أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - نصوص حرق البشر المسيحية - 3















المزيد.....

نصوص حرق البشر المسيحية - 3


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4735 - 2015 / 3 / 1 - 00:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"إن اسم يسوع المسيح قد تسبب في ملاحقات دينية وحروب وبؤس أكثر مِن أي اسم آخر في تاريخ البشرية"
جون ريمسبيرغ (John E. Remsburg)



في هذه المقالة الأخيرة بخصوص هذا الموضوع جمعت كل الاستفسارات والأسئلة التي تلقيتها مباشرة أو خلال البريد الإلكتروني من مصادر شتى والمتعلقة بمقالي (نصوص حرق البشر المسيحية) [انظر الهامش رقم 1] والتي في نظري تتشابه في موضوعها. وقد دمجت الأجوبة على تلك الأسئلة في مقالتين، المقالة السابقة وهذه. وقد حاولت قدر الإمكان أن أتطرق لكل الجزئيات التي وردتني أسئلة بخصوصها.


ثانياً:
الأسئلة المتعلقة بأمثلة على الاتهامات التي أدت إلى حرق الهراطقة وأمثلة على صور التعذيب؟



لا يجب أن يستغرب القارئ الكريم كثيراً عندما يعرف أن توماس جيفرسون (Thomas Jefferson) [توفي 1826]، الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية، وأب إعلان الاستقلال الأمريكي (Declaration of Independence) قد كتب الآتي عن المسيحية:

"ملايين الرجال والنساء والأطفال الأبرياء، منذ نشوء المسيحية، قد أُحرِقوا، وعُذِّبوا، وغُرِّموا، وسُجِنوا، ومع هذا لم نتقدم إنشاً واحداً باتجاه التوحد. وماذا كانت نتيجة كل هذا الإجبار والإكراه [يقصد لتحويلهم للمسيحية]؟ لقد جعلوا نصف العالم حمقى (fools) والنصف الآخر منافقين حتى يناصروا الخطأ والمكر [الشذوذ الأخلاقي] (roguery) على كل أنحاء العالم".
[Thomas Jefferson, Notes on Virginia, 1782]

لا يجب أن يستغرب القارئ الكريم، فالرجل كان يعيش واقع المسيحية من خلال وجهها الذي عرفه التاريخ عندما هيمنت المسيحية وحكمت باسم يسوع المسيح، أي كما كانت واستمرت بعده حتى منتصف القرن العشرين عند تراجعها تحت ضغط الواقع السياسي العلماني وأسلحة الكافرين بالمسيحية وتعاليمها التي وجههوها إلى صدر توحش الكنيسة وتعاليمها المسيحية. توماس جيفرسون لم يكن يصف قناعة فقط ولكنه كان (يصف حالة راهنة)، كما رآها، واقعاً حقيقياً. هذه الحالة هي بالتأكيد (ليست الحالة الدعائية التي تتكرر على مسامع السُذج والمتعبين وذوي الحاجة) بأن إله المسيحية (إله محبة)، لا، (المسيحية لم تكن كذلك إطلاقاً). لمدة 1900 سنة من بعد مقتل يسوع، بالتمام والكمال، كانت التعاليم المنسوبة لهذا اليهودي المنبوذ حتى من أهله وأخوته [مرقس 3: 21] [يوحنا 7: 5] والذي كان يتوهم في خياله، كما كان يتوهم قبله أستاذه يوحنا المعمدان، أن (ابن الإنسان) [ولم يكن يقصد نفسه بالمناسبة] الذي قرأ عنه في سفر دانيال سوف يأتي في جيله هو ليُنشئ مملكة الرب على الأرض، تلك التعاليم المنسوبة لهذا الرجل الذي لم يكن يتورع إطلاقاً في إطلاق الشتائم المقذعة ضد كل مَنْ يخالفه [متى 3: 7] [متى 23: 17] [لوقا 11: 40] [لوقا 24: 25] قد تم استخدامها لتصفية كل مخالف للكنيسة من على وجه الأرض، ومن دون استثناء. وأقصد بـ (التصفية) كل ما تحمله الكلمة من معانٍ تخطر على بال القارئ، كلها وبلا استثناء. وحتى يعرف القارئ حجم المناهج التي اُستخدمت في هذه التصفية على مدار قرون طويلة جداً سوف استعرض باختصار بعض صور التعذيب "الكنسي".

