أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - ليس دفاعا عن الإسلام .. ولكن !















المزيد.....

ليس دفاعا عن الإسلام .. ولكن !


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 16:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعد حرق الشهيد الطيار الأردني معاذ الكساسبة تصاعدت الحملات التي جعلت الإسلام هدفا لها وكانت هناك جاهزية كالعادة لإقتناص كل ما يمكن إقتناصه من أجل التأكيد على أن الإسلام ليس سوى دين قتل وجريمة.
لا أنصب نفسي هنا مدافعا عن الإسلام, فأنا من بين أولئك الذين يعتقدون حقا أننا بحاجة ماسة إلى مراجعة جدية لإيجاد طريقة ما للخروج من مأزق الكل المقدس الذي يقوم على قاعدة (أما أن يؤخذ كله أو يترك كله). والغاية هنا ليست تبييض صفحة الإسلام لغرض كسب رضاء العالم الغاضب علينا, وإنما لأن قدرتنا على تحقيق حياة حرة وكريمة باتت ترتبط بشكل اساس في الخروج من هذا المأزق..
وأجد أن أغلب محاولات الدفاع عن الإسلام تتم بطريقة الهروب إلى الأمام, فالقول مثلا على أن هؤلاء التكفيرين ليسوا من الإسلام بشيء هو قول غير مجدٍ, كما انه غير صحيح, كما أنه غير مفيد, إذ لا أحد بات يقتنع بان هؤلاء الإرهابيين والتكفيريين لم يخرجوا من رحم الإسلام نفسه, وإذ تكون هذه حقيقة لا جدال عليها فإن نكرانها إنما يقوم على محاولة مدمرة للدفاع عن الذات, فثمة من يستطيع بسهولة أن يتحفك بعدد من الأيات القرآنية التي تدعو إلى العنف وتكفير الأديان الأخرى كاليهودية والمسيحية, ولكن سيكون من حقنا أن نسأل اين سيكون موقع الأيات التي تدعو إلى التسامح والعفو والمغفرة وعشرات غيرها من تلك التي تؤكد على القيم الأخلاقية والروحية في التعامل؟
ثم فليجد لي أحد منكم دينا خاليا من العنف أو داعيا إلى التصالح أو التسامح مع الأديان الأخرى. المسيحية جاء جلها كخصومة مع اليهودية, ولو ترك للدين اليهودي أن يقول كلمته بشأن المسيحيين, بمعزل عن حاجات السياسة, تلك التي قررت ضرورة دعم إسرائيل, لما ظل مسيحي متصالحا مع يهودي. بل لعل المسيحية ذاتها لم تأتي إلا كإستجابة لتناقض فكري وفقهي كانت قد خلقته اليهودية نفسها من وقائع عنصرية لا يمكن إغفال قيمتها, وإلا فماهي المبررات التي جاءت وراء الحاجة إلى نبي جديد والإسلام لم يكن قد إنبثق بعد. وبهذا فإنه لا يمكن القول أن المسيحية جاءت لإصلاح عطل خلقه الإسلام ذاته. أما المسيحيون فظلوا لحد البارحة يعتبرون اليهود قوم غدر وخيانة لأن منهم يهوذا الذي ادت خيانته إلى جريمة صلب السيد المسيح ولم تفلح جهودهم من أجل الحصول على براءة الفاتيكان إلا قبل عقود.
