|
مصر وتنين الارهاب ..
رشا ممتاز
الحوار المتمدن-العدد: 4707 - 2015 / 2 / 1 - 10:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يختلف الارهاب فى مصر والعالم العربي عن الإرهاب فى الغرب في كونه ليس حدث وافد ا وغريب على الثقافة الاوروبية أ و مجموعات مدعومة من جماعات خارجية مسلحة تستهدف امن البلاد .. الارهاب فى بلادنا هو وليد الثقافة العربية والإسلامية والناتج الطبيعي لخطاب ديني اصولى ومناهج دراسية تنتج ألوف الإرهابيين يوميا فلو لم يكن بالضرورة كل اصولى ارهابى فكل ارهابى اصولى !
فعندما يدرس الطالب فى المدرسة قصة غزو عمورية التى سميت كما سميت جميع الحروب والاعتداءات الغاشمة على الدول المسالمة بالفتح !! ويلقن ان من قام بالفتح المبين هو الخليفة المعتصم وسبب ذلك ما ذكره أهل التواريخ أن رجلاً وقف على المعتصم فقال يا أمير المؤمنين كنت بعمورية وجارية أسيرة قد لطمها علج على وجهها فنادت : وامعتصماه ، فقال العلج وما يقدر عليه المعتصم ؟ يجىء على أبلق ينصرك ، وزاد في ضربها .
فثار المعتصم وسأل الرجل : في أية جهة عمورية ؟ فقال له الرجل وأشار إلى وجهتها هكذا، فرد المعتصم ووجهه ليها وقال لبيك أيتها الجارية لبيك ، هذا المعتصم بالله أجابك ، ثم تجهز إليها في اثني عشر ألف فارس أبلق ، وتقول المصادر التاريخية أن فتح عمورية كان صعباً جداً بسبب منعة حصون المدينة وإحكام الحراسة فيها ، ولكن الحقيقة تقول أن المعتصم كان ذو قدرةٍ عسكريةٍ كبيرةٍ بحيث استطاع أن يدخلها بعد أن دك أسوارها بالمجانيق فأسر ثلاثين ألفاً وقتل ثلاثين ألفاً ، وأمر بعمورية فهدمت وأحرقت !!!!
ثم يحفظ الطالب المسكين قصيدة ابو تمام السيف اصدق انباء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب !!
فماذ نتوقع من الطالب ان يكون عالم فضاء او ذرة مثلا ؟؟ و لماذا نستنكر استخدام داعش للسيف وقطعها للرؤوس اذا كان السيف اصدق انباء من الكتب زى ما الكتاب قال ؟؟ ولماذا نستغرب من دك المدن اذا كان المعتصم دكها واسر وقتل ثلاثين الف من اجل امرأة !!!!!
تم اضافة كتاب تاريخ مؤخرا لمقرر الصف الثانى الثانوى فى 2014 يحمل عنوان مصر والحضارة الاسلامية !! الكتاب ده بينصر جيوش المسلمين الغزاة على المقاومة المصرية !!!! وبيتفاخر بأن المقوقس حاكم مصر أرسل لابن العاص ليتفاوض معه لانهاء القتال ولكنه رفض التفاوض بكل فخر وخيره بين الاسلام أو الجزية او القتل !!!!
أما مناهج الأزهر بقى فحدث ولا حرج حيث يجوز فيها قتل تارك الصلاة وشوي لحمه !
هكذا تشكل عقول أجيال المستقبل على الإرهاب حيث يهمل تماما دراسة التاريخ المصري والقبطي ويتم التركيز على التاريخ الاسلامى العربي الدموي وعلى مشروعية القتل في سبيل الله ويلقنون بأن الاعتداء فتح والقتل جهاد ويمجدون قادة الغزوات ويعتبرونهم نماذج للبطولة فتكون النتيجة الطبيعية هي خروج أجيال تمجد ابن لادن او أبو بكر البغدادي سيرا على خطى الصحابة !!
عندما حدثت عملية شارلي ابدو الإرهابية في باريس انتفضت الجمهورية الفرنسية متسلحة بالقيم الفرنسية ومدافعة عنها مثل العلمانية والحرية والإخاء والمساواة ولم تكتفي فرنسا بالمحور الأمني ولكنها قامت بالعمل على عدة محاور مختلفة لمواجهة الإرهاب
منها المحور القانوني : حيث تم سن قانون يجرم مجرد دعم أو تشجيع الإرهاب بالكلام فكل من أيد الارهابين بالتصريح الايجابي تم إيقافه ومحاكمته , كما تم سن قانون يجيز إسقاط الجنسية الفرنسية على مزدوجيها ممن يثبت تورطه في التنظيمات الجهادية او العمليات الارهابية ..
