أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزه الجناحي - أمودي















المزيد.....


أمودي


حمزه الجناحي

الحوار المتمدن-العدد: 4722 - 2015 / 2 / 16 - 23:05
المحور: الادب والفن
    


أمودي
ولد سالم هكذا مريضا بالمنغولي ..
ضخم الجثة ..دائم الابتسامة ..الابن البكر لأمه ..يحب الاكل كثيرا حتى يخال لك انه لا يشبع ..
ولكنه عندما يقوم من صحنه الكبير الذي اتى على اخره وتأكد انه لا يحصل على المزيد من التمن والمرق ينهض حاملا صحنه ويذهب به الى المطبخ يبدأ بغسله لفترة طويله بالماء والصابون حتى يصبح كالمرآة ..
يتوجه بعد ذالك لمكانه المعهود وسط باحة الدار يرفع يديه بالدعاء ويتمتم بكلمات الشكر لله والحمد له ..
وهذه الايام زاد على تلك العبارات عبارة جديدة اكتشفتها اخته ولم تفهمها اول مرة لكنها سالته .. كرر العبارة لها وفهمت انه يدعي الله ان يعيد (محمد) حمودي اخيه الصغير الذي يصغره بخمسة عشر عاما والذي تطوع للجهاد مع الحشد الشعبي لمقاتلة داعش ..
يرفع يده بالدعاء ويقول بكلامه الغير مفهوم وينتهي بكلمة امودي (حمودي) ..
يارب يرجع حمودي سالما ..تقولها اخته رزيقة .. يارب يرجع حمودي سالما ..
يهز رأسه الكبير ومع هزات ذالك الرأس يطلق كلمة ..اي ..اي ..اي ..امودي ..امودي
متلازمة سالم هو ان يحمل بيده مسبحة طويله ..يهزها ويفرها بيده عندما يسمع احدهم يغني او يرقص ..يحب الرقص يقلد بعض الاصوات لكن بكلمات غير مفهومة ..
بدأ سالم هذه الايام ليس كعادته يستيقظ من نومه مرعوبا ويجهش بالبكاء ويوقظ بصوته الاجش العالي امه وأخته وابوه وحتى الاطفال وهو يجأر كانه صوت القطار ..
لا يسكت ابدا يحاولون ادخاله الى الغرفة خشية ايقاظ الجيران لكنه يأبى الا ان يبقى في مكانه وهو ينادي ,,امودي ,,امودي
بدأ حنينه هذه الايام يزداد لأخيه محمد كلما مرت الايام يزداد سالم حنينا وشوقا لأخيه محمد
تسارع اخته رزيقة التي هي الاقرب له بعد محمد لجلب بعض من ملابس محمد كبنطلونه وقميصه يتلقفهن منها بسرعة البرق ويبدأ بتقبيل الملابس ويشمهن حتى يهدأ وكانه قد استنشق مخدر فينام في مكانه على الارض حاضنا تلك الملابس .. تضطر اخته بتغطيته وتركه حتى الصباح وهو غاط بنوم هانئ مع ملابس محمد ..
وأحيانا عندما يصاب بنوبة الحنين والاشتياق يتصلون بمحمد ليلا يتحدث معه بالموبايل ..
يخبره محمد اذا لم ينم لا ياتي بعد له ولا يحبه ,,ويقول له انه سيأتي في الغد او بعد الغد فيطمئن سالم ويهدأ ..
يصاب بنوبة من الضحك هذه المرة ويبدأ بالتصفيق وبقوة وهو يقفز فرحا ويصيح ..امودي ..امودي
لكن المشكلة ان تصفيقه قوي وحاد كأنه اطلاقات بندقية وهذه ايضا مصيبة فتبدأ امه ورزيقة بتهدئته وانه ستخبر حمودي بأنك لم تنم عندما قال لك ان تنام فيرجع للنوم ليطلل علينا صباح اخر ...
ينتظر سالم حمودي على الشارع القريب بعد ان تخبره اخته ان محمد قادم هو ورفاقه في اجازة ..
يخرج الى الشارع مع بعض الصبية يقف ينتظر محمد .. وأي سيارة تمر يهرول لها ضنا منه انها سيارته ..فيضحك الصبية على تصرفاته ..
تقف سيارة محمد بقرب سالم وينزل منها هو ومجموعة من العسكريين ببنادقهم وحقائبهم ..
يصرخ محمد به سالم سلومي ..حبيبي ..وهو يصرخ ايضا امودي ابيبي أبيبي ابيبي ..
يحمل سالم بعد ان لف يديه على وسطه وهو يصرخ أمودي ولا يتركه ..
يبتسم لكل شخص يلتقي به وهو سائر بجنب محمد وواضعا يده على كتفه كأنه يريد ان يقول للمارة هذا محمد اخي البطل ,,
لا يضحك فقط بل يتحدث وحده ويؤشر على محمد والاطفال والناس وهم يسلمون على محمد ويحمدون الله على سلامته لا يرفع يده من عاتقه ..
رفع محمد مخزن بندقيته وأمنها ووضعها على كتف سالم بعد ان علقها بحمالتها ..
انقلبت الدنيا من هذا المنظر هرول سالم بعيدا عن الحشد وهو يرقص ويغني ويصفق وينظر الى البندقية المعلقة على كتفه ..حتى يصلا الى البيت وهو متشبث يه ..
