بشاراه أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 08:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قال تعالى في سورة الإسراء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ « مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ » ←-;- وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا 82).
وقال عن أولئك الملحدين في سورة : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا «« لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا »» - أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ ؟ - « أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟» ←-;- اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
ثم قال في سورة عن الكافرين: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ - « وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ » - لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ←-;- تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
أن القرآن الكريم لا يحتمل تفسيرات مختلفة ولا أفْهَامَاً ومفاهيم متباينة بحيث يمكن أن يُحْتَجَّ بها على الشيء وعلى وضده في آن معاً، كما يدعي المرجفون من أعداء القرآن والمتعلمنين من غثاء السيل.
إن هذه المقولةُ التي ذكر انها وردتْ على لسان عليٍّ ابن أبي طالب, وإنه وصى بها عبد الله بن عبَّاس رضِي الله عنْهم، عندما بعثه للاحتِجاج على الخوارج، قال له: "لا تُخاصِمْهم بالقُرآن؛ فإنَّ القُرْآن حمَّالُ أوجُه، ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكنْ حاجِجْهم بالسنَّة؛ فإنَّهم لن يَجدوا عنْها مَحيصًا". أو كقولُ ابن عبَّاس: "القُرآن ذو وجوه؛ فاحْمِلوه على أحسنِ وجوهِه". كما روي عنه أيضاً بلفظ: "القُرآن ذلولٌ ذو وجوه، فاحمِلوه على أحسنِ وجوهِه"،,,, وهكذا, ولكن كل هذه الأقوال – عند أهل الحديث - لم تخرج من دائرة السلسلة الضعيفة والموضوعة, وهناك من إعتبر سنده ضعيفٌ جدًّا، وقد أحصى فيه على الأقل عللٌ ثلاثٌ.
بالطبع,,, لا يوجد أي سند موثوق لنسبة هذه العبارة المذكورة إلى أي من "عبد الله ابن عباس" أو "علي بن أبي طالب" رضي الله عنهم، فالأقوال ما بين الضعيف والموضوع "كما قلنا". والقرآن عملياً يؤكد إستحالة المعنى المستنبط والمتداول. وحتى إن صحت نسبة العبارة, فهذا يعني أنها إما مفتراة أو أسيء نقلها وفهمها. وسنقيم الدليل من القرآن على ذلك (وهذا هو المهم). فمن رأى في آية بالقرآن الكريم حمالة أوجه فليتقدم بها وسيرى "علمياً وعملياً ومنطقياً" انها يستحيل أن تكون كذلك.
أعداء الإسلام أمثال كامل النجار وزكريا بطرس وأشباههم والمتشبهين بهم وصبيانهم المتشدقين لا يفتأون يرددون هذه الفرية التي قوَّاهَا لهم وعظَّمَهَا بعض المسلمين أنفسهم جهلاً وتجاهلاً وإستهانة, ولحسن حظهم وجدوا ضالتهم في المتاهة التي أدخلنا فيها علماء وشيوخ ومفكري الشنطة المحسوبين على العلماء الحقيقيون. وقد أصدروا فيها مجلدات وأسفار سافرة ولم يلتفت أحد منهم إلى القرآن الكريم ليسأله عن مقاله في هذه الفرية, فأحاطوا القرآن الكريم بسياج من الشُبَهِ التي ينبغي أن تكون فيهم هم أنفسهم لأن البعض منهم إشترى بآيات الله ثمناً قليلاً من أجل رسالة ماجستير أو دكتوراة.
وهؤلاء,, لجهلهم وضحالة فكرهم يروجون لفكرة أن حَمَّالَ أوجُهٍ تعني أن كل آية يأتي بها أحد يستطيع مَنْ يُجادله أن يأتي بآية تخالفها في المعنى,, وها أنا ذا أتحدى "علناً" بأن يأتي أي منهم بآية واحدة من القرآن تصدق هذه الفرية عملياً أو منطقياً, أما الكلام المرسل فهذا تنخدع به بطانتهم ومريديهم ورهطهم وبعض العامة.
القرآن ليس "حمَّال أوجه", ولا ينبغي له ولن يكون؟ ولا يتضمن أي تناقض بحيث تجد الرأى في مسألة ثم نقيضه فيها أو أي اختلاف فى الرأى الواحد؟ فمن أراد أن نثبت له الإحكام فليجرب وسيرى بنفسه الإعجاز في إستحالة أن يكون للمسألة الواحدة أكثر من وجه, وحتى لو سلمنا "جدلاً" بأن هذه العبارة قيلت فعلاً فمن المستحيل أن يكون القصد منها هو ما تلوكه الألسن الفاجرة الماكرة المغرضة المتربصة, لأن الإمام علي ابن أبي طالب, وإبن عباس لا يمكن أن ينطقوا بما يتعارض مع القرآن ويكذبه. وهم يعرفون حق المعرفة قول الله تعالى في سورة فصلت: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ 41), (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ 42). فكيف لهؤلاء الصحابة الكرام أن يكذبوا قول الله تعالى ويصفوا كتابه بعين الباطل؟؟؟
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
هناك طرفة تروى عن "جحا وولده", الَّذَيْن كان لديهما حمار صغير, فاعتادوا أن يمروا بالسوق وهما معاً على ظهر حمارهم, فانتقدهم الناس واصفين إياهما بالظلم والقسوة,, كيف تطاوعهم قلوبهم على فعل ذلك المنكر بهذا الحمار الصغير المسكين.
