|
عَزِيزي دونكِيشوط
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4727 - 2015 / 2 / 21 - 02:06
المحور:
الادب والفن
عَزِيزِي دُونْكِيشُوط الكاتب : سيومي خليل ----------------------------------- أُحس بالبَرد دُونكيشوط ، لِذا أَطلب منك أَنْ ترمي إحْدى المَلاَءَات الوَهمية كي أُدثر نفسي بها . لمْ أكن يَوما مُوقنا أَنك مَوجود ، لكنكَ هَذه اللحظة تبدو لي في كُل مَكان ؛فِي أَرصفة الشوارع المبلطة بأَقدام المَّارة ، في الخَرائب التي يسْكُنها أشباح مُعذبون ،في الجَبانات التي تَبدو كَمزابل لعظَام البشر ،وفِي البيوت الآهلة بالنَّفس البشري المَخنوق. هذه المَّرة دونكيشوط سأطلب مِنك أَن تَمر على أَراضينا السبخة . هذه المرة سأَترجاك دونكيشوط أن تَلتفت جِهتنا نحنُ النَّائمون فِي صحونا . ليس عليك عزيزِي أنْ تَقوم بِشيء ، فَقط انظر في وجوهنا . ابتسم فَقَط في تَعاستنا ، ولاَ تفعل شيئا. ثم استمر في سَيرك اللانِهائي. دونكيشوط ،تَحَمل قليلا كلامي ، فأنَا لي رغبة ملحة كَي أحَدثك عن طواحِين الهواء في بَلدي . لا تحرمْني أَرجوك من لذة الحَكي ، فَكَما تعرف ،للحَكي لذة لا تُضاهيها اللذات الجَسدية ، فالحَكَواتي إنسانٌ يُلخص مُتعته في لسانه ، أو فِي قَلمه ، أَو في نظرة جَافة من عينيه . سأَمنحك لسَاني لبعض الوقْت دونكيشوط ، فَلاَ تُوقفه عن السَّرد ، ولا تُصحح أخطاءه ، ولا تُقم قوانينا له ليحترمَهَا ،فهذا الوقت الذي لم تَحضره كَثرتْ القَوانين التي لا يَعمل بَها النّاس ، وسُلط سيف الحلال والحَرام ،حَتى بدت كل مقاومة لِهذه القُيود عبارة عن مُحاربة العَاصفة ، وأنت أَدرى بمُحاربة العَوَاصف دونكيشوط . البلد عَالق في أَحد دَرجات الناعورة دونكيشوط ، والدِّلاء تَقُوم بنَفس الدور دائما ؛ تحمل الماء وتُفرغه ... لاشيء آخر تقُوم به ، والنَّاعورة كما تعرف يَسُوقها حمار مَعصوب العين ، إنَّها لا تتحرك بالريح ، ولا يُستعَاض عَنها بمضخات كَهربائية لاسْتِخْرَاج المَاء ، بل هناك إصرارٌ عجيب كَي تَظل الناعورة قائمة ، ويَظل الحمار هو من يُحركها ، وتَظَل ،كما دائما ، عَيناهُ معصوبتين . الحِمار هو شعْبٌ ما دُونكشوط ، شَعب كالشعب الذي عِشتَ فيه ، إلاَّ أنَّه أسوأ قليلا ، فعلى الأَقل من كنت بينهم كَانوا يفهمون محاربتك لما لاَيُرى ، أما هَؤلاء فهم لا يعرفُون كَيف يحاربون مايُرى ، ومايُرى دونكشوط ، هو فساد يَرتدي مَريلة بيضاء ، ويَضع قبعة نسائِية ، ومَساحيقَ جِد مُثيرة عَلى الوجه ، ويَمْشِي فِي حَركات مثيرة ، تَجعل الجَميع لا يُفكرون في محَاربته ، بِقدر مَا يُفكرون في إظهار إعجابهم له . سأحتاج لك دُونكشوط كَي تزيل الَوهم من سَقْف دماغي ، فَحَرَبَتُك يُمكنني أَن أُحولها إلى مِكنسة ، سَنُزيل معَا ما عَلق في ذهْني من أَمَاني ، وأَحلام ،فَسدت حتى بات من الواجب إزالتها كَي لا تَفْسُد كل الدِّماغ . أو دُوننشكوط أَزِل