المال ورأس المال ح1

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4726 - 2015 / 2 / 20 - 11:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

المال ورأس المال ح1

المال ذلك الموجود الذي تهفو له كل النفوس وتستعين به كل الموجدات الواعية لقيمته وتتخذ منه طريقا لتيسير مفاصل مهمة وأساسية في الحياة البشرية ,وحتى أحيانا لتنمية وتطوير قضايا خارج نطاق الضروري والمهم والحاجة عندما يشارك في حركة تانرف وصولا للبطر الذي هو نوع من أنواع الإستمتاع الغير طبيعي وشعور بسعادة مصطنعة وأيضا فوق حدود الطبيعي المحكوم عادة بالتناسب, أما رأس المال فهو مفهوم أخر وإن كان موضوعه المال لكن عنوانه غير عنوان المال الهمومي ,حيث تذهب الفكرة العامة عنه إلى أنه الشرط الأساسي لكينونة عالم التيبادل التجاري وليس الإقتصادي كما هو معروف غالبا .
في النص الديني ونحن نبحث الموضوع أساسا من قواعد دينية لنصل لفكرة محددة وأساسية وهي هل أن الإسلام عرف الفكر الإقتصادي وتعامل مع قضاياه؟ ولو حتى على منهجه العام الذي يشير فيه دائما لرؤيا كلية ومرتكزات أساسية مرتبطة بقضية أكبر ,لأن فكرة الإسلام كما درسناها سابقا تقوم على أن المجتمع وحده تكوينية واحدة مركبة ومرتبطة ومتواصلة ببضع حقائق وأفكار أساسية أيضا تستند في مجملها على أن هذا الوجود المادي والروحي الكوني واحد له وظيفة واحدة هذه الوظيفة ترتبط بالإنسان وبمصلحته الوجودية في أن ينفذ مشروع الله القائم على نظرية الأستخلاف ,هذه النظرية محكومة بثلاث مسارات الأول التعارف وثانيا الإصلاح والأستعمار واخيرا أن يمنح الإنسان حق التجريب في تنفيذ أولا وثانيا بكل حرية من خلال طرح فكرتين متضادتين لهم أساسيات ونتائج وعليهم مسئوليات وحساب .
النصوص الدينية التي بين أيدينا تعطينا فكرة مبسطة وأولية عن المال وعن رأس المال والفرق بينهما بالمقاصد والدلالات أيضا ,ومنح لكل لفظ بناء معرفي وقصدي محدد وأيضا منحهما حدود في الحكم بمعنى أنه فرق في الحكم التشريعي بين المال وما يترتب عليه من حركة أبتداء من التحصيل والتداول والتراكم مرورا بما يعرف اليوم الدور الأجتماعي للمال من خلال مفاهيم الضريبة والحساب الأقتصادي المالي .
كما أعطى خصيصة مهمة لدور رأس المال وقدرته على التنمية ورسم له حكم شرعي مميز وخاص وإيجابي . هذا الأعتراف الأولي بحقيقة أن المال كمفهوم مجرد غير رأس المال كمفهوم أقتصادي ودلالي يؤكد أن النص الديني عندما يتكلم بالتفريق بين الأثنين إنما يملك رؤية حددة وواضحة وأصيلة لهما ولدورهما في الحياة ومقدار الأثر الذي يلعبانه في حياة الإنسان , عليه يكون من الواجب دراسة هذا التفرد الخصوصي للفكر الديني الرسالي ومحاولة القراءة العميقة والجادة والحصرية له لبيان إمكانية وحدود الفهم الكامل للنظرية اذا كان هناك كيان لها في مجمل النصوص .
في بحثنا عن المال في النص الديني نؤكد على حقيقة فلسفية مهمة وهي ان الصفات العارضة النسبية المتغيره لاتعتبر جزأ اصلي من الموضوع و لا تنسب للذاتية , المال عنصر متحرك متغير متنقل غير ثابت ونسبي بالتأكيد فلا يمكن وصفه مع موضوع اخر على انه اساسي او مطلق او عام , عندما يتملك الانسان قيمة مالية ذات قدر محدد ينسب له بانه ذا مال و بالتالي لايمكننا ان نجعل من (ذا مال) حقيقة لانه لا يمكن الاعتماد على الثبوت و الاستمرارية في هذا الوصف , من هنا جاء النص الديني ليؤكد على ان المال دولة بمعنى تداولي بين الناس .
هذه النقطة بالذات تقودنا الى ان توصيفات المال يجب ان تعود لموضوع المال بالذات وليس لشيء اخر مثلا نقول ان المال قوة وأن المال سلطان و أن المال يلعب دورا مهما في تأجيج الصراعات الإنسانية كما يساهم ايضا في انعاش وتقوية مفاصل الوجود الانساني , فهو يحمل النقيض وضده كسائر الاشياء في الوجود والتي يجب ان تضبط بقوانين كلية وان لا تترك عن الضوابط و الروابط الحاكمة كي تستطيع هذه الاخيره التحكم والفصل بين مقتضيات الانسانية وبين مقتضيات وقوانين هذه الاشياء ومن بينها المال .
هذه المهمة يجب ان تنتجح في توصيف الأشياء بحقيقتها دون أسنادها الى مواضيع ثانوية ,مثلا في قضية تناقض المصالح الشخصية مع المصالح الأجتماعية التي هي جوهر وحقيقة المجتمعات عبر التاريخ نتيجة الصراعات المتأججة بين الدوافع الذاتية للطبقات المختلفة ,ولا حل لها إلا في قوانين التاريخ على ضوء المادية التاريخية كما تقول الماركسية اللينينية ,هذا المنطق يقود إلى أن الصراع الحقيقي صو صراع بين مكونات مدفوعة بعوامل ذاتية تمثل كل طبقة على أن هذه الذاتيات هي التي تريد أن تنتصر في الصراع في النهاية .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات