|
المطلوب من المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 25 - 13:59
المحور:
القضية الفلسطينية
أمر مهم أن ينعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير ، حتى يشعر الفلسطينيون أن منظمة التحرير ما زالت موجوده ، وحتى يتم تبليغ رسالة لخفافيش الظلام الذين يهيئون انفسهم ليكونوا بديلا عن منظمة التحرير ومجمل الحالة الوطنية . لكن المهم ليس مجرد انعقاد المجلس ، بل الهدف الحقيقي من وراء الدعوة للانعقاد بعد طول غياب ، وطبيعة القرارات التي سيتخذها . لذا نتمنى أن يكون عقد المجلس المركزي بعد أيام منعطفا وتوجها استراتيجيا لاستنهاض منظمة التحرير والحالة الوطنية بشكل عام ، وليس مجرد مناورة لتمرير أهداف أخرى . أشار أكثر من مسؤول في المنظمة أن دعوة المجلس له علاقة بالأزمة التي تمر بها السلطة الفلسطينية ، فحيث إن السلطة الوطنية تأسست بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني في ديسمبر 1993 ، فعلى المجلس النظر في حال ومستقبل السلطة . إلا أننا نعتقد ونتمنى أن لا يقتصر عمل جلسات المجلس على مناقشة موضوع السلطة ، بل النظر في مجمل الحال الفلسطيني ، لأن أزمة السلطة جزء من الأزمة العامة ، وحل أو عدم حل السلطة لن يحل أزمة النظام السياسي ولا أزمة منظمة التحرير ولا أزمة حركة فتح . أزمة السلطة الوطنية ليست فقط نتيجة الممارسات الإسرائيلية ولكنها أيضا نتيجة أزمة النظام السياسي ومنظمة التحرير ونتيجة ممارسات من هم على راس السلطة . كثيرة القضايا التي تحتاج لمعالجات جذرية وعاجلة ، كإعمار قطاع غزة وحصاره ، والأزمة المالية للسلطة ومستقبلها والمصالحة الخ ، إلا أننا نعتقد أن أهم قضيتين يجب أن يبحثهما المجلس المركزي في حال انعقاده هما ملف إعادة بناء وتفعل منظمة التحرير الفلسطينية وملف السلطة الوطنية ، وأي تقدم وإنجاز في هذين الموضوعين سيسهل من حل المشاكل الأخرى . أولا : منظمة التحرير المتجددة ضمان استمرار القضية والمشروع الوطني ارتبط الحديث عن إعادة بناء واستنهاض منظمة التحرير بملف المصالحة ، باعتبار أن انضواء أو دخول حركة حماس وحركة الجهاد الإسلام والمبادرة الوطنية وغيرها في منظمة التحرير يعتبر الأساس للمصالحة وللوحدة الوطنية . كنا وما زلنا نتمنى لو نجحت جهود المصالحة في هذا السياق ، إلا أنه وبعد مئات جولات الحوار الوطني الممتدة من لقاءات الخرطوم 1991 إلى لقاء مخيم الشاطئ 2014 ، ومشاركة اكثر من بلد عربي وغير عربي كوسيط : السودان ، العربية السعودية ، مصر ، اليمن ، السينغال ، قطر ، تركيا الخ ، فإن الجهود وصلت لطريق مسدود ، بل يبدو أن الأمور تسير نحو تكريس الانقسام أكثر مما تسير نحو حل الخلافات ، لأسباب تتعلق بالنخبة السياسية ومصالحها في كل ربوع الوطن ، وأخرى لها علاقة بإسرائيل ، وأجندة المشاريع الإقليمية ، بالإضافة إلى أن حركة حماس جزء وفرع من جماعة الإخوان المسلمين التي لها مشروع إسلام سياسي متعارض مع المشروع الوطني الذي تمثله منظمة التحرير ، وهذه الثنائية أو الانقسام السياسي والأيديولوجي غير مقتصر على الحالة الفلسطينية . والسؤال الذي يفرض نفسه : إذا كانت حركة حماس ومعها الجهاد الإسلامي ، ولاعتبارات