فقرروا تفادي النقد مرة ثانية, فركب جحا وترك الإبن وراءه راجلاً, فانتقده الناس أيضاً, ورموه بالقسوة,, لأنه ركب وترك إبنه الضعيف يمشي وراءه. وليتفادوا هذا النقد ركب الغلام وتبعه جحا راجلاً,, فلم ينجوا من نقد الناس الذين لم يرضهم سوء أدب الغلام الذي ركب وترك أبوه يمشي على قدميه, فلم يكن لهما بد من أن يتركا الحمار يجري أمامهما ويمشيان وراءه راجلين,, فلم يرحمهما الناس هذه المرة أيضاً فقالوا: هؤلاء أغبياء مجانين, كيف تكون لديهما هذه الدابة ولا يركبون عليها؟؟
ترى هل هذه الإزدواجية في معايير الناس تعتبر ميزة إنسانية كريمة لها ما بعدها, أم هي خصلة أو عادة سيئة ذميمة, وعليهم أن يتخلصوا منها. أم لعلها واقع إنساني طبيعي ينبغي أن نقبله كما هو بفهم وصبر لأنَّ إرضاء كل الأزواق غاية لا تدرك, وبالتالي علينا التوسط والإعتدال في كل شيء حتى نقترب بقدر الإمكان من هذه الغاية, وقد يصل بنا الحال إلى ما وصل إليه حال جحا وحماره؟
فمثلاً: موضوعنا السابق (تصحيح مفاهيم1), كان بناءاً على تساؤلات من أحد الأخوة المسيحيين وكانت أسئلته وإستفساراته منطقية,, حاولنا أن نرد عليه عبر التعليقات, ولكن وجدنا أن هذا الرد سيكون مبتوراً أو غير كاف لطبيعة تلك الأسئلة, وبالتالي عالجناه في موضوع تضمن تحليلآت ومراجع وأدلة وبراهين, أقتضى الحال التطويل في الموضوع دون قصد أو تعمد, فكانت التباينات في الآراء في مسألة التطويل أكثر منها في الموضوع نفسه, ومع ذلك علمنا من التعليقات أن هناك من يريد إيضاحات أكثر فأكثر, وهناك من إكتفى بأسطر من الفقرة الأولى فأدبر يسعى.
بجانب هذا وذاك جاءتنا تعليقات مختلفة ومتنوعة ومتباينة, وبعضها جاد ومنطقي والبعض الآخر قد إعتدنا عليه عبارة عن إسطوانة مشروخة ومواضيع تافهة مبتذلة, الغاية منها معروفة وبالتالي نتعامل معها بحجمها وقيمتها, وقد نتجاهلها فيكون ذلك أبلغ رد عليها.
فمثلاً أخ كريم يسألنا في تعليقه عن الذين نكتب إليهم مقالاتنا,,, وهو يرى أنها لو كانت للمسلمين فقط يكون التطويل له ما يبرره,, أما إن لم تكن للمسلمين والمؤمنين فالأفضل – في رأيه الخاص - أن تكون المقالات قصيرة,, ويعلل هذا الرأي إلى غاية منطقية هي التركيز الذي من إيجابياته شدة التأثير على المتلقي. فنحن نرى أن هذا الرأي متوازن ومعقول إن نظرنا إلى الموضوع المطروح بإعتباره مقالة,, تتناول نقطة أو فكرة بسيطة ومحددة المعالم والمقاصد وفي جو معافى, ويلزمها فقط جواب مباشر.
ولكن إذا نظرنا إليه على أنه دراسة وتحليل ومناقشة للأفكار المتباينة التي تدور حول نقطة أو نقاط متداخلة ومتشابكة تعمل على رد لعدد من النقاط المتحاور حولها, فالأمر يختلف تماماً, وفي هذه الحالة يكون الإختصار معيباً والجواب ناقصاً ولن يقبل به الطرف أو الأطراف المشاركة فيه بالرأي أو المتابعة أو بهما معاً برضى. فيكون لا مفر من إعطاء الموضوع حقه من البيان والتبيين. فكان ردنا عليه كما يلي:
سوالك وجيه جداً, وقد سؤلناه أكثر من مرة, وإن كان كل موضوع كتبنا فيه يرُدُّ بوضوح على هذا السؤال . فأنا في الحقيقة لا ولم أفتعل موضوعاً من تلقاء نفسي إطلاقاً,, وإنما أقوم فقط بمناقشة مواضيع مغرضة مجحفة تعمد إلى تزوير الحقائق ودس الأباطيل, في محاولة مستميتة لتشويه معتقدات الآخرين بإصرار. وهذا نراه إرهاباً فكرياً وتعدياً مدمراً لكيان البشرية جمعاء.
فكل الذي نقوم به هو تناول موضوع منشور مسبقاً, فنناقشه بتحليله بإسهاب وتفصيل متبعين أسلوباً علمياً ممنهجاً, ثم نعرضه بشقافية على أمام القراء جنباً إلى جنب مع فقرات ذلك الموضوع الأصلي.
كان بإستطاعتنا أن نكتفي بصياغة موضوع منفصل نطرح فيه فكرة مغايرة أو متوازية مع ذلك الموضوع, وبالطبع سيكون مختصراً وقصيراً وسيوافق ما تفضلت به, ولكن هذا لا يوفر رابطاً بين الموضوعين, لذا فنحن نحرص على وضع فقرات الموضوع الأصلي كما كتبها صاحبها وبكل أمانة ثم نقوم بمناقشته في إطار طرح النقيضين -جنباً إلى جنب- أمام القاريء وتركه يحكم بنفسه عليهما معاً سلباً وإيجاباً.
ليس التطويل غايتنا, ولكن للضرورة أحكامها فهناك ضبابية كبيرة في المراجع ولغط كبير وسيول من الإفتراءات لابد لنا من التصدي لها وحسم أمرها.
فلننظر إلى مجموعة من التعليقات التي جاءت من شخص كريم آخر, والذي كان أول تعليق له بعنوان (مقالة طويلة ومزعجة), وحقيقةً كان جسم تعليقه يحكي هذا الإنزعاج, وقد رأينا من الأفضل عرض ذلك التعليق كما ورد إلينا فيما يلي:
قال: ((... كالعادة تبرير ولوي الكلمات والمعاني لتجميل الشطط القديم. فما دام القرآن حمال اوجه فسوف يستمر الضرب والقهر. الجديد هنا هو اهانة وتصغير فهم الغير لتبرير العبث والشطط والأعتداء . اقتبس جزء من مقالك فانت تقول:- وأوكد لك أن عدم فهم القرآن الكريم من قبل غثاء السيل من المسلمين هو الذي جعلهم غير قادرين على إبراز نوره -. اتزدري فهمنا ياقسورة؟ انه لأمر عجاب ...)). فطبعاً المفردات واللهجة المشتعلة تحكي عن نفسها وتبين مقدار الإنزعاج ,,,.
فكان رددنا عليه بعنوان (رد مجحف) قلنا له فيه ما يلي:
إن كانت المقالة - في نظرك- طويلة ومزعجة فهذا بلا شك ليس بالضرورة أن يكون عيباً فيها, ولكلٍّ وجهة نظره في ما يرى ويسمع, ولكن أن يتضمن الرأي وصفها بما ليس فيها فلا بد من وقفة وتوضيح.
