أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نور العذاري - عندما يبيع الوطن الوطن- هوامش على مقال ( المحامية بشرى الخليل تمارس الارهاب العاطفي ضد الشعب العراقي ) للكاتبة العراقية المبدعة فينوس فايق















المزيد.....

عندما يبيع الوطن الوطن- هوامش على مقال ( المحامية بشرى الخليل تمارس الارهاب العاطفي ضد الشعب العراقي ) للكاتبة العراقية المبدعة فينوس فايق


نور العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 10:57
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في ساعات الليل المظلم وبعد يوم نهاره كان شاقاً وطويلاً جداً أكون يا حبيبتي اشد ما أكون احتياجاً إليك من أي وقت مضى.. في هذه الساعات القاتلة التي يكون فيها الوقت متوقفاً عن الدوران.. وعلى بعد عشرات الأمتار تحت الأرض أحاول ارتدائك يا صديقتي القديمة كنزة من الحنان ومعطفاً يحميني من البرد القارص.. في مناجم الماس البراق أتذكر عينيك الماسيتين الزرقاوتين يا حبيبتي وأتذكر تلك الأيام التي عشناها سوية على ارض هذا الوطن الجميل.. قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً كنا صغاراً، أنا وأنت، على شاطئ بحيرة الحبانية.. نركض ونمرح.. ونبني بيوتاً من الرمال.. وأحضنك وتقبليني.. وأحملك على كتفي وتحلقين بي كطائر النورس الأبيض.. أهديك زهوراً من كردستان العراق فتهديني خيوطاً من الحرير من شعرك المصبوغ بحناء الفاو.. كنت أنا من الجنوب.. وكنت أنت من الشمال.. وكانت علاقتنا تعبر عن اتحاد الوطن.. لم نكن نعرف أن ثمة من يسترق النظر إلينا ويضحك منا وهو يدبر الخطة لقتل البسمة المرسومة على ثغورنا.. وأخذت تكبرين وأكبر ويكبر حبنا لبعض.. تزدادين جمالاً وأزداد عشقاً لك.. تصبحين مليكة وأصبح أحد رعاياك المخلصين.. تهديني ابتسامتك وأهديك حزني كحزن الشمس عند المغيب.. وبدأت سنين الحرب العجاف.. وما زلنا صغاراً.. ما زلنا نبتسم للموت وهو يقترب منا بعربته السوداء التي تجرها الخيول الرمادية.. نبستم له عندما نراه يُركِب في عربته الكثير من الأحبة والأصدقاء ونحن نلوح له ولهم بأيدينا.. لم نكن نعرف أنه يقتادهم إلى تلك المجاهيل التي لا نعلم لماذا يأتي منها البشر ويذهب إليها دون أن يعي شيئاً.. ومرت السنين سريعة كسهم خاطف.. كان الوطن يفقد جماله سنة بعد أخرى.. يبيع أبنائه سنة بعد أخرى من أجل لقمة عيش تسد رمق الآخرين.. وكانت رحى الحرب تدور.. تقلب أعالينا أسافلنا ويشتد الجوع والمرض والفقر.. وأنا أراك وترينني.. أكلمك وتكلمينني.. وبدأ حبي لك يأخذ طابعاً آخر.. في زمن السجون والمعتقلات، ومن خلف القضبان وتحت الأرض.. لقد غدا حبي لك حبي لهذا الوطن.. عندما أشم تراب هذا الوطن أشم عبير نهديك وحين أتذوق ماءه أتذوق رحيق شفتيك فغدوت أنت والوطن واحد لا تفترقان.. لقد أحببتك من خلال الوطن وأحببت الوطن من خلالك.. أحببتك من خلال أولئك المعذبين خلف القضبان.. من خلال أولئك المشردين في هذا الوطن.. أولئك المغتربين وهم في بلادهم.. أحببتك مع كل دمعة تنزل في جوف الليل من عين أم