محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4734 - 2015 / 2 / 28 - 10:57
المحور:
الادب والفن
يترصدها في الدروب، ينبري لها كالديك، يتراكض من حولها فتعرف أنه يحبها، تعلو خديها حمرة التفاح، تبتسم، فيعرف أنها تحبه. لكن حبهما كان صغيراً، وعذابات العالم كانت أكبر منهما، ولهذا ابتدأت المتاعب.
بعد أن خفّ هطول المطر، أرسلتها أمها إلى الحانوت، خرجت تجرجر حذاء مهترئاً، انفرط الحذاء في الطريق، انسربت في داخله كتل من الوحل والطين.
خلعت الحذاء، أخفته في الحقل، مضت حافية، غاصت قدماها في الطين، تلطخ ساقاها وذيل فستانها، لم تشعر بالحرج، لأنها ما زالت صغيرة.
رآها تغادر الحانوت، تبعها ملهوفاً، فأسرعت الخطى على غير عادتها حينما تراه. قبل أن يدركها، عبرت الحقل وأيقنت أنها ما عادت صغيرة.
وقف على حافة الحقل وناداها، ظلت جامدة في مكانها لا يستر وجهها غير حمرة الخجل، ناجاها قائلاً: كم أنت جميلة بين الزرع! ارتبكت وقالت: انصرف، قد يرانا الناس. تمادى في التودد وقال: صنوبرة بين الزرع أنت! ازداد ارتباكها وقالت: لا أطيق أن أسمعك! هيا انصرف!
جرحته الإهانة. فانطلق يعدو كمهر جامح، وحينما ابتعد، التقطت حذاءها من بين سيقان الزرع، ومضت حزينة.
تلك الليلة لم تعرف عيناه النوم، أما هي فقد غسلت قدميها الموحلتين بدموعها.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