|
كاترينا وين طمبورة وين ؟
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 11:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد اثارت تداعيات اعصار كاترينا العديد من التساؤولات المأساوية في نفوس الكثيرين من المتابعين، والتي قد تطرح نفسها تلقائيا ومرة واحدة ، خاصة ان صورها متشابهة مع صور اخرى عالقة في اذهان الناس . مثل اعصار السونامي . العناوين مختلفة لكن المشاعرهي ذاتها ، اما الناس المشمولين بالكارثة فأنهم متشابهون ايضا من حيث متاعبهم ، وسلوكياتهم اثنائها، وهي من هذه النواحي مشابهة لكوارث اخرى من صنع البشر انفسهم . لكن الفرق تكوني وجوهري بين كارثة سببتها قوى الطبيعة العمياء وبين كوارث يسببها البشر مع سبق الاصرار والترصد !؟ قمة كارثة العراق : ان اعتبار الكارثة التي يعيشها العراق هي قمة الكوارث الانسانية يعود الى كونها مستمرة وهي مفتوحة على اسؤ الاحتمالات انها بحق أم ولادة للكوارث ! ابتدأت هذه القمة الكارثية منذ احتلال العراق في نيسان 2003 ، ثم بقاء هذه القوات وعبثها المتواصل بمقدرات البلاد واهلها ثم انها جاءت بعد سلسلة طويلة ومهلكة من الكوارث واخرها واطولها كارثة الحصار اللاانساني على العراق وشعبه والتي كانت بمثابة عملية ابادة جماعية بطيئة راح ضحيتها اكثر من نصف مليون انسان عراقي اضافة الى تحطيم الجزء الاكبر من البنى التحتية . وعزل شعب العراق عن العالم ! انها قمة الكارثة لانها كارثة شاملة اقوى بفعولها المفتوح من اي اسلحة للدمار الشامل ، انها احتلال لغرض تقويض مقومات الدولة العراقية ، وليست لتغيير السلطة كما يدعون ! انها الاحتلال الشامل والخراب الشامل والتدمير الشامل والتفكيك والتفخيخ الشامل ، انها القتل الجماعي والفوضى ، واختفاء الخدمات والامن .. حتى الان اكثر من 150 الف قتيل واضعاف اضعاف هذا العدد من الجرحى والمعوقين ! وهذه الاحصاءات على مدى سنتين فقط والحبل على الجرار. انه ومهما كانت عيوب النظام السابق ، لم يكن جائزا او صحيحا لاشرعا ولا قانونا ولا منطقا اعطاء الحق لكائن من كان في فعل ما فعله بهذا العراق الغالي . ان كوارث الاحتلال هي القمة وبأمتياز لاسيما انها متواصلة وللاجل غير مسمى . ان خسائر العراق المادية بلغت اكثر من 500 مليار دولار منذ احتلاله "بنى تحتية ، مؤسسات ، نفط ، اموال، اضرارزراعية ، اضرار بالثروة الحيوانية " لايدخل في هذا الحساب اضرار التلوث والاهدار. وجاء ت كارثة جسر الائمة لتضيف هولا جديدا على الاهوال المنتشرة فى كل مرفق وكل يوم ، اكثر من الف هم الشهداء والمئات من الجرحى . واللكارثة هذه انعكاسات مروعة على المئات من العوائل البسيطة وذات الدخل المتدني التي هي بالاصل بحاجةالى انقاذ فكيف الحال الان، لقد زاد الطين بلة،لا لم تكن بلة انها الطوفان والغرق الكامل . " ايتام ، فقدان المعيل ، فقدان الامهات " الخ . اليس العراق وحده يعيش قمة الكارثة ؟ ؟
أما كاترينا : فلا يسعني في البدأ الا القول ، كاترينا وين والكاظم وين ، عرب وين طمبورة وين ؟ نعم كاترينا كارثة طبيعية ضربت مجتمع مستقر ويستطيع ان يمتصها ويمحو أثارها بسنتين او ثلاث . نعم كاترينا اعصار عصف بثلاث ولايات امريكية في خليج المكسيك ويقال لسؤ الحظ انها اجتاحت منصات تصدير النفط مما جعل امريكا تهتز وترتبك ورئيسها يقطع اجازته . نعم ان الرئيس الامريكي لم يكن ناقصا حتى تأتي الانسة كاترينا لتعرس في الميسيسبي . نعم انه وبكل" تواضع" الامبراطور يطلب المساعدة من الاخرين . نعم ان الاعلام يغض الطرف عن اعمال السلب والنهب الكبيرة الجارية في هذه الولايات . نعم ان التقديرات الاولية للخسائر البشرية حوالي الالف او اقل ، اما المادية فهي حوالى 26 مليار دولار وان ارتباك السوق النفطي يزيد حجم الخسارة . نعم الرئيس سيتصرف ويعوض ما يخسره نفطيا فقد طلب مباشرة من السعودية ان تفعل ما في وسعها وايضا هو يعرف كما نحن انه لايستثني النفط العراقي من موضوع المساعدة انه تحت تصرفه !؟ نعم وان الجارة العزيزة الكويت قد تبرعت فورا بنصف مليار دولار . نعم وان قطر تبرعت بمئة مليون دولار . نعم وان الصين قد تبرعت بخمسة ملايين دولار !؟ نعم وان السعودية والاخرون لايعلنون حجم مساعدتهم ولسان حالهم يقول : ان الاحسان المعلن لايدر اجرا عند الله ! نعم ان امريكا استفاقت اوهكذا يجب ان تكون لغرورها وعجرفتها على اساس انه لا فرق بينها وبين بنغلادش في الكوارث وفي المعاناة الانسانية . فهل ياترى ستستفيق من وهمها الامبراطوري وتنسحب بماء الوجه قبل فوات الاوان من العراق ؟ فهل ادركت ان حرامية كاترينا لهم ذات مواصفات حرامية علي بابا ؟ امريكا ستعوض خسائرها اوقد تجبر الاخرين على تعويضها ولكن من يعوض شعب العراق ومن يحاكم المتسببين في صنع كارثته المستمرة . اليست افضل مساعدة يقدمها الشعب العراقي للشعب الامريكي هي دعوة جنودهم للانسحاب من العراق لاغاثة اهاليهم في الولايات المنكوبة ؟ ايها الجنود الامريكيون اختاروا بين ان تذهبوا الى ولاياتكم المنكوبة لانقاذ اهاليكم او الانكواء اليومي بجحيم العراق !؟ قد تكون كوارث قوم عند قوم فوائد . ولكننا لاننتظر ان تنتقم الطبيعة عشوائيا لحقوقنا، وانما الحقوق تنتزع انتزاعا من مغتصبيها. ولنا الله
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على الذهب الاسود تدور الدوائر
-
يسار ولكن
-
الحماسة في الاهزوجة
-
مثقفون وسياسيون للبيع
-
من يغذي الارهاب في العالم
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|