أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - تجميع المياه














المزيد.....

تجميع المياه


حسين سليمان- هيوستن

الحوار المتمدن-العدد: 1319 - 2005 / 9 / 16 - 08:19
المحور: الادب والفن
    


سأخرج من هذا العالم من دون موت!
ما أتعسك أيتها الحروف، أيتها الأوتوماتيكية البطيئة، فأفكار الرأس المشتعلة السريعة تتعثر على أحجارك وتموت في شباكك.
شباك زنجي عجوز في عرض البحر في قارب يقطع أفريقيا كلها. البحر الذي يهبط ويخر بحكم الجاذبية ويمر جانب مضيق باب المندب. كل مرة يلقي الشباك على ما تطول ذراعه وهو يصوت "هه " فيرتج القارب ويموج البحر. يلبس الزنجي قميصا داخليا ابيض وبنطالا مرخى عند الوسط نازلا إلى وركه. ويدور حول العالم في ثمانين يوما وينتظر الفرصة من اجل اصطياد الموبي ديك الأبيض. في كل مرة حين تأتي الفرصة ولا يستغلها في كل مرة ينفض يديه محبطا ويقول إنه لن يصطاده فهو شيطان يقيم مرة في قاع المياه وينفث مرة أخرى دخانه الأمريكي فوق السطح وفي كل مكان فأراضيه وحريته واسعة.
يكاد الزنجي يعود من حيث أتى لأنه يشعر بشوق ولوعة. لكنه لا يفعل لأنه ضيع طريق العودة.
في ليل أفريقيا. يشذب لحيته البيضاء على قصة تعود إلى أربعة قرون حين كانت أفريقيا دنيا خصبة. يتتبع شجرة العائلة التي جذورها وأغصانها حالة خيالية وحشية فهي قادمة من أحلام وطقوس نارية لا ترقص حولها الأجساد بقدر ما ترقص الأخيلة الرمادية وكالأشباح سهام في أيديهم ويقذفونها نحو المجهول حيث لا مستقبل ولا ماضي ولا حاضر.
أفريقيا التي كسرها الزمن.
والجوع الحاضر وقلة الأمطار وقلة النعمة. وكثرة الذباب.
لكن أصبروا فهو مازال في قاربه ينتظر الفرصة. يقيس عمق المياه بمجذافه: أين هي الأرض. بعيدة وعميقة. حيث المياه هنا. في كل مكان مياه يا هذا. وأنت نازل في المياه ... عما تبحث وأصلك منه؟
قالت رامة: لا أحد يحب أفريقيا، وأنت لا تفهم ماذا أعني!
تلتفت نحو اليسار. تطأ عتبة الباب بقدمها، بالبوط الرياضي الأبيض "فانا لم ألبس بنـّاتي منذ سنوات". في يدها سكين، وتلتفت نحو اليسار بحركة غير إرادية.
سيجمع بابا بقاربه كل سمك الدنيا، وسيعود محملا بالكنز وبالأكل.
"سيخرج الدخان. ونشغل المروحة". دخان الشواء ومروحة المطبخ النابذة فهناك دخان شواء في الليل يا رامة ورائحة هدى ومياه سائبة تسري مثل الثعابين فالمياه كما تعلمين غير آمنة. دخان كما هو حال الفخذين عند الورك والبنطال النازل قليلا يرينا شق البدن الإنساني. كلمة "الإنساني" تنكتب دوما عندي "الغنساني" ولا أعرف لماذا يتم تحريف العملة وتغيير خطوط القطار الذي كان يقطع ولا يقطع! أسمع صوته وأرى دخانه القادم من بعيد. قطار " السانا في Sana Fe يرقص رقصته البذيئة ويلمس كل أزراره.
من بعيد. الزنجي. كي يصطاد. "هه" يقذف من فمه البدائي أشياءه للصيد المائي في محيط يمتد ويحيط بالأرض التي ستغمرها مياه نوح مرة أخرى. الأخبار: الترجمة الحرفية هي "كسر الأخبار" حيث مدينة "نيواورليانز" تغرق في مياه "كاترينا" القادمة بقوة 5 . قالوا من زمان أن رصيف المحيط سينكسر ولن يحتمل "الهوركين" خاصة إن كان بقوة 5 والمياه الأصلية التي اجتمعت هناك ستغرق المدينة. ويروح الزنجي ويروح سمك القرش والثعابين وتروح التماسيح تسبح في شوارع المدينة. محافظ المدينة الغاضب يقول: ستحملون مؤخراتكم إذن وتقومون للعمل فالإنقاذ الأمريكي لن يأتي.
ينفض يديه، في قاربه الطويل. يسبح. فمن العيب أن يعود بخفي حنين، على الأقل سمكة واحدة. يحمل سمكة صغيرة ويضعها في قفص من عيدان. يفكر أن رامة ستفرح حين يضع القفص على طاولة السفرة ويقول ببريق عينيه: "هذا هو صيدنا يا رامة".
قفص لا مياه فيه فكيف ستعيش السمكة؟ والمطبخ. ستنتبه رامة حيث لا مياه في القفص: هذا قفص قصب وعيدان فكيف نجمع فيه الماء يا بابا؟ فيفكر الأب: أن مقدار الرحلة وطول السفر كانا من دون نتيجة، هكذا كل شيء قد ضاع وراح هباء وكأنه رياح مرت فقط. أي يريد أن يقول "ذهب مع الريح".
لكن السمكة ظلت حية في باطن القفص. إنها معجزة. معجزة الهواء الذي سيتحول ماءً من أجل السمكة. هكذا تقول، إنها بالفعل معجزة أفريقية يا بابا.



#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سحر المسافة
- الأدب والحلم في أمريكا- رسالة الى اكرم قطريب
- المشهد السفلي
- بعين التكنولوجيا إلى الأدب العربي المعاصر- الحلقة الأخيرة
- بعين التكنولوجية الى الأدب العربي المعاصر -2
- سعدي يوسف- يطرق ما تجمعه النافذة من فضاء
- تــداخل أمكنــــة - إلى فاطمة ناعوت
- تخفيف اللحظة
- ربما سحر
- تسخين الشمس- فاعلات ليلية للشاعر المصري اشرف عامر
- النبي المسافر
- الأدباء العرب هم اخر المدافعين
- عودة متعب الهذال
- صوت الأبجدية - قراءة في تقويم للفلك لأدونيس
- النيل الذي لا يكف، إلا أن يجري ولو متأخرا - قراءة في قصيدة ك ...
- ليليت لن تعود- قراءة في الثقافة العربية
- كوة الحائط العالي حد الدنيا
- رسالة إيميل- بعدما انتهى عيد الحب
- اجنحة ماركيز المقلوبة
- عن الحب فقط- مدن الحب


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - تجميع المياه