مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1321 - 2005 / 9 / 18 - 12:19
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كانت الصحافة ولا تزال .. , هي الشعلة التي تضئ الطريق للحريّة .. والحقيقة .. , وتساهم في التغيير .
وفي هذا المجال .. , هنا ملاحظة هامة لا بدّ من التطرّق إليها
وهي .. , أن الوجه الاّخر الشعبي لنسائنا لا يزال مغمورا ومغيّبا ومبعدا سواء في المدن أو الريف , كالفلاّحة , والمزارعة , والعاملة , الخادمة , النقابيّة , الممرّضة ,
المعلّمة .. وربّة البيت العاديّة " الجندي المجهول " ... ووو .
فقط أضواء الإعلام مسلّطة على الطبقات العليا في المجتمع , نساء القصور والسلطة وغيرها من المهن ... ( سأتناول هذا الموضوع في مقالات قادمة ) .
علّنا نحن النساء المثقّفات المتحرّرات من عقد الطبقية والفوقية والعشائرية والسلطويّة والبرجوازية , أن نبرزه كواجب وطني ., وأن نعطيه حقّه كلّ في مجالها وعملها ومهنتها ونقابتها , لنكون فعلا مخلصين لشعبنا ومجتمعنا الإنساني الذي لا يفرّق بين رجل وامرأة .. وبين إنسان واّخر .. , ومهنة ومهنة .
لأنّ المنظمات النسائية الرسميّة , وبعض المنظمات والأحزاب المستقلّة لاتزال بعيدة كل البعد عن نقل هموم وحياة وإشكالات .. , وحتى إبداعات هذه الفئات والشرائح الكادحة الكبرى في المجتمع المسحوقة نتيجة لسيطرة نساء القصور والرؤساء والطبقات البرجوازية وإعلامها المقروء , المسموع .. والمرئي .
كلي أمل بأن المرأة العربية الواعية وعيا حقيقيا , ستعيد الدور الذي كانت تمارسه وتلعبه في الماضي بل أكثر منه , بعد موجة الترهيب والترغيب والعنف التي مرّت عليها اّنفا ولا تزال .
وعلينا أن لا ننسى مساحة العلم الذي دخلت هذه الشريحة , والمجتمع ككل الاّن , ووسائل المعرفة , ومساحة العمل المتاحة لها , بالإضافة إلى البعد الإنسانسي ( المحلّي والعالمي ) الذي أخذ يساعد ويؤيد ويتضامن معها في كل شاردة وواردة .
طبعا لكلّ مجتمع له خصائص وميّزات .. وفرادة
ولا شكّ أنّ لدى مجتمعاتنا العربية الكثير من السلبيات والإشكالات والعيوب .. , والثغرات والنواقص , والهموم كثيرة .. ومتشعّبة
والاسئلة كبيرة ومحقّة .. , وقضايا جوهريّة نعيشها فعلا وتنخر جسد مجتمعاتنا , كلها تؤثر وتنعكس سلبا على المرأة لتزيدها ظلما واستعبادا .
ومما لا شكّ أيضا فيه .. , لدينا الكثير من العوائق التي تجعلنا نتخلّف عن الركب الحضاري , أو مجاراة التقدّم الحاصل اليوم في العالم .
هذا صحيح .. وواقع يا أختي وعزيزتي أسماء . علينا أن نعترف بذلك بكلّ جرأة وصدق .
علينا أن لا نتهرّب من قول الحقيقة ولو كانت مرّة . وقد شرحنا سابقا الأسباب التي أدّت إلى هذه الاّفات المزمنة . والتطوّر وإزالة هذه الاّفات لا يحصل إلا إذا أزلنا أي ناضلنا - كلّ من موقعه - لإزالة هذه العوائق والأسباب التي ادّت لهذه الأمراض السياسية والإجتماعية وغيرها .
صحيح أن لكل مجتمع نواقص وأخطاء , وليس هناك مجتمع مثالي , أو خالي من الأخطاء . وكذلك مجتمعات الغرب لا تخلو من أخطاء هي أيضا وإن كانت تختلف من بلد لاّخر , لكنّ مشكلاتنا تأتي متأخرة في حلّها .. وخالية من النقاش والحوار الصريح .