في الليل يخرج محمد وسالم الى المقهى القريب ويشربان معا الشاي ويشتري له الحلويات وهو مستمتع ..وكل من يمر يسلم على سالم ..
وسالم واضعا ساق على ساق بمسبحته كأنه شيخا لا يتحرك الا ان يأمره محمد بالحركة يكملان سهرتهما ويعودان الى الدار وينامان معا متلاصقان ..
اليوم تنتهي اجازة محمد وسيعود الى جبهات القتال يستيقظ مبكرا وسالم نائما يرتدي ملابسه العسكرية وهو يتهيأ للالتحاق بوحدته ..
يتلمس سالم مكان حمودي فيفز هلعا قلقا وهو يصرخ ..امودي ..امودي
لكن محمد قبل خروجه يعود له ويقبله ويخبره انه ذاهبا لمقاتلة المجرمين ويشرح له مشوارا من هم المجرمين ..وسالم يهز برأسه الكبير متفاعلا مع كلام محمد ..
مرات يحرك يديه غاضبا كأنه يقتلهم بحركاته ..يسحب البندقية من كتف اخيه ليقول له اقتلهم بهذه ..ومحمد يربت على رأسه ويقبله وسالم لا يريد مفارقته ..
حتى يجهش بالبكاء ويصرخ ويجلس على الارض وهو يتمتم بتعويذته الذي لايفهمها الا هو وأحيانا اخته رزيقة وهو يدعو الله بسلامة أمودي ..
تمر الايام على سالم ثقيلة وتزداد ثقلا وطولا كلما مر الوقت عليه ..
حتى يعود لحنينه وشوقه ..
يخرج سالم الى الشارع وهو مغترا ومعجبا بمسبحته ويلعب مع الاطفال وهم يتفرجون على حركاته وتصرفاته ..
سمع سالم وهو يلعب في الشارع القريب من دارهم صياحا وبكاء عالي من قبل امه ورزيقة وبعض النسوة من الجيران وتجمع بعض الرجال بالقرب من بيت محمد بعد ان شاع خبر استشهاد محمد في منطقة جرف الصخر ..
عاد سالم الى البيت وهو غير فاهم ما يجري ولماذا هذا البكاء والنحيب ..
وماذا يفعل هؤلاء الرجال في بيتهم ..
دخل الى البيت وهو ينادي اخته رزيقة ..
شاهد رزيقة تبكي ودموعها على خدها ..
شاهدته رزيقة ارتفع بكاءها وبكاء امها ..
ارتفع بكاء ابو سالم هو الاخر عندما رأى سالم .. وسالم لم يفهم شيئا ..حتى سمع احدى الجارات وهو تنادي ..
يمحمد ييمة وتلطم على خدها ,,,
صرخ سالم ..امودي ..امودي امودي ..وبدأ بالبكاء وكأنه فهم ان امرا ما حدث لأخيه محمد ..
دخل الى غرفة محمد ..جلب ملابسه احتضنها جلس على الارض اراد ان يغفوا كعادته مثل كل مرة ..
او لعله اراد ان يقنع نفسه انه في حلم وليس حقيقة ..
نهض ثانية دخل الى احدى الغرف وبيده ملابس محمد ..خرج الى الشارع العام ..الى المنطقة التي تقف فيها سيارة حمودي التي تأتي به من الجبهة ,,
والناس تسير خلف سالم .. اوقفوه وعادو به الى الدار ..
ابكى سالم النساء والرجال وأصبح هو المعزى اكثر من ابوه وأمه ..
يتوقف لحظات ومن ثم يفاجأ الجميع بفعل غير مالوف ...
دخل الى مجلس النساء وبدأ يصرخ بهن يريد ان يمنعهن من البكاء ..يقول لهن
امودي ..لا ..امودي لا ..امودي لا ..
لكن يزداد النحيب حتى يحتضنه ابوه ويجلسه بجانبه وملابس محمد بحضنه ..
احضروا جثمان محمد بمسيرة مهيبة وبحضور من رفاقه العسكريين وأهل المنطقة ..
عندما شاهد سالم التابوت ضل ساكنا لم يتحرك ..كان الجميع يعتقد ان سالم ستكون له ردة فعل غير متوقعة كأنه سيهجم على التابوت او ربما يفعل فعلا مفاجئا ..
انزلوا التابوت في باحة الدار تجمع الناس حول التابوت ..
تحرك سالم بهدوء وجلس بقرب التابوت ..طرق على خشباته وصرخ بأعلى صوته ..
امودي ..ابيبي ..امودي ..ابيبي .. اني ..اني ..اني ..
ابكى سالما كل الناس وهو يصرخ ..
امودي ..اني
امودي ..اني
مرت ايام على دفن سالم هدات العائلة من هذا المصاب
كان مجيء الناس ورواحهم يتعب سالم فينام مبكرا ..
يبكي يوميا على محمد ..
ويسكت بعد ان يأتوه بملابسه ويحتضنه ..
لم يخرج سالم من الدار ..ولم يشاهده احد بعد وفاة اخيه
اصبح ملازما لغرفة اخيه الشهيد ..
يمر بنوبات من الصياح والبكاء الشديد ..
تنتهي بأمودي ..امودي ..اني ..اني



