أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - أوروبا ، الغرب ......والإسلاموفوبيا 1-2















المزيد.....


أوروبا ، الغرب ......والإسلاموفوبيا 1-2


عبد المجيد حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4720 - 2015 / 2 / 14 - 16:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أوروبا ، الغرب ..........والإسلاموفوبيا
1- 2
فيما يشبه الدورات الثابتة ، أخذنا نشهد ، وعلى مدار العقدين الأخيرين ، عمليات تعبئة وتحريض ، تجتاح بلدانا عربية وإسلامية ، ضد ما يوصف بعداء الغرب للإسلام ، والإساءة لرسول الإسلام . وصار لزاما أن تسبقها ، ترافقها ، أو تعقبها ، عمليات إرهابية تستهدف منشآت مدنية ، في عواصم غربية ، يذهب ضحيتها مدنيون أبرياء ، كان آخرها الهجوم على مقر مجلة فرنسية ، محدودة التوزيع والتأثير ، اسمها شارلي إيبدو ، وقتل وجرح طاقم تحريرها ، بدعوى نشرها رسومات مسيئة للرسول .
وفيما يشبه الدورات الثابتة أيضا ، ظللنا نشهد موجات استنكار وتضامن ، لا تقف عند الحدود والعواصم الغربية ، هدف العمليات الإرهابية ، تلحقها ، في تلك العواصم ، تشريعات وإجراءات مقيدة للحريات ، تصيب بالأذى نمط الحياة الذي استقرت عليه تلك الشعوب حقبا طويلة . وكان من الطبيعي أن لا يشعر المواطن الغربي بالارتياح ، تجاه هذا الاستلاب لبعض مكتسباته ، بل وأن يشعربشيء من الريبة فالنفور ، وحتى بالغضب ، تجاه من تسبب في ذلك . وهو ما صار يشار إليه ، في كتابات مثقفينا ، بالإسلاموفوبيا ، أو الرهاب ، الكراهية والخوف المرضي ، من الإسلام والمسلمين .
وإضافة إلى التركيز على هذه " الإسلاموفوبيا !" الغربية ، ظل ملفتا للانتباه تلازم التبرير لفعل الإرهاب ، مع الشجب والاستنكار ، والتضامن مع الضحايا ، في بيانات الجهات الرسمية وشبه الرسمية ، وفي بيانات وكتابات السياسيين والمثقفين سواء بسواء . ويلفت الانتباه أكثر استناد التبرير لأفكار ومقولات نمطية ، مثل عيش الجاليات العربية والإسلامية على هامش المجتمعات الأوروبية المضيفة ، والإهمال لأحيائها ، والعنصرية في التعامل معها .....الخ ، دون محاولة للتحقق من سلامة وصحة مثل هكذا مبررات ، ودون انتباه ، أو ربما مع هذا الانتباه ، بأن هكذا تبريرات تحول المواقف من تضامن مع الضحية إلى تضامن مع الإرهاب وتشجيع له .
وقفة :
وإذن ، وفي محاولة لتجاوز التبريرات النمطية ، والاقتراب من واقع ما يوصف بالجاليات الإسلامية في أوروبا ، وتشخيص حالها ، دعونا نتوقف عند الملاحظات التالية :
1- أن ما يوصف بظاهرة الإسلاموفوبيا ، إن وجدت حقا ، حديثة النشأة ، تأخرت كثيرا عن نشأة ، تشكل وتطور الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا .
2- أن بداية النشوء ، لتلك الجاليات ، أعقبت أفول شمس الاستعمار ، وانسحاب ظله ، بقواته وإداراته ، عن البلدان المستعمرة ، ونيلها حريتها واستقلالها ، أي منذ ما يزيد عن نصف القرن بقليل . كما وأن هذه الجاليات نشأت وتشكلت في كل البلدان الأوروبية ، وحيث لم يكن لغالبيتها أي ماض استعماري مع بلدانهم الأصلية ، ولم يكن لها في الماضي ، وليس لها الآن ، أي مطامع استعمارية ، في ثروات بلدان منشأ الجاليات ، كما لم يكن لها أي ماض عنصري .
