|
الأرهاب والثقافة
مصطفى شتا
الحوار المتمدن-العدد: 1320 - 2005 / 9 / 17 - 09:21
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا بد قبل البدء في الحديث عن تمازج المصطلحات واخذها ابعاداً جديدة القيام بتعريف اجرائي لمعنى الارهاب مع الاخذ بعين الاعتبار ما آلت له كل التعاريف والتي كانت الى ما قبل 11 ايلول لها معاني مغايرة لما هب عليه اليوم، فالكل يتجه الى ما يتضمن مصلحة القوة العظمى الوحيدة والتي تتسم حتى بالاستبداد في رؤيتها للعالم متجاوزة حتى حد مسمى شرطي العالم الى جلاده. فالارهاب يعني كل ما يعارض سياسة امريكا في كل بقاع الارض ان كان ذلك في اوروبا او في شرقنا الاوسطي او حتى هناك في الجانب الاكثر سخونة وهو شرق اسيا حيث الرعب النووي. ترابطاً مع ذلك يأتي مفهوم الثقافة يلقي بظلاله قوياً احياناً وخافتاً في اكثرها، ففرنسا والمانيا وروسيا عندما شكلت حلفاً ضد الحرب على العراق انما هي شكلت جبهة ثقافية عالمية لمعنى التضامن وحفظ المصالح ومحاولة لاعادة صياغة المفاهيم اما لتعيد لها المعنى او لتنسجم وبما يتلائم مع مستجدات الامور على ان يخضع في بداية البدايات مع مصلحة كل العالم الصغير في عصر العولمة. ان الترابط بين مفهومي الثقافة والارهاب ربط مخيف كونه لا يقتصر على على ادوات مادية في الحراك وانما يعتمد على اكتساح الانسان ثقافة وبنية ومميزات، وفي ذلك يتحدث السفير الايطالي في مصر السيد انطونيو باريني في مقابلة تلفزيونية اكد فيها على اهمية تحديد معنى حقيقي للارهاب مشيراً الى ان هناك ثقافة جديدة وخطيرة تجتاحنا ربما لا تنسجم مع رغبات شعوبنا في تحديد مصيرها، وفي هذا اشارة واضحة الى الثقافة الجوانتيناموية التي تتبعها امريكا في حكمها المطلق على العالم، ولكنه يعيد ويؤكد الى ان الارهاب ومنه حتى الثقافي قد اخذ منحنى جديد تمثل بقوة في سيطرة الافكار العدوانية تجاه كل ما هو غريب وربما يؤثر ذلك على العلم نفسه ويأتي ذلك في اطار ردة الفعل المحتملة ضد تنسيب الارهاب الى جماعات وفئات ودول ومحاولة اجتثاثهم وهذا لا يعود الا بالالام على الانسانية والكون. يساق ذلك على وجه التحديد على الازمة الشرق اوسطية والتي صيغ لها العديد من النظريات جعلت منها القضية الاكثر عمقاً وتأزماً ومتعة للدارسين، ففي هذه القضية وضعت العديد من الفرضيات والتي لم تجد لها الا ابواقاً تنادي بها مفتقدة لالية تجعلها واقعاً. ففي وقت مضى كانت المقاومة ضد من يحتل الارض نضالاً مشروعاً حتى تحير الارض والانسان ليجعل الاخير من مكانه انطلاقة له ولاهله ولمحيطه مكوناً بذلك نسيج ذاتي يمثله ويعبر عنه، ولكن المعيار اختلف وهنا القافات اختلفت وربما كان بتحرر الدول "الديمقراطية" من سئم الاحتلالات ورحيل الديكتاتوريات انتهاء لهذا التشريع، وهذا ما برز جلياً في تلك الوثيقة التي صدرتها وكالة التنمية الامريكية لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية والتي تعنونت باهمية نبذ الارهاب بكافة اشكاله لضمان استمرار الدعم لمشاريعهم المشتركة، وكان السؤال ما معنى الارهاب ومن يعطي الارهاب معناه؟ وهل مقاومة المحتل ارهاب؟ وهل يجب ان نبدل جلودنا واسمائنا لنكون كما يحبون لنا ان نكون. عندما صدح صوت الرئيس الامريكي نيكسون بمقولته الشهيرة بان للشعوب حق تقرير مصيرها كان بذلك مصدّراً لثقافة ليبرالية وهذه لم تكن افلاطونية في الطرح وانما رؤية واقعية لما تعنيه الانسانية ولما لها من حقوق مستحقة، يأتي ذلك على عكس ما يلمس على ارضنا فالارهاب يمارس بكافة اشكاله ضد الانسان مبدأ وفكرة فلا حرية في اختيارك ما تريد من ارض او بيئة او حياة كاملة او منقوصة بعض الشيء فإن ما نعيشه في واقع الامر انما هو جزئية من موت بطيء لا ينتهي. وتناغماً مع هذا وذاك يبرز ان الارهاب الثقافي هو اخطر انواع الارهاب متمثلاً حتى بما قامت به بعض الجماعات الاسلامية الاصولية في مصر باتجاه بعض ابنائها حيث تثوم بمسح ادمغتهم لاقناعهم بمهاجمة مصدر دخل هام للدولة وهو السياح والسياحة، ومن قبلهم مارسته بعض الدول بمفاهيم كونية من حين لآخر ممارسة عمليات تصدير لافكارها فاتحة بذلك الباب لسوق اقتصادي مفتوح واستهلاك لا ينقطع ومن ثم الى قاعدة عسكرية او نقطة انطلاق لعمليات وتدريبات ومناورات وتصبح بذلك البلد الخاضعة لا تملك من مكوناتها الا اسم السيادة وهذا ما يحصل في الخليج العربي اكبر مستورد للبضائع الامريكية واضخم قاعدة عسكرية للبنتاغون. ربما هنا ايضاً نحتاج الى اعطاء اشارات مضيئة وعلامات فارقة لتعريف الارهاب وعلاقتها بالثقافة فالثقافة هي عنوان الحضارة للامة وان مست فقد مس تاريخ وحاضر الشعوب فمن قبل كانت ثقافة الهمبورجر والجينز قد حطمت المعقل الاشتراكي ومن ثم تنطلق هذه الافكار لتدمر كل ما حولها اما لتصبغه بلونها او لتنفيه الى حيث لا رجعة. ان الانسان يملك افكار لها اجنحة تطير وتستطيع ان تحلق وتصل الى كل الناس وان الحد منها او اقصائها او منعها من الوصول هو الارهاب بعينه.
#مصطفى_شتا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوية والأنتماء ... والقاعدة الثقافية الجامعة للشباب الفلس
...
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|