أولاً: ليس صحيحاً قولك بأن في الموضوع لَيٌّ للكلمات والمعاني. ما لم تشير صراحة إلى ما تقول عنه,
ثانيا: نحن نرد على الشطط القديم المتجدد بكل موضوعية, ونُقَوِّمُ الكلمات والمعاني التي لواها أصحابها وليس العكس كما تقول, فالقرآن ليس به شطط ولا يشطط بل جاء للقضاء على الشطط قديمه وحديثه ومستقبله, وبالتالي لا يحتاج منا إلى تجميل.
ثالثاً: هل ترى بأن كشف الظلم والإعتداءات والتجني ومواجهة أصحابه به - بيانياً- بكشف الزيف وإقامة الحق بالدليل يعتبر إنتصاراً للمظلوم أم هو إعتداء على الظالم؟
رابعاً: أؤكد لك مرة ثانية بأن الإعتداءات التي تراها من المسلمين هي من غثاء السيل فإن غابت عنك هذه الحقيقة فهذا يؤكد ما ذهبنا إليه وصدق فيه الرسول نفسه.
خامساً: هل ترى نعتك لمسلم يذب عن إسلامه ويناضل من أجل الحق والحقيقة - بالقسورة- إستهجاناً, فبماذا تصف من أزعجه وصف غثاء السيل بإسمه الحقيقي وسره أن يتنابذ مع إخوته بالألقاب؟ لاعجب.
ونود التأكيد له هنا بأننا لا في القديم ولا في الجديد اهانة وتصغير فهم الغير غير وارد لدينا, ولكن نعطي كل موقف حقه بإعتدال لا هوى لنا فيه,, ثم اننا لا نبرر لا العبث والشطط ولا الأعتداء كما يقول فهذه الإتهامات نحن نعزيها لسوء فهم مقاصدنا ولقلة متابة ما كتبناه من مواضيع متاحة أمامه وعلى أتم الإستعداد لتقبل النقد والمحاورة بشرط الموضوعية والأمانة العلمية ونبذ الأهواء والأجندة الخاصة والتطرف. فإن كان يرى أن في مواضيعنا جديد, فهذه حقيقة ولكن على العكس تماماً من مفهومه عنها, فليراجعها بشفافية وتجرد وسيعرف على الأقل أننا حرب على التطرف والعبث والشطط والإعتداء والعنصرية, وهذه المباديء ليست نابعة من ذاتنا, وإنما هي تعاليم القرآن الكريم.
قال أيضاً: ((... ما دام ان القرآن حمال أوجه فسوف يستمر الضرب والقهر...)).
فقلنا له: ليتك توضح هذا المفهوم أكثر للقراء،، فإذا قال قائل هذه المقولة وعَنَىْ منها ما عناه,,, فليتك على الأقل تتكرم وتقول لنا بوضوح - ماذا تعني هذه العبارة - في مفهومك أنت وما قصد القائل لها .وبالتطبع لن تكون قد أبليت أو أفدت القراء شيئاً أن تقول بإبهام دون تحديد ما تقصده حتى نرد عليك بما لدينا من مفهوم عنها فما عليك سوى تقديم آية أو نحوها كنموذج لتلك الأوجه التي يتحملها أو يحملها القرآن الكريم. فإن لم تستطع ذلك فاعلم أن ترديد الناس لعبارات قيلت عن القرآن بدون فهم هو الذي يجعلنا نطيل في المواضيع توضيحاً وتبياناً وليس شهوةً في الكتابة أو الإستعراض.
ولو ركزت قليلاً فيما نكتب ستجدنا لا نعمل برأينا أو إقتراحاتنا أو ترجيحاتنا وإنما فقط نتدبر آيات القرآن وبالتالي من السهل على أي شخص أن ينتقدنا ويقول أننا لم نفهم الآية كما ينبغي لأن مدلولها كذا وكذا بدليل كذا وكذا. أما الآراء الشخصية والأمزجة فهذه لها إعتبارها عندنا ولكن ذلك دائماً يكون بعيداً عن كلام الله تعالى.
ثم تفضل الأخ الكريم بمواصلة الحوار هذه المرة تحت عنوان (غيض من فيض), قال في تعليقه ما يلي:
((... ساعطيك غيض من لوي المعاني واستحداث منعطف جديد لتبرير الشطط والخزي. فانت تقول –"غياب البسملة من سورة براءة ضروري حتى يقفل الباب أمام هؤلاء الشياطين المتربصين لبلوغ أي شيء يوصلهم إلى غاياتهم- انتهى". اجماع المسلمين على هذة القضيه مثير للشفقه واليأس واللف والدوران وينحصر بامرين إما لأنها (سورة براءة) مكملة لسورة الأنفال او لأنها سورة ذكر فيها الجهاد وقتال الكفار وذُكر فيها وعيد المنافقين ...)).
ثم قال: ((... الإمام النووي جاء بتاويل غامض, والترمذي في السنن يؤكد ان عثمان بن عفان لايعلم ولايعرف عن سبب غياب البسمله, وها انت تتبع خطى السلف الصالح بما تيسر لك من اللف والدوران والذي سيأتيك من وراءه حسنه واحدة في أحسن الاحوال ويصبح ماجئت فيه منسوف غير ملزم ...)).