الدِّماغ كله ، فَهُو من غير طَائْل في وقت باتت تُطبخ الأَدْمغة فِيه مع بهاراتْ الجَهل المقدس ، سيكوُن عَليَّ دُونكشوط إمَّا أن أَطبخه مَع هذه البهارات ، أَو أَتخلى عنه ، أُفَضلْ أنْ أَتخلى عنه ،كَأني خُلقت من غيره ، أَما أن أَطبخه مَع بهارات الجهل المُقدس فَهذا سَيجعلني أحد أَعضاء القَطيع ، ولنْ يكُون هُنَاك ما يميزني عن الوُعول في الجِبال ، أَو عَنْ الحُمر المرَقَّطة بالأبيض والأسود . لماذا كنت تحارب دونكشوط ؟؟؟ لماذا يُحارب كُل هؤلاء النَّاس الذين يحملون نَظرات قَاسية بفعل انْكسار أحلام جميلة ؟؟؟ لا لِشيء يُحَارِبُون تحديدا ... كُل مَا في الامر أنَّهم حلموا يَوما بِواقع أفضل ، فَشحذوا عَقَائرهم ، وأَقْلاَمهم ، ورغباتهم ، وأَمَانيهم ، وطرحوها أَمام الله والملائكة والعباد والجن والجماد ، لَكن الغَريب أنْ لا أَحد سمع شيئا من الصياح الحضاري ،ما سمع دُونكشوط هو صوت الرَّصاص الذي يُطلقه مسوخٌ ،سميت خَطأ بشرا ، وسُمع فَقط صوت السكِين وهُو يَئن من مهمته التي سَيشْرع فيها بَعد قليل ،وهي النَّحر ، وسُمعَ فَقط صَوت النَّار وهُي تطلب بصوت خفَي أنْ لا يقحمها البشر في جرمإِأحراق البشر . دُونكشوط ذَكرني باسم بغلك أُو حِمارك أو حصانك الذي كُنت تُرغمه على السعي وراءَك في مهماتك الحمْقَاء تلك ؟؟؟. لا يَهم الإسم ... المهم أَنَّ لكل مِنَّا حمار نرغمه قصرا على الإستماع لنا ، ومَلْء وَحدتنا بالنهيق ، وتَرجَمة النَّهيق بِما يُخفف عنا خيبات ضياع الأحلام . حماري أنَا حَرن دُونكشوط ،بِدارجتنا المغربية نقول : *بعت حماري * بِعتهُ لأول حَالم جَديد ،تخلصت منه ،فالأحلام مُرهقة ، وحماري لم ْيعد يَقو على حملها ، لَذا تَخلصت منهُما معا ، الحمار أَعطيته للحالم الأَول ، والأحلام وضَعتها في كتاب ذكرَيات مُمَزق الحواشي . أصارِحُك أني ماكر دونكشوط ، فأنَا لمْ أَرغب في التخلص من الأَحلام نهائيا ، فقد وَضعتها لا غَير في كِتَاب الذكريات ممزق الحَواشي ، فهناك حُلم مازال يصر على البَقاء داخلي وهو التالي : من المُمكن أن تَتحقق الأخلام التي تحارب من المسوخ .
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُر عليهم بقَصيدة ابن عَربي
-
حِكَايَةُ مُتْعَبْ مَع َالسَّيدَة ميم
-
ذِكْرَى
-
أحَدُ الرّفَقَاء
-
من السيسي إلى مُرسي ،تَغيير إتجاه البَوصلة .
-
كذب الحُكومة مُستَمِر
-
مَشروع ُ خُفَاش ٍ في الفصل
-
بَيْنَ الذَّاكرة وعَمليات الإدراك العقلية
-
دفَاعا عن أوزين
-
منطقة للكتابة
-
خطَل ُ الفُقَهاَء
-
بين الإِسْتصقَاء والإستصْحاءِ
-
عن الأخلاقِ والكَونِية
-
صنَاعَةُ الخوف الثَقيلة
-
التَّجربة الدِيمُقراطية في تَونس وحزب العَدالة والتَّنمية
-
ابن ُ رشد حَزين ٌ
-
فئران بالألوان
-
آلو ...معكم غزة .
-
سرقة موصوفة وقضايا الحرب والحب.
-
الملائكة تبعث رسائل SMS
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|