ولا يمكن فهم الجرائم التي قام بها النازيون ضد اليهود بمعزل عن ثقافة دينية كانت قد هيأت المجتمعات الأوربية المسيحية إلى فيض من الكراهية لليهود والذي كان قد جعل أمر إضطهادهم وحتى إحتقارهم ممكنا وملازما. وحتى تلك المجتمعات التي حاربت ضد هتلر فهي لم تحارب دفاعا عن اليهود واليهودية, إذ يكفي الإطلاع على بعض ما دونه شيخ الأدب الإنكليزي شكسبير لمعرفة مدى الكراهية والمقت الذي يحفل به التراث المسيحي لليهود واليهودية, فاليهودي البخيل والمرابي والخائن هي صورة رسمها بدقة شيوخ ادب وإجتماع مسيحيون وليس مسلمون, حتى أن بعض ما دفع المجتمعات الأوروبية لمناصرة حق اليهود في إقامة دولتهم الصهيونية لم يكن قد أتى من واقع تعاطف فعلي مع اليهودية وإنما لأن حل الأزمة اليهودية كان قد جاء وكأنه حل لأزمة تلك المجتمعات مع اليهود أنفسهم, إضافة إلى كونه مشهدا من مشاهد صراع تاريخي سياسي مع المسلمين كات قد توجته حروب صليبية لا يمكن إغفال قيمة التحشيد الديني المسيحي فيها لكراهية مفتوحة ضد الإسلام والمسلمين.
ثم أن الأديان جميعها ملآى بتواريخ كراهية للآخر قد تفسرها نصوص فقهية أو تواريخ صدامات سياسية كان تفعيل تلك النصوص قد رفع من قيمتها وفاعليتها الإستخدامية السياسية. ولأن مرحلة طويلة من عمر العالم كانت تدار دينيا فإن المصالح السياسية كانت إقتضت حينها كثيرا من الحشد الديني المضاد, ولا يمكن والحال هذه أن نفصل ما هو سياسي عن ما هو ديني ثم نتحدث عن سلبيات ذلك التاريخ وكأنها من خلق الإسلام وحده, فكل التواريخ السياسية لبقية الأديان كانت حافلة بتلك المشاهد الدموية, وإذ يكون هناك تأكيد على أن المسيحية دين تسامح أكثر مما هو الإسلام فإن بإمكان متصفح متواضع للتاريخ ان يدلك على أكثر من مشهد دموي كان تأسس على كراهية عنصرية مزمنة, فالصرب المسيحيون كانوا قد إرتكبوا بالأمس القريب جرائم إبادة ضد البوسنيين المسلمين, ومن الأكيد أن أولئك الصرب لم يطبقوا نصيحة السيد المسيح تلك التي تحض على إعطاء الخد الإيمن بعد الخد الأيسر لأنهم لم يجدوا أن تلك النصيحة تمتد لتشمل برحمتها وتسامحها غيرهم من الديانات الأخرى وإنما هي خاصة بأهل البيت المسيحي لوحده.
ثم ان الحملات الصليبية نفسها التي جاءت من وراء البحار والمحيطات كانت قد سارت تحت رايات الكنيسة المسيحية وبموافقتها ومباركتها, وبعناوين كان في مقدمتها الدفاع عن الصليب المسيحي ! ولو أن مقارنة سريعة تجري الآن بين المسلمين وبقية الأديان الأخرى لمالت الكفة لصالح المسلمين فهم على الأقل يعتبرون السيد المسيح رسولا من رسل الله وكذلك موسى وكل أنبياء اليهود, اما أغلب المسحيين واليهود فلا ينظرون إلى نبي الإسلام إلا كونه قاطع طريق !
ورغم الصراعات التاريخية المزمنة بين الأديان لكن الواقع الذي يجب ان نعترف به ان الغرب المسيحي كان قد حلَّ أزمة تشابك وتداخل السياسي والديني بنفسه دون أن تربكه حالة العزة بالإثم, كما باتت تربكنا الآن, ودون ان يفكر ولو للحظة أن حل ازمته السياسية والإجتماعية مع الدين سيأتي كمجاملة لدين آخر أو كمحاولة مقتصرة على مكيجة وجه كانت الكنيسة قد جعَّدته, وإنما كان ذلك المجتمع قد رأى أن الخروج من عنق الزجاجة صار يقتضي حلا ذاتيا يأتي بضغط حالة تلك المجتمعات لخروج ملائم كان قد إقتضى فصل الدين عن السياسة ثم ترك للصراع الفكري الفقهي أن يجري في ساحة تلعب فيها القناعات دورا حاسما يساعدها في ذلك تحولات نهضوية فكرية وإقتصادية وإجتماعية كانت قد هيأت الساحة لتنافسات عادلة ومتوازنة , ولولا ذلك لكان (حرق الساحرات) ما زال مستمرا ولكانوا سبقونا في نظام الفتاوى التي تعلم حتى كيفية الدخول إلى الحمام..
