|
الهوية الوطنية في العيد الوطني
عبدالعزيز عبدالله القناعي
الحوار المتمدن-العدد: 4730 - 2015 / 2 / 24 - 19:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
الهوية الوطنية في العيد الوطني اليوم الوطني هو اليوم الذي يدل على استقلال البلد وتاريخ البداية لنهضة المجتمع والشعب، ويصادف معه غالبا قيام احتفالات عديدة، رسمية وشعبية للمشاركة في الفرحة من جانب، ومن جانب آخر الدعوة الي المساهمة في التنمية والتقدم. وتطرح في هذه المناسبة الوطنية عادة الكثير من الدروس والعبر وسير الماضي ليستلهمها الأبناء بعد أن قدم الآباء والأجداد أدوارا تاريخية تدل على السعي الي الإستقلال وبناء الدولة وفق المفاهيم العصرية الحديثة. وفي الكويت، يعتبر العيد الوطني الكويتي عطلة رسمية احتفالاً بذكرى استقلال الكويت عن المملكة المتحدة، ويحتفل به في 25 فبراير من كل عام. حيث استقلت الكويت في19 يونيو 1961 بعهد الشيخ عبدالله السالم الصباح، فكان اول احتفال بعيد الاستقلال اقيم في 19 يونيو1962، وهي المرة الوحيد التي اقيم فيها احتفال بالاستقلال بهذا التاريخ، وفي عام 1963 تم ترحيل عيد الاستقلال (نظرا للحر الشديد في هذه الفترة)، وتم دمجه بتاريخ عيد جلوس الأمير عبدالله السالم الصباح والذي يصادف يوم 25 فبراير من كل عام بداية من عام 1963. ومنذ ذلك الحين والكويت تحتفل في عيد استقلالها في هذا التاريخ. يعد مفهوم الانتماء الوطني من المفاهيم العالمية المهمة في عالمنا المعاصر، وفي وسائل إعلامنا وفي محاضراتنا وندواتنا بل أصبح مفهومًا رئيسًا في حياتنا العامة. إن مفهوم حب الوطن هو الإخلاص والولاء للبلد الذي ينتمي إليه الانسان. ففيه يولد ويحيا طفولته وشبابه، حتى كهولته وشيخوخته. فالوطن مرتبط بالوعي واللاوعي الفردي والمجتمعي. والسلوك الفردي فيه هو جزء من شخصية عامة مجتمعية، محكومة بعوامل وعناصر مرتبطة بالتاريخ والحضارة والثقافة ووحدة الجغرافيا وغيرها من المجالات، وهي محددات رئيسية للمجتمع وللشعب، على طريق بناء الأمة. لكل ذلك فان الترابط عضوي بين مفاهيم حب الوطن، الوطنية، المواطنة. وقد حرصت الحضارات الإنسانية، القديمة والحديثة، على زرع قيم المهنية وحب العمل وإتقانه في نفوس الأفراد باعتباره قيمة إيجابية وطنية مهمة تدل على تميز الفرد ومكانته، وتسهم في تطور المجتمع ونمائه واستمرار تفوقه، على إعتبار أن العمل الصحيح ليس مجرد مصدر للدخل بل هو المواطنة الصحيحة التى تخدم المجتمع والوطن. وأمام الأزمات المتكررة التى نعيشها بالكويت، يظهر هناك عدة أوجه للقصور بقيام المواطنين بتأدية أعمالهم بالشكل المناسب المؤدي الي تقليص المشاكل وبالتالي الأزمات التى جعلت من المجتمع الكويتي مجتمع خامل وكسول يعتمد على مفهوم الدولة الريعية المسؤولة عن مأكله ومشربه وحتى وفاته. وهذه النظرة أو الإتكالية ليست وليدة اليوم، بل يسود، بعض مجتمعات العالم العربي، ومنهم الكويت، نظرة اجتماعية خاطئة تحولت الي ثقافة وظيفية عامة لها مفاهيمها وملامحها السلبية التى ترى أن العمل هو مجرد تأدية وظيفة بأقل مجهود ممكن للحصول على بعض الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية، دون الإهتمام بالإخلاص والتميز والإنتاج، وهذا ما دفع بعض المواطنون الي إملاء الفراغ الذي يشعرون به باختيار أبواب فاسدة ومضرة اجتماعيا وسياسيا على الدولة والنظام العام. في ضوء ذلك لم يكن مستغربا أن تتفشى في الوسط الحكومي مفاهيم وظواهر وسلوكيات اجتماعية ومهنية وإدارية رصدت بدايتها منذ تأسيس أجهزة الدولة بمفهومها الإداري الحديث، لتترسخ مع مرور السنين وتشكل ثقافة عمل سلبية لم تستوعب منذ البدايات من قبل الجهات المعنية بالرقابة والمحاسبة الإدارية، فتراكمت