|
الكوري عندما ينوح كأمراة من أجل الحياة
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1317 - 2005 / 9 / 14 - 10:48
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أعادت إحدى مواقع الانترنيت صورة الكوري الذي أختطف في العراق وقتل على يد خاطفيه قبل أكثر من عام . هزني كثيراً رؤية المسكين الرهينة الكوري بنواحه الذي يشبه تماماً نواح الثكالى يوم تأخذ الحروب أبنائهن والأعزة ، كان نواحه وصوته معجون برغبة عجيبة من أجل الحياة ، وبين كل شهقة وشهقة كان يقول بحنجرة مقطعة بأسى أن لافرصة لحياته أنه : يحب الحياة ويريد أن يعيش . وكان ممكناً لهذا المسكين أن يعيش لو بقي في بلاده ، ولكنه غامر ربما من أجل لقمة عيش وجاء إلى بلد ربما حتى ( لفة السندويش صارت فيه مفخخة ) وكانت رقبته ثمناً لتهديد نفذ ببرود وهدوء ، لأن كوريا لم تمتثل لمطالب الخاطفين وتسحب جيوشها من العراق . وفي نفس اللحظة التي أعلن فيها نحر قتل طفلين في العاصمة بغداد بعبوة ناسفة عندما كانا ينتظران والدهما في المقعد الخلفي من السيارة كي يجلب لهما ، لكنها تناولا بدلاً عنها الموت ليس بطعم الفراولة وإنما بطعم الإرهاب ، ورغم أن النائح والطفلين ضحية واحدة لما يجري وسيجري إلا أننا سمعنا بالطفلين فقط ، وربما حين نشاهد موتهما متلفزاً سنهتز من أسى موت طفولة العراق أكثر بكثير من تلك الهزة التي فعلها موت حفيد < سامسونك > . ولكننا لم نشاهد سوى هذا النحيف البائس ، الجامعي الذي شهدنا دموع أمه تتقافز عبر المرئيات كطائر ذبيح بين سكين القصاب وبطن الجائع . لمشهد موته ، مفاصل كثيرة تمت بصلة للحدث الكوني الذي صنعته متغيرات لا تحصى ، أهمها : سقوط الاتحاد السوفيتي ، والنجاح الأمريكي بتطبيق خطة < سير السلحفاة > ليكون العام عولمياً بذاكرة واحدة ، هي الذاكرة الأمريكية ، بعد أن سعت أمريكا للعب دور المصلح وهي تخلصنا من أعتى قساة الحكم وتضع سيناريو لديمقراطية تحمل فهماً عميقاً لمصالح أولئك الجالسون الآن تحت مظلة الشمس ، وهم نصف عراة وممدين على رمال فلوريدا . لهذا كان النواح الكوري مدفوعاً بندم لاينتهي إزاء قدومه إلى ساحة الجمر ، وبدا في بكائه حسب التحليل النفسي لبحته المرة أنه مجرد أجير لأمر لاناقة فيه ولاجمل ، ويبدو أن القادمين مع قوات التحالف أو < المحتل > بفضل الأجور الجيدة لايعوا أنهم في داخل دائرة النار ، وأنهم مشروع لضحية تصفية الحساب ، وأنهم ربما رسائل مجفرة من طرف ما إلى حكوماتهم ، كما حصل مع المخطوفين اليابانيين الذين نجت رقابهم بفضل الين وقوته في أسواق النقد . سيكولوجيا رسم انهيار المسكين الكوري < صورة لإنسانية مغلوب على أمرها وأنها ضحية الحظ والطالع السيئ > ولأنه ربما لم يرى تنين السنة القمرية الكورية ليعيش وقتاً أطول ، فكان له السيف ، ليموت ، موتاً يحمل في تعبيره : أن القدر يطعم النواح بيأس ونهاية مفجوعة ، وأنه < أي هذا الكوري المسكين > لم يعد يرى أمه ولاأبيه ولاوطنه . النواح الكوري ، أختلط بالنواح العراقي ، تحول مشهده انهيار هذا النحيف إلى سبق صحفي عاشت عليه الفضائيات ليوم كامل ثم عادت لتوعز إلى مراسليها كي يبحثوا عن نواح آخر .. الحزن في المشهد كله ، يكمن في حزن العراق ، حين يقول عنا صحفي مغامر < أنكم ، مادتنا الدسمة منذ أن أشعل صدام حرب المخافر على حدوده مع أيران > المخافر صارت ذكرى ، جاءت الآن حرب السيارات المفخخة وحرب الشوارع وحرب النواح وموت الجسور الجماعي كما حدث في فاجعتنا الوطنية ( جسر الأئمة ) التساؤل يعود إلى جملة يقرأها جميع العراقيون يوم يدخلون في أول يوم مدرسي ، وهي موجودة في القراءة الخلدونية والقائلة : < متى يبقى البعير على التل ؟ > سلمتم وسلم العراق وأهله
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لوركا يشرب القهوة في أور
-
نسمة طاردة ..نسمة جاذبة ..تلك هي قصيدتي
-
بين الجواهري والجعفري
-
الأحتفاء بالشعر على الطريقة البوذية..(خدك جرح وقصيدتي خنجر )
...
-
الموسيقى بين روح الأنثى ومنى الرجل .. قراءة فلسفية
-
فلسفة لولادة حصان
-
حوار مع الشاعر العراقي كمال سبتي..قصيدتي قصيدة معنى ..والأنا
...
-
المندائية :المقدس وهو يتدفئ بمعطف النور
-
الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي
-
قصائد لحلمة النهد فقط
-
حوار مع الشاعرة اللبنانية جمانة حداد...أنا أتحدى أي سلطة ولي
...
-
كائنات حية تعمل وتفكر وتشتغل بالسياسة
-
الجوع عندما يكون قاسياً كالنساء ..(.........)
-
رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية
-
ميثولوجيا الأهوار ..مستوطنات الحلم السومري والطوفان المندثر
-
قلوب معلقة تحت أهداب الشعر
-
غادر مبتهجاً وعاد مع سلة تمر
-
أمنيات وجنود ورز التموين
-
حب وعولمة وقبعة جيفارا
-
ليل وطني أغنية للعشق
المزيد.....
-
مصر.. الداخلية: القبض على شخص نشر -عبارات مسيئة- على شاشة إع
...
-
ألمانيا تحظر مجلة يمينية بدعوى نشرها الكراهية ومعاداة السامي
...
-
4 قتلى وجرحى آخرون جراء إطلاق نار بمحيط مسجد بمنطقة الوادي ا
...
-
الجمهوريون يسمون ترامب مرشحا لهم والأخير يسمي نائبه المنتظر
...
-
رجل أعمال روسي يعرض مكافأة مالية كبيرة لإسقاط أول طائرات -إف
...
-
مركز الأمن البحري العماني: 16 مفقودا بعد انقلاب ناقلة نفط قر
...
-
-علاج خفي- محتمل للسرطان
-
وسائل إعلام: ماكرون سيقبل استقالة حكومة أتال هذا المساء
-
مصر.. مقطع فيديو لمقتل شخص في حي شعبي يثير جدلا
-
وزيرة إسرائيلية تلوّح بإسقاط الحكومة إذا انسحب الجيش من محور
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|