|
كيف تصبح محترما في 15 يوما بدون معلم
حجي خلات المرشاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 19:39
المحور:
كتابات ساخرة
كيف تصبح محترما في 15 يوما بدون معلّم : حين قضى (أبو خلف) نحبه بالسكتة (الوطنية) المفاجئة نتيجة أحتشاء عضلي في حجرة (المبادئ) ، بحث ذووه عن أدنى شيء ذي قيمة في مستشفى (الذمم) المتحدة حيث كان يتعالج، فلم يعثروا بعد جهد جهيد من التفتيش في الدواليب والمجارير إلا على كرّاس مندعك الأوراق ومكتوب عليه بخط اليد بضعة نصائح هي كلّ ما جادت به قريحة (أبو خلف) تنفع الذين يطمحون لوضع أقدامهم على أول درجات سلّم التسلّق والسلق والتعويض الناجع عن الفراغ الداخلي بملء الجيب الخارجي بما يسمح به صدر الوطن الرحب والطيب. يبدأ (أبو خلف) كرّاسه بعبارة فلسفية موحية تقول( ليس عيبا أن تطمح لنيل الاحترام، ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال بأنك لست محترما بالأساس!) ثم يسترسل قليلا في بيان فوائد كرّاسه ويدعو في لهجة أبوية حانية الناس إلى السير على هدي منطلقاته التي خرج بها بعد تفكير طويل ومضن، حيث يكتب (هذه بضعة منطلقات تبدأ منها لتصبح ذا شأن في فترة قياسية وبجهد قليل)، لكنه ينهي مقدمته بعبارة تحذيرية خطيرة(عليك بعد الأخذ بما سيرد لاحقا أن تتخلص نهائيا من الإحساس الثقيل الوطأة الذي ينغرز في أعماقك كشوكة قاسية بتفاهتك وضحالة روحك حتى تحصل على تناغم وتجانس بين شعورك الجديد والاحترام الذي سيغلّفك به المحيطون بك). أبو خلف لا يضيّع وقتا فيدخل بنا في صلب الأسس التي أبتدعها لتحقيق الهدف المنشود. أذن لنمضي سوية في رحاب تلك الأسس: 1 ـ شكّل حزبا..! لا تستغرب أو تندهش فأنت لست اقل من غيرك ولديك الموهبة اللازمة على فعل ذلك بالقليل من المثابرة والتصميم والقدرة على اتخاذ القرار. ستكون بحاجة لمؤيدين وأنصار وتمويل مالي من جهة إقليمية معينة وبناية تؤجرها وشعارات ترفعها لتدغدغ بها مشاعر الجماهير وأهدافا طوباوية مستحيلة التحقق تستميل بها قلوب الناس. 2 ـ رشّح للبرلمان..! أجل يا سيدي (كله في السليم) لأننا عدة قوميات وعدة أديان وعدة مذاهب وعدة ولاءات وهي فرصة ذهبية للعب بالورقة الطائفية والقفز مثل بهلوان محنّك على الحبال المعتقة والموغلة في القدم بخلافاتها وتنافراتها وتخندقاتها وتمترساتها. وراءك عشيرة كبيرة ومريدون عميان . تذكر نحن بلد ديمقراطي وكل شيء فيه مباح فقط العب بورقة الخدمات المزرية والانقطاع المستديم للكهرباء وأتكئ على جهة سياسية تعرف من أين تؤكل الكتف وأنتظر الثمار. قطعة سكنية فسيحة على شواطئ دجلة وطاقم بالمئات من الأفراد لحمايتك وحصانة دبلوماسية تغطي على تجاوزاتك وتبيح لك الدوس على رأس القانون ولوي عنقه الشفاف ولا تنسى الراتب الخرافي ..أنها أكثر من خمسين مليون دينار عراقي وما يتلوه من صفقات وحصص في استثمارات الشركات القادمة (لتعمير العراق). 3 ـ أذا لم تكن من محبّذي السياسة ـ وهذا شيء نادر الحدوث في العراق الآن ـ اصدر صحيفة..! نعم جريدة أو مجلة أو حتى مطبوع شهري، بشرط أن تخلع عنك أفكارك الحقيقية ومشاعرك الصادقة وترتدي ما يميل إليه الشارع العراقي وتكتب ما يفضّله أبناء جلدتك. اشجب (الاحتلال) أولا فهو الترياق السري لكل شيء ثم ارفع عقيرتك ودافع عن ( المقاومة الشريفة) التي تقتل عشرين ألف عراقي مقابل أمريكي واحد، وأعلن عن قلقك بشأن المعتقلين وألقي الوعود جزافا على مناصريك بتخصيص أنبوب نفط لكل واحد منهم وأغدق عليهم بالعطايا. 