على ولدها وعاشقة على حبيبها وطفلة على أبيها الفقيد.. ومضت الأيام وغدوت أحبك وتنكرينني.. وأعشقك وتتجاهلينني.. لا أعرف هل كنت تغارين من الوطن.. أم أن حبي للوطن كان مبالغ به كمن يشرب حتى الثمالة.. وظلت الأيام تجري وحبنا وعلاقتنا تأخذ بالفتور وعندك حق سيدتي أن تضجري من شخص مثلي أخذ يحدث حبيبته عن السجون والمعتقلات بدل أن يحدثها عن الأحلام الوردية.. وبدل أن يهدي حبيبته قصائد العشق والهيام أخذ يهديها مقالات ضد السلطة الفاشستية الحاكمة.. والزمن يمضي والإرهاب ما زال جاثم فوق صدورنا يتلذذ بذبح أطفالنا الطيبين حتى جاء يوم الخلاص.. يوم فتحنا الباب على مصراعيه للأجانب ليدخلوا بلادنا معتقدين أنهم أزالوا الظلم والإرهاب.. " نعم لعودة الحقوق المغتصبة.. نعم لرفع الظلم والقهر.. موتاً لصدام وبعثه اللعين ".. وأخذنا نعيش بأحلامنا الوردية.. يوم سقط صدام خرجت مسرعاً إليك لأعلن انتصاري ولأعلن حبي لك.. لأطبع قبلة على جبينك العالي كجبال كردستان العراق ولأقبل جبين وطني الجميل.. ولأراك كما لم أراك من قبل.. لأحبك كما لم يحبك أحد قبلي ولن يحبك أحد بعدي بهذا العمق.. لم أكن أعلم شيئاً عن القادمين من تحت الأظافر.. كان كل شيء متوقعاً.. فرحنا.. سعادتنا.. انتصارنا وأكاليل الغار.. كل شيء كان متوقعاً إلا أن يتحول الانتصار إلى هزيمة مرة.. أن يتحول المظلوم إلى ظالم.. أن يتحول الضحية إلى قاتل محترف مصاص للدماء.. لقد جاءوا إلينا عبر الحدود.. مناضلين مضحين في العلب الليلية حيث يتذكرون الوطن على صدور العاهرات وكؤوس الجن بالليمون في أيديهم فيبكون وينتحبون.. أتوا ليبيعوا هذا الوطن.. ليحرقوه بنيران الطائفية والعرقية والقبلية المريضة والمقيتة..
أتوا ليخرجونا من ديارنا ويغتصبوا حقوقنا.. أتوا ليحققوا مغانم ومكاسب من خلال هذا الوطن الذي أصبح مباحاً للجميع..
إن الإرهاب والإرهاب لا يكمن فقط في الأحزمة الناسفة والمفخخات وفي محامية تحاول الدفاع عن صدام وهي مقتنعة بأنه قاتل محترف لكنها تضع قناعتها مقابل رزم الدولارات التي ستحصل عليها من التصريحات الرنانة في وسائل الإعلام وغيرها بل يكمن في الذين يسرقون هذا البلد لصالح هذه الدولة أو تلك.. لتحقيق مصالح شخصية بذيئة ومقيتة..
يكمن في الذين يقتلون أبناءنا باسم الدين.. باسم الطائفية المقيتة..
يكمن في الذين يسرقون البسمة من ثغور أطفالنا الصغار ويجبرون أمهاتنا على بيع جدائلهن..
لا زلت اذكر صورتها.. وقد جلست على ( تنكة ) قديمة جداً أمام منزل من القصب، جدرانه من القصب، سقوفه من القصب كان في الحقيقة عبارة عن غرفة واحدة قوامها القصب، سكانها من القصب من اثر الجوع والفقر.. جلست بملابسها الرثة وشعرها الذهبي المبعثر وقد أمسكت بيديها دمية مقطعة الأطراف كمن تعرض إلى حادث تفجير إرهابي.. كان ذلك في منطقة اللطيفية.. كانت الغرفة مجاورة لسكة الحديد وكانت السيارات تحاول عبور السكة فيما ينشغل الناس بالحديث خائفين وجلين من ( المجاهدين ) الذين يعتبرون عبور السكة الحديد إحدى الكبائر التي توجب قطع الرأس.. وكانت هي تنظر.. تضع يديها على دميتها.. تحضنها وتنظر للناس.. تنظر لحالها.. وترسم ابتسامة شاحبة صفراء على ثغرها المتشقق من الجوع والعطش.. من هو المتسبب في هذا المنظر الرهيب الذي ينفطر له الصخر.. كيف ستنظر هذه الطفلة وغيرها المئات بل الألوف من أطفال العراق إلى مستقبلهم المظلم..