#حمزه_الجناحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا بعد داعش ..
- اللجان التحقيقية ..اضاعة للوقت وللقضية .
- سيدتان من هذا الزمان .. احلام الامارتية ..وانجلينا الامريكية ...
- ليس ايران وحدها ضد انفصال الاقليم ..
- مراسلي العراق الحربيين ..نجاح باهر وتميز في نقل الحقيقة .
- كم من الادلة تحتاج الحكومة لتخرج من صمتها ؟
- الشهداء يرحلون مبتسمين ..على سعدي النداوي نموذجا .
- السيد البرزاني الوقت مبكرا على اعتراضك .
- الكمين (العملية الاخيرة)
- البدائل السريعة والممكنة لرفد الاقتصاد العراقي ..موازنة 2015 ...
- عش البراق .
- الحبانية وعين الاسد بين صقور مؤتمر اربيل وحمائم اهل السنة .
- مفارقة ..قانون واحد ولا يشمل الجميع .
- مبروك جريدة العالم العراقية ..العراقية بأمتياز .
- السيد العبادي..ممكن العمل بقانون 1/12 لحين استقرار اسعار الن ...
- من لم يشترك بحكومة المالكي ..فليرميها بحجر .
- اتقوا الله واعدلوا.. بابل ودهوك مدينتان في وطن واحد .
- التقشف والادخار حرب الجياع على الحكومة .
- امريكا الابعاد المجهولة .. وحمير المنطقة .
- قانون الحرس الوطني حماقة كبرى نهايتها التقسيم .


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزه الجناحي - أمودي