أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس















المزيد.....


بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 23:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(إلهي إلهي لماذا تركتني) [مرقس 15: 34]
يسوع مخاطباً ربه على الصليب قبل موته


الــجــانــب الـمـظــلــم لإنـــجـــيـــل مــرقـــس


بعد الانتهاء من قراءة هذه المقالة التي تتطرق لـ (الجانب المظلم لإنجيل مرقس)، أود أن أشجع القارئ الكريم على أن يذهب ويقرأ إنجيل مرقس. فقط ضع في حسبانك قبل قراءة هذا الإنجيل بالذات الملاحظات الآتية، وهي أن إنجيل مرقس هو (أول إنجيل تم كتابته من حيث التاريخ)، وأنه كان (الإنجيل الوحيد المتداول بين المسيحيين) حتى تقريباً (خمسين سنة أو أكثر بعد مقتل يسوع)، وأن إنجيل مرقس قد انتهى عند [مرقس 16: 8]، أي عند خروج النساء خائفات من قبر يسوع لأنهن لم يرين جسد يسوع فيه (ولم يقلن لأحد شيئاً)، أي انتهى عند: (فخرجن سريعاً وهربن من القبر، لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن. ولم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات) [مرقس 16: 8] [انظر الهامش رقم 1]، وهذا يعني أن إنجيل مرقس (لا يحتوي إطلاقاً على قصص ظهور يسوع للتلاميذ أو لغيرهم بعد مقتله). يجب على القارئ الكريم أن يتصرف عند قراءته وكأنه (من أبناء القرن الأول الميلادي الذي سمع عن يسوع وتلامذته لأول مرة ويريد أن يعرف ماذا حدث له ولهم)، ولا يوجد أمامه إلا إنجيل مرقس لأنه المصدر الوحيد الموجود آنذاك. لا تقرأ الإنجيل، أكرر: لا تقرأ إنجيل مرقس وأنت تتصرف وكأنك تملك معلومات مسبقة عن يسوع وتلامذته من خلال الأناجيل الأخرى اللاحقة أو من خلال الثقافة الدعائية العقائدية أو من خلال تعاليم الكنيسة، ولكن (اقرأ إنجيل مرقس وكأنك من أبناء القرن الأول الميلادي الذي كُتِبَ هذا الإنجيل لهم، وتريد أن تتعرف على يسوع وتلامذته لأول مرة من خلاله). أنا (أضمن لك وأؤكد)، إذا فعلت ذلك وتجردت من التأثيرات الخارجية عن قصة يسوع (فسوف تصاب بدهشة إلى حدود الصدمة عن حياة يسوع واتباعه، بل إن الجانب المظلم لهذا الإنجيل سوف يتبدى لك جلياً واضحاً صادماً). هذا الإنجيل صغير الحجم، وسوف يستغرق مع القراءة المتأنية حوالي ساعتين على الأكثر لمن قرأه قبل ذلك، وربما ثلاث ساعات أو أقل لمن يقرأه لأول مرة بتأني. اقرأ إنجيل مرقس متجرداً من معلوماتك السابقة عن يسوع وتلامذته، اقرأ هذا الإنجيل وكأنك تريد أن تتعرف على أسطورة يسوع لأول مرة، وسوف تراه ومحيطه يبرزان أمامك بلون مختلف تماماً، بلون هو أقرب للسوداوية منه لأي شيء آخر.

لندخل الآن في شرح الجانب المظلم لإنجيل مرقس.

يمكن ملاحظة (الجانب المظلم لإنجيل مرقس) من الحقيقة التالية البارزة في نصوصه بشكل واضح جداً على الرغم من عدم وضوح أسبابه ودوافعه في كلمات النص:

(الشياطين والأرواح النجسة) في إنجيل مرقس (هي وحدها) التي تبدو وكأنها (تعرف هوية يسوع مقدماً وتفهمه تماماً وتطيعه طاعة عمياء) بينما (جميع أهل بيته وأقرباؤه وأبناء وطنه) و (جميع تلامذته من دون استثناء)، وجميع (أتباعه من النساء) من دون استثناء، وحتى (الرب) ذاته، أي (الأب) على حسب العقيدة المسيحية، (كل هؤلاء إما يخونون يسوع، أو يعجزون عن فهمه، أو يتهمونه بالجنون، أو يتخلون عنه، أو يعجزون عن تنفيذ أوامره في نهاية الأمر، أو "يتركونه ليموت وحيداً")، بل حتى (عملية دفنه في إنجيل مرقس تولاها رجل غريب وليس واحد من أتباعه [كاتب إنجيل متّى مستشعراً هذا الحرج والجانب المظلم في إنجيل مرقس [مرقس 15: 43] هو الذي أضاف عبارة (كان هو أيضاً تلميذاً ليسوع) (متى 27: 57) على قصة إنجيل مرقس ليصف بها يوسف من الرامة الذي تولى دفن يسوع، أما عند كاتب إنجيل مرقس فهذا الرجل غريب على يسوع وليس تلميذاً له، ولكنه كان (منتظراً ملكوت الله) شأنه شأن كل أتباع الفريسيين اليهود وعامتهم آنذاك]. فقط (الأرواح النجسة)، على حسب تعبير كاتب إنجيل مرقس، (هي وحدها) التي تعرف هويته مقدماً وتطيعه وتبقى لآخر الرواية المرقسية رهن أوامره. أما الباقي كلهم، وبلا استثاء، رجال ونساء من أتباعه، ومعهم الرب ذاته، (جميعهم يتخلون عن يسوع وينبذونه).

لماذا أراد كاتب إنجيل مرقس أن يصور يسوع هكذا؟
ما هي دوافعه (لحياكة أسطورة يسوع) على هذا الشكل التي سببت حرجاً شديداً لكاتبي إنجيلي (متّى ولوقا) اللذان نقلا نصوص إنجيل مرقس ودفعهما إلى التغيير والحذف والإضافة والتبديل والاختراع على قصص إنجيل مرقس؟

حتى أجيب على السؤال يجب أن أبرهن أولاً على ما كتبته أعلاه. وفي سبيل ذلك لنستعرض بعض نصوص إنجيل مرقس:


أولاً:
نوع العلاقة الأول:
يسوع من جهة ومن جهة أخرى الشياطين والأرواح النجسة

ا- (وكان في مجمعهم رجل به روح نجس، فصرخ قائلا: آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله) [مرقس 1: 23-24]
[لاحظ في النص أعلاه أن الروح النجس، أو الشيطان، قد عرف هوية يسوع منذ بداية كرازته، في الأصحاح الأول من إنجيل مرقس مباشرة. لا يوجد لبس إطلاقاً في أذهان الأرواح النجسة والشياطين منذ افتتاحية إنجيل مرقس بخصوص صفة يسوع. لاحظ صياغة إنجيل مرقس لهذه الأسطورة على لسان الروح النجس، هو يقول ليسوع: (أعرفك مَنْ أنت: قدوس الله). وسوف ترى أدناه أن هذه "المعرفة" ستغيب حتى عند تلامذته ذاتهم. ولا عبرة بما قاله بطرس ليسوع بأنه هو المسيح [مرقس 8: 29]، لأنه بعد هذا الاعتراف مباشرة من جانب بطرس يصفه يسوع بأنه "شيطان" [مرقس 8: 33]]

ب- (وأخرج [أي يسوع] شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه) [مرقس 1: 34]
[يكرر كاتب إنجيل مرقس، في الإصحاح الأول، في بداية تبشير يسوع، ويؤكد على أن "الشياطين" قد (عرفوه)]

ج- (الأرواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة: إنك أنت ابن الله) [مرقس 3: 11]

د- (ولما خرج [يسوع] من السفينة للوقت استقبله من القبور إنسان به روح نجس [...] فلما رأى يسوع من بعيد ركض وسجد له وصرخ بصوت عظيم وقال: ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي؟) [مرقس 5: 6-7]