هذا هو بالحقيقة ما نحتاجه الآن. نحتاج إلى إعتراف ذاتي بان لدينا أزمة حقيقية مع إسلامنا, وهي ازمة لا يمكن حلها إلا بالإعتراف بوجودها أولا ثم العمل على حلها ثانيا, وذلك إكراما لعيوننا وليس إكراما للغرب, وسعيا من اجل الخروج من عنق الزجاجة لا مجاملة للآخرين, أما محاولة تبرئة الدين الإسلامي من التيارات الأصولية والسلفية والتكفيرية من خلال الإدعاء بأنها لا تمت إلى الإسلام الحقيقي بصلة فهي محاولة لا نتنتج سوى المزيد من الدمار للإسلام نفسه لأنها تمنعه من تشخيص الخلل الحقيقي وتؤكد على عدم الحاجة إلى الإصلاح.
أما الهجمات التي يتعرض لها الإسلام من قبل خصومه الدينيين فهي هجمات اقرب إلى ان تكون كلام حق يراد به باطل لأنها تجري على طريقة الغلبة الدينية وكأنها نصرة لدين على آخر بدلا من أن تكون نصرة إنسانية على ما تحمله كل الديانات من تشريعات ومناهج لم تعد تتناغم مع حاجات العصر, فليس الدين الإسلامي وحده الحافل بتشريعات ونصوص ذات طبيعية ماضوية وإنما هي كل الأديان الأخرى.
وقد آن لنا ان نفهم أن التيارات المعطلة لعملية الإصلاح والهاربة إلى أمام والتي تدعي ان التيارات التكفيرية لا تمت إلى الإسلام بصلة إنما هي تفوق بضررها ضرر التيارات التكفيرية والسلفية نفسها لأنها تحرم الإسلام من فرصة تجديد نفسه وتجعله يراوح تماما في المساحة الضيقة المحصورة تماما في عنق الزجاجة, كما ان علينا ان نفهم أن عملية الإصلاح الحقيقية والواقعية والتي تمتلك مفاتيح النجاح هي التي تبدأ من فصل الدين عن السياسة والدولة ثم تتعمق من خلال تحقيق تحولات نهضوية من شأنها أن تخلق مساحة يتقدم فيها العقل الحر لكي يصل إلى خياراته بكفاءة وحيادية وتوازن.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل داعش لوحدها من يتآمر على الإسلام
- العلمانية عراقيا .. حاجة بقاء وليست حاجة تطور فقط
- بمناسبة عودة وفد التعزية العراقي للسعودية غانما مُصَّفَرا
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالرزاق عبدالواحد (2)
- الجواهري عظيم رغم أنف السياسة وكذلك عبدالزاق عبدالواحد
- بين السماء والأرض .. حكاية الوطن الضائع
- حينما يكون الخلل في الإعتدال لا في التطرف
- حرية التعبير بين خطر الإرهاب وخطر التقديس
- جريمة باريس .. عنا وعن حرية التعبير أتحدث
- عملية باريس الإرهابية .. هل هي مؤامرة صهيونية بأياد مسلمة ؟!
- دكتور جيكل والمستر هايد
- بين مانديلا وعامر الخزاعي
- كيف تربح المعركة وتخسر الحرب
- الطبعة العراقية لسانتا كلوز
- قصة وقصيدة وشاعر
- بين أمريكا والعراق .. حديث عن السود والبيض والشيعة والسنة
- قصة هزيمتين .. من الكويت إلى نينوى
- الوصول إلى منتصف الليل
- المسلمون والدولة اليهودية
- إيران والمالكي


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جعفر المظفر - ليس دفاعا عن الإسلام .. ولكن !