3- تنوعت عوامل تشكل هذه الجاليات ، من اللجوء السياسي ، إلى طلب العلم ، وإلى الهروب من البطالة والفقر ، فالبحث عن العمل ومصادر الرزق ، وحياة أفضل من تلك المتوفرة في بلد المنشأ .
4- وباختلاف محدود جاء تشكل هذه الجاليات في بلدان الاستعمار القديم . ففي فرنسا ، كما في بريطانيا ، شكل المتعاونون ، وموظفو إدارات المستعمر ، المنسحبون مع قواته ، نواة تلك الجاليات . فعقب انتصار الثورة الجزائرية مثلا ، ورغم العفو الصادر آنذاك ، رفض المتعاونون البقاء ، وبلغ حجمهم قرابة نصف المليون ، مشكلين نواة الجالية المغاربية في فرنسا .
5- وفي كل البلدان التي تشكلت فيها هذه الجاليات ، حصل أعضاؤها على حقوق المواطنة ، فالمساواة مع أهل البلاد أمام القانون ، وفي الحقوق والواجبات . وانفتحت الأبواب مشرعة أمام أصحاب الكفاءات ، وليحقق البعض منهم نجاحات لم تراود أحلامهم في بلدانهم الأصلية . أعضاء وعمداء مجالس بلدية ، أعضاء برلمانات محلية وعامة ، وزارات مرموقة . وذلك غير المناصب الأكاديمية ، والنبوغ الأدبي والعلمي والفني ، والمالي الاقتصادي ........الخ .
6- لم يقتصر تشكل هذه الجاليات على البلدان العربية والإسلامية ، بل وشمل سائر بلدان ما يسمى بالعالم الثالث – المستعمرات السابقة - ، وحيث إرث الاستعمار ، ومظاهر العنصرية ، والأطماع في الثروات القومية ، أعلى بكثير من مثيلاته في البلدان العربية والإسلامية .
7- ورغم ذلك لم تشهد الجاليات الأخرى ، الهندية ، الصينية ، الفيتنامية ، الكورية ، الأفريقية على تنوع بلدانها ....الخ ، أية عوارض ، من تلك التي تسم الجاليات العربية والإسلامية ، كأفعال الإرهاب مثلا .
8- وبسبب طبيعة وعوامل نشأة هذه الجاليات ، على عمومها ، فقد شكلت لها أحياءها الخاصة ، ولتتحول عند البعض منها – الإسلامية والعربية – إلى ما يقارب الغيتوات ، منعزلة عن المجتمعات التي تعيش بين ظهرانيها .
9- وعلى عكس ما يقال ويشاع ، لم تنصهر مكونات الجاليات العربية والإسلامية في بوتقة إسلامية واحدة ، أو حتى في بوتقتين ، واحدة عربية وأخرى إسلامية . ورغم ما توفره المساجد والجمعيات والنوادي من إمكانيات للقاء والتقارب ، حافظت مكونات الجاليات على سماتها الوطنية ، عاكسة ذات الوضع القائم بين دولها الأصلية . فحين يجري الحديث عن جالية عربية مثلا ، يجري تجاهل حقيقة تكونها من تجمعات مختلفة ، واحدة فلسطينية ، وثانية مصرية ، وثالثة عراقية ، ورابعة سورية ، وخامسة جزائرية .....الخ وبعلاقات بينها تماثل إلى حد بعيد تلك القائمة بين بلدانها .
10- وكما أن عهود الإمبراطوريات الإسلامية فشلت في صهر شعوب ولاياتها في أمة واحدة ، فقد واصل اللجوء ، وتشكل الجاليات ، حصد ذات الفشل . وفي حقيقة الحال ليس هناك لا في أوروبا ، ولا في الأمريكتين وأستراليا ، وباقي العالم الجديد ، شيء اسمه الجالية الإسلامية ، بمكون محدد الملامح والسمات .