المحور الثقافي : لمواجهة الإرهاب داخل المدرسة لأنها المؤسس الفكري للجيل القادم و هى الأصل والأساس في المواجهة الفعلية مع الارهاب وصمام الأمان لمنع تفشيه وانتشاره حيث تم دمج العلمانية وقيمها فى المنهج الدراسي للطلبة فى مختلف المراحل و قررت الدولة أن تتخلى عن حياديتها بشكل سلبي مع الدين و تدرس للأطفال الأديان الثلاثة بطريقة مبسطة حتى تقطع الطريق على المتطرفين دينيا من التلاعب بعقول الأطفال لجهلهم بالدين ...
المحور الدعوى -;- بهدف مراقبة المساجد ومنع الدعاة القادمين من المملكة الوهابية و الاعتماد على الأئمة المعتمدين من المعاهد الفرنسية المختصة بعد اعتمادهم على خطاب ديني صوفي متسامح خالي من العنف والعنصرية والتطرف ...
المحور الرابع الاجتماعى -;- عن طريق تطوير المناطق المهشمة و وضع خطة لدمج المهاجرين والحد من البطالة وتكريم النماذج الإسلامية المعتدلة لتكون مثالا يحتذي به حيث تم تكريم الشاب المسلم الافريقى العامل في المتجر اليهودي على عمله البطولي بعد أن قام بإخفاء الرهائن في تلاجه المتجر بعد فصل التيار الكهربائي عنها واتصل بالشرطة و ساعدها على اقتحام المكان بأقل خسائر معرضا نفسه للخطر ... فى حفل حضره الوزراء والقيادات البارزة وتم منحه الجنسية الفرنسية ليكون نموذج في التعايش والتسامح لدى مسلمي فرنسا .
اما في مصر و الدول العربية ما هى القيم العربية المحلية التي سنتمسك بها ونحتمي فيها وندافع عنها فى مواجهة الارهاب ؟؟؟ ها هى القيم العربية الاصيلة التي نمتلكها !! الثأر ,الشرف, العار ,القصاص , تقديس الحاكم ورجل الدين, احتقار المرأة و العيب والحرام !!!! كلها قيم وشعارات بدوية قبلية هي نفسها التي يحملها الإرهابيون !!! نخشى الحرية ونعتبرها انحلالا ونخشى العلمانية ونعتبرها كفرا ونخشى المساواة ونعتبرها حراما !!!!
فأصبحنا نرى صوره عبثية لإرهابيين خاملين في مواجهة إرهابيين ناشطين !!! نفس العقيدة و المنظومة الفكرية وإن تفاوتت في الدرجة يحملها القاتل والمقتول لا فرق جوهري بينهما !!!
فبات سقوط المنطقة كلها في مستنقع الإرهاب الذي نفرخه يوميا مسألة وقت إذا اكتفينا بالمواجهة الأمنية فقط دون غرس ثقافة علمانية والعمل على مختلف المحاور كما فعلت فرنسا...
و ستكون مواجهة الإرهاب أشبه بمواجهة التنين ذو الالف رأس كلما قطعت له رأسا ظهرت له مئات الرؤوس الأخرى !!!!
#رشا_ممتاز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين شارلى ورائف بدوى
-
وسائل تمكين الإسلام السياسى
-
لماذا فشلت الثورة ؟
-
اكذوبة شيوخ التنوير
-
الدولة وسياسة التحرش
-
انقلاب بما لا يخالف شرع الله
-
حل الأحزاب الدينية مطلب ثوري وواجب وطني
-
حقيقة الشيوخ وحقيقتنا .. حدث بالفعل.
-
كل سنة وأنتم طيبين رغم أنف الحاقدين
-
الإخوان و اغتيال القضاء ...كلاكيت تانى مره
-
تزوير الإستفتاء واجب شرعي!
-
على غرار برلمان الثورة ..شفيق مرشح الثورة ؟!
-
مرشحى الرئاسة بين فلول ظاهر وفلول خفى !
-
لا للختان لا للسلفيين والإخوان .
-
فى وجه طيور الظلام , كلنا عادل إمام
-
جعلوني فلولا (مصر بين توابع الفلول والإخوان)
-
بالأدلة عبد المنعم أبو الفتوح هو المرشح الأصلي للإخوان
-
إلى موتوا بغيظكم , مصر ليست إسلامية .
-
خالد الجندى والكهانة فى الإسلام
-
التهنئة بسند شرعى !
المزيد.....
-
أول تعليق من نتنياهو على الغارات ضد الحوثيين
-
الإشعاعات النووية تلوث مساحة كبيرة.. موقع إخباري يؤكد حدوث ه
...
-
53 قتيلا ومفقودا في قصف إسرائيلي على منزل يؤوي نازحين في غزة
...
-
مسؤول روسي: موسكو لا ترى ضرورة لزيارة جديدة لغروسي لمحطة كور
...
-
-نيويورك تايمز-: شركاء واشنطن يوسعون التجارة مع روسيا ولا يس
...
-
بينها -مقبرة الميركافا-.. الجيش اللبناني يعلن انسحاب إسرائيل
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وإصابة اثنين آخرين في معارك
...
-
الكويت.. خادمة فلبينية تقتل طفلا بطريقة وحشية تقشعر لها الأب
...
-
76 عامًا ولا يزال النص العظيم ملهمًا
-
جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|