أيديولوجية وسياسية ، غير راغبتين في دخول منظمة التحرير ، فهل يجوز بقاء منظمة التحرير على ما هي عليه من ضعف وتهميش بذريعة رفض حماس والجهاد المشاركة فيها ؟. نخشى أن البعض يتحجج بفشل جهود المصالحة ورفض حماس المشاركة في منظمة التحرير لإبقاء منظمة التحرير الممثل الشرعي لكل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ضعيفة ومهمشة ، لأن استمرار المراهنة على استحقاق أتفاق أوسلو والتسوية يتعارض مع متطلبات استنهاض منظمة التحرير كحركة تحرر وطني لكل الشعب . إذن في ظل مأزق التسوية ومأزق سلطة الحكم الذاتي وفي ظل استمرار تَمَّنعَ حماس عن المشاركة في المنظمة ... يجب استنهاض منظمة التحرير لتأخذ دورها في قيادة الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني حتى بدون الفصائل المتواجدة خارجها ، كما أن استنهاض المنظمة وأخذها دورها القيادي للمشروع الوطني سيساعد ويشجع الأحزاب الأخرى على الاعتراف بها والتعامل معها بل وتشجعها على المشاركة فيها . يمكن تفهم التلكؤ في استنهاض منظمة التحرير في حالة واحدة ، وهي أن القيادة الفلسطينية وبعد الاعترافات المتوالية بدولة فلسطين ترى بأن المرحلة هي مرحلة الدولة وليس العودة لمرحلة التحرير ! ولكن نهج تعامل القيادة مع استحقاق الدولة ومع السلطة لا يعزز هذه الرؤية ، وهذا يتطلب من المجلس المركزي التوقف جيدا عند موضوع السلطة وعلاقتها باستحقاق الدولة . ثانيا : حل لغز السلطة أصبح الحديث عن حل السلطة الفلسطينية وكأنه لغز . فالفلسطينيون يتحدثون عن حل السلطة الفلسطينية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كالقول إنه إن استمرت إسرائيل في ممارساتها فسيتم تسليم مفاتيح السلطة لإسرائيل بمعنى تحميل إسرائيل المسؤولية عن الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ، هذا القول يوحي بأن وجود السلطة يخدم إسرائيل وبالتالي سيتم معاقبة إسرائيل بحل السلطة . ولكن في المقابل فإن مسؤولين إسرائيليين يهددون بحل السلطة وحكومة إسرائيل تعمل على إضعافها سواء من حجب أموال المقاصة أو غيرها من الطرق ، مما يوحي بأن السلطة مصلحة فلسطينية وإسرائيل تهددهم بحلها ! . على المجلس المركزي الفلسطيني أن يناقش بعقلانية وهدوء مسألة السلطة من خلال الإجابة عن التساؤلات التالية : هل وجود السلطة يحقق مصلحة للفلسطينيين ؟ أم مصلحة للإسرائيليين ؟ وهل المشكلة تكمن في وجود سلطة فلسطينية ؟ أم في وظائفها ؟ وهل حل السلطة سيؤدي لإخراج النظام السياسي من مأزقه ؟ ومن سيملأ وطنيا فراغ غياب السلطة ؟ وكيف نفكر بحل السلطة ونحن في خضم معركة قيام الدولة ، ولا دولة بدون سلطة ؟ . لا غرو أن بعض آليات عمل السلطة ، وخصوصا التنسيق الأمني مع الإسرائيليين وعجزها عن مواجهة الاستيطان ووقفه ، أصبح مبررا لتوجيه النقد والشك حولها بل وحول جدوى وجودها، وخصوصا أن إسرائيل لم تقابل إجراءات السلطة الأمنية التي توفر لها ولمستوطناتها الأمن بإجراءات إسرائيلية مقابلة توفر الأمن للفلسطينيين في حياتهم ومعيشتهم وممتلكاتهم وحريتهم في التنقل ، و تعثر مسار التسوية الذي ارتبط وجود السلطة بوجوده بل وصوله لطريق مسدود ، ونضيف لذلك تحول