إذن، الشياطين والأرواح النجسة (منذ بداية الرواية المرقسية وحتى نهايتها) كانت (تعرف هوية يسوع وتفهمه)، وكانوا رهن إشارته. وعلى القارئ الكريم أن يرجع للاقتباسات أعلاه ليكمل القراءة في إنجيل مرقس ليرى كيف أن (الشياطين والأرواح النجسة تطيعه في أوامره). الشياطين والأرواح النجسة (لم تشك للحظة واحدة في يسوع، ولا في صفته، ولا في هويته). كاتب إنجيل مرقس (يكرر هذه الفكرة ليؤكدها في ذهنية القارئ)، والرواية المرقسية تشدد على فهم هذه الجزئية وعدم تركها مبهمة أو عرضة للّبس في أذهان أتباع كنيسته، إلا أن الأمر مختلف جداً مع الباقي كما سنرى أدناه.


ثانياً:
نوع العلاقة الثاني:
يسوع من جهة، ومن جهة أخرى الرب وكل أتباعه الآخرين


1- يسوع وأهل بيته ووطنه

ا- (ولما سمع اقرباؤه خرجوا ليمسكوه لانهم قالوا انه مختل [أي مجنون]) [مرقس 3: 21]
[كاتبي إنجيلي متّى ولوقا اللذان كانا ينقلان من نسخة مكتوبة من إنجيل مرقس، عندما أتيا لهذه الجزئية حذفا النص بالكامل ولم ينقلاه]

ب- (فجاءت حينئذ إخوته وأمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه، وكان الجمع جالساً حوله، فقالوا له: هوذا أمك وإخوتك خارجاً يطلبونك. فأجابهم قائلاً: مَنْ أمي وإخوتي؟! ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال: ها أمي وإخوتي) [مرقس 3: 31-34]
[لاحظ أن كاتب إنجيل مرقس لا يعرف أي شيء عن ولادة عذرية ليسوع. قصة الولادة العذرية من اختراع كاتب إنجيل متّى. أما ما يحتج به المسيحيون من إشارة بولس في (غلاطية 4: 4) فهي غير صحيحة لعدة أسباب ربما أتطرق لها في مقالة قادمة]

ج- (وخرج من هناك وجاء إلى وطنه [أي الناصرة] وتبعه تلاميذه [...] فقال لهم يسوع: ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه وبين أقربائه وفي بيته. ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة [أي لم يستطع أن يفعل أية معجزة هناك]، غير أنه وضع يديه على مرضى قليلين فشفاهم) [مرقس 6: 1 و 4-5]
[هذه الرواية عند مرقس سببت أيضاً حرج شديد عن كاتبي متّى ولوقا عندما بدءا ينقلان القصة من مرقس. أما كاتب إنجيل متّى فقد حذف عبارة (بين أقربائه) لأنه صاحب اختراع الولادة العذرية ليسوع ولا تستقيم هذه العبارة مع قصته الجديدة عن يسوع، ولكنه ترك (في بيته) لأنها أصبحت مرادفة في الرواية لعبارة (في وطنه). ثم بعد ذلك استبدل عبارة (ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة) التي في مرقس بهذه العبارة (ولم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم ايمانهم) [متى 13: 58] أي أصبحت العبارة تعني عند متّى أن يسوع قد صنع "معجزات" هناك ولكنها ليست كثيرة، ثم بعد ذلك حذف كاتب إنجيل متّى باقي القصة المرقسية عن المرضى القليلين. أما كاتب إنجيل لوقا فقد (أعاد صياغة قصة مرقس برمتها) ويمكن للقارئ الكريم مراجعتها في (لوقا 4: 16-30)]