فكان تعليقنا على هذه المداخلة بما يلي:
أولاً: الملاحظ أنك إتبعت منهج الذين يقولون "ويل للمصلين", ثم يقفون عندها, وذلك بقولك بأنني قلت عبارة: (... غياب البسملة من سورة براءة ضروري حتى يقفل الباب أمام هؤلاء الشياطين المتربصين لبلوغ أي شيء يوصلهم إلى غاياتهم- انتهى.), حقيقةً أنا لم أقل هذا فقط عن البسملة في سورة براءة, وإنما هذه العبارة الجزئية التي أتيت أنت بها إنما هي عبارة عن "تعليق وإفتراض مني" وليست الأصل في التدبر. فما أتيت به هو عين الشطط والخزي يا عزيزي "مع الإعتذار". لذا إن كنت تريد أن تقول في البسملة وفق تدبرنا للآية الكريمة عليك أن ترجع إلى الفقرة كاملة تحديداً من قولنا (أول سؤال يقول: ....) وإلى قولنا: (.... لن يبلغوها ما دامت السماوات والأرض). وهي فقرة من ثمانية أسطر ونصف السطر قلنا فيها "تحديداً" ما يلي:
(وأول سؤال يقول: لماذا لم، تبدأ هذه السورة الكريمة بالبسملة من دون باقي سور القرآن الكريم كلها؟
الجواب المنطقي الذي يبدوا للوهلة الأولى للمتدبر للقرآن الذي يصل إلى ذهنه أن الذي يَقُوْلُ ويَفْعَلُ في كل سور القرآن الكريم هو الله تعالى وحده لا شريك له. فالله تعالى ليس عنده أي عَمَلٍ فيهِ شِرْكٌ مع غَيرَهُ, وبالتالي فإن منطوق الآية الأولى (بَرَاءَةٌ مِّنَ «« اللَّهِ وَرَسُولِهِ »» إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ 1), قد يأخذ المتربصون بالقرآن هذه الآية - إن جاءت بعد (بسم الله الرحمن الرحيم) – على أن فيها شرك بسبب «« واو العطف »» التي جاءت بين إسم الجلالة وبين رسوله هكذا (... بَرَاءَةٌ مِّنَ « اللَّهِ » وَ « رَسُولِهِ » إِلَى ...), ولن يستوعبوا أن الله قد تفضل بالبراءة عن نفسه وعن رسوله معه للمشركين المعاهدين, فكان غياب البسملة ضروري حتى يقفل الباب أمام هؤلاء الشياطين المتربصين لبلوغ أي شيء يوصلهم إلى غاياتهم التي لن يبلغوها ما دامت السماوات والأرض ...))).
فليس هناك لي معاني ولا إستحداث منعطفات جديدة ولا تبرير شطط وخزي كما تقول.
ثانياً: قولك بإجماع المسلمين هذا إدعاء يجانب الحق والصواب والمنطق,,, بل ويتناقض مع قولك بأن: ((... في القضية لف ودوران مثير للشفقة واليأس ...)), فما أدري لماذا أنت مصر على تسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية؟ الإجتهاد تقول عليه شطط وخزي, والتدبر تقول عليه لف ودوران مثير للشفقة واليأس. ثم تعود إلى إختزال اللف والدورات واليأس فتحصره في أمرين اثنين فقط. وما أن نتهيأ لنتابع الأمرين نجدهما رأيان إجتهاديان لشخصين عاديين غير معصومين ورأيهما غير ملزم لغيرهما, ولكنه يمكن أن يقبل كما هو أو يراجع كلياً أو جزئياً دون أدنى حرج وخوف من ذنب ما لم يكن ذلك وفق الأهواء والأجندة الخاصة.
ثم ما لبثتَ أن قلت بأن قضية إجماع المسلمين واقعة بين أمرين (إما) سورة براءة مكملة لسورة الأنفال (أو) لأنها سورة ذكر فيها الجهاد وقتال الكفار وذكر فيها وعيد المنافقين... الخ.
حسناً,, لا أظن أن هناك من اللف والدوران أكثر من هذا الذي تقوله. فهذه أفكار إجتهادات بينة الضعف وعديدة المثالب وبعيدة عن المنطق, بل ومثيرة للسخرية. لعدة أسباب, أهمها,
1. يستحيل أن تكون إحدى السور بالقرآن مكملة لسورة أخرى منه, فإن جاز ذلك القول الغريب الذي سئمنا سماعه من بعض عباقرة التفسير الذين عجزوا عن تدبر الحروف المقطعة فأضحكوا الجهلاء علينا, فمنطقياً لا يجوز أن يطلق الأسم "سورةً"" على جزء منها. فما دام, أن كل من "الأنفال" و "براءة" معتبرة في القرآن سورة كاملة لها إسمها المميز لها فهذا يكفي لدحض هذه الفكرة الساذجة. والذي يقول هذا القول من المؤكد أنه لا يعرف معنى كلمة "سورة" إبتداءاً ولا يستطيع أن يفرق ما بينها وبين كلمة "سور".
وهذه هي الطامة الكبرى أن يكون فهم الآخرين مبني على فهم الأولين لكتاب قال من أُوْحِيَ إليه به, وبَلَّغَهُ لهم (لا تنقضي عجائبه), ولكن لسان حال بعض المسلمين يقول بأنه قد إنقضت عجائبه وحبست في كتب التفسير التي ألفَّهَا و/أو صنفها البعض قبل مئآت السنين، فأصبحت المرجعية لهذه الإجتهادات المتضمنة أخطاءاً كبيرة مادية وجوهرية أكثر من المرجعية للقرآن الكريم نفسه والأخذ منه مباشرة عبر التدبر وقراءة الحاضر والتعامل معه في إطار هدي القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
2. سورة براءة ليست السورة الوحيدة في القرآن التي ذكر فيها الجهاد وقتال الكفار وذكر فيها وعيد المنافقين, وأنت تعرف ذلك جيداً, فيكفي أن هناك سورة كاملة إسمها "المنافقون".
واضح أن هذه الآراء دارت خارج نطاق التدبر والتمحيص وقام بعضٌ من المتأخرين والمعاصرين بقبولها على علاتها بتدله وتسليم خارج إطار التفكير والتمحيص والمراجعة, بمفهوم إعطاء أفراد أو جماعات من البشر غير المعصومين قدسية وعصمة الأنبياء والمرسلين, بحيث لا يستطيع أحد أن يراجع إجتهاداتهم فضلاً عن نقدها حتى بالقرآن الكريم نفسه, ليس لأنها كاملة البيان ولكن لأنها هي الموجودة أمام التقليديين عن جهل, ولا يستطيعون أو لا يريدون أو لا يجدون في أنفسهم الجرأة والقدرة والرغبة في ذلك إلَّا في إطار ضيق غير متناسب مع حاجة الناس. ومع ذلك نحن لا ننكر على أحد فضله ولا نغمط حقه وعمله, بل نقدره له ونرجوا أن يقبل الله منهم إجتهاداتهم وإيانا دون الدخول في التأويل الذي يرد علمه إلى الله. وليت الناس يتخطون هذا السياج المنيع ويعتمدون على التدبر الذي وجه الله الناس إليه وشدد عليه, وهذا لا يمنع من مراجعة خبرات وتجارب وإجتهادات السابقين والمعاصرين للإستذادة من المعرفة وليس للتقليد الأعمى غير المبرر.