إذا .. , لنعمل معا .. ونتكاتف ونسارع الخطى في عمل أي شئ لتحرّر المرأة " المستنيرة عيونها " .. وقلبها .. وعقلها .
فلنحترم هذا الكائن الإنساني الجميل .. المقدّس .. واهب الجمال .. والفنّ .. والحبّ .. والحياة .
لنعمل معا .. للقضاء على الأميّة , والعنصريّة, والتأكيد على التربية الأخلاقية والوطنية والسياسية الصحيحة والوعي بالمصلحة العامة , وتحريم تعدّد الزوجات , ومنع الزواج المبكّر للفتاة , ومنع الختان للبنات في بعض الأقطار العربية , ورفع سيف الطلاق المسلّط على المرأة , لتعيش الوضع النفسي والعاطفي الطبيعي لكل زوجة وشريكة حياة , وتجاوز العادات والتقاليد البالية التي تقيّد من حرية المرأة وبناء شخصيّتها والمحافظة على كيانها كأنثى , وإنسانة , ومواطنة .
حريّ بنا أن نتعلّم , وندرس , ونأخذ الأشياء والممارسات والحقوق الجيّدة التي نالتها المرأة في المجتمعات الغربية . يجب أن نعترف بخطواتها الإيجابية المتقدّمة الجيّدة , وما زالت تناضل في كلّ ساعة حتى الاّن للحفاظ على هذه المكتسبات , والحقوق , وللمزيد أيضا , دون أن تهمل واجباتها .
فبعد أن تجولّنا , ومسحنا زمانيا ومكانيا باختصار , المسار النضالي للمرأة العربية قديما وحديثا هنا .. وهناك , لا شك بأن لدينا تحديّات كبيرة وكثيرة أمامنا , خاصة في هذه المرحلة الإنتقالية .. , والحاضر المجهول المعالم .. والطريق
فرغم الأحداث والتطوّرات .. ورغم المتغيّرات العميقة التي أتت بعد عام 2000 على نطاق العالم .. ,والمنطقة العربية تتخبّط بين الإستبداد , والتيارات الظلاميّة , والإحتلالات الأجنبية .
أزمة الانظمة الرأسمالية حلت بعض مشاكلها بعد الإنفتاح والخصخصة وانهيار الأنظمة الإشتراكية
أما شعوبنا فلا تزال تحت الكابوس من كلّ صنف ولون .. , إنها تحاول ... تحاول وتحاول للنهوض والسير إلى الأمام
ولكن كلي ثقة .. بأننا سنجتاز كلّ هذه السلبيات .. , سنعبر النفق , ستبني هذه الشعوب الأنظمة الديمقراطية , ودولة القانون , والمؤسسّات . عندها سيحترم الإنسان وتزول إشكاليات الوطن العربي عامة وأهمّها القهر والظلم والعبودية والإستغلال وتغييب الاّخر والتعصّب والطائفيّة .. وكل نفايات الماضي ستزول .
إنّ ثورة المرأة الجديدة الحديثة قد إبتدأت .. , رغم تلك اللوحة السوداء التي فرضت عليها
إبتدأت بشكل , أو بوتيرة أسرع .. وأشمل .. وأكبر
إبتدأت مع ثورة الإعلام
إبتدأت مع الإنفتاح على العالم
مع تنامي المعرفة , وإزالة الحواجز , وخاصة معرفة حقوق الإنسان , ومن ضمنها حقوق المرأة , وهذه الثورة يمكن أن نسمّيها ( ثورة المرأة , وثورة الإعلام ) .
إنها نقلة نوعيّة للمجتمع
نقلة , غيّرت مفاهيم كثيرة , غيّرت وجه المجتمع الجديد .. والعالم الجديد .
وأخيرا .. , وليس اّخرا
لقد نزلت المرأة العربية أخيرا في الواقع .. إلى العمل والعلم والتعلّم , والمشاركة .. من أعلى منصب في الدولة حتى الموظّف . وقد برهنت الوقائع بأنها جديرة بحمل المسؤوليات جميعها دون استثناء مهما كانت .