11- وفي محاولة لاستلهام ، وبعث خبرة الغيتوات اليهودية ، وأسطورة صهر الدين اليهودي لقوميات التكوين اليهودي في أمة واحدة ، وكما للمضمون العنصري لهذه الديانة بالزعم بساميتها ، يتواصل الزعم بقدرة الإسلام كدين على خلق الأمة الإسلامية ، رغم تكذيب الواقع ، بماضيه وحاضره ، وحقائقه الدامغة لمثل هذا الزعم .
12- ولأن مكونات الجاليات العربية منحدرة من شعوب عاشت وتعيش حالة خصام مع القراءة والمعرفة ، فقد انتقلت من حالة الانبهار بمنجزات الحضارة الغربية ، وخدمتها لمواطنيها ، وتمتعها هي أيضا بثمار هذه الحضارة ، إلى حالة الخوف الشديد من احتمالات أثر هذه الحضارة على هويتها الوطنية . وكان أن انعكس ذلك في مزيد من الانغلاق على الذات ، فرفض للانخراط ، فالانصهار في مجتمعات الأوطان الجديدة ، وصولا إلى حالة من الريبة ، فالعداء الشديد لمنظومة الفكر الذي أنتج هذه الحضارة .
13- وتطبيقا لحقوق المواطنة ، بنت الجاليات الجديدة دور عبادتها – مساجد ، كنائس ، معابد بوذية وهندوسية ...الخ – وملحقاتها الاجتماعية والثقافية والتعليمية ، ومارست فيها شعائرها بحرية تامة . وفي حالة الجاليات المسلمة ، ساعد هذا البناء على تعميق حالة الانغلاق ، بتوفير البديل لفكر وثقافات شعوب أوطانهم الجديدة ، أو ما أسمي بالحفاظ على الهوية الدينية والوطنية .
أسلمة أوروبا :
لم تُبْنَ المساجد التي ترتفع مآذنها في سماوات المدن الأوروبية ، وملحقاتها باهظة التكاليف ، من جيوب أعضاء الجاليات العربية والإسلامية . بُنيت بأموال سعودية وخليجية . وعبئت مكتباتها بكتب تراثية إسلامية . وهذه الدول هي من أوفد وعين دعاتها وأئمتها . تزامن ذلك مع صعود السعودية إلى موقع القيادة العربية . وللمفارقة صعود نجم تيارات الإسلام السياسي .
لم يقف دور المساجد وملحقاتها عند حدود توفير البديل لثقافة البلد الأوروبي المضيف . تعداه إلى تشديد حالة العزلة والانغلاق التي فرضتها هذه الجاليات على نفسها ، بدواعي الخوف على هويتها الوطنية والدينية . وفي غمرة تصاعد قوة وجماهيرية تنظيمات الإسلام السياسي ، في الأوطان الأم ، ظهر طموح هذه التنظيمات في السيطرة على الجاليات ، مضافا إليه طموح تحويل الأمم المضيفة إلى الإسلام . وشكلت حالات العزلة والانغلاق الظهير القوي والفعال على طريق تحقيق الطموح الأول .
ولأن الأئمة ، والدعاة والوعاظ المبعوثين أشباه أميين ، اتسمت دعاواهم لتحويل أمم أوروبا المسيحية إلى الإسلام بالفظاظة . جاءت البداية بالتركيز على أعضاء الجاليات أنفسهم ، والقول بأن هجرتهم إلى بلد الكفر هذا ، وحتى تحتسب عند الله ، يتوجب أن تكون هجرة إلى الله . أي لنشر وإعلاء دينه ، لا هجرة من أجل العمل ، أو تحسين الحال ، أو مساعدة الأهل في الوطن الأم . وانتقلت من ذلك ليس فقط إلى الدعوة لتحويل مواطني البلد المضيف عن المسيحية ، بل وإلى تحويلهم عن ، وهجرهم لكامل نظام حياتهم الذي تناغموا معه ، بعد أن استنفذوا قرونا في بنائه ، إلى نظام إسلامي غير محدد المعالم ، أو يعود إلى ماض صحراوي بعيد .