إذن، على حسب رواية إنجيل مرقس، فإن أقرباء يسوع كانوا يعتقدون أنه مجنون. أمه وأخوته يرفضهم يسوع ويتبرأ منهم صراحة ثم يرفض لقاءهم [هناك مِن الباحثين مَنْ يجعلهم المقصودين بكلمة (أقرباؤه)، أي أمه وأخوته كانوا يعتقدون بأنه مجنون ولهذا رفض يسوع لقاءهم]، كما أن (أمه ليست موجودة عند صلبه ولا يرد اسمها ضمن النساء عند الصليب في الرواية المرقسية، وتغيب تماماً عن قصة زيارة قبره، كما غابت أصلاً في قصة كرازته). ثم أخيراً وطنه الأم، الناصرة، تلفظه وترفضه إلى درجة أنه (عجز تماماً) هناك عن صنع أية معجزة.
أي أن (الرفض ليسوع كان عاماً شاملاً في هذه الجزئية)، إلا أن الأهم هو أن (أمه، أخوته، أقرباؤه، أبناء وطنه جميعاً، كل هؤلاء لم يعرفوا هوية يسوع، ولم يفهموا مهمته). فعلى (عكس) الشياطين والأرواح النجسة التي عرفته وفهمته وأطاعته من البداية، فإن أمه وأخوته وأقرباؤه وأبناء وطنه كلهم (جهلوه ولم يعرفوه ومن ثم رفضوه).


2- يسوع وتلامذته

العلاقة بين يسوع وتلاميذه في الرواية المرقسية كانت هدف لدراسات نقدية كثيرة خلال الخمسين سنة الماضية. وخلاصتها أن علاقة يسوع بتلاميذه في بداية الإنجيل تبدو، بصفة عامة، وكأنها على ما يرام، فيما عدا بعض الإشارات [مرقس 4: 40] أو ما يُفهم من جانب التلاميذ وكأنها عبارات استهزاء أو ضيق بيسوع [مرقس 5: 31]، واستمر ذلك حتى عودة التلاميذ من التكليف الذي كلفهم به يسوع، أي من بداية الأصحاح السادس حتى منتصفه [مرقس6: 7-30]، ثم بعد ذلك يحدث شيء في الرواية المرقسية لينقلب الحال رأساً على عقب بحيث (يتم تصوير التلاميذ وكأنهم يعجزون عن فهم يسوع، وأنهم لا إيمان لهم، وأنهم غلاظ القلوب، وأن أحدهم [بطرس] يصفه يسوع بأنه "شيطان" وإلى آخر تلك الصفات). بل إن الأمر يتعدى إلى حقيقة أننا لا نعرف (قصة خيانة تلميذ يسوع، يهوذا الإسخريوطي، إلا من خلال رواية إنجيل مرقس) [انظر الهامش رقم 3]، هو أول مَن كتبها ولم يعرفها أحد قبله، ونقلها من بعده كتبة الأناجيل منه. ولا نعرف (قصة هروب التلاميذ عن يسوع وقت القبض عليه إلا من إنجيل مرقس)، هو أول مَن كتبها ونقلها من بعده نقلها كتبة الأناجيل منه. الرواية المرقسية، (بعد منتصف الأصحاح السادس)، تصور يسوع (بتعمد واضح) بأنه (فشل فشلاً ذريعاً مع تلامذته، وأنهم غلاظ القلوب، لا يفهموه، خانه أحدهم، وهرب الباقين عنه). بل إن التلاميذ (يختفون تماماً من مشهد الرواية المرقسية بعد القبض عليه)، فيما عدا بطرس الذي يتعمد كاتب إنجيل مرقس أن يصوره بأنه أنكر يسوع ثلاث مرات قبل صلبه، بل درجة التبرؤ من يسوع تصل إلى درجة غير مسبوقة إطلاقاً: (فابتدأ [أي بطرس] يلعن ويحلف: إني لا أعرف هذا الرجل (أي يسوع) الذي تقولون عنه) [مرقس 14: 71]، ثم ليختفي من المشهد هو بدوره، وليبقى (يسوع وحيداً منبوذاً من الجميع، حتى من تلاميذه، يواجه مصيره بمفرده). والملاحظ أن كاتب إنجيل مرقس يصوّر يسوع وكأنه (يكرر على مسامع التلاميذ ثلاث مرات مختلفة) [مرقس 8: 31] و [مرقس 9: 31] و [مرقس 10: 32-34] بأنه سيُقبض عليه ويُصلب ويموت وفي اليوم الثالث سيقوم، وفي جميع الثلاث مرات هذه (يعجز التلاميذ تماماً عن فهم ما يقوله لهم ويشذون بعيداً عن الموضوع) [مرقس8: 32-38] و [مرقس 9: 32] و [مرقس 10: 35-45].