فهي تتمتّع بميّزات قيّمة .. رائعة وممتازة سريعة التعلّم والإكتساب والتأقلم لكل ما هو جديد وحديث , من قيادة الطائرة والسيّارة .. إلى قيادة الدراّاجة , ومن الوزيرة حتى المستخدمة .
إمرأة واعية نشيطة مخلصة ذكيّة لديها خبرة متراكمة , ولذلك أنا فرحة بالإنتصارات التي حققتها بمبادرتها ونضالها , أفرح لهذه الأسماء اللامعة والوجوه التي نجحت وثبّتت تحدّيها للصعوبات .
لقد شاهدنا المرأة الجزائريّة مثلا :( لويزة حنّون ) رشّحت نفسها لرئاسة الجمهوريّة , وهي رئيسة حزب العمّال الجزائري . كذلك في العراق وتونس وسورية وغيرها تقود أحزاب شيوعيّة وعمّالية ومنظمات نسائية واجتماعيّة وحقوقية وغيرها .
ولكن ثورة المعلومات .. وثقافة الأنترنت وتوسّعها و جعل القلم النسائي يبرز .. ويظهر أكثر وأوسع إنتشارا وتأثيرا في الساحة الثقافية المحليّة .. والعالميّة .
وهذا نصر لنا .. , واّفاق رحبة .. وفرصة ثمينة ذهبية علينا أن نستغلّها ونطوّرها كما يجب , بما تخدم قضايا المرأة والمجتمع .
وفعلا .. , قد أصبح هناك اّلاف المواقع في البلاد العربية نسائية وغير نسائية , أصبحت كالفطر في الغابة .. , لا ضير في ذلك " فكثرة الخير خير " , وهذا إن دلّ على شئ فهو يدلّ على قوّة الزخم والزاد والنبع .. نبع الإبداع والأقلام .. والعطاء .. والمؤهلات , ودليل الكبت والتغييب وانعدام فرص النشر أمامها التي كانت مغلقة ومسدودة أمامها , والذي كانت تعيشه المرأة بصورة خاصة وإنساننا بشكل عام .
هذا الوضع قد تلاشى , وولّى عهده إلى اللارجعة .
علينا أن لا ننسى أبدا .. , أنّ منطقتنا الساخنة اللاهبة - مركز ثقل العالم -
إن كان على الصعيد السياسي أو الإقتصادي , أو البشري , وفي طليعتها ( وجود البترول , عصب العصر , والمياه أيضا شريان ونبع الحياة , والعنصر البشري الكادر والمؤهل ) .
منطقتنا المحترقة .. واللاهبة في الماضي والحاضر , والتي عاشت ثلاثين عاما مضى في الحروب , ثمّ الحروب الحروب والإحتلالات وقضيّة فلسطين والإنتفاضات.. وحركات التحرّر ..
كان الشعب مغيّبا في كثير من الأحيان فيها وهويغلي ويثور .. .. ويفور
في هذه المنطقة نرى أيضا .. نشاطا فكريا وعقائديا وسياسيا , ماليا وتجاريا واقتصاديا . من هنا أيضا , انتشرت اّلاف الفضائيات والمحطّات الإذاعيّة , والصحف والمجلاّت وملايين الكتب ,
نحن اليوم .. أمام تحدّيات كبيرة .. ومتنوّعة , علينا أن نختار .. , ونسير .. , ونعمل " إقرعوا يفتح لكم , إسألوا تعطوا " . " فمن وهب العلم فليعلّم " .
فإذا كان للموقع الجغرافي الإستراتيجي .. , والزلازل السياسية والظروف والأحداث .. التي مرّت بها المنطقة , البعيدة والقريبة .. , هي التي ولّدت وأعطت زخما ومناخا خصبا للأقلام .. والأنغام .. والإعلام .. وعلى كلّ الأصعدة
أعطت الحركة .. والنشاط .. والتفاعل .. والجديد .. ومواكبة العصر ومنتجاته , وما أنا , وأنت يا عزيزتي أسماء , وكاتبات وكتّاب موقع الحوار المتمدّن , وبقيةالمواقع الأخرى التي انتشرت كالفطر .. في فضاء الإعلام .. سوى ثمرات وإنتاج متغيّرات الواقع الذي نعيشه , رغم الأوضاع المؤلمة والمزرية التي عشناها ونعيشها كل يوم , ويعيشها إنساننا في الداخل .. والخارج .
