|
عيد الحب .
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 4720 - 2015 / 2 / 14 - 17:17
المحور:
الادب والفن
عيد الحب تحل اليوم مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم المتحضر تقريباً بصورة رمزية وغير رسمية ، مناسبة يعبر فيها الناس عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات المعايدة أو إهداء الزهور أو الحلوى للأهل والأحباب والأصدقاء ولمن هم على خصام ليعود الصلح وتسود المودة والوفاق ، أنه عيد الحب الطاهر النقي ، والعلامة الفارقة بين الرقي والطهر الإنساني الذي يسمو بأخلاق البشر ، والسلوك الحيواني المتوحش الدموي ، ذلك الحب الذي يذكرنا بأعظم وأكبر وأسمى صفات الله تعالى ، الذي وصف به سبحانه نفسه ، معلنا في الآية 14 من سورة البروج ، بأنه غفور محب ، حيث قال :"وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ "، وفي سورة هود آية 90 قوله تعالى : "وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ " -وودود هنا بمعنى محب - تلك الصفة التي أودعها في قلبي آدم وحواء ليعَمِرا الأرض ، وأمر ذريتهما بالتودد لكل البشر وحبهم ، لأنه بالحب والتسامح والسلام ، تموتُ الأحقادُ وتندثر مفاهيم الكراهية وتحلُّ المحبةُ والأُلفة ، كما فى قواله تعالى الآية 23 من سورة الشورى : "ذَٰ-;-لِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ-;- ، وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ". ومن يقول بغير ذلك فهو من أعوان الشيطان ، ومن أعداء السماء الذين يؤرقهم الحب ويهزم رغباتهم الدموية الإجرامية الدنيئة ، التي تقتل الفرحة في النفوس ، بتحريم كل شيء جميل في الحياة ، من الحب والموسيقى والرقص والرسم والنحت وكره القدم حرام ، والشعر والطب ، والرياضيات والكيمياء حرام ، على أنها فواحش وموبقات .. جميع دول العالم تحتفل اليوم بهذا التقليد الجميل ، إلا المجتمعات العربية والإسلامية ، التي تعيش غالبيتها واقعاً لا يتطابق مع تعاليم الإسلام الحنيف ، ولا يرتضيه العقل ، واقع القلوب سوداء، والعقول متحجرة ، غابت الإنسانية عن كل فضاءات الحياة فيه ، وعمه التعصب ، وتفشت فيه العنصرية ، وملأه الظلم والكراهية ، وانتشر بين أفراده فساد العاطفة ، فأصبح أمره فاضحا مشاهدا في الشوارع والمؤسسات والمدارس ، تدل عليه ما يعيشه المرء من فوضى وقذارة وجهل ، وما يكابده من تأثيّراتها السلبية على الذوقيات التي تؤدي إلى سلوكيات تفسد الروح قبل العقل والبدن ، وتستدعي الاستياء العام والاستهجان لدى المتنورين ، وتكرس أسباب الاحتقان ، وتهدد سلامة المواطنين وأمن البلاد .. ويحضرني هنا رد "نزار قباني" يوما عن سؤال حول موقع الحب في المُجتمعات العربية ؟ والذي أجاب بسؤال بليغ مفحم ومقنع ، من كلمتين: "أفي هذا الخراب؟"..فعلا لقد كان صادقا إلى أبعد الحدود، لإذ كيف يمكن أن يكون للحب من موقع في مجتمع ، يجتاز مرحلة من أكثر مراحل الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية إظلاما وترديا ، ومن أين يأتيه الحب وقلوب من يدعون الدين سوداء، وعقولهم متحجرة ، والإنسانية غائبة عن قواميسهم خلاصة القول ، أن الحالة العامة التي يعيشها المجتمع ، أي مجتمع ، هي نتيجة ومحصلة لحالات الأفراد الذين يكونونه ، فحينما يستقيمون على الطريق يسلم المجتمع من النواقص ، ويغدق الله عليه من كرمه وعطاياه ، مصداقا لقوله تعلى: "لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم ماءً غدقاً "، لكنه حينما يصاب أفراد هذا المجتمع أو ذاك بالانحراف والأمراض والنواقص ، فإن أحوال المجتمع العامة ، تسوء وتفسد ، لأن أحواله من أحوالهم ، ومنهم يتشكل واقعه العام. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخطاب السياسي لرجال الدولة !!
-
عبارات حمالة للأوجه والمعاني
-
-اعطيني صاكي- ، والرأي العام !!
-
نعم نحن مع بناء مؤسسة برلمانية قوية ، ولكن !!
-
وبينما المتقاعدون منغمسون في أحلامهم المؤجلة ؟؟
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نلك نفس النظرة !!(5)
-
عندما يتاح المجال لمن يمتلك الموهبة في خدمة الوطن والمواطن !
...
-
-شارلي ابدو- من الخاسر ومن الرابح ؟؟
-
الملكية تاج لا يراه إلا الجمهوريون ..
-
ليلة رأس السنة الأمازيغية ID N SGGAS !!
-
من ذكريات الشتاء بحينا الشعبي -فاس الجديد- ..
-
الإسلام لا يحتاج شهادة تبرئة من أحد !!
-
السفنج المغربي وما أدراك ما السفنج المغربي !!
-
المصالحة المصرية القطرية
-
في ذكرى رحيلك والدتي ..
-
هدية السنة الجديدة
-
شخصية عام 2014
-
الشطابة -المكنسة- شعار المرحلة ا!!
-
شجرة الحي المعمرة ..
-
كلنا نملك نفس العين .. لكننا لا نملك نفس النظرة !!(3)
المزيد.....
-
المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
-
موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص
...
-
شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
-
اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم
...
-
تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
-
الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين
...
-
رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا
...
-
الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف-
...
-
الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب
...
-
كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|