صور التعذيب كانت كثيرة جداً ويمكن استطلاع صور عنها من خلال بحث بسيط على الشبكة العنكبوتية. إلا أنني هنا سوف أشير إلى أكثرها وحشية فيما عدا حرق الأحياء والأساليب التي أُتبعت في ذلك والسجن لمدد طويلة جداً في زنزانات مظلمة مع التقييد المحكم والتعليق بواسطة ربط أعضاء جسدية محددة وارتفاع أعداد الموتى من سوء التغذية والأمراض في السجون، فهي من الشهرة ما يغنينا عن إعادتها هنا. ففي كتاب بعنوان (Christi-Anarchy: Discovering a Radical Spirituality of Compassion) من تأيف ديف آندروز (Dave Andrews) يشير المؤلف إلى بعض هذه الصور غير الإنسانية التي تبنتها الكنيسة في تعذيب خصومها. فهو يشير إلى التعذيب بواسطة خلع أعضاء الإنسان من مكانها، وفي سبيل ذلك تفننت الكنيسة في اختراع ألأدوات والآلات المساعدة على ذلك، وتلك هي الأشياء الوحيدة التي اخترعتها الكنيسة طوال حياتها الممتدة لـ 2000 سنة. وبعض الضحايا كان يتم ربطهم في الحبال ثم تعليقهم وانزالهم بشكل بطيء جداً في حوض مليئ بالماء، حتى تأخذ عملية الموت بواسطة الغرق أطول وقت ممكن للضحية. وهناك تقارير عن إلقاء ضحايا من الهراطقة في حفر عميقة بها ثعابين وحيّات ثم بعد ذلك يردم عليهم التراب. أما أكثر صور التعذيب والقتل غرابة على الإطلاق هو ما أوردته وثائق الكنيسة الكاثوليكية ذاتها. ففي هذه الطريقة الوحشية للقتل، يؤتى بوعاء حديدي عميق ولكن على شكل بطن الإنسان، ثم يُملئ هذا الوعاء بجرذان [فئران] كبيرة. بعد ذلك يؤتى بالضحية [الهرطوقي، الكافر، الخارج على سلطة الكنيسة] ويُجبر على أن ينام فوق هذا الوعاء بحيث يكون بطنه حاوياً لهذا الوعاء بتمامه، وبعد ذلك يُقلب الضحية على ظهره بحيث يكون الوعاء إلى الأعلى وبحيث تُجبر الجرذان أن تمشي على بطن الضحية. ما سيحدث بعد ذلك لا يمكن أن يخرج إلا عن فكر شاذ سادي مريض وغير سوي، إذ يبدأ رجال الكنيسة المسؤولون عن التعذيب بوضع نار مشتعلة على ذلك الوعاء الحديدي بحيث يتم تسخينه لدرجات عالية جداً، فتبدأ الفئران، في محاولتها للهرب من تلك الحرارة العالية، بالحفر بأسنانها في بطن الضحية للنفاذ إلى داخله، وهكذا يتم قتل الضحية. [انظر ص 18 من الكتاب]. هل يستطيع القارئ الكريم أن يتخيل مدى وحشية هذه الطريقة في التعذيب والقتل؟! لا أعتقد أنه يستطيع. وهل يستطيع القارئ أن يتصور مدى الشذوذ والسادية في عقل رجل الدين المسيحي الذي فكر بهذه الطريقة في القتل؟! لا أعتقد أن يستطيع. وهل يستطيع القارئ أن يتصور أو يتخيل ما كان يدور في عقول وأذهان رجال الكنيسة عندما أقرّوا هذه الطريقة في القتل؟ لا أعتقد أنه يستطيع. فهل يعتقد أي إنسان سوي، ذو عقل يفكر وذهن يستوعب، أن الباباوات الذين تعاقبوا واحداً تلو الآخر على روما لقرون طويلة جداً وكل رجال الكنيسة وكهنتها ولاهوتيها، هؤلاء كلهم وبلا استثناء، قد غابت عنهم "موعظة الجبل" وعبارات من على شاكلة "الله محبة"، كالذي نسمعه اليوم في الدعاية التبشيرية لهذا الدين؟ وهل هذا يعني أن الكنيسة لم (تكتشف) "معنى" هذه الموعظة إلا في منتصف القرن العشرين فقط؟!

