جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 4708 - 2015 / 2 / 2 - 17:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذه المرة سوف أوافق الرأي الذي يفسر وجود داعش كونها مؤامرة أمريكية صهيونية لتشويه الإسلام وتمزيق العراق, وأرى أن ذلك سيفيدنا أكثر من تعطيل هذا الرأي بحجة أنه يعتمد أساسا على نظرية المؤامرة المدانة كثقافة تعطيلية, والموافقة قد تأتي هنا وكأنها بمثابة رفض اكثر منها تأييد, أو على الأقل ستكون من غاياتها توجيه الأنظار إلى الجوانب الأخرى للحقيقة الكارثية التي نعيشها.
سأكون هنا أول وأقوى المؤمنين بوجود مؤامرة بهذا المعنى لأن إيمانا كهذا سيؤكد بدوره على أن داعش هي وسيلة لهدف وليست هدفا قائما بذاته ولذاته.
بداية لنوافق على أن هناك مؤامرة لتشويه الإسلام, لكن السؤال هنا سيكون.. كيف ؟!
الجواب الذي إعتدنا على سماعه هو أن داعش تقدم الإسلام على أنه ليس إلا دين ذبح وسبي وتجهيل.
لكن من عادة الأجوبة القصيرة أن تفتح الطريق لأسئلة أخرى قد لا تكون قصيرة وسيكون من أهمها:
على ماذا إعتمدت داعش لتقنع منتحريها على أن الإسلام هو كذلك ؟ ألم تعتمد على فقه تكفيري يجد ثقافته في الإسلام ذاته. وما الذي يجب أن يكون عليه الحل إذن؟
سأوافق على من يقول أن الإسلام دين أخلاق ورحمة, ولكني في نفس الوقت سأكون غير قادر على أن أنكر أن في قرآننا من الأيات, وفي السيرة من القصص, ما يقنع الداعشي على أن يقوم بتفجير نفسه.
لا تقولوا لي أنه يفعل ذلك طلبا للسبعين حورية, فهذا التفسير قد اصبح مبتذلا بعد ان تدفق على داعش شباب من الدول الأوروبية كانوا غير عاجزين عن الحصول على هذه الحوريات بطريقة أسهل من الإنتحار, وبين هؤلاء الشباب من يضاهي يوسف في حسنه وجماله.
ولا تقولوا لي ان هؤلاء قد تعرضوا لعملية غسيل دماغ, لأن ذلك بدوره سيؤكد على أن هناك مسحوق غسيل فعال وعلينا أن نبطل مفعوله.
ثم هل أن داعش لوحدها من يشوه الإسلام, أم أن جبهة مشوهي الإسلام تمتد لتشمل أيضا بين صفوفها قوى وأفرادا لم يتوانوا وهم يعملون بعناوين إسلامية عن إرتكاب كل ما من شأنه ان يقدم الإسلام بطريقة كريهة وشاذة.
لو أن هناك نظاما إسلاميا واحدا على الأرض العربية كان قد أثبت أنه يشكل خطرا أخلاقيا أو سياسيا أو نهضويا على الغرب وإسرائيل لصار ممكنا القول أن القوى المتآمرة صارت بحاجة ماسة إلى التآمر على الإسلام ذاته, لكن قوى الإسلام السياسي, ومعهم كل دجالي الدين ومرتزقته, كانوا قد أعفوا الغرب وإسرائيل من تعب هذه المهمة بعد أن قدموا الإسلام بطرق ليس بينها ما يجعل منه منهجا للإخلاق والعدالة والتقدم.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