معارضة :
وتطبيقا لمبدأ حرية اختيار واعتناق العقيدة ، لا يتوقف المواطن الغربي ، الأوروبي ، الأمريكي ، الكندي والأسترالي ...الخ ، عند مسألة انتقال شخص ما ، مهما علا مركزه الاجتماعي أو السياسي ، من دينه إلى أي دين آخر كالإسلام . لكن هذا الموقف ينقلب تماما عند أدنى محاولة للمساس بنظام حياته . ببنائه القيمي ، الأخلاقي ، القانوني ، الثقافي .......الخ .
والتهليل الذي نسمعه ونشاهده لتحول شخص ما إلى الإسلام ، يدلل على النشاط المتزايد في دعوة أفراد ذلك المجتمع الكافر ، للتخلي عن دينهم والانتقال إلى الإسلام من جهة ، وتسامح ، أو عدم اهتمام المجتمع ونظام البد من جهة أخرى . فالمواطن في مثل هذه الحالة ، تغيير دينه – لم يفعل أكثر من استخدام حقه في اختيار دينه . لكن ولأن الأمر يتعدى حرية المعتقد ، إلى الدعوة لهدم النظام كله ، كما أشرنا ، كان لا بد من توقع ظهور مقاومة ، أو معارضة لهذه الدعوات . كما كان متوقعا ، وفي ظل وجود تنظيمات إسلامية عابرة لحدود الأوطان ، كالقاعدة والإخوان المسلمين ، أن تدفع حالة تقوقع وانغلاق الجاليات ، أفرادا منها للالتحاق بتلك التنظيمات.
لكن ولأن الأوروبيين ، والغرب عموما ، قارئون ، ولأن الدعاة وأئمة مساجد الجاليات منغلقون ، وأفرادها المعنيين أشباه أميين ، كان من غير المتوقع أن تأخذ المعارضة المحتملة ، وقد تغيرت الأدوات ، بمنهج الحوار ، أو ذات الشكل ، أو قريبا منه ، الذي اتخذته المعارضة للنبي في مكة . آنذاك ، كما نعرف كلنا ، راوحت المعارضة بين الحوارات الناعمة ، برموزها ملأ قريش وحكماؤها ، وبين التفوهات والأفعال الخشنة ، برمزها كاهن الديانة الوثنية وعم النبي أبو لهب . ودعونا نتذكر أن النبي ، وعلى مدى ثلاثة عشر عاما قضاها في الدعوة بمكة ، لم يفز إلا بضم مائة وتسعة عشر فردا ، امرأة ورجلا وصبيا لدعوته الجديدة . والمثير للدهشة نسياننا لحقيقة نكررها كثيرا ، وهي أن أغلب ديانات العالم ، والمسيحية من بينها ، تشهد ظاهرة الدعوات السلفية ، بما يواكبها من تعصب وعدائية للآخرين . ونتناسى أن ذلك قد يعني ردات فعل متعصبة وغاضبة ، من تنظيمات مسيحية ، ضد الدعوات الإسلامية .
وبناءاً على ما سبق ، تعالوا نحاول بناء سيناريو لحوار متخيل ، على طريقة أهل مكة ، بين معارض غربي غير متعصب ، وداعية إسلامي منفتح .
توراة وأناجيل مزورة :
قبل ذلك دعونا نستذكر أن دعاة تحويل المسيحي عن دينه إلى الإسلام ، يستندون إلى ما استقر عندهم كيقين بتحريف الكتاب المقدس بعهديه ؛ القديم أو التوراة ، والجديد أو الأناجيل . والقول بتحريف الكتاب المقدس ، يقود إلى القول بتزويره وفساده ، ومن ثم يتوجب الخروج عليه ، فالانتقال إلى الإيمان بالقرآن الذي لم يتعرض لمثل ما تعرض له سابقه ، ولم يأته الباطل لا من وراء ولا من أمام .
