|
قل انتفاضة ولا تقل ثورة !
أحمد عرنسه
الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 07:51
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يجلس المتابع لما يحدث فى مصر والدول العربية ويتسائل هل ما يسمى بثورات الربيع العربى هل هى حقا ثورة ام انتفاضة ، والحق انها لم تكن قط ثورات بل كانت انتفاضة لان الثورة تعنى تغيير والدول التى حدث فيها ما يسمى بثورة لم تتغيير بل تبدلت للاسوء وبعض هذه الدول تعيش الان فى فوضى وارهاب وعنف . والغريب ان البعض ما زال يعيش فيما يسمى بحالة " النقاء الثورى " والتى عشناها جميعا وكل من شارك فى هذه الانتفاضات عاش هذه الحالة بشكل او اخر ، والسبب الرئيسى فى هذه الحالة هو التعاطف مع الضحايا ممن ماتوا او اصيبوا فى هذه الانتفاضات والذين هم بحق اطهر وانجب واشرف ما انجبت اى ارض ضاعوا فداءها . ساتكلم عن الحالة المصرية تحديدا باعتبارى مواطن مصرى عاش وشارك فى " انتفاضة يناير 2011 " .. كيف كان الوضع فى مصر قبل يناير 2011 ؟ عاشت مصر ستين عاما تحت ظل الحكم العسكرى بعد انقلاب قام به الظباط الاحرار 1952 وما حدث بعدها ان تم الغاء الحياة الحزبية وتعطيل العمل بالدستور والالتجاء الى نظام شمولى ديكتاتورى يحكم باعلان دستورى والاحكام العرفية والمحاكم العسكرية ، معللا ذلك بانه لو عادت الحياة الديمقراطية لعاد حكم الباشوات والاقطاعيين ، ولكن فى الحقيقة ما حدث فعليا ان اصبح عدد الباشوات اكبر من ذى قبل وانتقل الاقطاع من يد الارستقراطين الى يد ظباط الجيش ومن كان يحكم الدولة فى حين ذاك والذين كانو فى الغالب من جهاز المخابرات ؟!! وحتى لا ننسا ما حدث فى انقلاب 52 كان مدعوما من الاخوان المسلمين طمعا فى المشاركة فى الحكم او الانقلاب على الضباط الاحرار والانفراد بالحكم بمفردهم خاصة انه كان هناك الكثير من الظباط الاحرار اعضاء فى جماعة الاخوان المسلمين ؟!! واستمر الحال هكذا مرورا باربع رؤساء ( محمد نجيب ، جمال عبد الناصر ، انور السادات ، حسنى مبارك ) مع التغيير فى بعض سياسات الدولة ابتداء من عهد السادات الذى اراد ان تتحول الدولة الى الانفتاح والرأسمالية ، والعائق الذى كان يعوقه حيال ذالك كان نظام الدولة الاشتراكى ( على الورق ) وبقايا دولة ناصر .. واستطاع ان يقضى على بقايا دول ناصر باقصائهم وابعادهم عن مناصبهم فيما سماه حين ذالك " بثورة التطهير " ؟!! .. وما كان على الورق الرسمى بان الدولة نظامها اشتراكى كان يعقوه فى ذالك اليسار المصرى الذى حاربه بتصعيد الاسلاميين وترك لهم الحبل على الغارب حتى انقلبت مصر الى جحيم من الافكار الظلامية ، وما لبث الا ان انقلب السحر على الساحر واتحد اليساريين مع الاسلاميين ضد السادات بعد اتفاقية كامب ديفيد فقام باعتقالهم جمعيا بشكل جنونى ونال جزائه من الاسلاميين بان قتلوه يوم عيده فى احتفالات اكتوبر ؟!! موقف الدولة من حينها حتى انتفاضة يناير كان ثابتا ومتجمدا فيما كان يطلق عليه مبارك الاستقرار الاستقرار الاستقرار .. - الدولة محكومة بنظام شمولى بادارة الرجل الواحد . - القمع الامنى من الاجهزة الامنية . - فساد الجهاز الادارى بقيادة قطاع البيروقراطية المصرية . - نظام تعليمى وصحى وحالة معيشية سيئة للغاية . - اعلام تابع للنظام ودوره الوحيد تلميع هذا النظام واسناده . - الدولة اعطت للاسلاميين حق احتكار للعمل الخيرى وبناء المساجد والمجمعات والجمعيات الخيرية مقابل ابتعادهم