إنه يعطي .. ويعطي , بكل سرور وفرح وغبطة ولا يتعب .. لأنّ " المعطي المسرور يحبّه الله " .
يتجدّد مع كلّ اختراع واكتشاف .. وجديد . لقد سبقنا الأنظمة العربية . لقد أغلقت في وجهنا الباب ,.. , وانفتح لنا ألف نافذة وباب .. يطلّ على العالم ,.. وليس إلى الزنزانة .. والإنفراديّة .. ! ؟
إنني أعتقد بأنّ الاّلام .. والظلم .. والسجون .. والمنافي .. والتغييب .. والقضايا المصيرية المهمّة الحياتية التي عاشتها , وتعيشها هذه الشعوب .. , كان واحدا من العوامل والمؤثرات المهمّة في تخصيب الفكر والإبداع .. , واستحضار الميثولوجيا .. والتاريخ , أي مأساة حاضره .. , وغنى ماضيه .. , ليتقوّى بها في تفجير وإغناء الخيال .. والإبداع .. والحركة .
لأنّ المجتمعات الهادئة .. الخالية من الاّلام والمعاناة .. والمشاكل .. والقضايا الحادّة , تركد فيها نسبيا نبض الإبداع الثقافي والفني والفكري .. وزخم الحركة والمواضيع والفعل المعاش .. وتجسيد الكلمة .. ولادة الكلمة ... !
ونستطيع أن نقول .. بأنّ للكتابة قوّة كبيرة .. طاقة .. محرّكة .. وجاذبة .. ومحرّرة من الصمت .. والخوف .. والتشاؤم ,, والوحدة .
للكتابة طاقة للنشاط .. والوعي الحقيقي للفعل .. للقول .. للتواصل .. والتأثير إيجابا في قضايانا العربية .. وقضايا العالم عامة .
وختاما .. .. ,وفي النهاية
اّمل يا أخت أسماء أن أكون قد وفقت في الإجابة على بعض الأسئلة , التي طرحتها , وملاحظات وانتقادات الغرب لنا في الإشكلات التي تعانيها مجتمعاتنا والمرأة خاصة .
نأمل أن نتقدّم وننجح جميعا في أعمال مشتركة تخدم القضايا النسوية .. وقضايا البشريّة جمعاء .
كل الحبّ والشكر لك لما أثرته في رسالتك .. , وحفّزت قلمي للكتابة حول موضوع الساعة .. , وما تفرّع عنه
الموضوع المهمّ والساخن في كلّ ساحة ولقاء .. وجلسة وحوار .. ومسلسل ومقال .. أو على صفحات المنابر
شكرا للكمبيوتر والأنترنت , شكرا لموقع " الحوار المتمدّن " .. الذي جعلنا نعيش شيئا من حريّة الكلمة وفرحها .. وانتشارها .. بلغّات عالمية أخرى أيضا .
شيئا من المشاركة .. والحوار والتواصل .. والحياة الأمميّة الصادقة النظيفة .. بأشكال وبوسائل حديثة .. وسريعة .
لنفتح الأبواب المغلقة على مصراعيها أمام الثقافة النسوية العربية " كما تقولين ياعزيزتي .. , لتتفاعل وتنصهر الثقافات المختلفة في بوتقة الحضارة الإنسانيّة الواحدة .
شكرا " للحوار المتمدّن " مرّة أخرى ..الذي فسح وفتح لنا مساحة حرّة لتبادل الاّراء .. وإبداء كل وجهات نظرنا .. وأفكارنا حول كل هذه المواضيع بما يخدم المرأة .. والأسرة .. والمجتمع .
والحقيقة .. إن كتابة هذا الموضوع في هذا " المنبر " قد أغناه كتابة وقراءة .. حوارا وتعليقا ..
وإلى موضوع وحوار اّخر .. دمت بكلّ خير وتقدّم .. مع فرح الكتابة .. والسلام
كلّ الحبّ والتقدير .
م . مريم نجمه . هولندا - لاهاي
.
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