عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 12:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
من حق الحزب الوطنى الديمقراطى فى مصر أن يحشد الناخبيين , ويروج لمرشحة مبارك فى الانتخابات الرئاسية, ومن حقه أن يتفنن فى أليات التزوير والتلاعب فى كشوف الانتخابات لصالح مرشحية فى كل الانتخابات .
من حق الحزب الوطنى ايضا ان يستغل كل مؤسسات الدولة ويسخرها ويحتكرها لصالحه وتلميع نفسه امام الجماهير الصامتة .
من حق الرئيس مبارك الان ان يبرهن للناس انه رجل ديمقراطى وعليه ان يقوم فورا – بصفته الرجل الاوحد وصاحب القرار الوحيد طبقا للدستور – ان يلغى قانون الطوارئ وان ياتى بقانون جديد اسمه مكافحة الارهاب وعلى قيادات الحزب الحاكم كعاداتهم مثلما حدث مع المادة 76 من الدستور ان " يفصلوا " هذا القانون على مقاسهم ولمصالحهم حفاظا على الكراسى التى يحتكروها منذ اكثر من ربع قرن .
من حق مبارك الاب والابن والعائلة كلها ان تقرر كما حدث منذ ايام وعقب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية رفع سعر طن الحديد 250 جنيها , والمستفيد الوحيد هنا هو احمد عز صاحب شركات عز الدخيلة الذى سوف يربح المليارات بعد ان خسر الملايين متبرعا بها فى الحملة الدعائية المزعومة للسيد الرئيس مبارك .
من حق الاحزاب التى تقول انها معارضة والتى قامت بتأييد مبارك أن تؤيد كما تشاء بعد ان انكشفت امام الجميع بتبعيتها وان شعار المعارضة التى ترفعه ما هو الا لافتة معلقة على ابوابها المغلقة , فمن حقها الان ان تعلن عن تبعيتها وضعفها وانقسامها .
من حق احزاب المعارضة التى شاركت فى الانتخابات وقامت بدفع مرشحين لها لمنافسة مبارك أن تعلن الان عن خيبة أملها بعد ان كانت مجرد ديكور فى مسرحية هزلية أو فى فيلم السيد الرئيس ولتجميل وجه النظام أمام " الخارج " .!
من حق الاحزاب التى قاطعت الانتخابات ان تعلن عن فرحتها وانتصارها لانها لم تشارك فى تضليل الشعب فى عملية معروف نتائجها مسبقا , ومن حقها ايضا ان تعلن برامجها وسط الجماهير حتى ياتى اليوم الذى تشارك فيه دون خوف او تردد .
من حق السيد جمال مبارك نجل الرئيس ان يكون طموحا , وان يسعى لشغل منصب رئيس الجمهورية بعد والده , ومن حقه ان يعلن امام العالم ايضا بانه وصل الى هذا المنصب بالديمقراطية وان الناس كان امامها الخيارات كلها فى ان تنتخبه او لا تنتخبه او تختار غيره من المرشحيين او حتى تقوم بثورة لتغيير وجه مصر للاصوب او العكس .
من حق الجميع أن يحب ويكره ويختار ويشارك ويقاطع وينافق ويصدق ويعيش ويموت ويثور ويخضع , كل واحد من حقه ان يختار .. فهكذا تكون الحياه .
ومن حقى انا ايضا ان اقول ان السياسات التي اتبعها الرئيس مبارك وحزبه وحكوماته المتتالية طوال 24 عاما وانحيازه للأغنياء علي حساب الفقراء أدت إلي شيوع الفقر والبطالة وتوقف التنمية وانتشار الفساد وإرتفاع الأسعار ونسب التضخم وثبات الأجور والمرتبات وانخفاض قيمتها الحقيقية وانخفاض مستوي معيشة غالبية المواطنين وزيادة الدين المحلي والعجز في الموازنة العامة وعجز الميزان التجاري .. وتبخرت وعود التغيير والاصلاح السياسي واقتصرت علي تعديلات جزئية لاتمس جوهر النظام الفردي القائم .. وتوالت وقائع الفتنة الوطنية التي يطلقون عليها « الفتنة الطائفية »..
لقد تبني الحكم في ظل قيادة الرئيس مبارك للدولة السياسات المفروضة من المؤسسات المالية الدولية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ) والإدارة الأمريكية ، والشريحة الطفيلية التابعة من الرأسمالية المصرية ، والتي تقوم علي انسحاب الدولة من الاستثمار وتخليها عن دورها في توفير الخدمات الأساسية والتحول إلي اقتصاد السوق الرأسمالي ، والرهان علي القطاع الخاص والرأسمالية المحلية الضعيفة وزيادة الاستثمارات الخارجية والخصخصة وبيع القطاع العام خاصة شركاته الرابحة .
وكانت المحصلة النهائية لهذه السياسات هو تراجع التنمية من 3ر6 % في 82/1983 في بداية عهد الرئيس مبارك إلي 4ر2% في 2002/2003 طبقا للأرقام الرسمية ، وإلي 8ر1% في 2002/2003 طبقا لتقديرات أخري .
وارتفع الدين الخارجي لمصر من أقل من خمسة مليارات دولار سنة 1975 لتصل إلي 2ر30 مليار دولار في آخر مارس الماضي ( 2005) . وزاد الدين الداخلي من 11 مليار جنيه في يونيه 1981 إلي 471 مليار جنيه في مارس 2005 . أي أن إجمالي الدين الداخلي والخارجي وصل إلي 5ر646 مليار جنيه ، وهو يوازي 116% من ناتج عمل المصريين خلال سنة وشهرين دون أن ينالوا من هذا الناتج أي شئ إلا الكفاف ومالايكفي لحياة البشر حياة إنسانية ، وأصبح كل مصري مديناً بمبلغ 9170 جنيها !