السلطة لهدف بحد ذاته للأحزاب والفصائل الفلسطينية يبرر القتال الداخلي عليها وحولها . لكن ... اختزال المأزق الوطني بالسلطة قد يصرف الأنظار عن التفكير العقلاني بواقعنا وبالأسباب الحقيقية والاستراتيجية لأزمة ومأزق المشروع الوطني الفلسطيني برمته . إن كان لا بد من حل السلطة فهذا يجب أن يكون في إطار توافق وطني على إعادة بناء استراتيجي يشمل السلطة ومنظمة التحرير والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني . ومن جهة أخرى ، كيف نتحدث عن حل السلطة وفي نفس الوقت نناضل من أجل الدولة ، والسلطة مكوِن رئيس من مكونات الدولة ؟ ! ، مَن يناضل من اجل الدولة عليه ان يتمسك بالسلطة ويناضل حتى تقوم بوظائفها كسلطة سيادية ، وإلا فإن السعي للدولة سيصبح دون معنى ومجرد مضيعة للوقت أو إلهاء للشعب . تثبيت السلطة و تغيير وظائفها لتصبح وظائف سلطة دولاتية ، خطوة مهمة وضرورية في معركة الدولة حتى وإن أدى الأمر للتصادم الميداني مع إسرائيل. نفهم شرعية التفكير بحل سلطة الحكم الذاتي ، إن كان البديل الوطني جاهز ، سواء منظمة التحرير ، أو حالة ثورية تواجه الاحتلال ، أو تحويلها لسلطة سيادية لدولة فلسطين ، ولكن في ظل عدم وجود البديل فمن سيواجه الاحتلال وكيف نواجهه عندما يتم تسليم المفاتيح له ؟ وهل تسليم المفاتيح يعني هجر العمل السياسي والكفاحي نهائيا ؟ . في ظل عدم تفعيل منظمة التحرير وضعف الحالة الحزبية ، وفي ظل عدم الرغبة في تحيين الدولة الفلسطينية والدخول بمواجهة مع إسرائيل لفرض الدولة ، فإن التهديد بحل السلطة يعتبر مغامرة تعبر عن اليأس وليس خيارا وطنيا . ويجب لفت الانتباه أنه في الواقع الراهن فإن السلطة وبالرغم من كل عيوبها هي المؤسسة الوحيدة المنتشرة في كل ربوع الوطن وتربط أبناء الشعب في مؤسساتها المتعددة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والتعليمية حتى وإن كان في إطار خدماتي . [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انقلاب هادئ وخطير في أراضي السلطة الفلسطينية
-
مشهدان متناقضان في فلسطين المحتلة
-
هل سيغطي إرهاب داعش على الإرهاب الإسرائيلي ؟
-
صناعة دولة غزة
-
هل توجد استراتيجية فلسطينية لمواجهة الحرب القادمة ؟
-
الحذر من تعويم مفهوم الإرهاب
-
كيف ستنجح حكومة التوافق الفلسطينية في ظل غياب التوافق !
-
المؤتمر السابع لحركة فتح : عليه المسؤولية والرهان
-
فشل التصويت على القرار العربي في مجلس الأمن (رب ضارة نافعة)
-
الفريضة الغائبة وطنيا
-
حول مشروع القرار المقدم لمجلس الأمن حول فلسطين
-
إسقاط صفة الإرهاب عن حركة حماس إنصاف لحق المقاومة
-
مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بعد الحرب على قطاع غزة
-
اغتيال زياد ابو عين : حدث عابر أم لحظة فارقة
-
داعش فلسطينية ضرورة إسرائيلية
-
الاعتراف بفلسطين دولة تحت الاحتلال لا يلغي الحق بالمقاومة
-
إعمار غزة أكبر وأخطر من كونه مسألة إنسانية
-
ما سر هذا الاهتمام بذكرى استشهاد أبو عمار ؟
-
تفجيرات غزة الإرهابية وردة فعل حكومية خاطئة
-
معركتنا الوطنية الأساسية في القدس والضفة وليس في غزة
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|