ثالثاً: إذا كان الترمذي في السنن أكد بأن عثمان بن عفان لايعلم ولايعرف عن سبب غياب البسمله, فما الغضاضة في ذلك؟؟؟ وهل يشترط معرفة عثمان أو غيره بكل شي جاء بالقرآن بصورة مفصلة وشاملة؟؟؟ ... القرآن علم الله تعالى الذي قال عنه (... وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ...) . والذي قال (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا,). والسؤال هو: هل الترمزي روى أم قال أم أكَّد؟؟؟ ..... أم لعل البعض لا يعرف كيف يفرق بينها ويستعملها كمترافات يرجحها الهوى والذوق والحس.
النووي فرد من البشر, إجتهد بقدر طاقاته وعلمه وإستعداده,, وله تجاربه المتميزة في البيئة التي عاشها, وهي بلا شك تختلف تماماً عن بيئتنا اليوم, ولم يخرج من بشريته وقدراته, وبالطبع فهو غير معصوم, قرأ القرآن وتفكر فيه ورسخ في وجدانه من نوره ما شاء الله تعالى له, فسجل خواطره وإجتهاداته ليشاركه فيها غيره. والآن في إستطاعة أي طالب علم أن يفعل ما فعله هؤلاء فيمن الله تعالى عليه بما لم يصل إليه آخرون, فأين المشكلة في ذلك, وما الذي يمنع من أن يكون هناك من هو أعلم منهم؟
فكما ترى,, ليس هناك جوراً أو ظلماً أو تجاوزاً لأحد في ما قلنا, ولا خزي ولا ذل ولا عار ولا مهانة.
أما إتهامك لنا بأننا نتبع خطى السلف الصالح أو الخلف الفالح, (بما تيسر لي من اللف والدوران- كما تقول), فأنا أعتقد أن هذا رجم بالغيب وإتهام للناس بالباطل وبالهوى, بل نخشى أن يرقى إلى تأله على الله بتأكيدكم بأنه سيأتينا من ورائه حسنة واحدة في أحسن الأحوال, ومع التأله غاب عنكم أن الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعين ضعف, وقد لا يقبل الله العمل فيبطله إن كان فيه رياء أو نفاق, أو لعله طلب لسمعة أو شهرة أو منفعة مادية أو عينية, فتحديد الجزاء حق الله لا يشرك فيه أحد.
أما قولكم لنا: ((... ويصبح ماجئت فيه منسوف غير ملزم ...)), صدقني,, هذه عبارة غريبة عليَّ لم أسمع بها من قبل ولا أستطيع التكهن بمفهومها ومراميها ومقاصدها وبالتالي لن أعلق عليها,, وليتك تتفضل بإبانتها لنا إن كنت ترمي من ورائها شيئاً آخر خارج إطار لقب "القسورة" الذي رميتنا به ولا ندري لماذا.
كما تفضل الأخ عينه بتعليق ثالث تحت عنوان (حمٌال اوجه), نعرضه كما هو فيما يلي قبل أن نناقشه, ونرد عليه:
((... الاوجُه: هي اللَّفظ المشْترك الَّذي يُسْتَعمل في عدَّة معان وهذا مااشتهر به القران , فَحُمِلت الآيات ما لا تَحتمل، واستَخْرَج منها ما لا تدلُّ عليه وقد ابتلينا نحن المسلمون بهذا حين جاء الراسخون في العلم باجتهادات خاطئه فاصابهم اجر واحد واصابنا القهر والضرب ولك في الحجاج اسوة حسنه. اعطيك مثال لعدة وجوة لاية , مثلا: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر .
مامعنى الله في هذة الايه ؟ فريق يقول هو الكتاب اي القران ,طيب اذا تنازعنا كيف نرجع الى كتاب حمال اوجه, انظر الى البعد الفلسفي في هذا: الايه فيها عدة وجوه , ان اخترت وجها لترد النزاع فيقودك هذا حتما الى عدة وجوه في متواليه عدديه تفضي الى احتمالات لا حصر لها وهذا هو ماموجود في متون التفاسير وهذا مايعكس فساد عقل المسلم ...)).
نرد على هذا التعليق بما يلي:
أولاً: هذه العبارة المجحفة في حق القرآن الكريم أنا لا أعترف بها ولا أقبلها ليس لهوىً ولا لتحامل أو عصبية أو تزيين كما يقول المبطلون ولست معنياً بتبرير الحقائق أو لي عنقها كأنني أخفي عيباً, فإن فعلتُ ذلك, فأنا أعترف بأنني منافق معلوم النفاق,, ذلك إن لم أكن زنديقاً, فالقرآن مفتوح exposed, صريح straightforward وشفاف pellicular,, فهو ينادي للتدبر ويتحدى ويكرر التحديات ويحفذ للمزيد من البحث والتنقيب فيه.
فمن غطى شيئاً من حقيقة وواقع القرآن غطى الله عنه الصراط وحرمه ريح الجنة. فالشفافية والحيادية والأمانة مطلوبة في مناقشة المسائل مهما كانت حرجة, إذ يكفي عرضها على القرآن الكريم كما هي فينكشف عورها وسوءتها على الفور. وأنا أعتقد أنك تشاركني الرأي فيما ذهبت إليه,, بدليل قولك (فَحُمِلت الآيات ما لا تَحتمل، واستَخْرَج منها ما لا تدلُّ عليه وقد ابتلينا نحن المسلمون بهذا حين جاء الراسخون في العلم باجتهادات خاطئه فاصابهم اجر واحد واصابنا القهر والضرب ...), وإن صح ظني فأنت بالطبع محق فيما ذهبت إليه. فقط أعيب عليك قولك لي (... ولك في الحجاج اسوة حسنه), وأنت تعرف أن أمثال الحجاج وغيره من الجبابرة (إن صدق فيه ما قيل عنه), فأنا أمقت كل من قتل نفساً بغير نفس أو تجبر على خلق الله بمقت الله ورسوله لهم كما أمقت إبليس اللعين وأكثر.