ومن جديد دعونا نتذكر مرة أخرى ، أن المواطن الغربي عامة لا يأبه لمثل هذا الكلام . ولا يفسره على أنه إساءة متعمدة لدينه ، لافتقاره إلى الدليل القاطع بصحة زعم التحريف فالفساد . وبالتالي لا يقيم الدنيا ولا يقعدها دفاعا عن صحة كتابه المقدس . كما لا يزعجه تغيير فرد ، أو حتى مجموعة ، هنا أو هناك ، لدينهم والانتقال إلى دوحة الإسلام . لأن ذلك كما قلنا تكفله الدساتير ومبدأ حرية اختيار المعتقد .
مع ذلك ففي كل مجتمع ، دائما هناك فئة مؤمنة ، وبين أفرادها من يندفع في إيمانه إلى حافة التعصب . ولأنها مجتمعات تقرأ ، وبتوسع وعمق ، تعالوا نعود إلى سيناريو الحوار المتخيل ، بين مؤمن غربي غير متعصب ، وداعية متأسلم منفتح .
- أنت تعرف أنني كمسيحي لا أؤمن بقرآنك ، وأعرف أنك كمسلم لا تؤمن بكتابي المقدس . إذن هل يحق لي أن أستعير موقفك ، وأقول أن قرآنك محرف ، وأنه لذلك فاسد ؟
- طبعا لا . وإن قلت ، يكون في قولك إساءة متعمدة للإسلام .
- إذن أليس في قولك إساءة لديني ؟
- لا . لأن ما أقوله حقيقة .
- إلام استندت ، ومن أين استمديت يقينك ؟ فلا يوجد لا في القرآن ولا في السنة ما يؤيد هذا اليقين . وما ورد في القرآن " يحرفون الكلم عن موضعه " – الايات 46 من سورة النساء و13 من سورة المائدة – لا تقطع بصحة قولك .
- بالعكس هي تقطع بذلك .
- يا أخي الآيات تتحدث عن أشخاص يحرفون كلام الله . والقول بتحريف الكلام مسألة متعارف عليها في الحوارات ، حين تخرج الاقتباسات عن سياقاتها مثلا ، وحين تضفى على العبارات والجمل تفسيرات بعيدة عن مقاصدها . وفي الحالة التي نحن بصددها ، فهي مسألة عظيمة الأهمية ، لو صحت . إذن ألا ترى معي أنه كان يلزم أن تنزل بها آيات شديدة الوضوح ، قاطعة في حكمها ، ولا يشوبها أي التباس ، وهو ما لم يحدث ؟. وأيضا أما كان من الممكن أن يثبتها حديث نبوي شريف ، صريح وواضح وقاطع ، وهو أيضا لم يحدث ؟. وفضلا عن هذا وذاك ؛ كيف تفسر أن القرآن اعتبر اليهود والمسيحيين أهل كتاب ؟ فهل يعني أن القرآن رأى في كتاب محرف ، مزور ، فاسد ، كتابا مقدسا ؟
- ولكن التحريف يا سيدي حدث بعد ذلك .
- أنا لن أسألك ما دليلك . وأين وقع التحريف ؟ وما الأصل ؟ ولكن أذكرك بأن الآيات التي استندت إليها تقول أن المحرفين تواجدوا ، وأن التحريف وقع ، زمن الرسول الكريم وقبله .
- نعم ذلك صحيح .
- إذن كيف تفسر أن النبي نفسه كان يحتكم ، في حواره مع اليهود ، ومع القسس المسيحيين ، إلى الكتاب المقدس ؟ ألا يدلل ذلك على إقرار النبي بأنه غير محرف ؟
- هذا غير صحيح . فنحن لا نقول بأن كله بل بعضه محرف . وما دام التحريف قد طال بعضه ، فقد فسد كله .
