مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1316 - 2005 / 9 / 13 - 10:38
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هل تعلم أيها القارئ والقارئة العزيزين ..
هل تعلم .. إنّ هذه الرائدة اللبنانية .. , كتبت كتابا في بداية القرن الماضي " القرن 21 " , عمل ثورة في الوسط الإجتماعي والسياسي , وهي لم تتجاوز بعد الثلاثين عاما .. .. ؟ !!!
في ثلاثينات القرن الماضي كتبت نظيرة زين الدين - خطابا فيه كثير من الجرأة والشجاعة والوعي والثورة للتغيير . لقد استخدمت علمها وثقافتها واطلاعها في خدمة مجتمعها ككل .. , والمرأة بصورة خاصة , تدفعها لتدخل عصر الحرية .. بكلّ ثقة ورغبة في التقدّم .
ففي عام 1928 - صدر في بيروت , كتاب هزّ العالم العربي تحت عنوان : " " السفور والحجاب " محاضرات ونظرات هدفها تحرّر المرأة والتجدّد الإجتماعي في العالم العربي والإسلامي , للاّنسة نظيرة زين الدين - إبنة سعيد زين الدين - الذي شغل في ذلك الوقت منصب : الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف في الجمهوريّة اللبنانية , وقد أهدت الكتاب إلى والدها ....
لنطّلع على اّراء الاّنسة نظيرة وفكرها .. ورأيها حول هذا الموضوع القديم .. الحديث , مقتطفات من هذا الكتاب :
" وليس ينفع الرجل والنساء , أن يكون الرجال قوّامين جسما ومادّة فقط , وأن يعمّم الرجال ولايتهن على من يعطهم الشرع حق الولاية عليهنّ , بل يضرّ الجنسين أ]ّ ضرر , أن يحقّر كل رجل أمه , وإبنته , وزوجته , وأخته , بسؤ ظنّه المستمرّ , يسند إليهنّ فساد الأخلاق , ويحبسهنّ كما قال المصلح الكبير - قاسم أمين - .. في قفص مقصوصات الجناح , مطأطأت الرؤوس , مغمضات العيون , له الحرية ولهن الرق , له العلم ولهنّ الجهل , له العقل ولهن النقص فيه , له الضياء والفضاء ولهنّ الظلمة والسجن , له الأمر والنهي , ولهن الطاعة والصبر , له كل شئ في الوجود , وهن بعض ذلك الكل الذي استولى عليه .
رحم الله قاسما , وبارك الله في قلمه الذي قال فيه شاعر القطرين ( نخله مطران ) :
يدكّ القبيح ويبني المليح
رجوعا إلى سنّة الراسم
يشعشع نورا إذا ما انبرى
يسيل بماء الدجى الفاحم
إذا كان في الحجاب ويا للأسف إشارة إلى عجز المرأة عن صون نفسها بدونه , ففيه إشارة أخرى إلى أن الرجل مهما علا أدبه , ومع أنه قوّام , خائن , سارق للأعراض , لا يجوز أن يؤمن شرّه , بل يجدر بالمرأة أن تهرب منه هربا .
يا سيّدي الرجل القواّم :
إذا كان بعض النساء لجهلهن الذي ألقيتهنّ فية , لم يدركن ما في الحجاب من مهانة لهن وللرجال , أفيهون عليك , وأنت الرجل الذي ترك نفسه حرّا يتمشّى في سبيل الكمال والأدب , أن تحمل هذه المهانة التي تنالك من جهة , وتنال أمّك , وإبنتك , وزوجتك , وأختك من جهة أخرى ؟
أصحيح أن هرب المرأة منك , أو مجابهتها إياك بسدل النقاب على وجهها , وتحويلها ظهرها إليك , عمل مثبّت علو قدرك , كما تظن هي وتقول , أم أن ذلك مهانة فاضحة .. ؟
أهذا هو أدب النفس وحشمتها وحياؤها .. ؟ إذا كان هذا حقا فينبغي لأنفس الرجال أن لا تتجرّد عن هذه الصفات النفسية , فليلبسوا النقب , وليجابهوا بعضهم بعضا , وليجابهوا النساء بسدلها كما تفعل النساء .
كيف يستطيع الرجل أن يكون قوّاما على المرأة , وهو يحجب وجهها بحجاب يمنعه هو نفسه من معرفتها خارج بيتها , ولا سيّما إذا لبست ملاءة غير التي يعرفها رجلها .. ؟
كيف يكون قوّاما عليها , وقد حرم عليه الدخول إلى كل مكان تكون فيه إذا قيل له ان معها نساء محجّبات , وقد تكون أولئك النساء المحجّبات رجالا , وقد تكون أولئك النساء المحجّبات حيّات وأفاعي تنفث سمّا في قلب المرأة التي يفتخر الرجل أنه قوّام عليها , فيميت فيها عفّتها وكبر نفسها وفضيلتها .. ؟
كيف يكون الرجل قوّاما على المرأة , وهوسافر الوجه معروف كيفما سار , تسهل عليها مراقبته , وأما هي فمنقّبة بنقاب لا يخترقه نظره فيصعب عليه أن يراقبها , بل لا يستطيع إلى ذلك سبيلا , إذ أن الملاءة تتغيّر فليست بصفة ثابتة للمرأة حتى يعرفها بها ؟
وعلى هذه الصورة .. , لا يكون قوّاما عليها , بل هي قوامة عليه . .... " نعم يا سيداتي وسادتي , يجب أن تنفروا من اللعبة المقنّعة , يجب أن تنفروا من القناع .
قال أمير الشعراء :
إن السفور كرامة ويسارة = لولا وحوش في الرجال ضواري
نعم أيها الأمير , إن السفور كرامة ويسارة , ولكن القناع لم يمنع أن يكون في الرجال وحوش ضوار , بل أن القناع كان عونا لذاك الوحش الضاري , أو لذاك الذئب , ولولاه لكان حال النعجة أبعد منه عن الشرّ , وأقرب لسلامة الشرف من الأذى .
ولكن ياسادتي وسيّداتي , ويا أخواني شباب المسلمين , أما حان لنا أن نجلو هذه الوصمة السوداء التي لم يكتبها علينا غيرنا فحسب , بل سجّلها ايضا علم من أعلامنا هو أمير الشعراء .
إن الغرب في عصر النور هذا , روّض الأسود والفهود والذئاب والضباع , وكل نوع من الوحوش الضواري , وقد رأينا بأم العين فتيات يرضنها ويدسن رؤوسها دوسا , وهي تنظر إليهن صاغرة ذليلة , أفليس لنا من ذلك عبرة .. ؟
أيها الأمير .. , أشكر لك دفاعك عن النساء , وإلقائك التبعة كل التبعة على الرجال , ولكن أيها الامير ألا ترى ألوفا من الفتيات والسيّدات السافرات اللواتي يشبهن البدور يمرحن في الطرقات والمتنزهات أمام رجالنا , ساعيات إلى عملهن أو كسب رزقهنّ الحلال , أو لتنزيه قلوبهنّ , وفيهن متبرجات كاشفات الرؤوس وأعالي الصدور والأعضاد ؟
فهل رأيت مع ذلك بين رجالنا وحشا ضاريا حسب إحداهن فريسة له فانقضّ عليها ؟
فلماذا تخاف منهم على المسلمات إذا كشفن وجوههنّ , واجتنبن كشف غيرها , محافظات على الرصانة , وهن غير متبرّجات .. ؟ أنت ترى أن غير المسلمات مصونات من كل تعدّ , مصونات بالقانون , بأنفسهن , وبرجالهن وبما في رجالنا عامة من المرؤة والأدب . أفلا تصان المسلمات إذا سفرن صون غيرهنّ؟
هل يحتاج المسلم في صون محترمه إلى قطعة من نسيج يلعب بها الهواء .. ؟ وهل تحتاج المسلمة في صون نفسها إلى تلك القطعة من النسيج ؟
ألم تلحظ أيها الأمير أن كل رجل فينا , لا أقول فقط في الطبقة العليا , بل في العامة أيضا - كل رجل فينا , يحني رأسه , ويخفض جبينه , لأولئك الفتيات والسيّدات السافرات , ولا يخاطبهنّ إلا بكل لطف وأدب ووقار على ما رأيت في حكيم شعرك :
واخفض جبينك هيبة للخرد المتحضّرات ؟ .. ألا ترى أنه يعني في كلمة " مدام " أو " مدموازيل " حين يخاطبهن كل معاني الإحترام اللائق بالحرائر , ثم ألا ترى الرجل منا , إن لم يكن قد تجدّد , يعني في كلمة ( ولي ) التي يخاطب بها إبنته , وأخته وزوجته المحجّبات , كل معاني الإمتهان التي لا ترضى عنه الإماء ؟ ولهن نعمة كبرى أنه ترك في الأيام الأخيرة القابهن المعهودة "" أجلّك مرتي "" , ( أجلّك بنتي ) , " أجلّك أختي " .