ثانياً: أما إستشهادك بقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ...), وسؤالك عن المعنى المقصود من "طاعة الله" في هذه الآية, فلا بد لنا من تدبرها أولاً وسنصل إلى كامل مراد الله تعالى دون الحاجة إلى "علم التفسير" ولا "علم غريب القرآن", ولا المجلدات التي تكفي لتجفيف ماء المحيط. وأنت محق مرة أخرى ومرات فيما يقلقك ولعلني قد تفهمت للتو عبر هذا القلق ما قصدته من قولك (تناقض, ولف ودوران مثير للشفقة واليأس). الآن سنتأكد عما إذا كان القرآن هو حمال أوجه أم الذين يلوكون هذه العبارة هم ذوي أوجه ووجهات وتوجهات.
أنظر جيداً إلى قول الله تعالى في سورة النساء:
أولاً: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ 1« أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ-;- أَهْلِهَا » 2« وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ » - إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ←-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا 58).
ثانياً, وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا 1« أَطِيعُوا اللَّهَ » وَ 2« أَطِيعُوا الرَّسُولَ » وَ 3« أُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » - فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ « فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ » - إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ « ذَٰ-;-لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا » 59).
يجب هنا ملاحظة النقاط التالية بمعطيات هذه الآية الكريمة (ذات الوجه الواحد) شأنها في ذلك شأن كل آيات الله تعالى:
فالله يخاطب المؤمنين فقط ولم يخاطب المسلمين ولا الناس, لأنه كما قلنا من قبل لا يُشَرِّعُ إلَّا للمؤمنين به دون سواهم. لذا يجب أن يستحضر هؤلاء المؤمنين أنهم هم الذين جاءوا إليه وطلبوا الإلتحاق بركب الإيمان به, فَمَنَّ عليهم به وقبلهم إليه, وبالتالي بقاءهم على الإيمان مشروط بالطاعة بأضلاعها الثلاثة. ولكنه مع ذلك لم يهمل الباقين من الناس, بل يبين لهم وفصَّل ما يسهل عليهم عملية الإلتحاق بالركب, وعشق تشريعه بقبولهم الإيمان, قال:
1. « أَطِيعُوا اللَّهَ »: في كل أمر و/أو نهي جاء بكتابه العزيز وبلَّغَكُم به رسوله الكريم, وهذا يعني أخذكم بكل ما جاء بالقرآن من سورة الفاتحة إلى سورة الناس, وهذا الكتاب هو خطاب الله الذي أنزله للبشر بدون أي إستثناء,
2. « وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ »: في كل شيء (حياً كان أم ميتاً), وذلك بمستوى قوله تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه, وما نهاكم عنه فأنتهو), وقد حسم هذا الموضع بقوله: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا ابداً,, كتاب الله وسنتي) أو كما قال.
3. « وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ »: لاحظ جيداً قوله تعالى (منكم) أنتم أيها المؤمنون, وليس أولي الأمر مطلقاً, وبالتالي "منطقياً", لن يخرج أولي الأمر هؤلاء عن كتاب الله وسنة نبيه, ولاحظ أيضاً أن "أُولِي الْأَمْرِ" معطوفون على "الرسول" لأنه لم يستعمل معهم فهر الأمر.
4. (... فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ - « فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ »), فالنزاع مطلقاً يجب عدم رده إلى غير كتاب الله وسنة رسوله, وما دون ذلك فهو التحاكم إلى الطاغوت وهذا يعني الخروج عن صفة الإيمان والدخول في دائرة الكفر الحالكة السواد. لذا قال بمنتهى الصراحة والوضوح: (... إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ « ذَٰ-;-لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا »).
أين هذه الأوجه التي يدعيها هؤلاء الجهلاء الضالين وأولئك المضلين؟؟؟ وهل هناك أي إحتمال لأن تتغير هذه الآية إلى أن تقوم الساعة؟؟؟ .... فإن دخل أحدهم في زمرة الإيمان والمؤمنين بنفسه طوعيةً وأرد البقاء عليه إلى أن يلقى الله, فإن شروط بقاءه هو ما جاء بهذه الآية بحذافيرها, فمتى ما تعمد التحايل عليها لم يعد أهلاً ليكون من الذين يؤمنون بالله واليم الآخر. وخير تأكيد لهذه الحقيقة (ذات الوجه الواحد) الآية التالية لها مباشرة.
قال تعالى فيها لنبيه الكريم عن المنافقين: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ « يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ » - « يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ » ←-;- وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا 60), فأطاعوا وليهم الشيطان وتحاكموا إلى مجلس الأمن والقانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان الصهيونية والصليبية. فما هي مواصفاتهم التي حددها الله تعالى؟؟؟
قال عنهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ « تَعَالَوْا إِلَىٰ-;- مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ » ←-;- رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا 61), طبعاً يقولون لك هذا قانون الصحراء الإرهابي, وانخرطوا بتدله في إمتدح عدالة ورقي وحضارة سفاحي الغرب ومرضى أوروبا حتى يضمنوا بقاءهم عندهم ما دام الإيمان لديهم في الأصل ورقة محروقة لم يبق منها سوى رماد عالق بقطران, فماذا يضيرهم لو لعبوا بها ما دام أنها تدخلهم النوادي الليلية بحرية, فيهيمون مع الهوام, ويصبحون علماء من العوام اللئام.
قال تعالى لنبيه الكريم: (فَكَيْفَ » إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ « - ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ←-;- إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا 62), هم: (أُولَٰ-;-ئِكَ الَّذِينَ « يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ » ←-;- « فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ » وَ « عِظْهُمْ » وَ « قُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا » 63).
ثم قال معمماً: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ «« إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ »» - وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ - « فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ » وَ « اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ » ←-;- لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا 64).
ثم ربط الإيمان بأهم عناصره ومقتضياته, وهي تحكيم الرسول فقط في كل ما شجر بينهم, بل وأقسم على ذلك, قال له: (فَلَا وَرَبِّكَ « لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ-;- يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ » - ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ←-;- وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا 65).
ها هي ذي الايه الكريمة أمامكم, وقد فصلها الله "تفصيلاً", وليس "للمفسرين دور, ولا موطيء قدم فيها", فكما ترى ليس فيها وجوه كما قلت أو كما إدعى المبطلوب, فالآن أي إنسان يدعي تلك الوجوه فليخرج لنا وجهاً واحداً مغايراً لوجهها الفريد البَيِّن المُبين!!! (هذا تحدي مفتوح).