عن السلطة وترك الشارع لهم وتخلت الدولة تماما عن دور التكافل الاجتماعى التى كانت تمارسه فى الحقبة الناصرية تحت مسمى الاشتراكية !! - اقتصاد الدولة مقسموم بالنصف ما بين قطاع الدولة الذى يحكمه الجيش ( 40% ) ومن فى السلطة ، والنصف الاخر يملكه رجال الاعمال والطبقة الرأسمالية ( الطفيلية ) وكل منهم يريد ان يستحوذ على النصف الخاص بالاخر ؟! - الدولة فى بعض الاحيان تتولى هي اعمال ارهابية بين الحين والاخر بواسطة الاجهزة الامنية حتى تحصل على التأييد والدعم الخارجى والتلويح بانه لو سقط النظام سوف يأتى الاسلاميين وتعم القوضى والخراب !!! - ظهور ما يسمى " بالمعارضة المسيسة " وهو انت تأتى الدولة بأشخاص تابعين لهم يمثلون دور المعارضة تحت سقف محدد دون أن يطال سقف النظام أو رأسه ، حتى يتبين للخارج بان هناك معارضة وحياة ديمقراطية . - مازاد الطين بلة بان طمع النظام فى التحول الى الملكية والمحاولة فى توريث الحكم لجمال مبارك نجل الرئيس وتمرير ذلك دستوريا بتعديل الدستور فى يوم وليلة وتزوير الانتخابات البرلمانية ، وكتب النظام بذلك شهادة وفاته .
لن نخوض فى احداث الانتفاضة كثيرا ولكن خلاصة ما حدث بان اليسار المصرى كعادته دائما يدعو الى الغضب ويقوده ثما يقع فى النصف او ينتهى كل شيىء كأن لم بكن وكالعادة ايضا البديل الجهاز للصعود وركوب كل شيىء هو تيار الاسلام السياسى المنظم والذى يملك قلوب الناس ويضمنهم فى جيبه ( بسحر الدين ) وما حدث ان تم التهيئة لذلك سياسيا تحت اشراف المجلس العسكرى عن طريق استفتاء التعديلات الدستورية فى مارس 2011 فحصد الاسلاميين مقاعد مجلس الشعب والشورى والرئاسة ايضا ، وخلال فترة قصيرة من حكم الاخوان المسلميين تبين للمصريين حقيقة هؤلاء وكيف انهم فارغون تماما ولا يصلحون حتى لادارة قرية صغيرة وما هم فى النهاية غير شيوخ ودعاة منابر وتجار دين .. هنا تتدخل الجيش بعد غضب شعبى وخوفا على حال البلاد الى اى مصير ستذهب ، كما ان دول الخليخ استشعرت الخطر من صعود حكم الاخوان فى مصر وبعض الدول العربية وتخوفوا من وصول سيطرتهم الى الممالك الخاصة بهم فضغطوا على الولايات المتحدة لدعم الانقلاب على حكم الاخوان فى مصر خوفا على مصالحهم فى الداخل فوافقت امريكا رغم تعارض ذلك مع مخططاتهم ؟!!
الخلاصة ايضا ان هذه الانتفاضات كان لها ايجابيات وسلبيات ، اهم هذه الايجابيات تتلخص فى : - ابطال مشروع التوريث ونزوح حكم مبارك الى الابد . - التقليل من حدة نظام القمع الامنى واصلاحها بشكل نسبى . - اسقاط الاسلام السياسى وسقوط الاسلاميين سياسيا ( ولكن ما زالو مسيطيرين ثقافيا واجتماعيا ) لان المجتمع محكوم بثقافة الاخوان . - واخيرا وهو الاهم ازدياد حركة الوعى خاصة عند الشباب " وان واحد من هؤلاء " وتحطيمهم لتابوهات كثيرة تربوا عليها طيلة السنين الماضية .
اما عن السلبيات .. فبعد الفوضى والانفلات الامنى وتردى الحالة المعيشية الى اسوء ما كان عليه الحال قبل انتفاضة يناير ؛ فقد كفر اغلب الناس بكل ما حدث لان حياتهم لم تتغير الى الاحسن بل تغيرت الى الاسوء ، ولأن للتغيير شروط أخرى لم نجتازها بعد ؛ ولذلك قل ما حدث كان انتفاضة ولا تقل ما حدث كان ثورة .
#أحمد_عرنسه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما العمل ؟
-
مصر ما بين الاصابة بسرطان العروبة وسرطان الاسلام السياسى
المزيد.....
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|