هل يعرف القارئ الكريم أن أغلب أدوات التعذيب المسيحية كان يُنقش عليها عبارة: (ليكن المجد للرب وحده) (Glory be only to God)؟!
(The Dark Side of Christian History, H Ellerbe, 2009, pp 83)

وهل يعرف القارئ الكريم أن الأب خوان دي ماريانا (Juan de Mariana)، في أواخر حياته، وعند كتابته عن أحداث أسبانيا ومحاكم التفتيش في عقد التسعينات من القرن الخامس عشر، كتب عن التبعية للكنيسة بأنها: "أحقر أنواع العبودية وأكثرها شراً. إنها تساوي الموت"؟

إلا أن "فضاء المسيحية" عندما تولت السلطة السياسية والعسكرية الفاعلة في العالم كان أكثر تعقيداً بكثير من مجرد "توحش" ضد بني البشر. فعندما كتب الفيلسوف البريطاني الشهير برتراند رسل (Bertrand Russell) في كتابه الشهير (لماذا أنا لست مسيحياً) (Why I Am Not a Christian) الأقتباس أدناه، كان في الحقيقة يصف "إشكالية" أعمق بكثير جداً:

" هذه هي الفكرة: وهي أننا جميعاً سنصبح أشراراً إذا نحن لم نعتنق الدين المسيحي [ملاحظة من كاتب المقال: فيلاحظ القارئ الكريم أن نفس هذه الفكرة هي التي تتبناها كل محاولة للتبشير بالمسيحية وبلا استثناء، وحتى عند المقارنات المخادعة التي يعقدونها فإن لب المقارنة هي هذه الفكرة التي انتبه لها هذا الفيلسوف البريطاني. فقط فلينظر القارئ الكريم حوله، وما يتم نشره أو مناقشته، ليمتلك الدليل. انتهى]. ويبدو لي أن الناس الذين آمنوا بهذه الفكرة أو هذا الدين، في أغلب الفترات، (هم الذين كانوا أكثر شروراً على الإطلاق) (extremely wicked). توجد هذه الحقيقة المثيرة للاهتمام، وهي أنه كلما قوي الدين وازدادت شدته في أي فترة، وكلما ازداد الإيمان العقائدي معه، كلما أدى ذلك إلى ازدياد التوحش وكلما تدهورت الحالة العامة للبشرية. ففيما يسمى بـ "عصور الإيمان" [يقصد القرون الوسطى المسيحية، أو يسمى الآن بعصور الظلام التي تولت فيها الكنيسة السلطة]، عندما آمن الناس بالفعل بالدين المسيحي بكلياتها، كان هناك محاكم التفتيش بكل ما حوتها من وسائل للتعذيب، كان هناك ملايين من النساء سيئات الحظ أحرقن وهن أحياء كساحرات، وكان هناك كل نوع للتوحش تتم ممارسته على كل أجناس البشر باسم الدين [المسيحي]. وسوف تجد، عندما تنظر حول العالم، بأن كل تقدم في المشاعر الإنسانية، ولو كان طفيفاً، كل تحسين على القانون الجنائي، كل خطوة للأمام من أجل القضاء على الحروب، كل خطوة باتجاه تحسين معاملة الأعراق الملونة، وكل تخفيف من وطأة العبودية، بل كل تقدم أخلاقي حدث في أنحاء العالم، كل هذا، وباستمرار، كانت تعارضه المؤسسات الكنسية في أنحاء العالم. أنا أقول، وبتعمد، بأن الدين المسيحي، كما هو مُنظم الآن في كنائسه، كان ولا يزال العدو الرئيسي لكل تقدم أخلاقي في العالم".