وأنت يا عزيزي محق في أن المبطلين يدعون بأنه إذا اخترت وجها لترد النزاع فيقودك هذا حتما الى عدة وجوه في متواليه عدديه تفضي الى احتمالات لا حصر لها وهذا هو ما موجود في متون التفاسير وهذا مايعكس فساد عقل المسلم.
ولكن,, أخي,, ليتك ترجع إلى كل المواضيع التي كتبناها, وحاول أن تمسك علينا ولو حالة واحد أشرنا فيها من قريب أو بعيد إلى متون التفاسير التي تتحدث عنها. ليس ذلك فحسب, بل نحن لنا تحفظ على كلمة تفسير القرآن الكريم. لأن الفَسْرُ في اللغة: هو الإبَانَةُ, وكَشْفَ المُغَطَّىْ (كالتَّفْسِيْر). تقول فَسَرَ يَفْسِرُ و يَفْسُرُ,, و (التفيسر والتأويل واحد). أو هو كشف المراد عن المشكل. أمَّا التأويل: فهو رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر.
فالقرآن الكريم هو في ذاته "إبانة" وكشف للمُغَطَّىْ, وهو الذي يُبِيِّنُ الأشياء وليس العكس فكيف يحتاج البيان إلى إبانة؟؟؟ وكيف بِكَاشِفِ المُغَطَّىْ يحتاج إلى كاشف له؟؟؟ .... وهل خفي على هؤلاء المتمحكين معنى كلمة "مُبِيْن؟" فكيف المُبِيْنُ يُصْبِحُ مُبَانَاً ومُفَسَّراً؟؟؟
ولأنه لا يفسر إلَّا ذلك الذي به عوج أو ليس كامل البيان, فإن كلمة تفسير تتعارض مع قوله تعالى (قرآناً عربياً غير ذي عوج), ومع (قرآناً عربياً مبين). ولكن هكذا حال كثير من الناس الذين ومن ضمن ما وصفهم الله تعالى به في سورة البقرة قوله عنهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ 11).
ثم أنظر إلى قوله تعالى في سورة النساء: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ - « وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا » 82), (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ « أَذَاعُوا بِهِ » - وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ-;- أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ « لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ » ←-;- وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا 83).
ثم أخيراً يستعجلنا الأخ الكريم في ألرد على تعليقاته تحت عنوان: (الاستاذ بشاراه أحمد لايرد), فيقول فيه ما يلي:
((... نحن ننتظر اجابه اوتعليق على حججنا وتفنيدنا الى ماجاء به الاستاذ بشاراه, فان كان مشغول فهو معذور, وان كان قد اعيْتُه الحيله للرد فلا بأس ان يعترف بقدرتنا على مقارعة الحجه بالحجه. اما ان كان غير هذا فنحن مستمرون على طرق الحديد وهو ساخن حتى نرشد من يريد الرشد الى سراط العقل القويم ...)).
نقول له وبالله التوفيق:
إن ما جاء في تعليقاتك لم يترك لنا خيار في عدم الرد عليه لأنه قد تضمن مواضيع هامة للغاية فلا مناص لنا من الإستجابة لطلبك الملح المنطقي, أما قولك بأنه قد أعيتنا الحيلة فهذا بالطبع غير وارد لسبب بسيط ألا وهو (ما دام هدينا القرآن, فالقرآن,, ثم القرآن فحسب, فأننا نؤكد لك جازمين أنْ لَّا مجال للحيلة أن تعيينا, كيف لا وقد قال الله تعالى وما فرطنا في الكتاب من شيء.
أما قدرتك على مقارعتنا الحجه بالحجه, فليس هناك أبلغ ولا أأكد على ذلك من تناولنا لما جاء في تعليقاتك بالتحليل والدراسة ولا نزال نأمل في أن يكون لهذا الموضوع آثار جديدة تحرك لديك جوانب أخرى يمكن نقاشها معكم ثم طرحها على القراء الكرام ليدلوا بدلوهم حتى لو وصفونا "بالقسورة" أو ابن آوى (التَّعْلَبْ).
قال تعالى: في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا » - أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ ←-;- فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ-;- مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ 6). (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ « لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ » - وَلَٰ-;-كِنَّ اللَّهَ « حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ » وَ « كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ 7)، (فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً ←-;- وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 8). فهذه الآيات البينات تتلمس مواطن يحدث منها "الشجر" والخلافات والقتال بين المؤمنين, بل بين أفراد الأسرة الواحدة, وبين الأصدقاء والزملاء... الخ فماذا لو حدث قتال بين طائفتين بسبب ما شجر بينهم؟؟؟
ففي إطار قوله: " فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ", قال تعالى:
1. (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا « فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا »...), وإنتهى الأمر بالوفاق والوئام,
2. ولكن, قد لا يبلغ الناس هذا الوفاق بالصلح, وقد أحضرت الأنفس الشح, وقد لا يرضى طرف أو طائفة بحقها فتبغي على الأخرى, قال في ذلك: (... فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ-;- « فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ-;- تَفِيءَ إِلَىٰ-;- أَمْرِ اللَّهِ » ...), والقتال سيستمر ما دامت هذه الفئة الباغية مستمرة في بغيها, ولكن متى ما فاءت عن البغي يجب إيقاف قتالها فوراً,
3. قال تعالى: (... فَإِن فَاءَتْ 1« فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ » وَ 2« أَقْسِطُوا » ←-;- إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ 9).
أين تلك الأوجه التي يتحدث عنها المبطلون؟؟؟ ..... ثم أنظر إلى الإحكام فيما يلي:
لم يترك الله الحكام على هواهم وإنما أطر لهم دورهم حتى لا يحتمل سوى وجه واحد فقط, قال لهم موجهاً ومحذراً: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ - « فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » وَ « اتَّقُوا اللَّهَ » ←-;- لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 10).
ثم عمد إلى تجفيف منابع الشجار والإختلافات التي تؤدي إلى الإقتتال, قال تعالى مفصلاً ذلك تفصيلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا 1« لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ-;- أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ » وَ 2« لَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ-;- أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ » وَ 3« لَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ » وَ 4« لَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ » - بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ←-;- وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ 11).