لتصبح دعوات مبطنة وأحيانا صريحة نحو عدم الجدية في أداء المهام الموكلة للموظف بشكل عام، ولعل أكبر دليل يدعو للقلق هو حالات الغياب المتكررة على مدار السنة للموظف الكويتي قبل وبعد المناسبات السنوية، ومنها مناسبة الأعياد الوطنية، وهو مؤشر خطير على فشل السياسات الحكومية بتأصيل مفاهيم الإلتزام السلوكي بالعمل. لاشك إنها إشكالية واضحة في دوائرنا الحكومية، وفي سلوكياتنا المجتمعية عن مفهوم العمل الصحيح، وهي ليست وليدة اليوم أو السنوات القليلة الماضية، بل هي مترسخة في مفاهيمنا الاجتماعية والسياسية والدينية منذ القدم، يضاف لها عدة عوامل حديثة أسهمت في تكون النظرة العامة السلبية عن العمل، وعلى رأس الفشل طبيعة نظام التعليم لدينا، والذي له أثر كبير في تشكيل عقلية وفهم المجتمع للعمل ونظرتهم له، فالمناهج لا تؤصل لمثل هذا النوع من حب العمل والإنتاج والإبداع. وكذلك تتحمل الأسرة الكويتية جزءا من مسؤولية غياب ثقافة العمل وعدم غرسها منذ الصغر في نفوس الأطفال، وتلعب رفاهية المجتمع الزائدة عن الحد دورا في غياب ثقافة العمل الصحيحة. وحتى نستطيع مواجهة الواقع التعيس لهكذا ثقافة سلبية، فيجب تفعيل مضامين الرقابة الوظيفية والمحاسبة الجادة وسن قوانين وتشريعات تتواءم مع التغييرات المجتمعية التى أثرت على الوطن بشكل أكبر سياسيا واجتماعيا، ووضع أفكار وأساليب إدارية جديدة تعزز أولا نظرة المجتمع الإيجابية الي العمل وتحمى قيمه ومعاييره، وتتماشى ثانيا مع تحديات العصر ومستجداته، وذلك عن طريق إبراز القدوة الحسنة قولا وفعلا، والإلتزام بأوقات العمل، والجدية في محاسبة المقصر، ونشر المفهوم الصحيح للعمل المبني على مبدأ أن العمل هو المواطنة الصحيحة، والحرص على نشر التوعية الاجتماعية بمختلف الوسائل والآليات من أجل تشكيل ثقافة اجتماعية إيجابية عن العمل تتحول الي قناعة راسخة، لاسيما في نفوس الأجيال الصاعدة الذين يمثلون مستقبل الوطن وقوته، والإبتعاد عن التأثيرات السلبية التى جعلت من أزماتنا المتكررة، السياسية والاجتماعية، عاملا ودافعا لأن نكره كل قيمة أخرى لها دور، وإن كان صغيرا، بخلق الأمل من جديد. إن الهوية الوطنية الصحيحة والفاعلة تبدأ من الإجابة على أسئلة باتت مطروحة منذ فترة: لماذا لم يعد هناك إنتماء للوطن؟ لماذا كاد أن يختفي مفهوم الوطنية من حياتنا؟ لماذا حينما تسأل جيل الشباب والشابات هل أنتم على استعداد أن تضحوا بحياتكم من أجل بلدكم؟ يجيب جزء كبير منهم بلا، وحينما تسألهم لماذا؟ يجيبون ماذا أعطتني بلدي حتى أضحي بحياتي من أجلها؟ فهل أصبح حب الوطن مرتبط بمدى ما يوفره لنا من مميزات وخدمات حتى أصبحت عملية حب الوطن "مصالح"، أم ان إنعدام العدالة الإجتماعية وانتشار الفساد والمذهبية والقبلية واختفاء القيم المدنية هي السبب؟؟ ولماذا كانت تنجح الأغاني الوطنية القديمة في استثارة حماسة الشعب واتجاههم للعمل والإنتاج، بينما لا نرى أن الأناشيد والأغاني الوطنية الحديثة قد خلقت مواطنين فاعلين. لقد قال فوليتر يوما " ان خبز الوطن خير من كعك الغربة". ونحن في الكويت أصبحنا فى أشد الحاجة إلى تعريف الوطنية، فهناك من قال إن حب الوطن يمكن التعبير عنه بالعنف ومصارعة الحكومة والنظام، ومنهم من قال إن الوطنية تعنى مجرد احتفالات وفرحة ومن ثم تعود الأمور كما كانت، ومنهم من قال إن حب الوطن يبدأ من حب النفس وينتهى بحب النفس. فمن المسؤول عن ضياع مفهوم الوطن والوطنية..ومن قبله المواطن..؟؟
#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة العربية وعقبات الدين والمجتمع
-
في المعارضة الكويتية وإخفاق الحكومة
-
رسالة كويتية الي الرئيس الفرنسي
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|