حينما يقوم السادة الوزراء والمسئولون بسرقة واختلاس الأموال وتزوير العقود وتصفير خزينة الدولة ونقلها إلى الخارج ( رغم رواتبهم التي لا تتناسب مع مؤهلاتهم الدراسية!!! ) أفلا يعد ذلك إرهاباً بحق هذا الشعب..
حين يتعرى البعض وينادي بفيدرالية الجنوب الطائفية التي ستكون امتداداً للحكم الفارسي في العراق ألا يكون هذا إرهابا..
حين نذبح بعضنا بعضاً باسم الإسلام.. ونقيد الحريات باسم الإسلام ونخرج المواطنين من منازلهم ونمنحها للفرس القادمين إلينا مثل النمل باسم الإسلام وباسم إعادة الحقوق لأصحابها أفلا يكون هذا إرهابا..
حين ترتدي الميليشيات المسلحة أسلحتها وتجوب الشوارع وتعتدي على المواطنين المعارضين ( لسماحة السيد ) في فكره ومنهجه ورافضين عملاته لدول الجوار الأعزاء ألا يكون هذا إرهابا..
حين يأتي شخص مرتدياً بدلة عسكرية عليها علم أمريكا ثم يدعي بعد ذلك أنه وطني ومخلص ومقاوم للاحتلال ويؤسس المنظمات والمراكز الثقافية ( التي يستلم تمويلها من الاحتلال فيدفع للعاملين لدية خمس ما يستلمه من أموال ) ويصبح هذا الأخير من صانعي القرار وأصحاب السيادة والفخامة في العراق ألا يكون هذا إرهاباً.. بل هو الإرهاب بعينه..
حين يذهب الشعب إلى صناديق الاقتراع ليختاروا ممثليهم دون أن يعرفوا سيرة الشخص الذي يختارونه، ماذا قدم لهذا الشعب وهذا الوطن من انجازات وتضحيات.. لم يعرفوا ذلك بل اختاروا ممثليهم بناء على رغبة سماحته ( الحاضر الغائب ) أفلا يكون هذا إرهاباً بعينه..
أنا لست في مقام الإضافة لمقالة الكاتبة العراقية التي حملت آلام الوطن بين جنبيها وعذراً لها إذا فعلت ذلك، إنما أردت أن أضيف بهامش هذه المقالة بعض الملاحظات التي أحسها وأنا هنا أعيش في أحضان هذا الوطن الجميل..
أيها السيدات والسادة.. نحن الإرهاب بعينيه، بزعمائنا ومفكرينا، بشيعتنا وسنتنا، بعربنا وأكرادنا وأقلياتنا، وبشعبنا الغارق في بحور الجهل والضلالة المحاصر بين أسنان الخلافة والزعامة والوراثة المكبل بالعمائم وأربطة العنق الحمراء والمدجج بالأسلحة والقنابل والمفخخات..
نحن الإرهاب بعينه أيها السادة لأننا جعلنا الوطن يبيع الوطن ويهاجر لاجئاً سياسياً في إحدى الدول النائية والبعيدة هرباً من عقوق أبناءه الضائعين الضالين المشردين..
بعد هذا ألا نكون الآن قد وصلنا إلى نهاية السباق ولكن، من الجهة المعاكسة!!!!...



#نور_العذاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين جسر الأئمة وخطبة يوم الجمعة وصوت امرأة تنتفض نحو الحرية ...


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - نور العذاري - عندما يبيع الوطن الوطن- هوامش على مقال ( المحامية بشرى الخليل تمارس الارهاب العاطفي ضد الشعب العراقي ) للكاتبة العراقية المبدعة فينوس فايق