سلامة كيلة
الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 12:07
المحور:
القضية الفلسطينية
لا ننسى أن مفاوضات أوسلو بدأت على غزة، قبل إضافة أريحا، انطلاقاً من شعور الدولة الصهيونية أنها عبء يجب التخلص منه.
وإذا كانت اتفاقات أوسلو توحي بإمكان الانسحاب الصهيوني من الأرض المحتلة سنة 1967، فإن استمرار توسع الاستيطان والسيطرة على الأرض، والجدار العازل في الضفة الغربية، واعتبار شارون بأن اتفاقات أوسلو قد انتهت، وبالتالي التأكيد على غياب المفاوض الفلسطيني، ومن ثم تنفيذ «خطة الفصل» من طرف واحد، أي دون التنسيق مع طرف فلسطيني. كل ذلك يشير إلى أن الانسحاب من غزة يأتي في إطار خطة تؤكد أن المسألة تتعلق بالتخلص من غزة، ولا توحي أنها خطوة في سياق انسحاب من الضفة الغربية كذلك. وعلى العكس من ذلك، تبدو وكأنها خطوة من أجل قضم الضفة الغربية، بعد محاصرة السكان بالجدار العازل، وقطع الشمال عن الجنوب بالمستوطنات الممتدة من القدس إلى الغور.
حتى غزة ظلت معتقلة عبر السيطرة على الأجواء والبحر والمعابر، وبالتالي فقد جرى تفريغها من المستوطنات والجيش دون أن تحصل على الاستقلال. ربما ستكون المفاوضات الطويلة القادمة هي من أجل دولة في غزة فقط، الأمر الذي يجعل مسألة الضفة الغربية محسومة مسبقاً، ليجري البحث حول وضع السكان الفلسطينيين، وعلاقتهم بـ«الدولة المنشودة». إذن سندخل في ملهاة طويلة تكون الدولة الصهيونية قد ركزت خلالها السيطرة على الأرض في الضفة، ووسعت المستوطنات، وأوجدت توافقاً يُخرج الضفة من معادلة التسوية.
لتكون غزة، التي كانت أولاً، تكون أخيراً، وربما الخطر يكمن في التقاتل لفرض السيطرة الفلسطينية عليها، ويصبح السعي لتحويلها إلى دولة هو الهدف الفلسطيني، وبالتالي تضيع كل القضية. ولكن ربما يكمن الخطر كذلك في التسويق السياسي الصهيوني للخطوة، والإفادة منها لتوسيع علاقات الدولة الصهيونية بالدول العربية، ومن ثم إدخال الدولة الصهيونية في المنظومة الأمنية للدولة الأمريكية، لتكون المساعد في عملية السيطرة العسكرية الأمريكية على المنطقة، بعد المأزق الذي باتت تعيشه في العراق.
أظن أن المطلوب هو الخروج من «أوهام الممكن»، والتأكد بأن لا ميزان القوى، ولا الرؤية الصهيونية يستوعبان حلاً، حتى وإن كان جزئياً، للقضية الفلسطينية، هناك حل صهيوني فقط, مدعوم أمريكياً، وهو ضد أماني الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يفرض إعادة صياغة الاستراتيجية الفلسطينية على أساس استمرار المقاومة.
#سلامة_كيلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