ثم عمد إلى تجفيف منابع الأحقاد والضغائن التي تؤثر على المشاعر والوجدان, وهي أيضاً من أكبر الأشياء التي تنخر كالسوس في الثقة بين الناس أو على الأقل تصعد الفتور في العلاقات وتقلل من المحبة والأريحية,,, قال محذراً منها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا - 1« اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ » وَ 2« لَا تَجَسَّسُوا » وَ 3« لَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ؟» وَ 4« اتَّقُوا اللَّهَ » ←-;- إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ 12).
ثم عمد إلى علاج الناس - كل الناس - من أمراض النفوس التي تقود إلى التفاخر والتعالي والكبر, فينشأ الغبن بينهم وبالتالي يقع البغي, فبين لهم معايير التفاضل بينهم عند الله تعالى وذلك هو التفاضل الحقيقي والمقبول لديه, قال لهم بكل صراحة ووضوح: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ - « إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ-;- » وَ « جَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا » - « إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ » ←-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ 13). لم يقف عند هذا الحد من الصفاء والنقاء.
ثم عمد إلى إزالة الوهم عن الموهومين ومواجهتهم بحقيقتهم عند الله تعالى, قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا - « قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰ-;-كِن قُولُوا أَسْلَمْنَا » - وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ - «« وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا »» ←-;- إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 14), ثم بين لهم من هم المؤمنون, فقال لهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ - « الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا » وَ « جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ←-;- أُولَٰ-;-ئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ 15).
أين تلك الأوجه التي تتحدثون عنها أيها المبطلون المدلسون؟؟؟
لعلك وقفت بنفسك أخي أن المواضيع التي تعرض للنقاش حولها إشكالات كبيرة نحاول بقدر الإمكان أن نبين معالم الصورة حتى تكون مقبولة للمتابعين وتكون مجزية كافية بالنسبة لصاحب السؤال أو مطلق الفرية,, ولو عالجنا كل شي فيها لوجدتها أضعاف ما كتبناه, والآن بعد كل هذه المعالجات العامة التي أجريناها لأهم ما ورد في تعليقاتكم أنا على يقين من أنكم سترجعون لنا في نقاط أخرى أكثر تعمقاً من ذي قبل, فهل تتوقع منا أن نمر عليها مر الكرام أم ستصبر عليها حتى لو كانت مملة كما قلت في تعليقاتك الماضية؟؟؟
قال تعالى في سورة الزمر: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا « غَيْرَ ذِي عِوَجٍ » ←-;- لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 28) ,
وفي سورة الكهف, قال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ-;- عَبْدِهِ الْكِتَابَ « وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا » 1), (قَيِّمًا « لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ » وَ « يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ » ←-;- أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا 2).
وفي سورة الأنعام, قال تعالى: (وَهَٰ-;-ذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا « قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ » 126), وقال أيضاً: (وَهَٰ-;-ذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ - « فَاتَّبِعُوهُ » وَ « اتَّقُوا » ←-;- لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 155), (أَن تَقُولُوا - « إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ-;- طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا » ←-;- وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ 156).
وفي سورة النساء, قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ؟ « وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا » 82), فمن كان صادقاً في إدعاءاته وإفتراءاته المغرضة, فعليه أن يأتينا بإختلاف واحد فقط في هذا القرآن ونعده بأننا سنثبت "بالقرآن" أنه هو الذي به إختلال مزمن في قدراته وفكره ومداركه.
كل هذه الآيات وغيرها تنفي تلك العبارة بصفة عامة ثم تؤكد نفيها عن الصحابيين الجليلين علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
فأنظر إلى قوله تعالى في سورة هود: (الر « كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ » ←-;- مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ 1), فهل أدرك مروجي هذه الفرية الظالمة ما هو تفصيل إحكام "الر" في هذه الآية, وأين تكمن إشارتها في السورة الكريمة؟ فهل تدبر علماء "التفسير", هذه السورة على الأقل حتى يبلغوا من هذا التفصيل مبلغ هذه الحروف المعجزة الكاملة البيان لعلهم يدركوا أن إشارتها عند قوله تعالى: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا «« إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ »» 41).
وهل هم مقتنعون حقاً بما هو موجود في كتب التفسير من أقوال في كل هذه الحروف المقطعة منها على سبيل المثال ما جاء بسورة البقرة من تفسير للآية المحكمة "الم", قالوا في ذلك "حرفياً" ما يلي:
(((... وإبتداء السورة بالحروف المقطعة "الم" وتصديرها بهذه الحروف الهجائية يجذب أنظار المعرضين عن هذا القرآن, إذ يَطْرُقُ أسماعهم لأول وهلة ألفاظ غير مألوفة في تخاطبهم, فينتبهوا إلى ما يلقى إليهم من آيات بينات, وفي هذه الحروف وأمثالها تنبيه على "إعجاز القرآن". فإن هذا الكتاب « منظوم » من عين ما ينظمون منه كلامهم, فإذا عجزوا عن الإتيان بمثله, فذلك أعظم برهان على إعجاز القرآن.
يقول العلامة ابن كثير رحمه الله: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور بياناً لإعجاز القرآن, وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله, مع انه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها, وهو قول جَمْعٍ من المحققين, وقد « قرره الزمخشري في تفسيره الكشاف ونصره أتم نصر», و « إليه ذهب الإمام ابن تيمية » ثم قال: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف, فلا بد أن يذكر فيها الإنتصار للقرآن, وبيان إعجازه وعظمته مثل "الم * ذلك الكتاب" "المص * كتاب انزل اليك" "الم تلك آيات الكتاب الحكيم" "حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين" وغيرها من الآيات الدالة . "إنتهى كلام المفسرين"))) .
ولتأكيد أن هذا كل ما عند المفسرين عن الحروف المقطعة,, هو أنهم قد إنتقلوا مباشرة إلى الآية التالية لها: (ذَٰ-;-لِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ 2) دون الإلتفات إلى هذه الآية المحكمة "الم" فاتحة هذه السورة المحورية أو الإشارة إليها مرة أخرى.
لا يرزال للموضوع بقية,,,
تحياتنا للقراء الكرام
بشاراه أحمد
#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