أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد جبعيتي - الوصايا والألواح المحترقة














المزيد.....

الوصايا والألواح المحترقة


محمد جبعيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4729 - 2015 / 2 / 23 - 01:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أقيموا خِلافتكم فوق الخراب، وارفعوا راياتكم السّود في بلاد الله والأنبياء، من الذي كذب عليكم وقال لكم أننا نريد أن نقيم شرع السماء على الأرض؟ البشر ليسوا بحاجة إلى ربٍ جديد، وعقيدة جديدة، بل يحتاجون إلى الدفء والخبز وقليل من الرحمة. لكم الصحراء والبداوة والكتب الصفراء وجنة عدن، يا أحفاد يزيد والحجّاج والقرمطي، أما نحن فلنا سمفونيات موزارت وبيتهوفن، وأشعار ابن الرومي ولوركا، ولنا الأرض نتشرّد على أرصفتها، نذود عن أجساد أطفالنا التي نهشها الجوع والبرد، لكم آيات القتل والفتاوى وجهاد النكاح، ولنا ضحكات الصبايا وشذى الياسمين في قصائد شُعرائنا .
هذا الفكر السّلفي متى يحترق ويتحول إلى رماد، إنه جثّة أكلتها بكتيريا العصر وغطّاها الغبار. لم أجد أمة تعبد ماضيها وتقدّس مورثاتها مثل هذه الأمة، لو أن الحل يكمن في قبور أسلافنا لكنت أخلصَ حفّاري القبور، ولكنني لا أرى فيها غير وثيقة انهزام وخسارة، متى يتخلص الإنسان العربي من قيوده وأوهامه حتى ينظر أولادنا إلى الشمس، ويجادلون الوجود، ويقتحمون العالم ويعيدون تشكيله بوعيهم وثقافتهم، بعيداً عن سلطة الأفراد والسيوف التي تسرق اسم الله من عليائه، وتلصقه بكل ما هو متخلّف ورجعي وقاتل .
الإسلاميون الذين هدموا تمثال بوذا في أفغانستان، وحرّموا على المرأة الخروج من بيتها، هم ذاتهم الذين ذبحوا عشرات الأدباء والمثقفين في الجزائر، وهم ذاتهم الذين هجّروا اليزيديين من شمال العراق، وقتلوا الرهائن المصريين، وهم الذين أحرقوا مصر وأهلها ما إن ضاعت السلطة من أيديهم، وشعارهم القرآن والسيفين، بالتأكيد عرفتهم ؟ فكرٌ واحد لا يؤمن إلا بالسيف والذبح، وفتاوى ابن تيمية .
الدين وسيلة للوصول إلى السلطة والقوة والنفوذ، وعلى مر التاريخ استغل أبشع وأقذر استغلال، فشرق المتوسط يشهد على الحروب الصليبيّة والانقلابات والفتوحات باسم الدين، فهو وسيلة للخير أو الشر ولكنه ليس غاية، أن يعيش الإنسان لأجل الدين هو الخطأ الفادح، باعتقادي أن الإنسان وجد حتى يفكر ويبدع ويستفيد مما حوله من موجودات، بغية التطوير والتغيير، والهدف الحقيقي هو الحياة، فما أكثر المناطق المعتمة التي لا نملك الجرأة لاكتشافها وفهمها، فالخاسرون هم الذين يخرجون من تجربة الدنيا ولم يعرفوا سوى الركوع والانحناء والتسبيح، ولم يعطوا العقل فرصة واحدة ليضل، ويشك، ويسأل، معتقدين أن الأفكار والثقافة والهوية هي محض موروثات كالمال والعقار، فأين الإبداع والانفتاح والتجدد ؟ وكيف للعقائد أن تبقى نقيّة طيلة قرون، دون أن تفسَد ؟ كل ما أطلبه من جيلنا هو السؤال وعدم الإنجرار وراء شعارات برّاقة، جذّابة، مدغدغة للعواطف الشخصية والدينية مهما كانت، فأنا لا انتماء لي سوى للعقل والحرية، ومن وجهة نظري أن الإنسان الحُر لا يصنّف مثل الجمادات والحيوانات في قوائم، فالحرية هي الفضاء، لا القفص، والمقدّس لا قداسة له دون إنسان يقدّسه، وكلُّ دين مقدّس عند أهله، فلا ديانة أفضل من ديانة، ولا لغة أفضل من لغة، وما هذا إلا مكان للتفرقة وإشاعة الفتن والنّعرات .
" داعش " هي قابيل والقتل الأول، والمتوحّش والقاسي فينا، حركة ممتدة من بدء التاريخ حتى يرث الله الأرض وما عليها، وهي الفوضى في الفوضى، والعبث في العبث، والدّموي في الدموي، وليدة الظلم والطغيان، وسيدة السراب .
إن كنتَ تكره الموسيقى والنساء والورد الأحمر، فانتسب إلى الدين الجديد وقاتل حتى الموت، ولك جواز سفر إلى جنة عرضها السماوات والأرض .
وإن كنت تؤمن بإله واحد أحد، فأنت بالتأكيد منافق وكذاب، هناك إله الدينار والدرهم، وإله البترول، وإله الحكم والسيادة، وإله الجنس العنيف، فأيهما تختار ؟
وإياك أن تموت دون أن تبايع الخليفة، صلّت الله سيفه على رقاب العباد، فلك في الدنيا عذاب، ولك في الآخرة نار وأفاعي ونحاس .
هذا أنا، جسداً وروحاً وفكراً، ما هي الطريقة المثلى للتخلّص مني ؟ ذبحاً ؟ حرقاً أم شنقاً ؟ إسمع، إصنع لي مشنقةً من الكتب، ثم احرقني وانثر رمادي عند أبواب الكنائس والجوامع والمعابد الوثنيّة، وليقرأ الآخرون العبرة الكامنة تحت جلدي، وسطوراً من سفر الثورة والتمرد في عيوني .



#محمد_جبعيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد جبعيتي - الوصايا والألواح المحترقة