برتراند رسل كان أيضاً يصف (حالة)، ولكنها هذه المرة (حالة مُشاهدة بوضوح في تاريخ الكنيسة كله). كان يصف مقولة البابا غريغوري السابع (Pope Gregory VII) الشهيرة مُحرضاً على مخالفي الكنيسة الكاثوليكية: "ملعون هذا الرجل الذي يُمسك سيفه من إراقة الدماء". كان يصف حقيقة أن القانون الكنسي كان يصادر كل أموال الهرطوقي [الكافر] ليس فقط ليتركه فقيراً إلى حدود الإدقاع ولكن ليعاقب أطفاله وعائلته أيضاً بهذه الحالة، وذلك بعد أن تطوع البابا أنوسنت الثالث ليوضح للمؤمنين بكنيسته بأن "الله يعاقب الأطفال بذنوب آبائهم". كان يصف الهدف الحقيقي مِن كل الممارسات الكنيسة التي يُلخصها مقولة محقق وقاضي محاكم التفتيش فرنشيسكو بينا (Francisco Pena) في سنة 1578 م عندما أوضح لمستمعيه بشكل صارم لا لبس فيه: "يجب أن نتذكر بأن الهدف الرئيسي من المحاكمات والإعدامات هو ليس إنقاذ روح المتهم، ولكن للحصول على الصالح العام وزرع الخوف في قلوب الآخرين". ولذلك، ولهذا السبب بالذات، تعمدت الكنيسة أن تتعسف في شروط "التوبة" إلى حدود المستحيل، ولهذا السبب لم تحصل الكنيسة على "تائبين" كثر ولكنها حصلت على "ضحايا" كثر. وهل يعرف القارئ الكريم ما هي شروط التوبة عند الكنيسة آنذاك؟ اختلفت تلك الشروط باختلاف الزمان، ولكنها اتفقت كلها على إلحاق أكبر قدر من الإهانة ممكنة بهذا التائب أو ما عُرف بـ (poena confusibilis). فمن شرط الحج مشياً على الأقدام، وهو ما سيأخذ سنوات طويلة لإكماله مما يجعل مصير عائلته خلال هذه الفترة في مهب الريح، إلى شرط تعليق صليبين خشبيين أصفرين كبيرين أحدهما على ظهر التائب والآخر أمامه كل مرة أراد الخروج من منزله وهذا يعني فرصته في العمل تكاد تكون معدومة. ولكن أخفها هو هذا الذي سيقرأه القارئ الكريم أدناه عن كيفية التعامل مع التائب أمام محاكم التفتيش:

"في ثلاثة آحاد متتالية يجب أن يُجرد التائب من ملابسه حتى وسطه ويُجلد (scourged) بواسطة كاهن الكنيسة من مدخل المدينة [...] حتى باب الكنيسة. ويجب أن يُحرم للأبد من أكل اللحم والبيض والجبن، فيما عدا أيام الفصح وعيد العنصرة وعيد الميلاد حيث يُسمح له بأكلهم كعلامة على ندمه على أخطائه [...] ولمدة ثلاثة أيام في كل أسبوع يجب أن يصوم عن السمك والنبيذ والزيت إذا سمحت صحته بذلك وعمله. ويجب عليه أن يلبس ملابس الرهبنة، مع صليبين صغيرين يُخاطان على كل جانب من صدره. وإذا أمكن يجب أن يسمع الموعظة [في الكنيسة] يومياً، وفي أعياد القديسين يجب أن يكون متواجداً في الكنيسة عند صلاة الغروب (Vespers). سبعة مرات كل يوم يجب عليه أن يلتزم بالساعات الكنسية للصلاة (Canonical hours)، هذا بالإضافة إلى ترديده صلاة الرب (paternoster) عشر مرات كل نهار، وعشرين مرة كل مساء. ويجب عليه أن يلتزم بالزهد الصارم. وعليه كل شهر أن يبرز أوراقه للكاهن الذي يتوجب عليه مراقبة إلتزامه بشكل مباشر. وهذا الشكل من الحياة يجب أن يبقى سارياً حتى الوقت الذي يرى فيه المبعوث البابوي تغييره. ولكن، في حال مخالفة شعائر التوبة [أعلاه] فإنه يُعتبر قد شهد على نفسه بالتوبة زوراً وأنه لا يزال هرطوقي [كافر]، ويجب أن يُعزل مباشرة من مجتمع المؤمنين".
[The Inquisition of the Middle Ages, H C Lea, Abridgment by M Nicholson, New York 1961, pp. 221-222]

لم يكن هناك رغبة في "إنقاذ روح" أحد كما قال فرنشيسكو بينا، الرغبة كانت عند الكنيسة هي زرع الخوف، فقط تحديداً وحصراً. ولا بأس هنا من إيراد دليل آخر. ففي سنة 1375 م انشقت بعض المدن الإيطالية على سلطة البابا في روما، فتصدى لها مبعوث بابوي (Pope s Legate) اسمه الكاردينال روبرت، كونت جينيف (Robert of Geneva). استأجر روبرت هذا مجموعة من المرتزقة، بأموال الكنيسة بالطبع، واتجه إلى تلك المدن الإيطالية. وعندما فشل في هزيمة مدينة بولونا (Bologna)، اتجه إلى القرى الأصغر، ومنها سيسنا (Cessna). وهنا أدع أحد المراجع عن تلك الفترة يُخبرنا ماذا حدث لتلك القرية:

"لقد أقسم لهم بالعفو عنهم بأيمان المغلظة، واضعاً يده على قبعة الكاردينال التي يلبسها. لقد أقنع الكاردينال روبرت رجال سيسنا بأن يضعوا أسلحتهم، وكسب ثقتهم بأن طلب منهم خمسين رهينة ثم أطلقهم مباشرة كدليل على حسن النية. ثم بعد ذلك استدعى مرتزقته، وأمر بمذبحة عامة حتى "يأخذ العدل حقه" كما قال. ولثلاثة أيام وثلاث ليال، بدءاً من 3 فبراير 1377، أغلقوا باب المدينة، وقام الجنود بمذبحة. كل الساحات كانت مليئة بالقتلى، وعندما حاول بعض السكان الهرب غرق المئات في الخندق المليء بالماء، أو تم دفعهم للداخل مرة أخرى بواسطة السيوف. لقد اعتلقت النساء لاغتصابهن، وتم طلب الفدية مقابل إطلاق سراح الأطفال، ثم أعقب المذبحة عمليات النهب. كل الأعمال الفنية تم تدميرها، والصناعات اليدوية أُلقيت للتحطيم، وما لم يستطيع الجنود حمله أحرقوه أو حطموه حتى لا يستفيد منه أحد، أو ألقي على قارعة الطريق. كان عدد القتلى ما بين ألفين وخمسئة وخمسة آلاف قتيل". [بعض المراجع تضع عدد القتلى 8 آلاف قتيل في ثلاثة أيام]
[Distant Mirror, B W Tuchman, New York 1978, pp 332]

هل تعرف عزيزي القارئ من هو الكاردينال روبرت، كونت جنيف؟
بعد تلك المذبحة بسنة واحد اختير روبرت هذا من الكاردينالات الفرنسيين ليكون البابا كلمنت السابع (Antipope Clement VII) على الرغم من وجود بابا آخر هو أوربان السادس (Urban VI). لم تكن المسألة عند الكنيسة، ولمدة 1900 سنة، مسألة خلاص، كان الأمر على حقيقته مختلفاً عن ما نسمعه في الدعاية التبشيرية لهذا الدين اليوم.

أما فيما يخص بنوعية الإتهامات، وللإجابة على تلك التساؤلات بصفة عامة، ومن دون الدخول في تفاصيل طويلة جداً لحالات متعددة وكثيرة، فإنه يكفي أن نرجع لِما يُسمى بـ (دليل محقق التفتيش) (Inquisitor s Manual) [لنسخة رقمية من هذا الدليل، انظر الهامش رقم 2]، وهو كتاب من تأليف بيرنارد غوي (Inquisitor Bernard Gui) [توفي 1331 م]. بالطبع، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذا "الدليل" يتطرق (فقط) لجزئيات محددة و (فقط) لبعض الفئات الدينية وليس كلهم لمن طالتهم محاكم التفتيش. (وهو مشروع ترجمة للعربية مميز لمن يريد أن يتصدى لتلك المهمة). إلا أن قراءة هذا الدليل سوف يعطي القارئ الكريم الإطار العام (للذهنية) التي كانت (تحرق المخالفين أحياء) وبالتالي يمكنه أن يفهم ما كان يحدث لباقي الفئات الدينية المخالفة للكنيسة الكاثوليكية.


أعتقد بأنه من المناسب أن أختم هذه السلسلة بمقولة لأحد باباوات الكنيسة:

"ليس فقط مسموحاً باستخدام السلاح ضد الكفرة الأعداء، ولكنه ذو فائدة من نوع بارز جداً"
البابا أوربان الثاني (Pope Urban II)




هـــــــــــــوامـــــــــــــــــش:


1- نصوص حرق البشر المسيحية

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=454317


2- نسخة رقمية لكتاب (دليل محقق التفتيش)، تأليف بيرنارد غوي:

http://legacy.fordham.edu/halsall/source/bernardgui-inq.asp



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص حرق البشر المسيحية – 2
- نصوص حرق البشر المسيحية
- بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس
- لقاء الصالون الثقافي النسائي
- بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس
- بولس – 8 – بولس وإنجيل مرقس
- بولس - 7 - بولس ويسوع
- بولس – 6 – بولس ويسوع
- بولس – 5 – بولس والشيطان
- بولس – 4 – عقيدة التبرير
- بولس - 3 - بولس والشيطان
- بولس – 2 – بولس والشيطان
- بولس - 1
- في مسألة طيران بولس
- حرام - وسيأتي
- مغالطات يسوع المنطقية - 4
- مغالطات يسوع المنطقية - توضيح
- مغالطات يسوع المنطقية - 3
- مغالطات يسوع المنطقية - 2
- مغالطات يسوع المنطقية - 1


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - نصوص حرق البشر المسيحية - 3