ثم ألا ترى أنه لم ير نقابا على وجه محجّبة , ولا سيّما إذا كان مرفوعا فسدل , أو كان ناعما شفّافا , إلا حدّقت عيناه بجبين لم يخفض ؟ ..... ولا أزيد بيانا , فيما يحسن بي السكوت عنه .
إذا إيها الأمير , ليس الرجل فينا الوحش الضاري , ليس هو الذئب كما ذكرت في حكايتي لعبة الذئاب والنعاج , إنما هو النقاب المسمّى ذئبا , هو الذي افترس كرامة الرجل , وكرامة المرأة , بما يعني من الحقارة . وهو الذي قد يفترس العرضين عرض الرجل وعرض المرأة . وهو الذي قد يجعل المرأة تحسب نفسها كنعجة رهينة افتراس الذئب حين يلتقيان , فتصغر له نفسها , وتهن إرادتها فتهون .
أما تلك السافرة , فقد راضت الذئاب والسباع , وداست رؤوسهم , وأثبتت لنا أن أقوى الفتيات على السباع أكثرهن رؤية لها "
" إن السواد الأعظم من نسائنا قدرن حقوقهن الجديدة حق قدرها . واعتبرن القيام بها واجبا وطنيا , وبالجملة فإني أقول , إن تجربة أربع عشرة
سنة مع النجاح الباهر , قد مكنّت في عقولنا ونفوسنا أن معادلة النساء للرجال مما لا يرتاب فيه .
ألا تعتقدون أن سفورها أصدق انطباعا على مدلول الاّية الكريمة التي تأمر الحرائر بأن يعرفن فلا يؤذين ؟
, ويا سيّدي الرجل , إننا نرى محارمك المتحجّبات يعتنين أي اعتناء بالتحجّب والتستّر أمام قضاة الشرع والمفتين , والأساقفة والحاخامين , والكهنة والمشايخ والعلماء , والأشراف , والأدباء , ولكن لا تستطيع أن تنكرانهن يظهرن عادة للخدمة , وساقة المركبات والسيارات , والباعة والجزّارين , والخبازين وأمثالهم سافرات الوجوه , فلينصف الرجل القوّام على محارمه , وليفتكر لإي أي الجماعتين يكمن الخطر , ويسهل وقوعه , أفي الجماعة الأولى وهم نبرات الأخلاق والاّداب , أم في الجماعة الثانية .. ؟
إن من الناس كثيرين يمنعون صغارهم من التعرّض لحرارة الشمس ومر الهواء , يريدون بذلك حفظ صحّتهم وقواهم , فيتسرّب الهزال على مهل إلى أجسامهم , ثم تلمح الشمس أحدهم , وليس لأحد غنى عن الشمس , أو يلمسه الهواء لمسا من خلال النوافذ , فينطرح المسكين مريضا , ويهي جسمه الندي لأنه لم يتعوّد المقاومة .
فأطلق يا سيّدي الرجل , ولدك من وراء الجدر , وعرّضه لهواء السماء النقي , وحرارة الشمس المنشّطة , فينشأ في حضن الطبيعة وعين أبيه ترعاه , ثمّ يصبح رجلا صلب العود , لا يؤثر فيه حرّ الشمس وعاصف الهواء .
هكذا عوّد إبنتك يا سيّدي الرجل منذ الصغر , وعينك وعين أمها ترعيانها , أن ترى الرجال , ولا بدّ لها في حياتها أن تراهم ويروها , مثلما ترى الشمس والهواء .
عوّدها رؤية نيّرات الأخلاق والأدب , لا رؤية الصنف المنحطّ الاّخر , وإلا فنظرة فسقطة .
للموضوع تتمّة ....
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