أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الله الشيخ - المعالي والمخازي














المزيد.....

المعالي والمخازي


عبد الله الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 4709 - 2015 / 2 / 3 - 08:25
المحور: كتابات ساخرة
    


المعالي والمخازي
عبد الله الشيخ
يتلوى كأفعى، ويتبختر كحسناء برئت من العادة، وحالت لفتح ساقيها. ابتسامته المغرية تشي بسهرات تنضح بالعسل، وخدان امرطان، لا شعر فيهما، وبضع شعرات فوق الشفتين، كما هو موجود عند المغول. وعينان ناعستان كعيني من تشتهي وتستحي. أما النشأة ففي بيت أنس وطرب، يؤمه من يريد الاستئناس بالجميلات، عائلة كلها متعة وأنس، وطرب، وغناء، بيت تديره أم جميلة قوية من حديد، تسيطر على الجميع، كانت ترحل بين الحي والحين إلى قرى ومدن بعيدة، تجلب المفتونات والساذجات والمغرر بهن، والمخدوعات، بضاعتها لسان جميل ذرب، يسفح وعوداً لا حد لها، وحنان مفتعل وإرادة قوية، وشخصية أقوى، وجيب ملئ بالنقود. ثم استقرت عندما بلغت اواسط العمر، استقرت واستقر العمل، وبدل أن تجري وراء المفتونات وقليلات الحظ، أخذ هؤلاء يجرين نحوها، وبدأ الانتقاء، جمال وكمال وحسن فريد.
أضافت الخبرة إلى العمل اجتهاداً بعد اجتهاد، قل الرواد كماً، لكنهم تضخموا نوعاً، ليؤدي بالنتيجة إلى ازدهار غير متوقع. بيت خارج المدينة بنصف كيلومتر، محاط بغابة من نخيل. لا يخشى على سمعته من يطرق بابه. بدل عشرة زائرين جاء زائر واحد، وبدل عشر فتيات، استقرت اثنتان أو ثلاث، هيبة وجبوب ممتلئة ونفوذ حزبيين كبار وتجار جملة لا بل قادة كبار، وأصبح البيت ملتقى النخبة، رجال ينحدرون من عائلات رفيعة كانوا في السابق أغوات وأفندية وموظفو محافظة مرموقون، في الإدارة والجيش، والشرطة، ورؤوساء غرف تجارة يتحكمون بالصادر والوارد. وفي نشأته ومنذ نعومة أظفاره، وما إن فك الخط، علمته الأم العظيمة كي يضع المواعيد أمام الأسماء، يوماً فيوم، ساعة فساعة، فالمحافظ في يوم السبت، في الساعة الواحدة، بعد منتصف الليل. وإن أراد ان يأتي في يوم الأحد عليه أن يعلمها قبل يوم، وإلا فلا باب يفتح، ولا وجه بشوش يستقبل. أما مساعده وذراعه الأيمن ففي يوم الاثنين في الثامنة، أما الحاج مظلوم رئيس غرف التجارة ففي ظهر الجمعة، هكذا أراد، وهكذا رتبت اللأمر. سنت السمسارة الأعظم في المحافظات الجنوبية كلها سنن وقوانين العمل. أول قانون الا يرى زائر آخر، ولا يطلع أحد على سر أحد.
العاملات رائعات، بكل معنى الكلمة. شابات صغيرات فائقات الجمال، والعناية بهن لازمة، ففي السبعينات وقبل أن تتملك البيت الواسع البعيد، لم يكن عندها حمام، كانت تحجز على حمام النساء ست ساعات كاملات في يوم الأربعاء، كل أربعاء، اما بعد أن انتقلت إلى البيت الجديد فحرصت على ان تكون الحمام واسعة كاملة سعة حمام السوق العام، ولذا أصبح بإمكان العاملات الجمسلات أن يستحممن يومياً، فما يدره جمالهن يكفي الجميع.
في بيت كهذا لا يمكن أن ينبغ طفل فيه بغير هذه الموهبة، لكن صاحبنا تمرّد عليه، ورث عن أمه قوتها وإرادتها، وعن الأب ميوعته ودفئه، تمرد على من في الدار ما أن بلغ المراهقة، لم تستطع أمه تذليله رغم إسقاطه في الغواية، فقرر الهرب. والتخلص من الماضي الملوث، حيث لا شيء في البيت، والحياة، والتاريخ سوى المخازي. قرر أن يتخلص من أمه ومن يعيش معه، وتاريخه وسمعته كلية. لم يبق على شيء قط. وحين وصل أوربا استبدل حتى اسمه، ولو كان بإمكانه أن يستبدل حتى جلده لفعل.
هناك وفي المدينة البعيدة الجديدة مشى وحيداً ولكن بشخصية أخرى واسم آخر حرص أن يكون مختلفاً كلية عن اسمه الأول، وعملاً شريفاً يجلب الخلود والرفعة، فاختار مهنة الكتاب، ومن يحب الكتب لا يفكر بالخزي، ويحيط بقلب نظيف من يساهم بهذه الصناعة باحترام شديد.
وبين المعالي والمخازي فرق بسيط جداً، كلاهما كلمة، والكلمة ذات قوة جبارة، عندئذ بدأ نجمه بالصعود، فكما صعدت امه السلم إلى القمة بالخزي، صعد هو القمة بالعلى.



#عبد_الله_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الله الشيخ - المعالي والمخازي