أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - الوضع المعرفي للكائن البشري














المزيد.....

الوضع المعرفي للكائن البشري


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 23:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    



" لا يمكن لأحد العيش في عالم غير قابل للسد أو البقاء بعد حياة غير قابلة للسرد على نحو جذري"1
لقد تضمنت الفلسفة المعاصرة تعليما أوليا وكونيا حول الوضع البشري يكون في شكل تقرير ترفعه الفعالية النقدية إلى الملكة التأويلية العلاجية للعقل، وينبغي أن يظل الإنسانيl Humain الانتماء المشترك للبشر في العصر الكوكبي وأن تحدث مغامرة كبرى تعصف بأوضاع البشرية المتردية وتتلقف الإنساني المحاصر وتنقذ البعد الحيّ وتنتشله من النسيان وتعترف بالتنوع والتفرد والتعدد رمزيا وماديا.
لقد ارتبط الوضع البشري في الزمن مابعد الحديث بمنزلة التي أعطيت للثقافة والمثقفين بعد التحولات العميقة التي غيرت قواعد اللعبة بين العلم والأدب والفنون وسببت أزمة سرديات والتي أثرت في وضعية المعرفة في المجتمعات المتطورة وجعلت الخبراء يقتصرون على نظرية الفكر الضعيف. لقد أصبحت الفلسفة في ظل النزاع بين العلم والأدب مجرد ماوراء خطاب حول الشرعنة تقدم توجيهات نافعة في إطار البحث عن الحق والعدل وتضفي المشروعية على قواعد اللعبة وترسم الحدود بين التصورات2 .
ما يلتفت الانتباه في الفعالية السردية هو تسرب أفعال الكلام الى النظرية المعرفية عن الذات وغزو تداولية رواق الفلسفة خاصة وأن " قاعدة التوافق بين الباث والمتقبل لعبارة لها قيمة حقيقية يمكن أن تكون مقبولة إذا ما اندرجت ضمن منظورية إجماع ممكن بين كائنات عاقلة : إنها سردية الأنوار حيث يشتغل أبطال المعرفة على هدف حسن من الناحية الإيتيقية والسياسية هو السلام الكوني"3.
لقد أصيب الإنساني بالتشظي والتفكك والتصحر وفقد شكله وأفرغ من مضمونه وتصدع إلى عدة أجزاء متناثرة ـ نفسي وفردي واجتماعي واقتصادي وثقافي ولغوي وسياسي ومادي ورمزي ـ وآن الأوان لكي تتحرك المعول الكوني للفلسفة في اتجاه توحيده وفهمه في مجموعه وتخطي العتبة الإبستيمولوجية للمشاكل المنهجية التي طرحتها العلوم الإنسانية على الطبيعة البشرية حينما وقعت في الاختزالية والتبسيط والتقسيم والصورنة وضاعفت من جهل الإنسان بذاته وحولت الكائن إلى أثر ووضعته في مختبر تجريبي. إن مساءلة الوضع الإنساني هي استشكال لمنزلته في الكون وأحواله النفسية وظروفه وأنشطته الاجتماعية وآثاره الثقافية وانتاجاته الاقتصادية وأفعاله السياسية واللغوية وتصوراته الوجودية وممارساته الإيتيقية والبحث عن شروط إمكان مختلفة تتكفل بتغيير جذري لأوضاعه وأنسنة humanisationمساراته وبلوغ وضع بشري بالمعنى الحقيقي للكلمة . إن قيمة عملية التأنسنhominisation التي يقترحها أدغار موران أنها تظهر كيفية تشكل الوضع البشري من بعدي الحيوانيةanimalité والعاقلية جنبا إلى جنب والإقرار بأن الإنسان كائن بيولوجي لا يستحق درجة الإنساني ويصبح كائنا إنسانيا إلا بواسطة الثقافة واللغة والفن والإيتيقا والحياة. لقد أعاد أدغار موران اكتشاف مفارقة تخص الوضع البشري تتمثل في ما يلي: نحن لدينا وضع إنسانيcondition humaine ولكن هذا الواضع فاقد للإنسانية ومضاد لها ومغترب عنها وبالتالي ليس لدينا إنسانية الوضعhumaine condition .4 وآيته على ذلك أننا نوجد في ذات الوقت داخل الطبيعة وخارجها، أي ننتمي إلى الكون الفيزيائي والطبيعي ومنغرسين في الحياة العضوية والسجل الحي وخاصة الحيوانية والجسد والجهاز العصبي والفزيولوجي ولكننا مجردين من إنسانيتنا الخاصة وغير متجذرين في كينونتنا ونرزح في تبعية وأسر لغيرية مجهولة. إن الفلسفة النقدية المعاصرة مطالبة بأن تعيد تنزيل الكائن البشري في العالم وتحقيق المصالحة بين الإنسان والإنساني وتحويل البشر من موضوعات مشتتة إلى ذوات متفاعلة وجعل الوضعيات شروط إمكان للحياة ومشاريع وجود وإحداث منعطف كينوني بالانتقال من لاإنسانية الوضع الإنساني إلى أنسنة الوضع البشري وذلك بإنارة المسارات المظلمة والمتوحشة والتغلب على أشكال الاغتراب والاستغلال وتشييد تأويلية متكاملة للجينوم البشري في أبعاده المتشابكة الفزيولوجية والعرفانية وتعقيداته النفسية والثقافية والاجتماعية.
هكذا يجدر بالفلسفة أن تقاوم كل أشكال اللاّتجذر والانبتات وأن ترتقي بالكائن نحو المرتبة الإنسانية وتعترف بالانغراس المضاعف والتجذر المزدوج في السجل الفيزيائي المادي وفي السجل الكوكبي. عندئذ تظل معرفة الإنسان مهمة تقتضي تنزيله ضمن سياق متعدد ومتحول وليس انتزاعه من محيطه الطبيعي الكوكبي واقتلاعه من تربته الثقافية الكونية ، وبالتالي حري بالفلسفة أن تُرجِعَ سؤال من نحن؟ العقيم والمطروح بشكل سيء إلى أسئلة أخرى منتجة وشرعية هي: أين نحن؟ ومن أين أتينا؟ وأين سنذهب؟
الاحالات والهوامش:
[1] بتلر جوديث ، الذات تصف نفسها، ترجمة فلاح رحيم، دار التنوير، بيروت، تونس، القاهرة، طبعة أولى، 2014،ص121
[2] Lyotard Jean-Francois , la condition postmoderne, édition Cérès, Tunis, 1994,pp05.09.
[3] Lyotard Jean-Francois , la condition postmoderne,op.cit.p06.
[4] Morin Edgar, les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, édition du Seuil, Paris, 2000.p.49.

