|
ضحك على الذقون
عبد الجبار السعودي
الحوار المتمدن-العدد: 1320 - 2005 / 9 / 17 - 08:47
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
. . . وكأنني أعيش أحد أفلام الخيال والفانتازيــــا البوليسية والإجتماعية أو الدراما السياسية ، المبكية والمضحكة معاً لحال ما أفرزته الأحداث من صور يومية ومآس دامية ، ومعانٍ قلّ نظيرها وسط تسارع اللحظات والدقائق والأيام في تاريخ وطني السياسي . أطالع وبشغف ، كحال الآخرين .. كل ما تقدمه لنا الأخبار وما نعيش ، وأمزج كل ذلك بواقع مرارتنا .. وحلو أحلامنا ، لكي لا نفقد ( حبل السنارة ) ، وبالتالي ( صيدنا ) الموعودين به ! ( تلتمع ) عيوني حيناً و ( تخفو ) حيناً أخرى ، طبقاً لما تتناقله وكالات الأنباء وشبكة الأنترنت وطبعات الجرائد التي أطالعها عبرالأثير مرغماً ، بعد أن فقدت أصابعي أحساسها بلمسة صفحاتها السُمر .. في خشونتها ونعومتها التي إعتدت عليها . وأعود مرة أخرى ، لا مرغماً وحسب ، بل وعاشقاً لحزن الأوطان ومرارة الباحثين عن قوت يومهم وإغفاءة نومهم المسروقة عنوة ! لا يهزني ويستفز روحي ، سوى مرح الوحوش في غيّهــا و شراستها وهي تأكل وتنهمُ في إجساد غضة وطرية ، ناعمة وحالمة في النجاة من درب الآلام هذا و سيل الدماء الذي أفجع العيون والأرواح والدروب ! وبكل تلك الوقاحة ومنهج الفكرالدموي الذي إختطوه لقتل نبض الحياة في وادي الرافدين و وطن الأجداد .. ومع حيرة ( الولاة ) و جنون فرحهم بصيد ٍ لا يُغني ولا يُسمن إلا لأيام معدودات .. ! مع كل تلك البشائر السوداء و ( البيضاء ) ، تلوح من بعيد في سماء وطني المستباح ( بشائر ٌ) أخرى لا تسرّ يتيماً يافعاً ولا صبيــّـة يافعة يرجوان العيش من جديد حين يكبران ! وتصل مسامعي و أطالع مشهداً يكاد يدمي أوجاع وطني المستباح منذ الأزل ، ويطيل من نزيفه ونزيف من يلامس تربته وماءه دون قيد أو شرط ! وعبثــاً لا يكاد يتوقف أو يستحي خجلاً بمـــا نطقت به رسالات السماء ومن جاء بها ! لهو ٌ و ( لعب ٌ ) و ( ضحك ) على الذقون ، يسري و يمرح على هواه ، لا يوقفه ( عقل ) أو ( فكر ) ، إلا ( شرّ ) الحياة نفسها والساعون اليها والناطقون بها وبما يريدون ! و ( الكل ّ ) يلتحف من قمة رأسه ، مروراً بأصابع يده و حتى أخمص القدمين ، لا بلباس ( خادع ) وحسب ، بل وبـ ( نغمة ) مشروخة.. موجعة لا تستفز مواجعنا الأزلية ولا تــُطعم أفواهاً جائعة ولاعقولاً تنشد الغنى ! و الوحوش الآدمية ، كما هـي الوحوش نفسها ، تتنكر و تلهو ، وتلعب كما تريد ! تستبيح الديار والأجساد كما تشاء ! رجالهم .. نسوة في وضح النهار ! لا أحداً يجرؤ على المساس بـ ( قدسيتهم ) و( شرفهم ) المصان من حصافة المجتهدين و بدائع ما أنتجوه ! و نسوتهم .. رجالٌ قساة في وضح النهار ، نسين َ قسوة الظلم و زيف الوعود .. وصفعات الوجوه ! مشهدٌ يدمي القلوب وأذناب الطغاة يتجولون أحراراً .. يتباكون تارة بدموع ساخرة أمام عيون المتعبين ، ويضحكون تارة أخرى ، تحت خمار أسود و نقاب خادع و برقع أنزله ، لا رب العالمين ، بل المتحذلقين والمشعوذين وعباد السلاطين التي تمتلأ بهم وبخطاهم أرض الرافدين منذ أن أشرقت حواء بوجهها الناصع ، حيث هي ، بطهارة جسدها ونبل إيمانها بمن خلقها وبعث بها الى الحياة ، حيث لا حسيب ولا رقيب ولا واعظ متلون ولا سلطان ! ضحك على الذقون يدور ! و نسيان يتراكم يوما بعد يوم .. يلهو الطغاة به ، يتحاورون مع سجانيهم وهم خلف قضبان وهمية .. لا مسميات لها ولا أوطان ! وآخرون يمرحون ، تتسع شدقات أفواههم عند كل نكبة وسيل دماء وإغفاءة طفـــل يسقط في أحشاء أمه صريعاً حيث لا يرى النور ، أو غرقاً في ماء ٍ مقدس ٍ ، عذب ٍ محروم من أن يحيــــا به ويعيش ! والقاتلون ، منذ أن كانوا يمرحون بزهو ٍ وجنون ، وحيث القصور بهية و زاهية ، لا زالوا يجوبون أرض بلادي شمالها و وديانها يعتمرون العمامة والسروال ، بل وينطقون ! يغنون ، غناء ذئاب كاسرة تقتنص الفريسة وتطارد ! بل ويبكون معنــــا دمعاً غزيراً على أحزاننا .. ويتوسطون ! يضحكون على الذقون ، وكالنمـــــل الدؤوب بعيداً عن بلوانـــا ينشطون ! ونحن ، نهز الرؤوس عويلاً وبكاءً ، نلطم خدودنا الشاحبة من قهر وظلم الطغاة ، ونكوي الصدور وضلوعها لهيباً بصفعات أيادينــــا و منذ أن كنـــا صغاراً ! وتسيل الدماء ، التي ما بعدها من دمـــــاء ! ونصرخ .. هل من يسمع النداء ؟! لا نــــــداء .. ! صمت ٌ .. عبث ٌ .. هلاك ٌ و دمـــاء ! وأفواه الصغار تصمتُ عنوة ً ، فاغرة ً بريئة ، تنادي الخالق والغائبون ! لا نــــــداء .. !
ضحكٌ على الذقـــــــون !
#عبد_الجبار_السعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وعند كوبا .. بلسم ٌ للجراح
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|