثيابنا أو أحذيتنا ). في حين لا أثر –عامة- للعلم المغربي في بيوتنا .
هذه العولمة في سعيها لخدمة أهداف خفية ، و أخرى معلنة ، عملت على اقتلاع جذور الثقافة المحلية من عقول الناس ، و في اتجاه الحصول على نمط عيش واحد متطابق مع النمط الأمريكي ، و مما لا غبار عليه ، أن الهدف من ذلك تجاري محض ، فكلما زاد المعجبون بهذه الثقافة الواحدة ، أو بالأحرى كلما زاد عدد المقتلعين من الجذور كلما زادت أرباح الشركات الأمريكية الكبرى ، فلا بيت اليوم يخلو من مشروبات "الكولا" الغازية أو من الوجبات السريعة "" McDonald . وهذا دليل على أن رياح العولمة القوية تقتلع من الجذور و تنقل إلى أسواق الولايات المتحدة ببساطة.
هذا بالإضافة إلى أنه إذا قارنا الأجيال الصاعدة بالجيل السابق ، نجد أن هذا المشكل يزداد حدة ، فشباب اليوم جد متأثرين بأنماط الموسيقى الغربية المتعددة و بأشكال اللباس بطرق معينة ، و نمط العيش ، بل و حتى في الأخلاق ، إذ نلاحظ اندثار قيم الاحترام و الإجلال التي كانت تبدى للكبار من قبل ، في حين حلت محلها نزاعات يسمونها ب"صراع الأجيال" ، هذا الصراع "المفتعل" ناتج عن القطيعة بين الجيلين تحت تأثير الوسائل التكنولوجية الحديثة بالدرجة الأولى ، فهي تسمى بوسائل الاتصال إلا أنه لا تخدم للاتصال قضية .
إن وحش العولمة لم يقم فقط بافتراس عقول الأفراد بل عمل على هدم الأذواق الجماعية و الفنية و القيم الحضارية و العمرانية ، فقد لوحظ حضور الذوق الفني و الجمالي ، الذي يغيب في عصرنا ، لدى الناس قديما ، إذ أنه بشهادة خبراء معمار ألمان ، فإن العمران المغربي القديم كان أكثر انسجاما مع الطبيعة و أكثر جمالية ، مقارنة بهذا النشاز الذي يطبع مدننا اليوم ، و نموذج ذلك القصور المتواجدة بمدينة ورزازات ، فقد لاحظ هؤلاء الخبراء أنها تنسجم انسجاما تاما مع الطبيعة ، سواء من حيث الألوان أو مواد البناء الإيكولوجية . ليس هذا فقط ، بل إن هذا المد طال حتى اللغة ، التي مرت من عربية(فصحى) إلى دارجة ثم إلى لغة حالية هجينة ، تمتزج فيها ألفاظ من اللغتين الفرنسية و الإنجليزية ، فقد تضررت اللغة العربية ضررا كبيرا سيما في ظل العزوف الكبير عن القراءة و إن كانت فإنها ستكون بالفرنسية أو الانجليزية ، و حتى و إن كانت اللغة العربية محفوظة في الكتب و يمكن الرجوع إليها في أي وقت ، فإن هناك كلمات و ألفاظا تشكل جزءا من هويتنا و لا تنتمي للغة العربية ، و التي طالها النسيان
لهذا فإن الحديث عن الهوية الثقافية يظل عقيما لأن مد العولمة متواصل ، و الأجيال التي لا زالت تحتفظ بأطلال الهوية ستزول ، فمن سيحمل إذن مشعل هذه الثقافة الغنية و المتميزة ، أو بالأحرى التي كانت كذلك ؟ لذا وجب التفكير في حل يمكن من الحفاظ على ما بقي من ثقافتنا ، و يقينا من الانغماس في سياسة النموذج الواحد للإنسان ، النموذج الأمريكي.



#هالة_خطابي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة : إلى أين


المزيد.....




- ما قصة هذا الشيف السوري الذي حقق العالمية بمطعم في دبي؟
- ترامب وقّع 185 قرارًا تنفيذيًا منذ توليه الرئاسة.. ما الذي ش ...
- هددوا باستخدام -الطريقة الصعبة-.. ضباط يحطمون نافذة سيارة رج ...
- أول تعليق من السعودية على إحباط الأمن الأردني مخططا لـ-إثارة ...
- هدنة 1949: وثيقة منسية تعود إلى واجهة الاهتمام اللبناني... ف ...
- حماس وحلفاؤها يرفضون مقترح هدنة بغزة وإسرائيل تضبط تهريب أسل ...
- روسيا تنشر وثائق سرية عن أحداث دارت في ألمانيا عشية اجتياح ا ...
- كم طفلا ابتلع -المتوسط- خلال رحلة العبور إلى أوروبا على مدى ...
- ترامب قد لا يكون أفضل للاتحاد الأوروبي من -غاز بروم-
- أنظمة الليزر.. هل تدخلها الصين في معارك طائرات الجيل السادس؟ ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - هالة خطابي - العولمة : إلى أين