|
سيرَة حارَة 50
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 23:35
المحور:
الادب والفن
1 " خالد تاجا "؛ الفنان المخضرم، كانت أسرته تقيم أولاً في حارة عجك بمنطقة جسر النحاس. هذا الفنان، الذي دعاه الشاعر الكبير محمود درويش " أنطوني كوين العرب "، كان لا يخفي أمام الاعلام افتخاره بأصله وحلمه بقيام دولة كردية. اشتهر من أقارب الفنان، " محمود تاجا "، الذي كان شبيهاً به من ناحية الشكل؛ بطوله الفارع و بدنه الرشيق والقويّ. خلال الأربعينات، كان محمود تاجا عضواً رياضياً في النوادي الكردية. وقد تحدى ذات مرة بطل لبنان بالمصارعة، الذي كان موجوداً في دمشق، فتغلب عليه وسط حماس المشجعين. فما أن عاد الى الحيّ في موكبٍ كبير، حتى حمله الشباب وقذفوا به في النهر لشدة بهجتهم. على أثر الحمام البارد هذا، أصيب المصارع بتشنج العضلات ولزم الفراش شهراً كاملاً. " أبو غالب "، كان زوج أم خالد تاجا، وهوَ من ساكني زقاق آله رشي. إنه حفار القبور الأشهر في الحيّ، وقد ارتبط اسمه بحكايات عديدة وطريفة. من ذلك، الواقعة التي جمعته بزميل المهنة، " أبو صلاح "، المقيم على جادة أسد الدين بالقرب من مدخل زقاقنا. الواقعة، استهلت حينما استدلّ طالب طبّ على منزل أبو غالب، لكي يغريه بجلب هيكلٍ عظميّ من التربة مقابلَ مبلغٍ من المال. فشدّ كلا الحفارين همّته. ثمة في التربة، كانت ظلمة منتصف الليل شديدة، فاستعان الرجلان بقداحة صغيرة لتحديد المكان المطلوب. فما أن استدلا على القبر، حتى ابتدأ الحفر فيه. بعد ذلك تمّ إخراج الهيكل العظميّ، وكان سليماً نوعاً. ولكن، فيما كان أبو صلاح منهمكاً باعداد الكيس، إذا برفيقه يدوس على مشط عظام قدميّ الهيكل فاستوى الجذع ناهضاً. دبّ الرعب عندئذٍ بصاحبنا أبو غالب، فانطلق هارباً لا يلوي على شيء. أبو صلاح، المبغوت من تصرف رفيقه، قام بدوره ليلحقه كي يسأله ماذا دهاه. فأجابه أبو غالب وهو مستمرّ بالركض: " ولكْ اهربْ!.. الرجل الميت دبّت فيه الروح!! "..
2 " طلحت حمدي "، كان يتميّز بالوعي ويفتخر بجذوره، حتى أنّ أولاده كلهم يحملون أسماء كردية. زوجته الأولى، كانت الفنانة القديرة " سلوى سعيد "؛ وهيَ أصلاً من كوجر منطقة ديريك ( المالكية ). وقد كان لتعارفهما حكاية طريفة. إذ سبق لفنانتنا أن سافرت إلى مصر إثر طلاقها من زوجها الأول، وكان من آل نايف باشا. هناك، صدف أن شاهدها أحد المخرجين في نادٍ عام، فبهره حسنها وشخصيتها الجذابة، فطلب منها أن تجرّب حظها بالتمثيل. هكذا ابتدأت رحلة سلوى سعيد الفنية، فأدت أدواراً ثانوية، ثم ما لبثت أن ارتقت لمصافي البطولة الأولى أمام عمالقة الفن السابع كعمر الشريف وغيره. بعدئذٍ اشتركت سلوى سعيد بأفلام مشتركة مصرية سورية، مما هيأ لها الجوّ المناسب للعودة لوطنها لاحقاً. وإذاً، أقامت نقابة الفنانين حفل استقبال للفنانة السورية العائدة من القاهرة، وكان من بين الحضور طلحت حمدي وابن حارته وصديقه، الممثل " عبد الرحمن آل رشي ". ثمة جلسَ الصديقان صدفةً بمقابل الفنانة المكرّمة، فراحا يتكلمان بالكردية عن جمالها وما يمكن أن يكون قد مرّ عليها من مخرجين ومنتجين أثناء وجودها في القاهرة. عند ذلك، توجّهت سلوى سعيد إليهما بالحديث مستفهمةً عن رأيهما بعمل المرأة في مجال الفن. فما كان منهما إلا الافصاح عن التفهّم، حتى أن كلاهما اشتكيا من جوّ التزمت في بيئته وأسرته: " فكيف الحال بالمرأة في مجتمعنا؟! ". هنا، فاجأتهما الضيفة بالقول وهي تبتسم: " نفس الشيء عانيته في بيئتي الكردية؛ هناك، في الجزيرة!! ". فبهت الصديقان ولبثا صامتين، محرجين، بعدما أدركا أنها كانت تفهم كل كلمة نطقاها في حقها باللغة الكردية..
3 " أدهم الملا "، الفنان المخضرم، كان يقيم في مدخل حارة الكيكية. في مفتتح الثمانينات، كان قد أدمنَ على الخمرة بسبب وضعه الماديّ الحَرج. إذ كان نقيب الفنانين آنذاك، دريد لحام، قد أعلن عداوته الصريحة له؛ مما جعل المخرجين يحجمون عن إعطائه أدواراً في أعمالهم الدرامية والسينمائية والمسرحية. في إحدى الليالي، شاهدَ أولادُ الحارة جارَهم الفنانَ المحبوبَ ( الذي اعتادوا على تحيّته بلقبه: أبو بسام ) يتجادل مع سائق سيارة التكسي. فلما استفهموا منه عن المسألة، أجابهم بلسان ثقيل من تأثير الخمرة: " إنه يطلب مبلغاً كبيراً ولا يريد الالتزام بالعداد ". عند ذلك، انهال الشباب ضرباً بالسائق وجعلوه يفر بسيارته لا يلوي على شيء. هذا الأمر، يبدو أنه لاقى هوىً في نفس فناننا؛ فدأب على تكراره في كل ليلة كان يعود فيها من الخمارة. من ناحية أخرى، خلقَ الادمانُ وضعاً متوتراً في عائلة فناننا. ذات ليلة، عاد أبو بسام إلى منزله في ساعة متأخرة. اتجه الى حجرة نومه، وهمَّ بفتح الثلاجة لكي يضع فيها زجاجة عَرَق كان قد سبق وشرب نصفها عند أحد أصدقائه. هنا، أفاقت أم بسام منزعجة وخاطبته بنبرة ساخطة: " ألم أقل لك مائة مرة ألا تضع هكذا أشياء في البراد؟ ". فأجابها بلهجته الطريفة: " وأين سأضعها إذاً؛ في دبركِ؟!! "..
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرَة حارَة 49
-
أربع حكايات
-
سيرَة حارَة 48
-
سيرَة حارَة 47
-
سيرَة حارَة 46
-
سيرَة حارَة 45
-
سيرَة حارَة 44
-
سيرَة حارَة 43
-
سيرَة حارَة 42
-
سيرَة حارَة 41
-
سيرَة حارَة 40
-
سيرَة حارَة 39
-
سيرَة حارَة 38
-
سيرَة حارَة 37
-
سيرَة حارَة 36
-
سيرَة حارَة 35
-
سيرَة حارَة 34
-
سيرَة حارَة 33
-
سيرَة حارَة 32
-
سيرَة حارَة 31
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|