إنجيل مرقس، وببساطة شديدة، (هو عملية متعمدة، واعية، ومقصودة لتشويه كل ما يتعلق بتلاميذ يسوع)، أو، هو فعل متعمد، واعٍ، ومقصود لتصوير التلاميذ وهم (ينبذون) كل شيء يتعلق بيسوع ويتبرأون منه. نهاية يسوع تكون من دون تواجد تلاميذه، وكذلك دفنه وقيامته. يسوع (ينتهي وحيداً)، تلاميذه خانوه وأنكروه وهربوا منه. بالطبع النصوص والإِشارات كثيرة جداً في إنجيل مرقس بعد منتصف الأصحاح السادس، ونقلها كلها هنا غير متاح في مقالة، وعلى القارئ الكريم أن يرجع لإنجيل مرقس. ولكن هذه بعضاً منها:

ا- (لأنهم [أي التلاميذ] لم يفهموا بالأرغفة إذ كانت قلوبهم غليظة) [مرقس 6: 52]

ب- (فقال لهم [أي يسوع للتلاميذ]: أفأنتم أيضاً هكذا غير فاهمين؟) [مرقس 7: 18]

ج- (فعلم يسوع وقال لهم [أي للتلاميذ]: لماذا تفكرون أن ليس عندكم خبز؟ ألا تشعرون بعد ولا تفهمون؟ أحتى الآن قلوبكم غليظة ألكم أعين ولا تبصرون، ولكم آذان ولا تسمعون، ولا تذكرون [...] فقال لهم: كيف لا تفهمون؟!) [مرقس 8: 17-18 و 21]

د- (فأخذه بطرس إليه [أي بطرس أخذ يسوع] وابتدأ ينتهره. فالتفت [أي يسوع] وأبصر تلاميذه، فانتهر بطرس قائلاً: اذهب عني يا شيطان لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس) [مرقس 8: 32-33]
[قد يتعجب القارئ الكريم من معرفة أن المتحدث هنا هو (بولس) وليس يسوع. لاحظ ما يقوله يسوع لبطرس في النص أعلاه: (لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس)، وهذه صفة "المرائي" بدون خلاف. قارن هذا مع ما كتبه بولس عن بطرس قبل كتابة إنجيل مرقس بحوالي عشرين سنة: (لما أتى بطرس إلى أنطاكية قاومته مواجهة، لأنه كان ملوماً [...] حتى إن برنابا أيضاً انقاد إلى ريائهم. لكن لما رأيت أنهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الإنجيل) [رسالة بولس إلى أهل غلاطية 2: 11 و 13]. كاتب إنجيل مرقس (كان ينسج قصة وهمية) حول رأي بولس في بطرس]

هـ- (فأجاب [يسوع] وقال لهم [أي للتلاميذ]: أيها الجيل غير المؤمن، إلى متى أكون معكم؟ إلى متى أحتملكم؟) [مرقس 9: 19]

و- (وأما هم [أي التلاميذ] فلم يفهموا القول [أي كلام يسوع لهم]) [مرقس 9: 32]

ز- (فلما رأى يسوع ذلك اغتاظ [أي على التلاميذ] وقال لهم: دعوا الأولاد يأتون إلي ولا تمنعوهم) [مرقس 10: 14]

ح- (وقال لهم يسوع [أي للتلاميذ]: إن كلكم تشكُّون في في هذه الليلة) [مرقس 14: 27]

ط - (فقال لهم [أي لبطرس ويعقوب ويوحنا]: نفسي حزينة جداً حتى الموت، امكثوا هنا واسهروا [...] ثم جاء ووجدهم نياماً، فقال لبطرس: يا سمعان، أنت نائم؟! أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟ اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة [...] ومضى أيضاً وصلى [...] ثم رجع ووجدهم أيضاً نياماً، إذ كانت أعينهم ثقيلة، فلم يعلموا بماذا يجيبونه) [مرقس 14: 34-40]

ي- (فتركه الجميع وهربوا) [مرقس 14: 50]