المراجع:
بتلر جوديث ، الذات تصف نفسها، ترجمة فلاح رحيم، دار التنوير، بيروت، تونس، القاهرة، طبعة أولى، 2014،
Lyotard Jean-Francois , la condition postmoderne, édition Cérès, Tunis, 1994,
Morin Edgar, les sept savoirs nécessaires à l’éducation du futur, édition du Seuil, Paris, 2000.
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة بين الاسلام والغرب
- تفصل العنف والكلام في السياسة والشعر والفلسفة
- يورغن هابرماس ومراجعة الغرب صورته عن ذاته
- فلسفة جاك دريدا في مواجهة عولمة الإرهاب
- آراء سياسية من الفلسفة العربية
- ما سر حضور الأساطير في الفلسفة ؟
- هاني فحص ...مصلح ترك بصمات
- حوار مع الفيلسوف الدكتور زهير الخويلدي
- الذنب العربي والغفران الصعب
- التجربة الفلسفية بين النقد والتأسيس
- الروح العلمي الجديد عند غاستون باشلار
- تقنيات العناية بالذات في النشاط الفلسفي
- سيرورة التثقف وتبدل الأطوار الحضارية
- المشكل الأنثربولوجي في فلسفة موريس مرلوبونتي
- العقلانية العربية بين إحياء التقليد والحداثة المعطوبة
- مفهوم الذاكرة بين الوعي الانساني والديمومة الزمانية
- هل من تناقض بين الرغبة والسعادة ؟
- فنومينولوجيا اللذة والألم
- الدلالة التاريخية للدولة الديمقراطية
- المنعطف الهرمينيطيقي لفلسفة للدين عند بول ريكور


المزيد.....




- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
- عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط ...
- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - الوضع المعرفي للكائن البشري