وارتفع العجز في الموازنة العامة إلي أكثر من 54 مليار دولار ، وكذلك العجز في الميزان التجاري .
وأثمر هذا التدهور في الاقتصاد المصري ، ثبات أجور 5 ملايين و670 ألف موظف مصري وانخفاض قيمتها الحقيقية نتيجة لارتفاع نسبة التضخم إلي 25% وزيادة الأسعار . وانضم إلي جيوش العاطلين 2 مليون من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة والباحثين عن العمل بصفة عامة وذلك طبقا للبيانات الحكومية ، بينما تقدرهم الاحصاءات غير الرسمية بما يتراوح بين 3 ملايين و5 ملايين شخص . وقد ارتفعت نسبة البطالة من قوة العمل المصرية من 5% عام 81/1982 إلي 10% عام 2003 /2004 ( التقديرات الرسمية ) ، بينما تقدرها مصادر أخري ب 15% و25%.. وارتفعت نسب الفقر وأصبح 43% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر . واخترق الفساد المجتمع من القمة إلي القاع ، وانتشر بكل صورة وأشكاله من اختلاس للمال العام وإهدار له ونهب أموال البنوك والتربح والرشوة والتلاعب في المناقصات العامة .. إلخ ، وأصاب هذا الفساد الناس بالإحباط واليأس وأقنعهم باستحالة الحصول علي أبسط حقوقهم دون دفع " المعلوم " وأعاد توزيع الدخل لصالح الفاسدين والمستغلين الكبار ، ويعاني منه الناس العاديون ورجال الأعمال الشرفاء علي السواء .
وفي ظل غياب الدولة وفوضي السوق توالت موجات الارتفاع المخطط والعشوائي للأسعار ، من إقدام الحكومة علي رفع أسعار السولار ، إلي ارتفاع متوسط الزيادة في الأسعار خلال عام 2003 / 2004 إلي 7ر11% مقابل 6% في العام السابق طبقا لتصريحات وزير التخطيط ، ووصلت نسبة الارتفاع في السلع الغذائية إلي 21% والأقمشة والملابس إلي 13% ورفعت الحكومة سعر مياه الشرب في القاهرة الكبري بنسبة 100% ، أي مضاعفتها دفعة واحدة ودون إعلان ، ورفعت سعر الكهرباء بنسبة 5% ، وخفضت الدعم علي رغيف الخبز مما أدي إلي انخفاض المنتج من الرغيف المدعوم الذي يباع بخمسة قروش وإنتاج مايسمي الرغيف السياحي والذي يباع بعشرة قروش ، ورفعت أسعار تذاكر السفر في السكك الحديدية والنقل العام .
وشهدت خدمات الصحة والسكن والتعليم تدهورا مستمرا . وتكاد
مجانية التعليم أن تنتهي تماما . فالمدارس الحكومية المجانية التي تعاني من ازدحام الفصول وتدني مستويات التعليم وانخفاض أجور المدرسين ، دفعت التلاميذ للبحث عن التعليم في الدروس الخصوصية والمدارس الخاصة ومدارس اللغات ، ووجود طبقية في التعليم . ويعترف رئيس الجمهورية أن مصاريف التعليم الخاص وصلت إلي 30 ألف و40 ألف و50 ألف جنيه في السنة وإلي مابين 60 ألف و70 ألف في الجامعات الأهلية . ومن ثم أصبح لدينا مستويات متباينة من التعليم تعتمد علي الثراء والقدرة المالية وليس الكفاءة التعليمية .
وعادت قضية الفتنة الوطنية ( الطائفية ) للبروز ، وتوالت الأحداث في الكشح ، ونتيجة لما نشر في صحيفتي النبأ وآخر خبر ، وفي قرية « بني واللمس » في مركز مغاغة ، وفي قرية جرزا ( العياط ) ، وأسيوط ، وأبو المطامير (بحيرة) .
واستمرت الأوضاع الاستبدادية غير الديمقراطية ، فالدستور يمنح سلطات مطلقة لرئيس الجمهورية . وحالة الطوارئ معلنة بصفة دائمة منذ 24 عاماً ، أي أن الرئيس مبارك لم يحكم مصر يوما واحدا في ظل أوضاع عادية واعتمد بصورة مطلقة علي حالة الطوارئ المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981 ، والاعتقالات التي طالت عشرات الآلاف ، والتعذيب في المعتقلات والسجون وأقسام الشرطة ، وتزوير الانتخابات العامة والاستفتاءات ، ومصادرة الحق في التظاهر والإضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات ، والسيطرة علي أجهزة الاعلام والصحافة القومية ، وفرض قوانين تقيد استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية ، وفرض الحصار علي تأسيس الأحزاب وحركتها ونشاطها ، وإصدار قوانين جديدة تضاف إلي سلسلة القوانين الموروثة التي تنتهك الحريات العامة وحقوق الإنسان .
إذن من حقنا جميعا أن نقول نعم أو لا وأن تستمر حركة الصراع القائمة حاليا , وعلى المواطن أن يختار , وعليه أيضا أن يتحمل مسئولية إختياره .
فمرحبا بكل الاراء , فى بلد لن تعرف النوم أبدا حتى تتحرر.. فيا بلدنا لا تنامى .
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