4 ـ أذا لم تمتلك فذلكة اللسان وسلاسة التعبير والقدرة على الكذب المبرمج، اشتر عقالا..! أجل، إشتر عقالا مبروما في هونك كونك ومصبوغا في تايوان ومشحونا من موانيء دبي، وأستكمل وجاهتك ب( غترة ) بيضاء كنوايا الأكثرية منا، وأحسنْ إنشاء قبتين لها على رأسك الممتلئ بالأفكار والغاصّ بالمشاريع ثم لا تنسى اللوازم الأخرى من (الزبون) و(الحورانية) وتزعّم أتباعك وأجلس في (الصدر) عملا ب(دون كيشوتيات) أبو فراس الحمداني: لنا الصدر دون العالمين أو القبر. لا بأس إن مارست بدويّتك الفطرية المتوارثة كمسلّمة لا تمس ولن ينزعج مجلسك حتى لو علم أنك تعاشر غلمانك الكثيرين كلما ضاقت بك سبل شهوتك الطبيعية أو الشاذة. 5 ـ إن كنت لا تملك الطول اللازم وزمّة الشفتين المطلوبة ونفخة الصدر الكاذبة ونبرة الصوت الحازمة وثقافة المجالس والدواوين البدوية ، إشتر بدلة..! نعم نعم ، بدلة مكوية بعناية مع توابعها طبعا كالرباط والقميص المنشّأ الياقة والحذاء اللمّاع وربما نظارة طبية أو مموّهة للتأكد من تكامل الأناقة أو من باب الأحتياط. هذه البدلة المباركة ستكون لك خير عون في إنشاء مؤسسة مدنية صغيرة ستكبر بمضي الوقت وتقاطر الزوار والمعجبين الذين سينتمون إليها عاجلا أو آجلا، لتبدأ بعدها لعبة التلوّن الرائعة والقفز فوق مراكز القوى ، وممارسة عملية التجاذب والتنافر، والتشدّد تظاهرا وتقديم التنازلات من (تحت العباءة) مع الاحتفاظ شكليا بالمثل والقيم والمبادئ كخط دفاع أمامي وإطار جميل وواجهة جذابة لأستجلاب الزبائن والصعود على أكتافهم فيما بعد. 6 ـ اسرق..! لا تشعر بالصدمة أو الحنق رجاءً، لأنك لست أول من يفعلها ولن تكون الأخير، وكن واثقا بأن سرقاتك ستصبح أحاديث تندّر وتسامر في المقاهي والأمكنة العامة، وسينظر لك المجتمع على إنك بطل لا يشق له غبار تحدّى القوانين الأرضية والشرائع السماوية والأعراف الاجتماعية. ستكون المحاولة الأولى هي الأصعب حتما ومن ثم سيصبح الأمر اعتيادا و( كاراً) تجيده ، فتأتي الطيّبات سراعا سراعا، البيت الفخم والسيارة الفارهة والموبايل والكومبيوتر وخط الانترنت والبذلات الباذخة والعذراوات الجميلات بالإضافة طبعا للمكاسب غير المنظورة كأحترام الناس وتقرّبهم وتزلّفهم إليك، وتحيات الجيران المبالغ فيها وحب الأصدقاء والزملاء، والتصفيق والتزمير والموافقة على كل كلمة ـ عفوا ـ درّة تخرج من فمك المعطّر وأسنانك الناصعة البياض والنظيفة كيديك طبعا! 7 ـ افتح مركزا أو منتدى أو جمعية أو.. أو .. ولا بأس أن تكتب على يافطته الأمامية المصطلحات المعتادة (الثقافي الاجتماعي الإصلاحي التعاوني التضامني العام). هنا عليك أن تتمتع بالنظر البعيد و(البال الطويل) وسعة الصدر والصبر الجميل لأنك حتما وبعد فترة وجيزة ستستثمر (المركز) خير استثمار لتصبح مهمته الثقافية محصورة بأفراد عائلتك وبعض أقاربك ليتنعّموا بمنجزات العلم وخدمات الإنترنت والهواتف النقالة. وبعد فترة وجيزة أخرى سترتدّ مهمة المركز الأساسية على أعقابها مائة وثمانين درجة وتصبح فقط خاصة بتنقلاتك عبر السيارة التي وفّرها من دعمَ مؤسستك. كما أن كلمة (العام) ستفقد محتواها تدريجيا وتتحول بطريقة سحرية إلى (الخاص) وهكذا دواليك حتى تجد أخيرا بأنك أصبحت المركز وأن المركز أصبح أنت مثلما فعل قائدنا الهمام حين جعل العراق هو وجعل نفسه العراق كملكية خاصة لا يأتيها الباطل من أي جانب. 8 ـ إطلق لحيتك وشاربيك وأعتمر عمامة أو أي غطاء للرأس، لا بأس ! لن يفطن أحد بعد تلك التغييرات إلى أنك كنت سابقا ضابطا في أحدى مديريات الأمن وعلى يديك سُلختْ الكثير من الجلود وأْغتصبتْ العديد من الأعراض وشُنقتْ الكثير من الحناجر، ولن يعرف أحد كمّ التقارير التي أرسلتها وجندلتَ بها الكثيرين ، فلطالما كان الدين والتشدّق به خير مخرج من كل الجرائم والقذارات التي يقترفها الإنسان ، وبمزيد من الشطارة والذكاء قد تدفع الأمريكان إلى عقد صفقة (نظيفة) ومربحة معك، تخرجك من حفرتك وتضعك على رأس كتلة متطرفة سيهابها الجميع بعد حين. 9 ـ صر عضوا في مجلس محافظة أو مجلس بلدية. ليس الأمر بغاية الصعوبة فتزكية من هنا و(واسطة) من هناك ، وتبويس لحية هذا وتقبيل أكتاف ذاك، وعزيمة ووليمة، وهدية وعطية ، و(فيد أستفيد) و(شيّلني وأشيّلك) وتصبح الحياة (بمبي). المشاريع على قدم وساق والمناقصات أكثر من أن تعد والتواقيع ذوات العشرين ألف والثلاثين ألف والمائة ألف صعودا صعودا حتى جنات عدن وفراديس السماء، ولكي لا تضيع عليك (الحسبة) أو تنسى راتبا من رواتبك الكثيرة ، إختر مجموعة من الأذيال ليرتبوا أمورك ويسيّروا شؤونك وينظموا مواعيدك ويستقبلوا بريدك ويردون على مكالماتك ويصفّقون لكلماتك كي تمسك بكرسيك الدوّار حتى مماتك. 10 ـ كن أجيرا..! لا تسأل ما الأجير رجاءً. ثمة كاتب أجير وشاعر أجير وقاتل أجير ووكيل أجير وسياسي أجير وربما هناك (عزرائيل بشري) أجير. سيخافك الناس ويتجنبون الحديث بحرية في حضورك خشية من ردة فعلك غير المتوقعة أو خشية من الجهة التي تدعمك. سينقل الجميع لك ما تودّ سماعه ولن يخبرك أحد بحقيقتك كأنسان أجير ورخيص لا موقف له ولا مبدأ. لن تختلف عن كل النماذج التي سبق وان تناولها الكرّاس إلا في شيء واحد، هو أنك تطرح نفسك مباشرة بدون مواربة أو تزويق كفرد يعمل من أجل جيبه ويقف في صفّ من يدفع أكثر. 11 ـ وأنت أيتها المرأة ، يا نصفي الثاني والخطر، سامحيني إذا لامسك بعض الشرر لأن جمعيات حقوق المرأة تتوالد كالطحالب، لذا عليك أن تركبي الموجة حتى يصيبك من المحارات لؤلؤة! المجال مفتوح والساحة واسعة لأن الكثيرات يخشين الظهور في منطقة كانت حكرا على الرجال. سترفعين مطالب المرأة شعارا جذابا وتنادين بمساواتها بالرجل ومنحها المزيد من الحرية والحقوق المدنية والسياسية. سيدعمك الغرب أكثر من الشرق فأبشري بربح المعركة. ستغطي الصحافة نشاطاتك وتُجري الفضائيات الحوارات معك وسيلمع نجمك وتنالين الشهرة بسرعة الصاروخ لتبدأ بعدها مرحلة جني الثمار وقطف الفوائد والمكاسب. أما في البيت، فلا ضير أن تعلّقي الشعارات على أقرب حائط حتى يتسنى لك غسل أقدام زوجك الآتي متعبا وعصبيا من عمله. 12 ـ إن كنت لا تجيد أي لعبة ـ عفوا ثانية ـ أي من المبادئ أعلاه، أنصحك برمي الكرّاس جانبا والبحث عن منقذ آخر لخيبتك ونحسك الأبدي . ملاحظة : لم يتطرق البحث إلى رذائل الإنسان كالكذب والنفاق والتلوّن والخيانة والخسّة والضحك على الذقون وانعدام الضمير وفساد الأخلاق ووو... لأنها أساسيات لا غنى عنها لمن يريد تحقيق أكبر فائدة مرجوة من فحوى هذا الكتيب. ملاحظة ثانية: ليس في النص اقتباس أو سطو فكري أو أدبي على كتاب (الأمير) لمؤلفه الهمام ميكيافلي، وجميع الحقوق محفوظة لمؤسسة ال.... للكذب والتزوير.
#حجي_خلات_المرشاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدين يكره الحب
-
الى النائب ...... المتيوتي: هذا هو الفرق بين الايزيديين وبين
...
-
قصة قصيرة
-
مرارة الألتحاق
-
فلم ثقافي.. وقصص أخرى
-
قصص قصيرة.. أوان الموت
-
مياه بابل(قصص قصيرة جدا)
-
كارثة النطفة-قصص قصيرة جدا
-
تقاسيم على مقام ايزيد
-
الخيول الغاضبة
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|