3- يسوع وأتباعه من النساء

يصوّر كاتب إنجيل مرقس أتباع يسوع من النساء على أنهن كنّ أكثر وفاءً من أتباعه من الرجال. فعلى عكس تلاميذه الذين هربوا عنه (كلهم) مباشرة مع أول مواجهة حقيقية وأنكروه بعد أن خانه أحدهم، فإن أتباعه من النساء نراهن واقفات (من بعيد) [مرقس 15: 40] ينظرن صلب يسوع، وكن أيضاً يتابعن عملية دفنه [مرقس 15: 47]، وبعد السبت أتين ليعطرن جسد يسوع الميت [مرقس 16: 1] بينما غاب عنه تلاميذه من الرجال جميعهم. إلى هذا الحد يبدو كاتب إنجيل مرقس وكأنه يصور أتباع يسوع من النساء وكأنهن أكثر وفاءً له من أتباعه الرجال. إلا أن هذه الصورة (يعكسها كاتب إنجيل مرقس تماماً في المشهد الأخير من إنجيله، وليصورهن وكأنهن نبذوا يسوع أيضاً وخالفوا وصيته وأمره ولينتهي إنجيله على هذا المشهد):

(وبعدما مضى السبت، اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة، حنوطا ليأتين ويدهنه [أي جسد يسوع الميت، ولاحظ أنه لا وجود لقناعة إطلاقاً عندهن أنه سيقوم في اليوم الثالث. الجميع، ومن دون استثناء، يتصرف وكأنه ميت وسيبقى ميت، ولهذا اشترين حنوطاً لجسد الميت وأتين. لا توجد قصة في الأناجيل تصور قناعة القيامة عند أتباع يسوع من الرجال والنساء سابقة على موته]. [...] ولما دخلن القبر رأين شاباً جالساً عن اليمين لابساً حلة بيضاء، فاندهشن. فقال لهن: لا تندهشن أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب. قد قام [يقصد بُعث حياً]، ليس هو ههنا. هوذا الموضع الذي وضعوه فيه، لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس: إنه يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه كما قال لكم. فخرجن سريعاً وهربن من القبر، لأن الرعدة والحيرة أخذتاهن. ولم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات) [مرقس 16: 1 و 5-8]

وهكذا انتهى إنجيل مرقس هنا، من دون الإضافة المزورة التي اضيفت لاحقاً. انتهى إنجيل مرقس بأتباع يسوع من النساء (يتخلين عنه وعن أمره لهن ويهربن)، وأنهن (لم يقلن لأحد شيئاً لأنهن كن خائفات). فحتى المشهد الأخير من إنجيل مرقس انتهى (بعصيان أتباع يسوع من النساء لرسالته، ونبذهن لأمره). وهكذا انتهى يسوع (منبوذاً من جميع أتباعه، رجالٌ ونساء، ومن دون استثناء)، الجميع، كلهم، (هربوا) وتركوه، رجالٌ ونساء، بالإضافة إلى وطنه الأم الناصرة، وأهل بيته.

يسوع، على حسب رواية كاتب إنجيل مرقس، يقف (وحيداً تماماً منبوذاً من الجميع) بعدما تخلت عنه "الأرض" [وطنه، على حسب تعبير الإنجيل]، أمه وأخوته وأهل بيته، وتخلى عنه أتباعه، كلهم وبلا استثناء. فلم يبقى له إلا (الرب) أو "الأب" على حسب التعبير العقائدي المسيحي، فكيف كان موقف هذا "الأب" من ابنه على حسب الرواية المرقسية؟


4- يسوع والرب

في افتتاحية إنجيل مرقس، يسمع يسوع صوتاً من السماء يقول له بأنه هو أبنه الحبيب الذي سرّ به [مرقس 1: 11]. ثم بعد ذلك في أسطورة التحوّل وتغير الهيئة يأتي نفس هذا الصوت آمراً التلاميذ الثلاثة، بطرس ويعقوب ويوحنا، قائلاً لهم: (هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا) [مرقس 9: 7]. ثم بعد ذلك، بعد تلك اللحظة بالذات، (يتغير كل شيء)، يختفي (الصوت) من المشهد تماماً، يسوع في إنجيل مرقس (يبدو وكأن الرب قد تركه أيضاً)، لا يرد عليه، لا يجيب طلبه، لا تعني (إرادة) يسوع عند الرب أي شيء ولا تحمل أية قيمة:

(وكان يصلي [أي يسوع] لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن، وقال: يا أبا الآب، كل شيء مستطاع لك، فأجز عني هذه الكأس [يقصد الموت، يسوع يطلب من الرب ألا يموت]. ولكن ليكن لا ما أريد أنا، بل ما تريد أنت) [مرقس 14: 35-36]
ولكن الرب [الصوت] لا يأبه لطلب يسوع، ولا يرد عليه، لا يشجعه، لا يُذكّره. يبقى "الأب" [الصوت] صامتاً.

ثم بعد ذلك يُصلب يسوع. وقبل مقتله على الصليب، يصرخ مخاطباً إلهه:

(صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: إلوي، إلوي، لما شبقتني؟ الذي تفسيره: إلهي، إلهي، لماذا تركتني) [مرقس 15: 34]

يسوع كان (يعي ويفهم ويعرف)، على حسب الرواية المرقسية، (أن الرب قد تركه وتخلى عنه).
يسوع قد (تخلت عنه الأرض والسماء، وتخلى عنه الرجال والنساء من أتباعه وأقاربه) في الرواية المرقسية. يسوع قد تم (نبذه)، وبقي (وحيداً تماماً) قبل مقتله. الجميع، وبلا استثناء إطلاقاً، قد تركوه وأداروا ظهورهم له، حتى الرب. الشياطين [الأرواح النجسة] هي وحدها في الرواية المرقسية التي بقيت للنهاية تعرف هوية يسوع ولم يتطرق لها الشك فيه.


5- هل ظهر يسوع بعد مقتله؟

يسوع، في الرواية المرقسية، (يغيب تماماً عن المشهد بمجرد مقتله على الصليب). لا ظهور له إطلاقاً. الإنجيل ينتهي، كما أشرت في المقدمة وفي المقالات السابقة، عند خروج النساء من القبر ولم يقلن لأي أحد أي شيء لأنهن كن خائفات. أي انتهى الإنجيل عند [مرقس 16: 8]، وكل ما بعد ذلك مما هو موجود في الإنجيل اليوم إنما تمت إضافته على الإنجيل بعد قرون كثيرة [انظر الهامش رقم 2]. يسوع (لم يظهر لأي من التلاميذ، ولا لأية امرأة) على حسب إنجيل مرقس. كاتب إنجيل مرقس (كان يعي تماماً) أن تصويره ليسوع وأتباعه على هذا الشكل لا يتيح إطلاقاً أي مجال لـ (أسطورة ظهور بعد قيامة) في إنجيله. وهكذا أنهى كاتب الإنجيل لإنجيله بصورة (نساء هاربات من القبر). أي أن المشهد الأخير هو (مشهد نبذ أخير ليسوع وتبرؤ منه). في إنجيل مرقس، (يغيب يسوع تماماً بمجرد مقتله على الصليب). وينتهي الإنجيل على مشهد هذا الغياب التام وعلى مشهد (النبذ) التام ليسوع من الجميع فيما عدا الشياطين.



ثالثاً:
لماذا فعل كاتب إنجيل مرقس ذلك؟
لماذا صوّر يسوع بهذا الشكل بحيث أن "الشياطين" وحدها هي التي تعرفه وتطيع أمره، بينما الباقي كلهم، وبلا استثناء، ينبذوه؟


الجواب في سببين. الأول، كما هو واضح، تأثير عقائد بولس عن الشيطان وموقفه من تلاميذ يسوع على كاتب إنجيل مرقس. أما السبب الثاني فتفصيله:

في مقال (بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس) [انظر الهامش رقم 3]، تطرقت بدايته إلى مثال عن كيفية تطور العقيدة المسيحية وتبدلها في يسوع. هذا المثال (لم يكن عشوائياً، بل مقصوداً). ففي ذلك المثال تطرقت إلى حقيقة أن العقيدة المسيحية الأولى في سبب مقتل يسوع على الصليب هو ما يُعرف بـ (Ransom theory of atonement) أي "نظرية فدية التكفير"، والتي آمن بها المسيحيون (كلهم) لمدة 1100 سنة بعد مقتل يسوع على الصليب. ففي هذه العقيدة التي آمن بها المسيحيون الأوائل لمدة أكثر من ألف ومئة سنة بعد مقتل يسوع، فإن آدم وحواء، بسبب الخطيئة الأولى، قد وضعاً نسلهما من بني البشر بيد الشيطان كرهائن، أو بمعنى آخر إنهما (باعا نسلهما للشيطان أو وضعوهم أسرى لديه)، وبالتالي فإن البشر كلهم (أسرى أو رهائن أو عبيد للشيطان). ولهذا السبب، فإن مقتل يسوع على الصليب كان (ثمناً أو فدية بواسطة الله ولكنها مدفوعة للشيطان لفك الرهينة) أو (فدية للشيطان من جانب الله لفك الأسرى من بني البشر لديه) وبالتالي تحرر البشر من سلطة الشر عليهم بواسطة دفع تلك الفدية. وعلى هذا المفهوم كان يتم تفسير تلك الإشارات في رسائل بولس وخصوصاً نص: (اذ صار لعنة لاجلنا) [رسالة بولس إلى أهل غلاطية 3: 13] وذلك فيما يخص المُعلّق على خشبة، ويستخدمون ما ورد في إنجيل مرقس، ونقله منه كاتب إنجيل متّى، كدليل على صحة هذه العقيدة (لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدِم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين) [مرقس 10: 45] [متى 20: 28]، فهو إذن ليس "أضحية" كما يردد المسيحيون اليوم ولكنه بالتحديد (فدية) (ransom) مدفوعة إلى جهة ما لفكاك ما لديها من البشر كما في نص إنجيل مرقس منسوباً على لسان يسوع.

يسوع كان "فدية" مدفوعة للشيطان، ولذلك كان على كل شيء "إلهي" أن يتخلى عنه. كان على "الأرض" والسماء، البشر والرب، أن "ينبذوه" ليذهب "فدية" للشيطان. يسوع، على حسب عقيدة كنيسة مرقس، كان ذاهباً للشيطان كفدية، ولذلك هو في إنجيل مرقس كان مصلوباً بين لصين [مرقس 15: 27]، وكانا يعيّرانه على حسب وصف إنجيل متّى [متى 27: 44] واضطر كاتب إنجيل لوقا أن يُلطّف هذا المشهد بأن ألغى التعيير وجعل واحداً منهما يدافع عن يسوع ويؤمن به [لوقا 23: 39-43]. يسوع كان ذاهباً للشيطان كفدية [ربما لثلاثة أيام فقط] على حسب الرواية المرقسية.



.... يتبع



هـــــــــــــــوامـــــــــــــــــش:

1- بولس – 8 – بولس وإنجيل مرقس

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450469


2- انظر المقدمة الثانية في مقالة: (بولس – 8 – بولس وإنجيل مرقس)

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450469


3- بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=451851



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء الصالون الثقافي النسائي
- بولس – 9 - بولس وإنجيل مرقس
- بولس – 8 – بولس وإنجيل مرقس
- بولس - 7 - بولس ويسوع
- بولس – 6 – بولس ويسوع
- بولس – 5 – بولس والشيطان
- بولس – 4 – عقيدة التبرير
- بولس - 3 - بولس والشيطان
- بولس – 2 – بولس والشيطان
- بولس - 1
- في مسألة طيران بولس
- حرام - وسيأتي
- مغالطات يسوع المنطقية - 4
- مغالطات يسوع المنطقية - توضيح
- مغالطات يسوع المنطقية - 3
- مغالطات يسوع المنطقية - 2
- مغالطات يسوع المنطقية - 1
- الإزدواجية العقلانية المسيحية
- في مسألة كلبية يسوع
- في مسألة عري يسوع


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن محسن رمضان - بولس – 10 - بولس وإنجيل مرقس