- يا أخي أنت تعرف أن النبي استقبل قساوسة نجران في مسجده . تحاوروا دون الوصول إلى نتيجة . فدعاهم للمباهلة ، أي الملاعنة على عادة أهل ذلك الزمان . وأنه أحضر معه ابنته فاطمة وأولادها ، باعتبارهم عائلته ، وتخلف القساوسة . فلو أن بعض الكتاب محرف ، لماذا لم يخرج النبي ، بعد هذه المباهلة التي لم تتم ، ليصرح بذلك ؟ لماذا لم يشن على كتابنا المقدس ، وعلى ديننا ، حملة كتلك التي شنها على دين مكة ؟ لماذا قبل بإبقاء مسيحيي الجزيرة العربية على دينهم ، وأمر بأن لا يضايقوا في إقامة شعائرهم ، وأن لا تمس لهم صومعة ؟ ثم لماذا سار على ذلك الخلفاء من بعده ؟ ثم يا أخي انتقلت قبائل مسيحية عدة إلى الإسلام ، قبيلة طي ، تغلب ، بنو حنيفة ، المناذرة والغساسنة .....الخ ، برهبانها وقسسها وأفرادها ، فلماذا لم يكشفوا ذلك التحريف الذي وقع في الكتاب المقدس كما تقول ؟ هل تواطأوا ، وخبأوا ما وجب أن يكشفوه ويعروه ؟ هل كان إسلامهم غير صحيح ؟
- ربما كان كذلك . لا أعرف .
- إذن كيف تعتبرونهم صحابة ، وتقبلون رواية الحديث والسنة على ألسنة بعضهم ؟
- ولكن القرآن نزل تاليا . ولأنه جامع فقد عوض كل نقص قبله ، كما وصحح ما سبق من تحريف . وهكذا كان إتباعه فرضا وواجبا ، وليس على المسلمين فقط .
- شكرا أنك ذكرتني . فالقرآن تم جمعه بذات الطريقة التي تم بها جمع الكتاب المقدس . صحيح أن المدة أقصر ، لكنها لم تكن كذلك في جمع السنة . إذن إذا حدث تحريف في الكتاب المقدس ، فلماذا هي عصمة القرآن ؟
- لأن الله تعالى تكفل بذلك . " إنا أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون " . ثم إن القرآن لم يكن محفوظا في الصدور فقط . كان مدونا على صحف مختلفة أيضا .
- المدون كان جزؤه المديني وليس المكي . والأخير أكثره . وحتى المديني لم يكن مدونا كله ، وأُخذ غير المدون من الصدور . إذن ألا يحق لنا أن ندعي أنه تعرض للتحريف ؟
- لا . لا يحق لكم ، لأن الله هو من حفظ قرآننا .
- ولكن الروايات عن جمع القرآن تقول غير ذلك . فرواية على لسان عائشة تقول أن سورة الأعراف كانت بطول سورة البقرة ، ولكنها عند التدوين جاءت غير ذلك . ألا يدلل مثل هذا القول على شيء ؟
- لا . لا يدلل على شيء ، لأن هذا الحديث موضوع ، غير صحيح وفاسد .
- وماذا عن الآية التي تقول :" وما ننسخ من أية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ......" ؟ ثم كيف يحفظ الله القرآن ، من دون كتبه المقدسة الأخرى ، ويتحدث عن نسيان آيات ؟ ألا يتعارض النسيان في رأيك مع قطعية الحفظ ؟ وهل في رأيك عند الله ازدواجية في معايير التعامل مع تعاليم أنزلها على رسله ، ومنهم من كلمه تكليما ، ومن هو نفخة من روحه ؟
- اسمح لي ، إذ لا أستطيع سماع مثل هذا الكلام .
- يا أخي تسيئون لديننا ليل نهار . تصفون كتابنا المقدس بالفاسد . وحين ظهر منا مجنون – القس الأميركي – وهدد بحرق نسخة ورقية من القرآن ، أقمتم الدنيا ولم تقعدوها . اتهمتمونا بمحاربة الإسلام . فهل يحق لكم ما لا يحق لغيركم ؟
- آسف . لا جواب عندي . ولا سلام عليكم .
