|
عشّاقْ الزعيم
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 4718 - 2015 / 2 / 12 - 21:00
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
مقدمة /--- وتمرُ علينا الذكرى الأليمة السوداوية " السابعة والخمسين " ليوقض فينا تراجيدية جرح الثامن من شباط الذي يكابر الشفاء بتحدي خارق وصمود أسطوري بوجه الطغاة ، لعلهُ يلقننا درساً بليغاً في "ثقافة المواطنة" ، لاسيما عندما يكون مقترناً بعقوبة الجلد الذاتي لكي نرتشف كأس عذاباتها وأسقاطاتها حتى الثمالة وندفع بها ضريبة عقوق الوطن الأم التي ربما كنا جزءً من الكارثة لغفلتنا وتشظينا وعدم الأنتباه إلى "الثقب الأسود" في سماء العراق - الملبد بهوس وتكالب الطامعين - الذي أبتلع وبسرعة مذهلة ثورة الشعب التموزي وصانعها الزعيم الكاريزمي " عبد الكريم قاسم " وبالتأكيد يتحول الشهداء بعد مماتهم إلى أشباح تقضُ مضاجع قاتليهم فتكون المعادلة الفلسفية المحفورة في ذاكرة الشعوب{أنّ الشهداء أقوى في موتهم مما هم عليه في حياتهم } هكذا كان المسيح والحسين وغاندي وجيفارا ، وصار قاسم أسطورة في مخيلة الجماهير الشعبية الفقيرة التي لم تصدق مصرعهُ وراحوا يتصورونهُ في القمر ، لذا أقدم الطفاة على أخفاء جسدهِ لأرتعاد فرائصهم من كوابيس فوبيا الضحايا وأنعكاساتها السوسيولوجية الزمنية والجغرافية للحضور الغائب لشبح البطولة الوطنية لزعيم ثورة تموز " عبد الكريم قاسم " وكيف لا والمشيمة الحضارية العراقية بين سومر والشهداء الأحياء من ثورة العشرين وأنتفاضة الجسر وتشرين وقطار الموت التموزي وعبد الكريم قاسم --- وأن أختزلت الزمن تخالهُ وكأنك تعش الأمس . أحبتهُ الجماهير المسحوقة من فلاحين وعمال وكسبة والشغيلة ومجمل الطبقة الوسطى والذين غُمروا بالفرح والحرية والديمقراطية والأنفتاح على العالم وخصوصاً أنّ هذه الجماهيرشخصّتْ بوعي سياسي هؤلاء الأعداء من الحاقدين عليها من الأقطاع وملاك العقار والنخبة الحاكمة للملكية المبادة ، وأمريكا ، والكويت ، ومصر عبد الناصر ، والطابور الخامس من جواسيس ، فزاد عشقهم وتمسكهم بالجمهورية الأولى وزعيمها العصامي الذي عمل بمنتهى نكران الذات لتحقيق "المشروع الوطني التحرري" وفك الأرتباطات الأجنبية والأحلاف المشبوهة ، المتمثلْة بخروج العراقيين والأرض من سلطة الأقطاع وشركات النفط الأجنبية والأحلاف المشبوهة وتحديث البنى التحتية في تشييد مدينة الطب والثورة والزعفرانية ، فهو ساهم بشكل فعال في تأسيس منظمة اوبك ، وحقق قانون رقم 80 الذي أرجع حق العراقيين في ثروته النفطية ، ولم يرفع علم الدين للتجارة بهِ ، ولم يُعلمْ أحداً بعشيرته أو طائفتهِ وحتى منطقته ، فكان يرددُ دوماً { أنا عراقي} وناضل بكل جرءة وتحدي للنهوض بالشعب العراقي أجتماعيا وأقتصادياً وسياسياً بأقصر فترة قياسية تجاوزت الأربعة سنوات ولم يمهلوه الشقاة والبلطجية في أكمال ذلك المشروع الوطني للعراقيين . قالوا فيه : مسعود برزاني/ كتاب البرزاني والحركة الكردية : --- وحقاً يقال أنّ الرجل كان قائداً فذاً أنحاز إلى طبقة الفقراء والكادحين ، وكان يكنُ كلّ الحب والتقدير للشعب الكردي ، ويحب العراق والعراقيين ، وكانت 14 تموز ثورة عملاقة غيّرتْ موازين الفكر في الشرق الأوسط ، وألهبتْ الجماهير التواقة للحرية والأستقلال ، ويكفيه فخراً وشرفاً أنّ أعداءهُ الذين أتهموه بالخيانة فشلوا في العثور على مستمسك واحد يدينهُ بالعمالة والخيانة وأضطروا إلى أنْ يشهدوا لهُ بالنزاهة والوطنية . الدكتوره نزيهة الدليمي / مقابله مع صحيفة الزمان اللندنية 26-9-2015 : أنّهُ كان مهذباً جداً وذا أخلاقٍ عالية وحضارية ونصيراً للفقراء ، وحارب الأستعمار بصلابة ، وخدم الفقراء بصدق ، ولا يستحق هذا المصير المؤلم بعد أنْ أسس الجمهورية الأولى. حسن العلوي / مؤرخ سياسي عراقي / كتابه – عبد الكريم قاسم – رؤية بعد العشرين 1983 : مضى ربع