- وقبل أن تغادر ، أرجو أن يتسع صدرك لكلمة أخيرة . تقولون أن النجاشي ، المسيحي ملك الحبشة ، مات مسلما ، وإن لم يعلن إسلامه .
- نعم . ذلك صحيح ، وهو ما أخبرنا به نبينا عليه صلوات الله وسلامه .
- إذن يا صديقي لماذا لم تسلم بلاد الحبشة ؟ أنتم ترددون القول أن الناس على دين ملوكهم ، وهو قول صحيح . أمم وشعوب تحولت عن دينها وتبعت ملوكها . وفي عالمنا المسيحي أمثلة كثيرة . ومرة أخرى أسألك : لماذا ، وقد أسلم النجاشي لم تسلم الحبشة ؟
- أنت فاجأتني ، وفي الحقيقة لا أعرف .
- أما أنا فأعرف . لأن النجاشي ، وعلى عكس ما تقولون ، مات على دينه ، ولم يسلم .
- صرخ الداعية قائلا : يا رجل أنت تتهم نبينا عليه السلام بالكذب . وهذه إساءة لا نستطيع قبولها . ولا سلام عليك مرة أخرى .



#عبد_المجيد_حمدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ثورة الشباب المصري 19 براءة مبارك
- ياحضرات المثقفين .....لطفا بتاريخنا السياسي 2 هل نحن أمام سا ...
- يا حضرات المثقفين .......رفقا بالتاريخ الحزبي 1
- بوكو حرام في نيجيريا ....داروين حرام في فلسطين
- في الذكرى ال 66 للنكبة ....ولكن آفة شعبنا قياداته
- انحدار التعليم إلى أين ؟ وإلى متى ؟ .....التلقين وطريق الخرو ...
- تلك نظم ولى زمانها
- تقاطعات بين الديان 2 صفات الآلهة
- تقاطعات بين الأديان 1 عبد المطلب ( جد الرسول ) هل كان نبيا
- حوار أملاه الحاضر 19 عدالة الإسلام 3 فلسطين اللبن والعسل
- حوار أملاه الحاضر 18 عدالة الإسلام 2 العبودية
- حوار أملاه الحاضر 17 العدالة في الإسلام 1 الغنائم
- من فتنة عثمان إلى فتنة مرسي
- حوار أملاه الحاضر 16 خروج مؤقت آخر عن المسار
- عبد المجيد حمدان- كاتب وباحث واحد قادة اليسار الفلسطيني- في ...
- وبات لزاما عليتا التصرف كدولة
- حوار أملاه الحاضر 15 الشريعة وتطبيق الحدود 5 خروج مؤقت عن ال ...
- حوار أملاه الحاضر 14 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 4 ...
- حوار أملاه الحاضر 13 الشريعة وتطبيق الحدود ...حد الجنايات 3 ...
- حوار أملاه الحاضر 12 الشريعة وتطبيق الحدود ....الجنايات 2 حد ...


المزيد.....




- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...
- شاهد.. الزعيم الروحي للدروز يتهم الإدارة السورية بالتطرف
- قوات الاحتلال تقتحم مناطق بالضفة وتمنع الاعتكاف بالمسجد الأق ...
- بالصلاة والدعاء.. الفلبينيون الكاثوليك يحيون أربعاء الرماد ...
- 100 ألف مصلٍ يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مأدبة إفطار بالمسجد الجامع في موسكو
- إدانات لترامب بعد وصفه سيناتورا يهوديا بأنه فلسطيني
- الهدمي: الاحتلال الإسرائيلي يصعّد التهويد بالمسجد الأقصى في ...
- تزامنا مع عيد المساخر.. عشرات المستعمرون يقتحمون المسجد الأق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد حمدان - أوروبا ، الغرب ......والإسلاموفوبيا 1-2