قرن على أنعقاد أول جلسة عربية لمحاكمة عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز ، مع أنّ المتهم الرئيسي لها قد أعدم دون محاكمة ، شهود النفي صامتون وشهود الأثبات وحدهم نشروا مذكراتهم ، وسوّدوا أعمدة الصحف العربية ، وساهم معهم صحفيون عبروا مع السادات إلى تل أبيب ، وآخرون محكومون بالأعدام وأطلق قاسم سراحهم ، وليعلموا "أن شهادة جديدة سوف تولد" . حنا بطاطو/ باحث سياسي : أننا أمام ثورة أصيلة جذرية تغيريّة في تدمير السلطة الأجتماعية للأقطاع وملاكي الريف والمدن وتعزيز دور العمال والكادحين والطبقة الوسطى . الدكتور عبد الخالق حسين / محلل سياسي ، متخصص في التأريخ التموزي والقاسمي : أنها كانت بركانا أيقضت في الشعب العراقي الوعي السياسي وأعادت شعوره بكرامته وأنسانيته ، وكانت الزلزال الذي ضرب الدول الغربية وقلب حساباتها . الخاتمة / كان الزعيم الراحل طيباً إلى درجة كبيرة بحيث طمع فيه المؤيد والمحب الكسول ، وتطاول عليه الأعداء ويطابق المثل القائل (أنّ الطريق إلى الجحيم محفوفٌأً بالنيات الطيبة ) . وأقتطف بعض ما كتبهُ الدكتور"عقيل الناصري" باحث جاد ومؤرخ و أرشيف التموزية والقاسميه : { أنهُ زعيمٌ لم تلدهُ ولادة بعد ، أنهُ جبلٌ في تحمل المسؤولية ، وعبد الكريم قاسم لا زال زعيماً أوحداً أرعب الجلادين حين غيبوا جثمانهُ الطاهر ، وذكراه يفرضُ ذاتهُ علينا عند حلوله ، أنّهُ كان شديد الأهتمام بالوضع الأقتصادي ، والتركيز على التنمية الأقتصادية ، ورفع مستويات الطبقات الدنيا ، وفي هذا الأطار تركز مشروعهُ على أستبدال الصرائف بمساكن يتوفّرْ فيها الماء والكهرباء ، أنّ ثورة تموز لم تغيّر الأبعاد الشكلية والفوقية لنظام الحكم بل أنصب التغيّرعلى الماهيات الرئيسة لنظام الحكم وقاعدتهِ الأجتماعية ، والأهم تعبيد الطرق للتغيير الجذري ، والتوسع الكمي والنوعي لمؤسسات المجتمع المدني كالنقابات ، ووسائل الأعلام } أنتهى . وفي شباط الحزن 1963 علينا تجاوز ما تحويه من احباط وأكتئاب وحسرة إلى السير في طريق التغيير الذي سلكه الزعيم في خطوة الآلف ميل وتكملتها ، وترجمة وأستنساخ سلوكياتهِ في أدارة الحكم ، ودراسة بعض من أخفاقاتهِ ونقاط ضعفهِ ليعيد مسيرتنا إلى السكة الصحيحة حيث " ثقافة المواطنة " وحب العراق والعراق فقط ، فهو ليس بحاجة إلى مجدٍ نظيفهُ لهُ ولكننا نحن بحاجة ‘لى الأنصاف وتحكيم الضمير، لا نبغي تلميع صورته لأنهُ ليس بحاجةٍ لها والجواب عند أعدائه الذين ذكروا مناقبه المجد لثورة تموز وقائدها مهندس الجمهورية الأولى ومصممها الزعيم القدوة عبد الكريم قاسم . وتحية أكبار وأجلال لشهداء الحركة الوطنية وخصوصاً شهداء وضحايا شباط 1963 .
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هلوسة بطران !!!
-
لمنْ تُدَقْ الأجراس ؟ خاطرة في مضمونها الوطني
-
العمليّة العسكريّة المرتقبة / لتحرير الموصل
-
الدولة الريعية ---- مستقبل مظلم
-
الموازنة عبر الغرف المظلمة
-
السلطة الرابعة ---- ومسارها التراجيدي بعد السقوط
-
غزوة باريس وكرنفال اللومانتيه/ خواطرللمقارنة
-
القصف الأمريكي لداعش------ مشروع فتنة !!!
-
النازحون ------- على صفيحٍ ساخنْ
-
ثقافة الفرهود ---- تعود ثانية
-
كوبا --------- الحرب والسلام
-
الأعلان العالمي لحقوق الأنسان------ الذكرى - 66 -
-
الرواتب الفلكية وأخواتها ------- أيبولا الحس الوطني
-
أنّها لعبةٌ أمريكية ----- أليس فيكم رجلٌ رشيدْ ؟؟؟
-
الحشد الشعبي ------- منجز وطني كبير
-
من أرشيف البيت الهاشمي ------ قراءة في منهجية - الحسن السلمي
...
-
{ لا } --------- للتمييز في البرلمان بين الشهداء
-
ثقافة الفوضى----- وحكومة المقبولية
-
أضاءات سوسيو نفسية ------- في أوهام البطولة الداعشية
-
مصفى بيجي ------- 150 يوم صمود أسطوري
المزيد.....
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|